معصوم يبحث مع الجبوري خطة مشتركة للمصالحة الوطنية الشاملة في العراق

المتحدث باسم رئاسة الجمهورية لـ {الشرق الأوسط}: اتفقا على أفكار ستطرح في اجتماع للرئاسات الـ3

فؤاد معصوم  و سليم الجبوري
فؤاد معصوم و سليم الجبوري
TT

معصوم يبحث مع الجبوري خطة مشتركة للمصالحة الوطنية الشاملة في العراق

فؤاد معصوم  و سليم الجبوري
فؤاد معصوم و سليم الجبوري

بحث الرئيس العراقي فؤاد معصوم خطة مشتركة للمصالحة الوطنية الشاملة في البلاد مع رئيس البرلمان سليم الجبوري فيما أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العراقية خالد شواني أن «الأفكار التي تم التوافق عليها بين الطرفين ستطرح في الاجتماع المقبل للرئاسات الـ3 لتبدأ بعدها الخطوات التنفيذية في هذا المجال».
وكان معصوم التقى الجبوري في مقر البرلمان أمس. وقال بيان صادر عن مكتب الجبوري إن «الجانبين ناقشا أبرز تطورات المشهد العراقي ومستجدات الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، كما بحثا الموازنة العامة في ظل تداعيات انخفاض أسعار النفط، وأهمية تضافر الجهود بين السلطات الـ3 من أجل مواجهة هذه الأزمة والإسراع في إقرار الموازنة على النحو الذي يحقق مصلحة الوطن والمواطن». وأضاف البيان أن «الطرفين اتفقا على ضرورة التعاون بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب لتسهيل إقرار التشريعات والقوانين لا سيما تلك المتعلقة بالدستور والمصالح العليا للبلد». كما ناقش الجانبان «مشروع المصالحة الوطنية والجهود المبذولة من قبل رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب في هذا المضمار وضرورة الإسراع في إنجازه وتوحيد الجهود لمواجهة كل التحديات التي تعترض مسيرة العملية السياسية».
من جهته، أكد خالد شواني، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معصوم والجبوري بحثا مسألة المصالحة الوطنية لا سيما أن هناك أفكارا متقاربة كانت قد طرحت من قبلهما بهذا الاتجاه وهي تحتاج إلى بلورة لكي تتحول إلى مشروع عمل مشترك سيناقش خلال الاجتماع المقبل للرئاسات الـ3». وأضاف شواني أن «الطرفين اتفقا على أنه حان الوقت لتحويل المصالحة الوطنية من شعارات إلى مشروع متكامل بحيث يشمل هذه المرة كل الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية بما يعزز التعايش السلمي بين المكونات العراقية وهو ما يتطلب انفتاحا على الجميع دون استثناء».
وأوضح شواني أن «رئيس البرلمان لديه أفكار خاصة بهذا الاتجاه كما أن هناك شخصيات وقوى عراقية لديها نفس الأفكار وهو ما يعني أن هناك قواسم مشتركة بهذا الاتجاه ستعزز من أهمية هذا المشروع وهو ما يتطلب التفاهم مع الجميع على ذلك»، متوقعا طرح «المشروع بصيغة متكاملة لكي تتفق الرئاسات الـ3 على المبدأ العام ومن ثم الدخول في التفاصيل الخاصة بالكيفية التي يمكن من خلالها تنفيذ هذا المشروع خلال الفترة المقبلة من خلال لقاءات أو حوارات أو مؤتمرات».
وكان رئيس البرلمان أعلن مؤخرا أن العمل جار لعقد اجتماع قريب للقوى السياسية المشاركة في الحكومة والقوى الأخرى في المحافظات المنتفضة، موضحا أنه سيتصل بجميع قوى المعارضة بعد أن لمس استعدادها للحوار في ظل ضمانات من بينها إقرار قوانين العفو العام والحرس الوطني وإلغاء قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث، موضحا وجود توافق وطني داخلي لإقرار هذه القوانين وإيجاد توازن في مؤسسات الدولة بناء على ما تطالب به المحافظات المنتفضة.
في السياق نفسه أكد نائب الرئيس العراقي لشؤون المصالحة الوطنية إياد علاوي عزمه على تقديم مشروع متكامل للرئاسات الـ3 بشأن ملف المصالحة الوطنية. وقال علاوي في بيان له إنه «طالما أخذت المصالحة الوطنية الحيز الأكبر من اهتمامنا وتفكيرنا، لما تمثله من أساس سليم ومتين لبدء تحقيق مجتمع متماسك وموحد، نبني به وطننا العراق الحبيب بالصورة التي نتمناها ويتمناها كل مواطن عراقي». وأشار إلى أن انزلاق العراق إلى الاحتراب وتراجع مفهوم المواطنة وغياب الوحدة المجتمعية والسلم الأهلي، يضاف إلى ذلك ما آلت إليه المنطقة من صراعات إقليمية، وخراب ودمار وانقسام وفقر وخوف، فضلا عن المتغيرات في المشهد العالمي من توترات وصراعات دولية جديدة وطغيان ظاهرة الإرهاب الخطيرة في العالم وكساد السوق العالمية، كل ذلك له انعكاساته على العراق، مما يجعل من المصالحة الوطنية الخيار الأخير لإنقاذ العراق.
في السياق نفسه، أكد عدنان الدنبوس، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه علاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مشروع علاوي للمصالحة الوطنية يختلف عن المشاريع السابقة التي طرحت والتي لم تؤد إلى نتيجة تذكر لأنه هذه المرة ذو بعد عملي قابل للتطبيق»، مشيرا إلى أن «هناك رؤية باتت مشتركة بين الرئاسات الـ3 وبين كبار زعامات البلاد على أهمية الخروج برؤية موحدة على هذا الصعيد وتتمثل في أهمية إجراء تعديلات حقيقية على قوانين باتت تشكل عائقا أمام أي حالة تقدم في المستقبل مثل المساءلة والعدالة الذي يجب أن يتحول من ملف سياسي إلى قضائي والعفو العام وتعويض المتضررين وتحقيق المطالب التي تم الاتفاق عليها ضمن وثيقة الاتفاق السياسي مثل الحرس الوطني وغيرها من المطالب المعروفة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.