تركيا تناور الأوروبيين بسحب «سفينة التنقيب» من شرق المتوسط

كررت تركيا سحب سفينة الأبحاث والمسح السيزمي «أوروتش رئيس» من شرق البحر المتوسط إلى ساحل أنطاليا جنوب البلاد في خطوة تكتيكية تهدف منها إلى تجنب التصعيد مع الاتحاد الأوروبي قبل قمة قادته التي تعقد في 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، والتي ستقيم العقوبات مع أنقرة، وقد تفرض عقوبات عليها بسبب أنشطة التنقيب غير القانونية قبالة سواحل اليونان وقبرص والتحركات الأخيرة لتركيا في شمال الجزيرة القبرصية.
وبالتزامن، انطلقت مناورات عسكرية مشتركة لقوات بحرية من كل من اليونان وقبرص وفرنسا ومصر والإمارات العربية المتحدة، في شرق المتوسط بعد تصاعد التوترات مع تركيا بشأن الحقوق الإقليمية والموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز) في المنطقة.
وعادت السفينة التركية «أوروتش رئيس» إلى ميناء أنطاليا، أمس، بعدما واصلت أنشطة البحث قرب سواحل اليونان الجنوبية منذ 12 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك قبل أقل من أسبوعين على قمة الاتحاد الأوروبي التي تترقبها أنقرة بقلق بالغ؛ لاحتمال تعرضها لعقوبات يطالب بها، بشكل رئيسي، كل من فرنسا وقبرص واليونان؛ بسبب أنشطة التنقيب في شرق المتوسط والتدخل في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورني قره باغ، والدفع بمرتزقة سوريين موالين لها إلى المنطقة دعماً لأذربيجان وفتح ساحل فاروشا في مدينة فاماجوستا على الخط الفاصل بين شمال وجنوب الجزيرة القبرصية، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى المنطقة في 15 نوفمبر (تشرين الثاني).
وتتعارض مطالب تركيا واليونان العضوين في حلف شمال الأطلسي بشأن نطاق الجرف القاري لكل منهما والحقوق في موارد الطاقة المحتملة في منطقة شرق البحر المتوسط.
وخطوة سحب السفينة التركية، هي مناورة ألفها الاتحاد الأوروبي من تركيا؛ إذ سبق وقامت بها في 13 سبتمبر (أيلول) بدعوى إعطاء فرصة للجهود الدبلوماسية، بعدما استفزت اليونان وقبرص والتكتل الأوروبي ودولاً إقليمية بإرسالها في 10 أغسطس (آب)، وبعد فشل مبادرات من ألمانيا، الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بإقناع تركيا واليونان بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، أعادت تركيا سفينتها إلى المنطقة في 12 أكتوبر، ومددت عملها هناك 6 مرات على الرغم من تلويح الاتحاد بعقوبات قاسية. وفي 23 نوفمبر، قالت تركيا إن السفينة «أوروتش رئيس» ستعمل في المنطقة حتى 29 نوفمبر. وأعلنت وزارة الطاقة والموارد الطبيعية التركية، عبر «تويتر» أمس، أن السفينة أكملت مهمة بدأت في 10 أغسطس، وغطت 10995 كيلومتراً من البيانات السيزمية ثنائية الأبعاد، وعادت إلى ميناء أنطاليا.
وتصر تركيا على أن لها، وكذلك للقبارصة الأتراك، حقوقاً في موارد شرق المتوسط المحتملة من النفط والغاز في شرق المتوسط، وأنها تمارس التنقيب في «جرفها القاري، ما يثير التوترات مع اليونان وقبرص العضوين في الاتحاد الأوروبي، واللتين تقولان إن تركيا تنتهك منطقتيهما الاقتصاديتين الخالصتين».
وفي سياق متصل، صادق البرلمان الأوروبي على قرار بفرض عقوبات على تركيا بسبب زيارة رئيسها رجب طيب إردوغان إلى فاروشا، سيرفعه إلى قمة القادة في 10 ديسمبر، لكن تركيا رفضته واعتبرت أن البرلمان الأوروبي «منفصل عن الواقع».
ودعا البرلمان الأوروبي، تركيا إلى الرجوع عن قرار فتح جزء من منطقة فاروشا «(ماراش المغلقة بحسب التسمية التركية)، بعد إغلاق دام 46 عاماً. بعدما دعمت فتحها من قبل إدارة شمال قبرص غبر المعترف بها، في 8 أكتوبر، في خطوة انتقدتها الولايات المتحدة واليونان وقبرص.
في غضون ذلك، بدأت قوات بحرية من كل من اليونان وقبرص وفرنسا ومصر والإمارات العربية المتحدة، تمارين عسكرية مشتركة في شرق البحر المتوسط، أمس، على خلفية تصاعد التوتر مع تركيا بشأن الحقوق الإقليمية والموارد الهيدروكربونية في المنطقة. وقالت وزارة الدفاع القبرصية، إن المناورات البحرية التي يطلق عليها اسم «ميدوسا» من المتوقع أن تستمر حتى 6 ديسمبر (كانون الأول). وفي المقابل، اعتبرت وزارة الدفاع التركية أن المناورات «تظهر مرة أخرى من يريد التوتر ويتجنب الحوار ولا يريد السلام».
وتدعم فرنسا اليونان في سعيها لمعاقبة زميلتها في الناتو (تركيا). وفي أغسطس أرسلت دولة الإمارات إلى اليونان مقاتلات من طراز «إف 16» للمشاركة في تدريب عسكري مع القوات الجوية اليونانية في قاعدة على جزيرة كريت في شرق المتوسط.
وتسعى اليونان لشراء مقاتلات «رافال» الفرنسية و«إف 35» الأميركية بالسرعة الممكنة، ولديها خطط لشراء المزيد من الطائرات المسيرة وأنظمة الاستجابة لهذا النوع من الطائرات خلال عام 2021، كجزء من الجهود المبذولة لتكثيف خططها الدفاعية وسط تصاعد التوترات مع تركيا المجاورة. كما أجرت اليونان اختبارات على منظومة صواريخ «إس - 300» الروسية في الفترة من 23 إلى 27 نوفمبر في جزيرة كريت بحضور عسكريين أميركيين وألمان وهولنديين.