الرياض وبغداد تفتحان أولى صفحات التعاون العسكري

بعد إعادة فتح معبر عرعر الحدودي للتبادل التجاري

الرياض وبغداد تفتحان أولى صفحات التعاون العسكري
TT

الرياض وبغداد تفتحان أولى صفحات التعاون العسكري

الرياض وبغداد تفتحان أولى صفحات التعاون العسكري

أعلن الملحق العسكري السعودي في العراق، العقيد الركن ناصر السعدون، استعداد بلاده لدعم المؤسسة العسكرية العراقية. وقالت وزارة الدفاع العراقية، في بيان لها أمس (الاثنين) إن «رئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله استقبل الملحق العسكري السعودي في العراق»، مبيناً أن «يار الله أكد أهمية هذا اللقاء من أجل بحث آفاق التعاون والتنسيق بين البلدين الصديقين في المجال العسكري».
وأضاف البيان أن «الملحق العسكري السعودي عبر عن سعادته بهذا اللقاء»، مشيداً بـ«قدرات الجيش العراقي، وبالتضحيات والبطولات الكبيرة التي قدموها من أجل المحافظة على أمن وسلامة العراق والمنطقة»، وتابع أن «الملحق العسكري السعودي أكد حرص بلاده (المملكة العربية السعودية) على الاستمرار بتقديم كل أشكال الدعم للمؤسسة العسكرية العراقية».
وفي الوقت الذي كان يوجد فيه تعاون أمني بين العراق والمملكة العربية السعودية طوال الأعوام الماضية، حتى قبل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، استؤنف عام 2012 تبادل البلدان الوفود في مجال أمن الحدود والتعاون الاستخباري. كما زار المملكة مسؤولون أمنيون كبار، مثل قاسم الأعرجي وزير الداخلية الأسبق، وفالح الفياض مستشار الأمن الوطني السابق. غير أنه للمرة الأولى يعلن عن إمكانية بدء تعاون عسكري بين السعودية والعراق. وفيما لم يعرف بعد تفاصيل هذا التعاون ومدياته، فإنه يصب في إطار التحول الجديد في العلاقات بين البلدين الذي تم تدشينه مؤخراً بافتتاح منفذ عرعر الحدودي، فضلاً عن استعداد الشركات السعودية للدخول إلى السوق العراقية على صعيد الاستثمار.
وكان البلدان قد أبرما كثيراً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في إطار المجلس التنسيقي بين البلدين. وبشأن إمكانية التعاون العسكري ومدياته بين العراق والمملكة، يقول أستاذ الأمن الوطني بجامعة النهرين الدكتور حسين علاوي، رئيس مركز «أكد» للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية، لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات العراقية - السعودية في نمو جيد في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية»، مبيناً أن «هناك تبادلاً للزيارات بين الوفود العسكرية العراقية - السعودية، في دلالة على التعاون التصاعدي في مجالات متعددة».
وأضاف علاوي أن «التعاون يتم بشكل ثنائي، عبر تبادل الزيارات، وتعزيز المجلس التنسيقي العراقي - السعودي في بعده الأمني، أو من خلال اجتماعات وزراء الداخلية العرب، وجهود مكافحة الإرهاب ووزارة العدل في مجال إنفاذ القانون وتبادل المجرمين والمعلومات الاستخبارية». وأوضح علاوي أن هناك «تعاوناً من خلال التحالف الدولي في مجال مكافحة (داعش). وبالتالي، فإن لقاء الملحق العسكري السعودي مع رئيس الأركان العراقي يأتي في ضوء العمل الدبلوماسي العسكري، وتبادل وجهات النظر».
وحول الجهات المناوئة لرفع سقف التعاون العراقي - السعودي، يرى علاوي أنها «لا تمثل الجمهور العراقي كله، كما أنها تمثل نهجاً سياسياً أكثر مما تمثل نهجاً وظيفياً يهتم بالمصالح الوطنية العراقية، لأن بوصلة المصلحة الوطنية العراقية تدعونا إلى النظر لكل دول الجوار بصورة متوازية، والحافز أمامنا يبقى المصلحة العليا العراقية».
وأكد علاوي أن «نهج الدولة واضح جداً في مجال تعزيز الاستثمار الاقتصادي العراقي مع المملكة العربية السعودية في مجال الطاقة والبتروكيمياويات والزراعة، وستكون هناك مشاريع كبرى في هذا المجال»، لافتاً إلى أن «الشعب العراقي مهيأ للعمل مع الشركات السعودية في تطوير اقتصاده، وتحسين البنى التحتية، وتعزيز موقع الاقتصاد العراقي».
وفي سياق ذلك، أعلن محافظ النجف، لؤي الياسري، البدء بمشروع طريق الحج البري الذي يربط العراق بالمملكة العربية السعودية عبر مدينة النجف. وقال الياسري، في بيان: «تم البدء بمشروع طريق الحج البري الذي يربط العراق بالسعودية عبر مدينة النجف الأشرف بطول 239 كم، فضلاً عن فتح مناطق للتبادل التجاري»، مبيناً أن «هذا الطريق سيسهم في تطوير الواقع الزراعي والصناعي والتجاري والمشاريع السكنية في النجف»، مشيراً إلى أن «الحكومة المحلية ستتابع مراحل العمل، وستحرص على إكماله، لما له من فوائد كبيرة على المدينة».
وبيّن أن «الجانبين العراقي والسعودي اتفقا على فتح مناطق تبادل تجارية على كلا الجانبين، وأنه ستسهم هذه المناطق في إنعاش الحالة التجارية والاقتصادية للمحافظة، فضلاً عن إنعاش المناطق الزراعية والصناعية والسكانية في المناطق التي يخترقها الطريق».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.