استمرار خطف الأطباء في طرابلس والميليشيات المتهم الرئيسي

TT

استمرار خطف الأطباء في طرابلس والميليشيات المتهم الرئيسي

استمر مسلسل خطف الأطباء في العاصمة الليبية طرابلس، بعدما اقتاد مسلحون مجهولون الدكتور الصديق بن دلة، استشاري جراحة العظام والمدير المساعد لمستشفى الخضراء، إلى مكان مجهول. فيما رجحت مصادر أمنية أن يكون الخطف مرتبطاً بحاجة أحد قادة الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق لعلاج سري.
واختطف الصديق على طريق 11 يونيو في طرابلس، بينما كان متوجهاً إلى بيته أول من أمس؛ حيث أوضح نجله أن 4 مجهولين كانوا يرتدون زياً عسكرياً، وملثمين أقدموا على اختطافه من سيارة عمله، بعدما أغلقوا عليه الطريق، مشيراً إلى أن والده نجا قبل أسبوعين من محاولة اختطاف مماثلة. وتتطابق الرواية مع تأكيد أحد أصدقاء بن دلة لوسائل إعلام محلية بأن مسلحين على متن سيارتين، استوقفوا سيارته على الطريق، ونقلوه إلى جهة غير معلومة، وتركوا سيارته على جانب الطريق، دون إطفاء محركها. ويعد الصديق من بين جراحي العظام المشهورين في ليبيا، وكرمته السلطات الهولندية عام 2010 لدوره في إنقاذ الطفل الهولندي روبن، الناجي الوحيد في حادث تحطم طائرة الخطوط الأفريقية، قرب مطار طرابلس الدولي، في مايو (أيار) الماضي. واستنكرت النقابة العامة لأطباء ليبيا حادث الاختطاف، وطالبت الجهات الرسمية والمسؤولة بالتحقيق في الحادثة وتكثيف جهودها لفك أسره والقبض على من ارتكب هذه الجريمة ووضع حد لما وصفته بالمهازل التي تحدث في حق الأطباء.
ونفذ الأطباء والعناصر الطبية والطبية المساعدة بمستشفى الهضبة وقفة أمامها أمس، احتجاجاً على خطف الصديق، بينما قالت إدارة المستشفى إنها تواصلت مع جميع الجهات الرسمية. بدورها، قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا إن «تصاعد ظاهرة الاختطاف والاحتجاز غير القانوني وجرائم السطو المسلح والسرقات بطرابلس بات يمثل مؤشراً خطيراً». ولاحظت وزارة الصحة في حكومة الوفاق «ارتفاع وتيرة الاعتداءات المستمرة على الكوادر والمرافق التابعة لها في الآونة الأخيرة، ما يؤثر سلباً على تقديم الخدمات الصحية للمواطنين في كل ربوع ليبيا».
وخلال العام الماضي، اختطف 6 أطباء لدى توجههم إلى غدامس جنوب البلاد في قافلة طبية لإجراء عمليات جراحية. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، اختطف مجهولون الجراح عبد المنعم الغدامسي، أحد الأطباء بمستشفى الخضراء أيضاً، بالقرب من منزله بطرابلس، قبل أن يطلقوا سراحه لاحقاً. وعلى مدى العامين الماضيين وثّق مكتب منظمة الصحة العالمية في ليبيا العشرات من حالات خطف الأطباء، التي غالباً ما تقيد ضد مجهول ولا يعرف مرتكبوها. وكما في كل حادثة، فإن الجناة الذين غالباً ما يكونون مسلحين وملثمين، على متن سيارات دفع رباعي معتمة الزجاج، يستهدفون ضحيتهم في وقت قصير جداً، ما يعني بحسب مسؤول أمني أن عملية مراقبة دقيقة للضحية تسبق عملية خطفه.
ولاحظت مصادر أمنية أن الأطباء المختطفين على صلة بالجراحة أو متخصصين فيها، في مؤشر على أن الميليشيات المسلحة ربما تلجأ إلى خطفهم لمساعدتها في علاج بعض جرحاها الذين لا يمكن نقلهم للمستشفيات العامة، ربما لصلتهم بأنشطة إجرامية أو لأنهم مطلوبون جنائياً.
وقال مسؤول أمني، طلب عدم تعريفه: «عندما يتعرض قائد ميليشيات لإصابة خطيرة أو يتطلب علاجه الخضوع لجراحة، تفضل الميليشيات بقاء الأمر طي الكتمان»، لافتاً إلى أنه في هذه الحالة توفر الميليشيات كل الأمور الطبية والصحية اللازمة، ويبقى فقط خطف الطبيب الذي وقع عليه الاختيار. وتابع: «في الغالب يلتزم الأطباء الصمت حتى بعد الإفراج عنهم، خشية تعرضهم أو ذويهم لمخاطر أمنية». وقال سكان في طرابلس إن حوادث خطف الأطباء ليست بعيدة عن العناصر المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، في ظل غياب جهاز أمني قوي يوفر الحماية المطلوبة للجميع، بمن فيهم الأطباء.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».