«حزب الله» ليس بوارد تصعيد الموقف مع إسرائيل

«الخارجية» اللبنانية تدين اغتيال فخري زاده

TT

«حزب الله» ليس بوارد تصعيد الموقف مع إسرائيل

أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، أمس، «جريمة اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده»، داعية «جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس تفادياً للانزلاق نحو السيناريو الأسوأ في المنطقة».
وأتت إدانة «الخارجية» اللبنانية بعد 3 أيام من عملية الاغتيال، وبعد صدور مقال في صحيفة لبنانية مقربة من «حزب الله» يصف عدم صدور موقف بأنه «عار».
وعدّت «الخارجية» في بيان لها أن «من شأن عمليات القتل والاغتيال تأجيج الصراعات وزعزعة الاستقرار»، مشيرة إلى أن الاغتيالات «جرائم مرفوضة ومدانة في القانون الدولي وفي المواثيق الدولية كافة».
وفي الوقت الذي يعاني فيه لبنان من أزمة سياسيّة وأجواء متوترة منعت تشكيل الحكومة لأشهر، يتخوّف بعض اللبنانيين من أي انزلاق أمني على الحدود اللبنانيّة – الإسرائيليّة، لا سيّما بعد تصاعد وتيرة التهديدات الإيرانيّة بالرد على مقتل فخري زاده، الأمر الذي يستبعده النائب في «حزب القوات اللبنانية» والعميد المتقاعد وهبي قاطيشا، عادّاً، في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه من حيث المبدأ «تبدو الساحة اللبنانية بعيدة عن أي تبعات لعملية اغتيال فخري زاده، وذلك لأن الاغتيال حدث على الأراضي الإيرانيّة، وأصابع الاتهام تشير إلى مرتكب واضح»، مما يعني استبعاد توتر أمني على الساحة اللبنانية.
ويرى قاطيشا أن هذا الاستبعاد يصحّ ما دامت الأمور لم تذهب إلى مواجهة عسكرية بين إيران وأي طرف آخر، مضيفاً أنّه في حال حدوث مواجهة مباشرة «يبنى على الشيء مقتضاه؛ إذ لا يمكن استباق الأمر عبر تأكيد أو نفي إمكانيّة دخول طرف لبناني في المواجهة».
من جانبه، يرى المحلل السياسي، علي الأمين، أنه قبل الحديث عن تبعات الرد على الساحة اللبنانيّة، يجب التذكير بأن «قرار الردّ على اغتيال فخري زاده إيراني، بمعزل عن دور (حزب الله) أو أطراف أخرى لها علاقة بإيران»، وبأن «إيران نفسها أكدت بعد عملية الاغتيال أن الرد لن يكون قريباً، في الوقت الذي عدّ فيه بعض المسؤولين الإيرانيين أن هذه العملية محاولة لاستدراج إيران إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل قبل تسلّم جو بايدن الرئاسة الأميركيّة»، الأمر الذي يوحي، بحسب الأمين، بأن الإيرانيين «ليسوا في وارد خوض المواجهة المباشرة مع إسرائيل، ولا يريدون الإقدام على أي عمل عسكري يستفزّ الأميركي».
وانطلاقاً مما تقدّم، يطرح السؤال عن إمكانيّة أن يكون الرد انطلاقاً من لبنان، ولكن هذا الأمر أيضاً مستبعد؛ حسب الأمين، «لأن (حزب الله) ليس بإمكانه توجيه أو البدء بضربة ضد إسرائيل؛ لأنه يدرك التبعات والمخاطر، لا سيما أنه حالياً في وضع حرج، وهو يتفادى المواجهة مع إسرائيل منذ سنوات، ولن يغيّر مقتل فخري زاده هذا الأمر».
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ أمس غارات وهمية على علو منخفض في جنوب لبنان، كما شهدت مناطق عدة تحليقاً للطيران الحربي الإسرائيلي، مثل جبيل وكسروان والمتن (جبل لبنان)، حيث حلق الطيران على علو منخفض؛ كما نقلت «الوكالة الوطنية»، التي أشارت أيضاً إلى تحليق للطيران الإسرائيلي فوق العاصمة بيروت وضواحيها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم