المشيشي يأمر بتحرك أمني «لبسط القانون» في مواجهة الاحتجاجات

TT

المشيشي يأمر بتحرك أمني «لبسط القانون» في مواجهة الاحتجاجات

أمر رئيس الوزراء التونسي بالتحرك الأمني الفوري لبسط سلطة القانون بالتنسيق مع النيابة العامة، لفتح الطرقات وإعادة تشغيل مواقع الإنتاج، في مواجهة الاحتجاجات التي عمت نحو ثماني محافظات تونسية.
ورأس المشيشي اجتماعاً أمس في العاصمة تونس، بحضور كل من وزراء: الدفاع إبراهيم البرتاجي، والعدل محمد بوستة، والداخلية توفيق شرف الدين. وطالب المشيشي بـ«التحرك الفوري لبسط سلطة القانون والتدخل الأمني بالتنسيق مع النيابة العامة، لفتح الطرقات وإعادة تشغيل مواقع الإنتاج، بعد أيام من اعتصام المحتجين، بمواقع إنتاج النفط والغاز وعرقلة الأنشطة الاقتصادية، ما أدى بدوره إلى فقدان عدد من المواد الاستهلاكية، من أهمها الغاز المنزلي، ما أدى إلى احتجاجات إضافية شملت نحو ثماني ولايات (محافظات) تونسية.
وأكد المشيشي أن «غلق مواقع الإنتاج أدى إلى صعوبات في التزود بالمواد الأساسية لدى عموم التونسيين، والإضرار بمصالحهم الحيوية وأمنهم العام وأمن البلاد القومي».
وكانت أحزاب تونسية معارضة قد انتقدت بشدة تعاطي الحكومة الحالية مع الاحتجاجات، والتساهل في محاورة المحتجين، وقالت إن التنسيقيات التي تأسست لقيادة المحتجين ربحت معركتها مع الحكومة، وباتت تسعى إلى إعادة طريقة التفاوض نفسها التي اعتمدها المحتجون في اعتصام الكامور بتطاوين، حين أجبروا الحكومة على الاستجابة لمطالب التنمية والتشغيل، بعد أن أغلقوا مضخات إنتاج النفط.
وفي السياق ذاته، كان رئيس الحكومة قد وجَّه منذ نحو أسبوع رسالة رسمية إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، طلب فيها عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي الذي يضم وزارات السيادة (الداخلية والعدل والدفاع) وكبار القادة العسكريين والأمنيين، وذلك على خلفية الاحتجاجات التي عرفتها عدة ولايات تونسية، وأدت إلى توقف الإنتاج، ما بات يهدد الأمن والاستقرار في تونس. غير أن المشيشي لم يتلقَّ رداً من الرئيس حول هذا الطلب، وهو ما أدى وفق مراقبين لتصاعد الأوضاع الأمنية والاجتماعية في تونس، ما اضطر رئيس الوزراء لعقد اجتماع يضم الوزراء المعنيين في حكومته، لاتخاذ إجراءات تمنع مزيداً من الانفلات الأمني والاجتماعي.
وإثر القرار الذي اتخذه رئيس الحكومة بشأن التعامل بكل جدية وحزم مع تواصل تعطيل الإنتاج بعديد من المنشآت الحكومية، سمح المعتصمون بجهة قابس (جنوب شرقي تونس) يوم أمس لمصانع تعبئة الغاز بالمدينة الصناعية باستئناف العمل بصفة عادية، وهو ما اعتبر بداية انفراج لأزمة التزود بالغاز المنزلي.
في هذا السياق، قال أيمن الجماعي، المتحدث باسم «اعتصام الصمود 2»، بقابس، إن عودة الإنتاج بمصانع الغاز ستتواصل بنسق عادي في انتظار النتائج التي سيسفر عنها المجلس الوزاري الخاص بولاية قابس الذي سينعقد يوم الثلاثاء 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
على صعيد متصل، دعا فوزي الشرفي رئيس حزب «المسار الديمقراطي» المعارض، رئيس الحكومة، إلى التعاطي بجدية مع الملفات المطلبية بعيداً عن الوعود الزائفة، كما حذر من التفاوض مع تنسيقيات عشوائية تمارس الضغط والابتزاز، وتكرس النزعات الجهوية وتغذي الانقسام.
وحمَّل حزب «المسار» رئيس الجمهورية المسؤولية، بصفته راعياً لوحدة الدولة وضامناً لدستورها، ودعاه إلى لعب دوره، والمساهمة في محاولات الإنقاذ، والخروج عن صمته، وتحديد موقف واضح من الدعوات لحوار اجتماعي واقتصادي، وخصوصاً منها دعوة «الاتحاد العام التونسي للشغل» (نقابة العمال).
وفي السياق ذاته، طالب الشرفي أعضاء البرلمان التونسي بالانخراط في إيجاد حلول للأزمة، والابتعاد عن المزايدات السياسية وعن المناكفات التي يمكن أن تفقده كل مصداقية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.