شرارة تعافي التصنيع العالمي تنطلق من الشرق

تباطؤ نمو المصانع في منطقة اليورو الشهر الماضي مع تجدد إجراءات العزل العام بسبب فيروس «كورونا» الذي أضر بالطلب (رويترز)
تباطؤ نمو المصانع في منطقة اليورو الشهر الماضي مع تجدد إجراءات العزل العام بسبب فيروس «كورونا» الذي أضر بالطلب (رويترز)
TT

شرارة تعافي التصنيع العالمي تنطلق من الشرق

تباطؤ نمو المصانع في منطقة اليورو الشهر الماضي مع تجدد إجراءات العزل العام بسبب فيروس «كورونا» الذي أضر بالطلب (رويترز)
تباطؤ نمو المصانع في منطقة اليورو الشهر الماضي مع تجدد إجراءات العزل العام بسبب فيروس «كورونا» الذي أضر بالطلب (رويترز)

أظهرت تقارير اقتصادية منفصلة أن قطاعات التصنيع في عدد من الدول الكبرى تشهد أداء شديد التباين، لكن الملاحظ أن موجة التعافي بدأت في الدول الواقعة شرق العالم، والتي سبقت باقي الدول في المعاناة من جائحة «كورونا» مطلع العام الجاري، فيما الدول الغربية لا تزال تعاني من ضغوط ناجمة عن الموجة الثانية الآخذة في الاتساع.
وأظهر تقرير مساء الاثنين ارتفاع أداء قطاع التصنيع في الصين خلال الشهر الماضي، وبحسب تقرير مؤسسة كايشين للبيانات الاقتصادية، ارتفع مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع إلى 54.9 نقطة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقابل 53.6 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.
ويذكر أن قراءة المؤشر أقل من 50 نقطة تشير إلى انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع، وتشير قراءة أكثر من 50 نقطة إلى حدوث نمو. ووفقا للتقرير، ارتفع مؤشرا الإنتاج والطلبيات الجديدة، الفرعيان، الشهر الماضي، في حين سجل مؤشر التوظيف أكبر ارتفاع له منذ عام 2011، وأدى تحسن الطلب إلى زيادة كبيرة في نشاط المشتريات بقطاع التصنيع في الصين.
كما أظهر تقرير آخر تحسنا طفيفا جديدا في أداء قطاع التصنيع في اليابان خلال الشهر الماضي رغم استمرار انكماشه، وبحسب تقرير جيبون بنك فإن مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع ارتفع خلال الشهر الماضي إلى 49 نقطة مقابل 48.7 نقطة خلال أكتوبر.
وبحسب التقرير تراجع مؤشر ظروف التشغيل بنسبة طفيفة، في حين تراجع مؤشرا الإنتاج والطلبيات الجديدة الفرعيان بوتيرة أعلى خلال الشهر الماضي. واستمر تراجع مستويات التوظيف خلال نوفمبر الماضي رغم تباطؤ وتيرة التراجع... لكن في الوقت نفسه ما زالت الشركات تشعر بالتفاؤل بشأن المستقبل.
وفي الهند، أظهرت نتائج مسح أجرته شركة «آي إتش إس ماركت»، تباطؤ النمو في نشاط قطاع التصنيع في الهند في نوفمبر، حيث تراجع مؤشر الشركة الرئيسي لمديري المشتريات في القطاع الصناعي إلى 56.3 نقطة في نوفمبر مقابل 58.9 في أكتوبر. وهذه القراءة
الجديدة هي الأدنى في 3 أشهر، لكنها لا تزال في خانة النمو. وكان خبراء الاقتصاد يتوقعون تراجع المؤشر إلى 57.3.
وتباطأ النمو في الطلبات الجديدة إلى أدنى مستوى في 3 أشهر في نوفمبر، بينما ارتفعت الطلبات من الخارج، وارتفع الإنتاج وسط تخفيف قيود مكافحة «كورونا» وتحسن ظروف السوق.
وجاء معدل التوسع في الإنتاج عند أدنى مستوى في 3 أشهر، وقالت بوليانا دي ليما المديرة المشاركة في «آي إتش إس ماركت» إنه «رغم تراجع معدلات النمو في الشهر الأخير فإن هذا لا يمثل انتكاسة كبيرة، كونها تمثل انخفاضا عن مستويات أكتوبر التي كانت الأعلى منذ أكثر من عقد»، لافتة إلى أن الارتفاع المفاجئ في إصابات «كورونا» واحتمال فرض قيود مرتبطة جديدة يمكن أن يقوض التعافي.
لكن الصورة كانت أقل ألقا في العالم الغربي، إذ تباطأ نمو المصانع في منطقة اليورو الشهر الماضي مع تجدد إجراءات العزل العام بسبب فيروس «كورونا» الذي أضر بالطلب، وذلك وفقا لمسح أظهر أن ألمانيا لا تزال القوة الدافعة وراء تعافي قطاع الصناعات التحويلية في التكتل.
وانخفضت القراءة النهائية لمؤشر آي إتش إس ماركت لمديري المشتريات بقطاع الصناعات التحويلية في منطقة اليورو إلى 53.8 نقطة في نوفمبر من 54.8 في أكتوبر، لكنه زاد عن التقدير الأولي عند 53.6 نقطة. وتراجع مؤشر يقيس الإنتاج، والذي يدخل في حساب مؤشر مديري المشتريات المجمع الذي من المقرر صدوره الخميس ويعتبر مقياسا لسلامة الاقتصاد، إلى 55.3 من 58.4 نقطة. وأظهر مؤشر مديري المشتريات تراجع الطلب وتقليص المصانع لعدد العاملين بها مرة أخرى الشهر الماضي، لكن التفاؤل زاد مع التقدم في سبيل تطوير لقاحات (كوفيد - 19) وصعد مؤشر الإنتاج المستقبلي إلى 64.8 من 62.7. وهو الأعلى منذ مارس (آذار) 2018.
لكن في ذات الوقت، أظهر مسح الثلاثاء أن المصانع البريطانية سجلت أسرع نمو فيما يقرب من 3 سنوات الشهر الماضي، إذ خزنت المواد الخام وسارعت لاستكمال أعمال
قبل أن تدخل القواعد الجمركية الجديدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني).
وصعد مؤشر آي إتش إس ماركت - سي آي بي إس لمديري المشتريات إلى 55.6 نقطة في نوفمبر من 53.7 في أكتوبر، وهو أعلى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017 ويرتفع عن قراءة أولية سابقة بلغت 55.2 مخالفا صورة أكثر قتامة في قطاعات أخرى تضررت بشدة من (كوفيد - 19).
وتسارع إنتاج المصانع، وهو مكون واحد فقط في مؤشر مديري المشتريات، لكنه أظهر نموا أبطأ مما كان عليه خلال الصيف بعد أن أدت الموجة الثانية من حالات الإصابة بـ(كوفيد - 19) إلى خفض الطلب على بعض السلع الاستهلاكية.
وتراجعت الطلبيات الجديدة بأكبر قدر في 6 أشهر.
وأظهرت أحدث البيانات الرسمية أن إنتاج المصانع في سبتمبر (أيلول) انخفض 8 في المائة تقريبا مقارنة بالعام السابق، على غرار بقية قطاعات الاقتصاد.


مقالات ذات صلة

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

الاقتصاد مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا) - لشبونة)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس، وستلعب دوراً مضاعفاً، كما يقول وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف. ويضيف أن هيئة المساحة الجيولوجية سيكون لها دور محوري خلال الـ25 عاماً المقبلة في تمكين قطاع التعدين، مشدداً على أن هناك عزماً على استمرار مشروعات المسح الجيولوجي والاستكشاف وتوفير البيانات للمستثمرين، خصوصاً أن الهيئة أطلقت جملةً من المبادرات تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.

كلام الخريف جاء خلال حفل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها، والذي انطلق تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وافتتحه الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير مكة المكرمة خلال تكريم الشخصيات المشاركة ويبدو وزير الصناعة ورئيس هيئة المساحة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وفي ظل هذه النتائج والأرقام ونتائج المسح، سجَّلت السعودية تدفقاً كبيراً للاستثمار في قطاع التعدين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» الوزير الخريف، قائلاً: «يوجد الآن كمٌّ كبيرٌ من طلبات الاستثمار في قطاع التعدين، وهناك عمل مع الجهات الحكومية الأخرى؛ لضمان التنسيق لتخصيص المواقع للمستثمرين»، موضحاً أنه في كل يوم يجري التوقيع لمواقع جديدة سواء لمستثمرين حاليين فيما يتعلق بالتوسع، أو مستثمرين جدد.

وأشار الوزير إلى أن «النتائج التي نحصل عليها من المسح الجيولوجي والبيانات والمنصة، جعلت السعودية من أهم الدول التي يُنظر لها من شركات الاستثمار في قطاع التعدين للتوسع؛ لضمان مستقبلها في إمدادات التعدين»، مؤكداً: «إننا نعمل على التدقيق في المعلومات التي تصلنا، ونأخذ عينات إضافية، ونركز على مناطق محددة توجد فيها ثروات أكثر، وهذا يرفع مستوى مصداقية السعودية من حيث البيانات».

ونُفذت مشروعات عملاقة للمسح الجيولوجي غطت أكثر من 85 في المائة من أراضي المملكة ما بين أعمال مسح جيوفيزيائي وجيوكيميائي باستخدام تقنيات حديثة. كما أن هناك البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ومبادرة بناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وفقاً للخريف، الذي قال إن المبادرات أسهمت في ارتفاع قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016، إلى 9.4 تريليون ريال مع بداية العام الحالي، 2024.

وزير الصناعة خلال إلقاء كلمته في حفل الهيئة الاثنين (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وخلال الحفل، دشّن نائب أمير منطقة مكة، شعار هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الجديد، الذي يعكس الهوية الجيولوجية للهيئة، ويفصح عن جهودها المستمرة في مسح مناطق المملكة وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي، كما كرّم أعضاء اللجنة المؤسسة للهيئة، ورعاة الحفل.

وقال الخريف، إن هيئة المساحة الجيولوجية أنجزت أكثر من 500 مشروع متخصص في مجالات علوم الأرض، تتضمّن الخرائط الجيولوجية بمقاييس الرسم المختلفة، والاستكشاف المعدني، والمسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي والبحري، وأعمال مراقبة ورصد المخاطر الجيولوجية، والحد من آثارها، والدراسات والأبحاث التعدينية، كما اهتمت الهيئة منذ نشأتها بتنمية مواردها البشري؛ إيماناً منها بأنهم أساس نجاحها، فبفضل جهودهم وتفانيهم، إلى جانب خبراتهم العلمية والعملية، حققت الهيئة إنجازات نوعية حظيت بإشادة الجميع.

شهد حفل هيئة المساحة تكريماً من نائب أمير مكة المكرمة للرواد في الهيئة وعدد من الشخصيات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أن المملكة شهدت جهوداً وطنية حثيثة في مجال البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، وقد تكللت باكتشافات مهمة خلال الرُبع قرن الماضي، كان لها أثر كبير على مختلف الأصعدة، موضحاً أنه على صعيد قطاع التعدين، أسهمت هذه الاكتشافات في دعم الاستثمار وتطوير قطاع الثروة المعدنية، لا سيما مع اكتشاف عدد من المعادن الأساسية مثل الفوسفات والبوتاسيوم والذهب والفضة، بالإضافة إلى ركائز معدنية للمعادن الاستراتيجية، التي تكمن أهميتها في نمو القطاع وظهور شركات وطنية كبيرة مثل شركة «معادن».

وأضاف: «لم تقتصر إنجازات الهيئة على الاكتشافات المعدنية فحسب، بل امتدت لتشمل مجال المخاطر الجيولوجية، حيث أسهمت في توسيع شبكة الرصد الزلزالي لتعزيز قدرة المملكة في مراقبة النشاط الزلزالي، وإنشاء قاعدة بيانات (رواسي)، التي تضم آلاف التقارير والدراسات المتخصصة في المخاطر الجيولوجية، كما تشرفت الهيئة بالإشراف على استمرارية وديمومة مياه زمزم المباركة، وتعقيمها، والمحافظة على استدامتها، وأولت اهتماماً كبيراً بدرء مخاطر السيول، وإجراء كثير من الدراسات لتحديد المناطق المُعرَّضة للخطر، ودعم صنع القرار الحكومي بشأن إقامة المشروعات التنموية العملاقة».