اتهامات لـ«الشؤون الدينية» التونسية بتمويل «جمعيات مجهولة»

عقبات أمام مبادرة الحوار السياسي والرئيس يرفض إشراك «الفاسدين»

نواب البرلمان التونسي خلال جلسة لمناقشة الميزانية الجديدة (إ.ب.أ)
نواب البرلمان التونسي خلال جلسة لمناقشة الميزانية الجديدة (إ.ب.أ)
TT

اتهامات لـ«الشؤون الدينية» التونسية بتمويل «جمعيات مجهولة»

نواب البرلمان التونسي خلال جلسة لمناقشة الميزانية الجديدة (إ.ب.أ)
نواب البرلمان التونسي خلال جلسة لمناقشة الميزانية الجديدة (إ.ب.أ)

اتهمت جهات معارضة تونسية، وزارة الشؤون الدينية بتمويل «جمعيات مشبوهة»، من ضمنها جمعية «الصداقة التركية» وأخرى أجنبية، بهدف «أغراض سياسية».
وقالت رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض، عبير موسى، إن جزءا من ميزانية وزارة الشؤون الدينية التونسية مخصص لأجور الموظفين، أما البقية فهي تسند على شكل تمويلات للجمعيات المشبوهة التي تم تأسيسها بعد ثورة 14 يناير (كانون الثاني) 2011 على حد تعبيرها.
وانتقدت موسى خلال جلسة للبرلمان مخصصة لمناقشة ميزانية وزارة الشؤون الدينية، بعض الاتفاقيات التي أبرمتها الوزارة مع جمعيات أجنبية، من ضمنها الاتفاقية التي تربطها بجمعية الصداقة التركية لترميم وصيانة المعالم الدينية والكتاتيب. وأضافت أن هذه الاتفاقية، «لم تكن مجانية، وأن الغاية من ورائها تحقيق أهداف سياسية»، ودعت إلى تعديل بنود هذه الاتفاقية بطريقة تحفظ السيادة الوطنية وتجعل بنودها بعيدة عن أي ولاء أجنبي.
وبعيدا عن الملاسنات اليومية بين أعضاء البرلمان التونسي خلال الجلسات البرلمانية المخصصة لمناقشة ميزانية سنة2021 تبحث عدة أطراف سياسية داعمة لحكومة هشام المشيشي وأجهزة أمنية تونسية عمن يقف وراء الاحتجاجات الاجتماعية التي شملت مناطق تونس وصفاقس وقابس وقبلي وقفصة والقيروان، والجهات التي تسعى لتمويل وتشكيل تنسيقيات في المناطق الصغيرة لتأطير الاحتجاجات، علاوة على تأمين نجاحها.
وفي هذا الإطار، كشف وليد حكيمة المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية أن أكثر من 80 في المائة من الموقوفين خلال التحركات الاحتجاجية الأخيرة تتراوح أعمارهم بين 12و18 سنة، كما كشف عن إيقاف نحو 11 شخصا شاركوا في أعمال الفوضى. وأكد أن الاعترافات الأولية التي قدمها الأطفال الموقوفون تشير إلى وجود أطراف حزبية وأخرى مجهولة الهوية تقف وراء التحركات الاحتجاجية، وقال إن أغلبها ينتمي إلى كبار المهربين.
وأضاف أن بعض الأحزاب السياسية المعارضة، هي التي حرضت على إثارة الفوضى وتعميم الاحتجاجات.
وقال حكيمة إن بعض المغرر بهم أشار إلى تلقيه مبالغ مالية، تبلغ (40 دينارا تونسيا - نحو 14 دولارا) مقابل المشاركة في أعمال الفوضى والتخريب، على حد قوله. واعتبر مراقبون أن إثارة الفوضى كانت دوافعها استغلال الوضع المتأزم لأغراض شخصية ولخدمة أجندات سياسية ترغب في تأكيد فشل المنظومة الحالية في إدارة الشأن العام.
وكانت عدة مدن تونسية من بينها مدينة جلمة (سيدي بوزيد) قد شهدت مساء أول من أمس، موجة من التحركات الاحتجاجية الليلية، وعمد عدد من المحتجين إلى غلق الطرق الرئيسية بالحجارة ودخلوا في مواجهات وعمليات كر وفر مع قوات الأمن التي تحركت لإعادة فتح الطرقات.
على صعيد آخر، جدد الرئيس التونسي قيس سعيد رفضه الحوار مع «الفاسدين»، وقال لدى تلقيه مبادرة اتحاد الشغل (نقابة العمال) حول الحوار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي سيدور تحت إشرافه، إنه «لا مجال للحوار مع الفاسدين»، ولم توضح رئاسة الجمهورية الأطراف السياسية أو الاجتماعية التي يقصدها بتلميحاته. وفي المقابل أشارت أطراف مشاركة في صياغة مبادرة اتحاد الشغل أنها تطرح خيارات وأفكارا للخروج من الأزمة، وأن القيادات النقابية قد عبرت عن أملها في انطلاق الحوار في القريب العاجل.
وكانت تقارير إعلامية تونسية قد أشارت إلى «استحالة إجراء حوار سياسي واجتماعي في ظل المناخ الحالي المتأزم»، وأكدت أن اتحاد الشغل يرفض الجلوس مع ممثلي «ائتلاف الكرامة» الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف المقرب من حركة النهضة، كما أن الحزب الدستوري الحر المعارض (ليبرالي) يرفض المشاركة في حوار تكون فيه أطراف ممثلة لما سماه بـ«الإسلام السياسي»، خاصة حركة النهضة. أما رئاسة الجمهورية فهي ترفض الجلوس مع ممثلي حزب «قلب تونس» الذي اتهم رئيسه نبيل القروي بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال. أما قيادات حركة النهضة فقد نادت إلى حوار وطني تحت إدارة رئيس الحكومة هشام المشيشي باعتباره يمثل أحد رأسي السلطة التنفيذية التي تنفذ البرامج وتقع عليها مراقبة أدائها من قبل البرلمان.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.