انتهاء شهر العسل بين «حماس» والسلطة بفوز بايدن

تبادل اتهامات بين الجانبين

عجوز فلسطيني قرب مخيم في خان يونس جنوب غزة (أ.ب)
عجوز فلسطيني قرب مخيم في خان يونس جنوب غزة (أ.ب)
TT

انتهاء شهر العسل بين «حماس» والسلطة بفوز بايدن

عجوز فلسطيني قرب مخيم في خان يونس جنوب غزة (أ.ب)
عجوز فلسطيني قرب مخيم في خان يونس جنوب غزة (أ.ب)

هاجمت حركة «حماس»، السلطة الفلسطينية، بشدة، وقالت إنها «لا تمتلك الإرادة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي». وقال الناطق باسم «حماس» حازم قاسم، «إن السلطة ليست فقط فاقدة للقدرة على مواجهة الاحتلال، لكنها لا تمتلك الإرادة لذلك»، متسائلاً عن سبب تراجع قيادة السلطة في كل مرة عن تعهداتها بمواجهة الاحتلال، وإبداء مرونة كاملة في التعاون والتفاهم معه، بينما تتشدد في حواراتها مع المكونات الفلسطينية الوطنية.
جاء الهجوم «الحمساوي» على السلطة، ليؤكد انتهاء شهر العسل بين الطرفين، منذ إعلان السلطة عودة الاتصالات مع إسرائيل عقب فوز الرئيس الأميركي جو بايدن في الانتخابات.
وقلب فوز بايدن الأمور رأساً على عقب في رام الله، فأعلنت السلطة فوراً إعادة الاتصالات مع إسرائيل بعد تجميدها لستة أشهر، وأعادت السفراء إلى دول عربية سحبتهم منها احتجاجاً على اتفاقات التطبيع، وقالت إنها مستعدة للمفاوضات مع إسرائيل، وهي خطوات أثارت قلقاً كبيراً وغضباً لدى «حماس»، التي اعتبرت كل ذلك انقلاباً على اتفاق سابق بتوحيد الجهود في مواجهة إسرائيل عبر إنهاء الانقسام عن طريق الانتخابات.
وسرعان ما بدأت حركتا «فتح» و«حماس» بتبادل الاتهامات حول فشل جهود المصالحة، ما عزز تقارير حول أن العودة إلى العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة ستنهي المصالحة التي «استخدم» فيها اسم «حماس» فقط.
وقال مسؤولون في «فتح»، إن «حماس» أفشلت مباحثات القاهرة الأخيرة بسبب موقفها من الانتخابات العامة، وقال مسؤولون في «حماس» إن عودة السلطة إلى الاتصالات مع إسرائيل شكل ضربة لهذه الجهود.
وتقول «فتح» إن الاتفاق السابق مع «حماس» نص على إجراء انتخابات تشريعية، ومن ثم انتخابات رئاسية، بسقف زمني لا يتجاوز ستة أشهر، وصولاً لانتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير، لكن «حماس» عادت واشترطت تزامن الانتخابات، وهو أمر غير عملي وغير منطقي. وردت «حماس» بأن «فتح» تريد التفرد بكل شيء، وفضلت العلاقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل على المصالحة. وقال مسؤول في «حماس» لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أمس، «عباس هذه المرة طعننا في الوجه، وليس من الخلف كالعادة».
وجاء التصريح ضمن تقرير يتهم عباس بأنه يبدد آمال الفلسطينيين مرة أخرى في الانتخابات، «وأنه استخدم (حماس)، المصنفة إرهابية لدى الولايات المتحدة وإسرائيل، نكاية فقط بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإسرائيل، ومع انتهاء كل ذلك مع فوز بايدن، فإن هدفه الآن هو فرصة أخيرة للمفاوضات».
وهذه الاتهامات ترفضها السلطة و«فتح» جملة وتفصيلاً. وتقول «فتح» إن «حماس» في قطاع غزة هي التي لا تريد المصالحة، وخربتها. وقال مفوض التوجيه السياسي والوطني في السلطة الفلسطينية، اللواء عدنان ضميري، إن «التغطية على الصراعات الداخلية في (حماس) هي التي تدفع شق الانفصاليين (تأسيس دولة غزة)، إلى لغة التخوين والهجوم على القيادة الفلسطينية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».