مخاوف من تحول ليبيا إلى «مسرح عمليات» لقيادة «القاعدة» الجديدة

عقب تولي الجزائري أبو عبيدة العنابي مهام «التنظيم في بلاد المغرب»

مخاوف من تحول ليبيا إلى «مسرح عمليات» لقيادة «القاعدة» الجديدة
TT

مخاوف من تحول ليبيا إلى «مسرح عمليات» لقيادة «القاعدة» الجديدة

مخاوف من تحول ليبيا إلى «مسرح عمليات» لقيادة «القاعدة» الجديدة

منذ تولي الجزائري أبو عبيدة يوسف العنابي، قيادة تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب قبل أيام جديدة، لم تتوقف التساؤلات حول الدولة التي سوف يستهل التنظيم بها عملياته في ظل قيادة العنابي، وهل ستكون ليبيا بحدودها الطويلة والعميقة، والتي تعيش فوضى مسلحة، في مقدمة تلك البلاد أو على الأقل منطلقاً ومعبراً لها. الباحث الليبي، رئيس مؤسسة السليفيوم للأبحاث والدراسات، جمال شلوف، أيّد «هذا الطرح بقوة»، مستنداً إلى أن المتعارف عليه من استراتيجيات وديناميكيات الجماعات المتطرفة، حين يتم تجديد قيادتها، أن القيادة الجديدة تحرص على الإعلان عن نفسها، عبر عملية سهلة التنفيذ قوية التأثير والنتائج، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «في ظل المعطيات السابقة لن يكون أمام العنابي أسهل من ليبيا كـ(بيئة رخوة أمنية) بفعل الطبيعة الجغرافية الوعرة وغياب الأمن والسلطة الموحدة».
أما فيما يتعلق بالجهات التي قد يستهدفها التنظيم، فقال شلوف إن «(القاعدة) يصنف ليبيا أرض دعوة، لا جهاد، وبالتالي لا نستبعد مهاجمة أي مقرات للبعثة الأممية والمنظمات الدولية التابعة لها، أو أي سفارة أو شركات نفطية، وفي ظل مقتل زعيم التنظيم السابق عبد المالك دروكدال، على يد القوات الفرنسية في شمال مالي، يونيو (حزيران) الماضي، فقد تكون مقرات الشركات الفرنسية في طليعة أهداف التنظيم».
ولا يستبعد شلوف «تعاون قيادات غير معروفة من تنظيمي (أنصار الشريعة) و(الجماعة الليبية المقاتلة في ليبيا) مع العنابي، في تنفيذ أي عملية»، موضحاً أن «كليهما يرتبط بالفكر العقائدي للتنظيم، ويعتبر من أبرز أذرعه بالبلاد خلال السنوات السابقة، وبالتالي فقد يتجدد التواصل، خاصة إذا ما تقرر مهاجمة مقر شركة أجنبية تعمل بمواقع استخراج وتصدير النفط التي يتولى الجيش الوطني مسؤولية تأمينها، فتلك التنظيمات الليبية المتطرفة تريد أن تثأر من الجيش لتمكنه من طردها من بنغازي عام 2014 ثم من درنة عام 2018».
وكان تنظيم «أنصار الشريعة» الذي تتهمه واشنطن بالوقوف خلف الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، سبتمبر (أيلول) 2012، والذي وراح ضحيته السفير الأميركي، كريستوفر ستيفنز، و3 أميركيين آخرين، أعلن حلّ نفسه في مايو (أيار) عام 2017. فيما لم تعلن «الجماعة الليبية المقاتلة السلفية الجهادية» بشكل رسمي حلّ نفسها، وإن كان أعضاؤها بعد مشاركتهم بقوة في ثورة 17 فبراير (شباط)، قد تفرقوا وقاموا بالانضمام إلى كيانات عدة، منها المسلح والسياسي.
ويحذر شلوف من أن «خطر التعاون والاستقطاب قد لا يتوقف على العناصر المحلية، وإنما سيمتد أيضاً إلى العناصر الأجنبية من أتراك، ومن جلبوهم من مرتزقة سوريين، ينتمي بعضهم لـ(جبهة النصرة) فرع تنظيم (القاعدة) بسوريا»، موضحاً أن «هؤلاء المرتزقة منتشرون بالعاصمة، ويعملون في تأمين كثير من المقرات السيادية كالسفارات، وبالتالي قد يمدون زملاءهم في التنظيم بكثير من التفاصيل الهامة، التي تضمن نجاح مخططاتهم، أم الوجود التركي، فالكل يعرف علاقته الوثيقة بميليشيات كثيرة مسلحة ومؤدلجة بالغرب الليبي، وتلك الميليشيات قد تقبل التعاون بشكل أو بآخر مع (القاعدة)، لرغبتها بالتوافق في إفساد جهود التسوية السياسية الراهنة بأي طريقة».
ولا يبتعد الشرقاوي الروداني، الخبير المغربي في الدراسات الجيوستراتيجية والأمنية، عن الرأي السابق، مشيراً إلى أن «وجود قيادة بحجم العنابي، قد يشجع (الخلايا النائمة) من عناصر التنظيمات المتطرفة في ليبيا، الذين تواروا عن الأنظار لاعتبارات تكتيكية، على إعادة التموقع». وأضاف الشرقاوي لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك احتمالاً بلجوء العنابي إلى إيجاد نقط ارتكاز جديدة بين الحدود الليبية والدول الأفريقية المجاورة، وذلك من خلال إنشاء خطوط اتصالات ومراكز تدريب في ليبيا للعناصر المستقطبة، وإرسالهم لدول أخرى».
وكان اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، قد أعلن السبت الماضي عن تنفيذ عملية نوعية في منطقة أوباري بالجنوب الغربي، استهدفت أحد أوكار تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب، وتوقيف 7 إرهابيين ينتمون إلى جنسيات متعددة، على رأسهم حسن الوشي، العائد من مالي مؤخراً، بعد نقله أسلحة وذخائر وأموالاً إلى جناح التنظيم هناك.
ويستبعد الشرقاوي تمكن أي قوة عسكرية ليبية من التصدي لما قد يشنه التنظيم المتطرف من عمليات استنزافية، موضحاً أن «الحرب على الإرهاب تتطلب رؤية واستراتيجية محكمة وموحدة لمواجهة كيانات غير مرئية، قادرة على العمل والتحرك في مختلف الأماكن والأجواء، تلك الرؤية مفتقدة في ليبيا لاختلاف الأولويات لدى الطرفين المتصارعين، أي قوات حكومة الوفاق المتمركزة بالغرب، والجيش الوطني بالشرق والجنوب، كما أن طبيعة الصراع بينهما تكتيكية آنية، تتعلق بكسب نقاط فوق الأرض، وتحديداً بمحور سرت - الجفرة، لتعزيز فرص التفاوض، لا استراتيجية تسمح بالتنبؤ والاستعداد للمخاطر كافة».
من جهته، أشار إيهاب نافع، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، إلى أن «الخبرة السابقة للتنظيم بالطبيعة الجغرافية الليبية، ستسهل له التركيز على أهداف مزدوجة التأثير»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «حالة الفراغ الأمني التي تعيشها ليبيا وتركيز الأنظار الدولية، حول كيفية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين طرفي الصراع الليبي، قد يشجع التنظيم على مهاجمة شحنات الوقود وسرقتها أو اختطاف أفراد من السكان المحليين أو أجانب من العاملين بشركات النفط وطلب فدية كبيرة، ومع انتشار صدى عمليات كهذه سينجح التنظيم في الحصول على الأموال واستقطاب مزيد من العناصر، ويقدمهما كدعم لوجستي لباقي أفرعه بالمغرب العربي، لتعويض الخسائر التي تلقاها على أيدى القوات الفرنسية بمنطقة الساحل الأفريقي».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.