غلاء الإيجارات يدفع مئات العائلات للعودة إلى مخيم اليرموك المدمّر

عائلة تعود إلى شقتها في مخيم اليرموك رغم دمارها (أ.ف.ب)
عائلة تعود إلى شقتها في مخيم اليرموك رغم دمارها (أ.ف.ب)
TT

غلاء الإيجارات يدفع مئات العائلات للعودة إلى مخيم اليرموك المدمّر

عائلة تعود إلى شقتها في مخيم اليرموك رغم دمارها (أ.ف.ب)
عائلة تعود إلى شقتها في مخيم اليرموك رغم دمارها (أ.ف.ب)

بدأت محافظة دمشق تسجيل أسماء الراغبين بالعودة إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب العاصمة السورية، وعلى جانبي الطريق في المخيمّ، تجمّع العشرات من سكانه الذين أرغموا على الهرب خلال الحرب التي هجرت الكثيرين منهم، ودمرت قسماً كبيراً من المنازل، بانتظار تسجيل أسمائهم للحصول على إذن للعودة بعد إثبات ملكية عقاراتهم، التي يجدر أن تكون صالحة للسكن من الناحية الإنشائية، وفق ما أوردت محافظة دمشق ضمن شروط الموافقة على العودة.
وسجّلت 600 عائلة أسماءها حتى الآن، كما ذكر رئيس لجنة إزالة الأنقاض في المخيم محمود الخالد لوكالة الصحافة الفرنسية. ويجدر بكل من حصل على الموافقة أن يبرزها للحواجز الأمنية عند مدخل المخيم. ويتحمل العائدون أنفسهم كلفة ترميم منازلهم.
ويُعدّ ارتفاع كلفة المعيشة وبدلات الإيجار على وقع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها سوريا، سبباً رئيسياً يدفع عدداً من أهالي المخيم إلى إبداء رغبتهم بالعودة رغم غياب الخدمات، وفق ما يشرح الخالد.
وعادت عائلات عدة إلى المخيم قبل بدء عملية التسجيل الرسمية. إذ تظهر بيانات منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عودة 430 عائلة خلال الأشهر الأخيرة، لأنه لم يعد بإمكانهم تحمل كلفة الإيجارات.
ولا تزال أبنية المخيم ومنازله على حالها منذ انتهاء المعارك. ففي أحد الأحياء، سقطت شرفات أبنية عدّة وتدمّرت أخرى جزئياً لتقطع الحجارة المتساقطة الطريق تماماً، رغم أن المخيّم كان من أول أحياء العاصمة التي بدأ رفع الركام منها في إطار مشروع موّلته منظمة التحرير الفلسطينية، بالتنسيق مع النظام السوري، عام 2018.
ويشير محمود الخالد إلى أن «عشرين في المائة من مباني المخيم مدمّرة كليّاً، وأربعين في المائة بحاجة إلى تدعيم وترميم، وأربعين في المائة قابلة للسكن الفوري بعد إعادة الإكساء».
وتذكر وكالة الصحافة الفرنسية، أن عيسى اللوباني (48 عاماً) توجه مع زوجته وابنته بعد تسلّمهم الموافقة على العودة إلى المخيم، إلى شقتهم في أحد المباني السكنية التي خرق الرصاص جدرانها، وتبعثر ما تبقى من محتوياتها. ويقول خلال تفقده المنزل، «يحتاج للكثير من العمل، لكن يبقى ذلك أرحم من دفع بدلات الإيجار الشهرية». ويضيف: «سأعود بأقل الإمكانات، حتى لو اضطررتُ إلى وضع أكياس من النايلون على النوافذ وباب خشبي مستعمل».
وعائلة اللوباني واحدة من آلاف العائلات الفلسطينية التي فرّت من مخيم اليرموك عام 2012، مع وصول المعارك إليه إثر سيطرة فصائل معارضة عليه، ثمّ حصاره من القوات الحكومية. وكان يسكنه قبل اندلاع النزاع 160 ألف لاجئ فلسطيني، بالإضافة إلى آلاف السوريين. وفي عام 2015، تمكّن تنظيم «داعش» من التسلّل إليه. وتسبّبت المعارك وأزمة إنسانية خانقة بفرار العدد الأكبر من سكانه وسقوط ضحايا، قبل طرد التنظيم منه في مايو (أيار) 2018.
وحين عاد للمرة الأولى إلى المخيم، يروي اللوباني كيف أنّه لم يتمكن من تحديد الطريق المؤدية إلى حارته بسبب «غياب ملامح المكان جراء الدمار». ويقول، «نحتاج إلى الكهرباء والماء وتنظيف الشوارع من الردم (...) أتمنى أن يعود عدد أكبر من العائلات، حتى يصبح ترميم البنى التحتية أمراً واقعاً».
وبعد نزوحها من المخيم، تنقّلت عائلة اللوباني بين شقق سكنية عدّة استأجرتها في دمشق. وتقول الزوجة إلهام (40 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية، «هذا بيتنا وهذه حياتنا وذكرياتنا. العودة بالنسبة إليَّ تبقى أخف وطأة من عبء استئجار منزل في دمشق».
وبينما تتفحّص الركام أمام المبنى، تعثر بين كومة من الحجارة على صور قديمة، بينها صورة زفافها وأخرى تجمع ابنتها شذى (11 عاماً) مع والدها في عيد ميلادها الأول، وترتسم ابتسامة عريضة على وجهها.
ورغم غياب الخدمات الرئيسية، اختار السوري شهاب الدين بليدي (62 عاماً) العودة إلى منزله، الذي بقي سليماً إلى حد كبير، رغم موقعه على أحد خطوط التماس سابقاً. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية، «لو انتظرنا عودة البنية التحتية للمخيم لكنا بقينا خارجه لسنوات»، موضحاً أنه أول من عاد إلى شارع فلسطين.
وعند عودته، مدّ بليدي شريط كهرباء من خارج المخيم إلى منزله، يزوّده بالتيار بين الحين والآخر. ويشتري يومياً عبوات المياه لتأمين حاجة عائلته. ويشرح بينما يجلس مع حفيده: «الدمار أكبر من أن يتم استيعابه من أي جهة، وتحتاج عملية إعادة الإعمار إلى جهود دول. وإلى أن يتمّ ذلك، يجب أن نتدبّر أمورنا».
وإذا كان النازحون إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية قادرين على العودة إلى المخيم عاجلاً أم آجلاً، فإن آخرين لا يملكون هذا الترف بعدما نزحوا إلى مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة في شمال غربي سوريا. ومن هؤلاء الفلسطيني أحمد خرمندي (43 عاماً)، الذي فرّ من المخيم بعد سيطرة تنظيم «داعش» عليه وانتقل إلى محيط دمشق، قبل أن يغادر مجدداً عام 2018 إلى إدلب، إثر اتفاق تسوية بين الفصائل المقاتلة والحكومة. ويقيم حالياً مع عائلته في مخيم دير بلوط. ويقول «لا أحد في الشمال السوري يستطيع التسجيل للعودة، أو حتى الوصول إلى اليرموك. لقد طردنا منه من قبل (داعش) ثم النظام». ويتحدث عن خشية من العودة كونهم «مطلوبين» من السلطات.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.