تونس تحتفل اليوم بالذكرى الرابعة لسقوط بن علي في ظل تذمر من الأوضاع المعيشية

جدل حاد حول مشاركة «النهضة» في الحكومة المقبلة

صورة أرشيفية لتونسيين مؤيدين للرئيس السابق المنصف المرزوقي الشهر الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية لتونسيين مؤيدين للرئيس السابق المنصف المرزوقي الشهر الماضي (رويترز)
TT

تونس تحتفل اليوم بالذكرى الرابعة لسقوط بن علي في ظل تذمر من الأوضاع المعيشية

صورة أرشيفية لتونسيين مؤيدين للرئيس السابق المنصف المرزوقي الشهر الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية لتونسيين مؤيدين للرئيس السابق المنصف المرزوقي الشهر الماضي (رويترز)

لم تكن المظاهر التي تدل على أن التونسيين يقبلون على الاحتفال بالذكرى الرابعة لسقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في الـ14 من يناير (كانون الثاني) سنة 2011 كثيرة في الشارع التونسي إلى غاية يوم أمس الثلاثاء.. بل إن مشاعر الغضب هي التي سيطرت على الناس أمس والأول من أمس بسبب إضراب شركات النقل العمومي (حافلات وقطارات) بشكل مفاجئ مما جعل الكثير من التونسيين يجدون صعوبة كبرى في العودة إلى منازلهم أول من أمس الاثنين أو في التوجه إلى مقرات عملهم صباح أمس الثلاثاء وهو ما تسبب بغياب الكثير من الموظفين والأجراء عن العمل وتعطلت بالتالي مصالح الناس في الكثير من الإدارات الحيوية. وبسبب هذا الوضع عمدت مجموعات من الشباب في حي الانطلاقة غرب العاصمة التونسية إلى إشعال العجلات المطاطية وقطع الحركة عن بعض الطرق ومنها الطريق المؤدية إلى مدينة بنزرت (60 كلم شمال العاصمة التونسية)، وكذلك رشق السيارات الخاصة بالحجارة احتجاجا على إضراب شركات النقل العمومي.
وتحتفل تونس اليوم بالذكرى الرابعة لثورة 14 يناير في ظل ترقب متواصل لتشكيلة الحكومة عن تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة برئاسة الحبيب الصيد وزير الداخلية التونسية السابق. ورجحت عدة مصادر متطابقة إرجاء الإعلان عن الحكومة إلى وقت لاحق بسبب خلافات عميقة بين الأحزاب المتحالفة مع حركة النهضة حول توزيع الحقائب الوزارية. ولن يتم الإعلان اليوم عن الحكومة الجديدة كما جرى التحضير لذلك من قبل قيادات حركة نداء تونس عقب الإعلان عن النتائج النهائية للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.
وخلافا لما تم الإعلان عنه يوم 31 من الشهر الماضي خلال موكب تسلم الباجي قائد السبسي لمنصب الرئاسة من المنصف المرزوقي، فإن الاحتفال بالذكرى الرابعة للثورة سيكون بسيطا ولن تحضره شخصيات عربية ودولية كما كان مقررا. وأعلنت رئاسة الجمهورية عن تنظيم موكب رسمي اليوم في القصر الرئاسي بإشراف الباجي قائد السبسي وبحضور محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) ومهدي جمعة رئيس الحكومة الحالية. كما يحضر اللقاء أعضاء الحكومة ورؤساء الهيئات الدستورية والمنظمات والجمعيات الوطنية وعدد من أهالي الشهداء وممثلي الأحزاب السياسية.
على صعيد آخر، يتواصل مسلسل التسريبات حول وزراء الحكومة المقبلة التي يقودها الحبيب الصيد دون التوصل إلى التشكيلة الحكومية النهائية. ويواجه تشكيل الحكومة صعوبات متعددة على رأسها ملفا تحييد وزارات السيادة وإشراك «النهضة» في الحكومة. وأكدت مصادر حزبية لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن الحكومة التونسية الجديدة ستضم 35 عضوا بين كتاب دولة ووزراء بينهم 10 نساء.
وفي لقاء جمع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي براشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الليلة قبل الماضية، اتفق الطرفان على ضرورة جمع الحكومة المقبلة لأكبر عدد ممكن من الحساسيات السياسية في تطابق كبير لوجهات النظر. وأظهرت نتائج اللقاء الذي لم يقع الإعلان عنه مسبقا أن الطرفين بحثا مبدأ «تكريس روح الوفاق في تشكيل الفريق الحكومي» برئاسة الحبيب الصيد وكذلك داخل مجلس نواب الشعب (البرلمان) في خطوة هدفها التسريع في الإجراءات الإصلاحية بعيدا عن حالة التجاذب السياسي.
وأبدت حركة النهضة استعدادها المبدئي للمشاركة في الحكومة التونسية الجديدة إذا ما «تلقت عرضا رسميا وإذا أفضت المشاورات إلى توافق حول برنامج الحكومة وأولوياتها» وهو ما رجح مشاركة حركة النهضة التي باتت «شبه مؤكدة».
ونادت قيادات من الصف الأول في حركة نداء تونس بطي صفحة الترويكا وصرحت عبر منابر إعلامية متنوعة أنه «لا داعي لتشريك النهضة في الحكم». وترددت أنباء عن وقوف نحو 20 نائبا برلماني على الأقل من حركة نداء تونس (الفائزة بـ86 مقعدا برلمانيا) مدعومين بقيادات من الحزب نفسه، ضد مشاركة حركة النهضة في الحكومة المقبلة وهو نفس العدد من البرلمانيين الذي صوت ضد منح «النهضة» منصب نائب رئيس أول للبرلمان عند انتخاب عبد الفتاح مورو.
ولتجاوز هذا الخلاف الحاد، تعقد الهيئة التأسيسية لحزب النداء اجتماعا حاسما بحضور كافة أعضائها وعددهم 11 عضوا لتجاوز انقسام الآراء داخل الحركة الفائزة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشأن مشاركة حركة النهضة من عدمها في الحكومة المقبلة. ويحضر الاجتماع الذي يتواصل على مدى يومين محمد الناصر رئيس حركة نداء تونس بالنيابة المؤيد لتوسيع المشاركة في الحكومة، والطيب البكوش الأمين العام للحركة المؤيد لإبقاء «النهضة» في صفوف المعارضة، وذلك في محاولة لتقريب وجهات النظر بين شق داعم لمشاركة النهضة وشق ثان رافض لتلك المشاركة رفضا قاطعا.
وفي هذا الشأن، قال عبد العزيز القطي القيادي في النداء في تصريح إعلامي «لن نسمح بعودة النهضة إلى الحكم من الشباك بعد طردها من الباب مهما كان الثمن» على حد تعبيره.
واشترطت حركة النهضة تحييد وزارات السيادة الـ4 (الداخلية والدفاع والعدل والخارجية) وتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة للمشاركة في الحكومة المقبلة.
وقال العجمي الوريمي القيادي في حركة النهضة إن حزبه لا ينوي السيطرة بطريقة غير مباشرة على وزارات السيادة عبر المطالبة بتحييدها، بل إنه يسعى إلى إسناد حقائبها إلى شخصيات محايدة تقف على نفس المسافة من كل الأحزاب السياسية.
ولكن زياد العذاري المتحدث باسم حركة النهضة رد على هذا الأمر بالقول إن أطرافا ترفض وجود حزبه في الحكومة وتسعى إلى توتير الأجواء على حد تعبيره. وقال إن موقفهم من المشاركة في الحكومة موقف مبدئي وإن المشاورات لم تصل إلى حد الحديث عن مشاركة «النهضة» في الحكومة.
ورغم مشاعر الغضب التي يعبر عنها الكثير من التونسيين هذه الأيام والتي تأخذ طابع اللوم على الحكومات المتعاقبة والاحتجاج بسبب الأحوال المعيشية الصعبة فإن أغلب التونسيين يرفضون أن يؤخذ هذا العزوف عن الاحتفال على أنه «ندم على ما حصل يوم 14 يناير» مثلما أكد سفيان برك الله - طالب جامعي - لـ«لشرق الوسط»، مضيفا «رغم المصاعب التي تتخبط فيها فئات واسعة من شعبنا على المستوى المعيشي.. فإنه على المستوى السياسي لا تزال التجربة التونسية تحافظ على كامل بريقها وتميزها كنموذج.. كذلك فإن الحرية التي نعيشها اليوم لا تقدر بثمن.. وهذه الحرية ستكون سلاحنا للدفع نحو إصلاح هذه الأوضاع الصعبة والاعتناء أكثر بالمناطق المحرومة إذ لم يعد هناك مبرر لتتواصل الأحوال على ما هي عليه في المستقبل على المستوى الاقتصادي بعد استكمال المرحلة الانتقالية وبناء المؤسسات الدائمة».
السمة اللافتة الأخرى لاحتفال التونسيين بهذه الذكرى التي بدأت تتأكد سنة بعد أخرى هي تركيز كل جهة على الاحتفال بشكل أساسي باليوم الذي سقط فيه شهداء تلك الجهة.. فقد أقامت محافظة القصرين (300 كلم جنوب غربي العاصمة) احتفالا خاصا يوم 8 يناير الماضي وهو اليوم الذي سقط فيه الكثير من أبناء المحافظة والمناطق التابعة لها مثل «تالة» و«فريانة»، وكذلك احتفلت مدينة «دوز» من محافظة قبلي أقصى الجنوب التونسي يوم 12 يناير وكذا مدينة «دقاش» من محافظة توزر جنوبي تونس. وقد أخذت بعض هذه الاحتفالات أبعادا احتجاجية بسبب «عدم تحقق التنمية وكذلك عدم الرضا على بطء محاكمة المتسببين في سقوط هؤلاء الشهداء» على حد قول أبناء تلك الجهات وخاصة عائلاتهم وكذلك الجرحى الذين لا يزال الكثير منهم يعانون من تبعات إصاباتهم الخطيرة ولم يتم علاجهم بشكل جيد. أما أهالي مدينة سيدي بوزيد فلا يزالون يصرون على أن التاريخ الطبيعي حسب رأيهم للاحتفال بالثورة التونسية هو يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) وهو اليوم الذي قام فيه محمد البوعزيزي بإضرام النار في جسده سنة 2010. وقد أقامت المدينة احتفالا يوم 17 ديسمبر الماضي طغت عليه بدوره المطالبة بالتنمية وتوفير أسباب العيش الكريم ووجهت فيه انتقادات لاذعة للحكومات المتعاقبة.



مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.


اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
TT

اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، مع إلزام قواتها بالانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، في إطار جهود الحكومة اليمنية للحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها إزاء تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي وتصعيده في حضرموت والمهرة، ومواجهة انقلاب الحوثيين المستمر منذ عام 2014.

وجاء في نص القرار الذي صدر عن العليمي، أن إلغاء الاتفاقية يستند إلى الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس المجلس الرئاسي، وبمقتضى القرار رقم (9) لسنة 2022، مؤكداً على أهمية حماية المواطنين وسلامة الأراضي اليمنية. كما نص القرار على تسليم المعسكرات كافة في محافظتي حضرموت والمهرة إلى قوات «درع الوطن».

وفي خطوة متزامنة، أصدر الرئيس اليمني قراراً بإعلان حالة الطوارئ في أنحاء اليمن كافة لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. القرار يستند إلى الصلاحيات الدستورية نفسها، ويستهدف مواجهة الانقلاب على الشرعية والفوضى الداخلية التي قادتها عناصر عسكرية، قالت الحكومة اليمنية إنها تلقت أوامر من الإمارات بالتحرك ضد المحافظات الشرقية بهدف تقسيم البلاد.

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية استهدفت شحنة عسكرية غير قانونية (رويترز)

وتضمنت إجراءات حالة الطوارئ، وفقاً للقرار الرسمي، فرض حظر شامل على الحركة الجوية والبحرية والبرية في جميع المواني والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات المصرح بها رسمياً من قيادة تحالف دعم الشرعية، الذي تمثله المملكة العربية السعودية. كما منح القرار محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات كاملة لإدارة شؤون محافظتيهما، والتعاون مع قوات «درع الوطن» حتى تسلُّم المعسكرات.

أشار القرار إلى أن جميع القوات العسكرية في حضرموت والمهرة مطالبة بالعودة فوراً إلى مواقعها ومعسكراتها الأساسية، والتنسيق التام مع قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، دون أي اشتباك، لضمان استقرار الوضعين العسكري والمدني في المحافظتين.

توضيح الموقف

في سياق بيان الموقف، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الالتزام بحماية المدنيين، وصون المركز القانوني للدولة، ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد، وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن، ويقوّض فرص السلام.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن اليمن (إ.ب.أ)

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة، وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

وأوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، تعدّ تمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

تأييد مجلس الدفاع الوطني

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد.

في ضوء هذا الاصطفاف، ترأس العليمي اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، ضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية، وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

وحسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ترحيب حكومي

أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وفي امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة اليمنية خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة اليمنية بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.