محمد حمودان و«حالة طوارئ» في «بيت الشعر» المغربي

محمد حمودان و«حالة طوارئ» في «بيت الشعر» المغربي
TT

محمد حمودان و«حالة طوارئ» في «بيت الشعر» المغربي

محمد حمودان و«حالة طوارئ» في «بيت الشعر» المغربي

واصل «بيت الشعر في المغرب»، ضمن فعاليات موسمه الثقافي والشعري الجديد، بدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة (قطاع الثقافة)، اقتراح أمسيات شعرية عن بعد، تحتفي بالتجارب الشعرية المميزة داخل المشهد الشعري المغربي، مع مراعاة بعد التنوع اللغوي والتباين الفني والجمالي بين الشعراء المشاركين.
خلال أمسية أول من أمس، التي قدمها الشاعر منير السرجاني، كان الموعد مع محمد حمودان، الذي هو اليوم، كما جاء في كلمة تقديمية للمنظمين، في «طليعة الكتاب المغاربة الذين يمثلون الأدب المغربي الجديد المكتوب باللغة الفرنسية. إنه صوت الجيل الجديد المتحدر من سلالة أدبية عريقة، اختارت التعبير بلغة موليير»، وفي طليعته إدريس الشرايبي، محمد خير الدين، الطاهر بنجلون، محمد الوكيرة، مصطفى النيسابوري وعبد اللطيف اللعبي الذي كتب عن حمودان، قائلا: «يباشر حمودان بالفعل عملية استكشاف أساسية، وهو يسير في هذه الطريق المحفوفة بالمخاطر، والتي تتخللها لغة لم نعهدها. إني أراه يتقدم بغضب وعشق، وقد ترك الخوف وراءه، حالما بشمس تنتفض في الأفق»؛ فيما كتب عنه الشاعر عبد الرحيم الخصار: «في نهاية الثمانينيات اتجه إلى باريس من أجل إتمام دراسته الجامعية، حاملا معه في حقيبة سفره المتواضعة نصوصه الأولى. شغفه الأبدي بالكلمات سيقوده إلى مواصلة المغامرة، والسياقات التي جعلته يقطن في غرفة بضواحي العاصمة جعلته أيضا يقطن بثبات في غرفة الأدب».
وقال السرحاني في معرض كلمته التقديمية للأمسية المخصصة لشاعر «حالة طوارئ»، إنه يعتبر حمودان، الشاعر والروائي والمترجم، شاعرا قبل أي شيء آخر. وأضاف موضحا وجهة نظره أنه، سواء في رواياته وترجماته وحتى في حواراته ولقاءاته، يبقى كاتب «الحلم الفرنسي» شاعرا.
وذهب السرحاني، الذي قدم «قراءة عاشقة» في تجربة حمودان، بشكل عام و«حالة طوارئ» بشكل خاص، إلى أن هذا الشاعر «يكتب قصيدة مختلفة تماما في المشهد الأدبي المغربي»، وأن «له جملته الخاصة التي يكسر من خلالها تركيب الجملة الفرنسية، مشددا على أن قصيدته تعد امتدادا لصرخة، تنقل لغضب يخرج من داخل الجملة التي تكتب من داخل القواعد النحوية الفرنسية، سوى أن كاتبها يبتكر تركيبا شخصيا بلغة ثائرة، بحيث لا يمكن لقارئ تقليدي أن يتابع قراءة قصيدته التي تقتحم وتخاطب من دون أن تهادن أو تجامل.
وتحدث السرحاني عن ديوان «حالة طوارئ»، مشيرا إلى أنه قصيدة واحدة بنفس طويل، حيث الجملة الأولى تبني للقصيدة التي تضعنا أمام تجربة مزعجة وشعر مختلف، ينقل لتهكم وسخرية من العنف والموت.
و«حالة طوارئ» آخر الأعمال الشعرية لحمودان، الذي ولد بالمغرب سنة 1968، قبل أن يهاجر إلى فرنسا سنة 1989، حيث سيطلق من هناك ديوانه الشعري الأول «صعود شجرة عالية في سقوط» سنة 1992. ثم، أصدر خلاله حمودان روايتين، لكنه ظل وفيا للممارسة الشعرية، وهو ما يتبدى من خلال العناوين التي صدرت له: «قصيدة ما وراء موسم الصمت» و«هجوم» و«ميكانيكا بيضاء» و«توهج» و«كلمة تؤخذ، كلمة تعطى» و«أبعد من دائما».
واختار أن «بيت الشعر في المغرب»، في إطار احتفائه بأربعينية الفنان التشكيلي الراحل محمد المليحي، أن يجعل من بعض لوحاته ملصقات لفقرات هذا البرنامج، كما هو الحال بالنسبة لملصق أمسية الشاعر حمودان.



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».