«اكتئاب جماعي» لدى اللبنانيين... وأدوية الأعصاب مفقودة

تقرير دولي يصف حياتهم بـ«الأسوأ»

«اكتئاب جماعي» لدى اللبنانيين... وأدوية الأعصاب مفقودة
TT

«اكتئاب جماعي» لدى اللبنانيين... وأدوية الأعصاب مفقودة

«اكتئاب جماعي» لدى اللبنانيين... وأدوية الأعصاب مفقودة

«يعيش اللبناني أسوأ حياة في العالم»، خلاصة توصّل إليها مؤشّر «غالوب» العالمي مؤخراً، لافتاً إلى أنّ 4 في المائة فقط من اللبنانيين قيّموا حياتهم بشكل إيجابي، بما يكفي لاعتبارها «مزدهرة»، وهي أسوأ نتيجة في سجل «غالوب» لأي بلد.
لا تبدو هذه النتيجة صادمة لأي مواطن لبناني، حتى ولو كانت تعتمد على تقويم قامت به «غالوب» عام 2019، إذ إنّ الأزمات في لبنان بدأت العام الماضي، واستفحلت هذا العام، لا سيّما بعد وباء «كورونا»، وانفجار المرفأ الذين زادا معاناة حياة اللبناني اليوميّة.
وليس غريباً مع كلّ هذه الضغوطات أن تكون أدويّة الأعصاب والمهدئات من أول الأدوية التي انقطعت من السوق اللبنانيّة، بعد الحديث عن إمكانيّة رفع الدعم عن الدواء، إذ تهافت اللبنانيون إلى شراء هذه الأدوية، وتخزينها تماماً، كما فعلوا مع أدوية السرطان والأمراض المزمنة، حسب ما يوضح نقيب الصيادلة غسّان الأمين، لافتاً في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ نسبة استهلاك أدوية الأعصاب ارتفع من عام 2015 إلى العام الحالي بنسبة 20 في المائة. ازدياد استهلاك أدوية الأعصاب أمر مفهوم على الصعيد النفسي، كما تؤكد الاختصاصية في علم النفس العيادي رانيا البوبو، لافتة في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ المواطن اللبناني «ملّ البحث عن حلول وفقد الأمل في إيجادها، فلجأ إلى المسكّن النفسي ليوقف قدرته على الانفعال، بدلاً من البحث عن العلاج، وذلك ربما مرتبط باعتباره أنّ الغد مجهول».
- وطن تحوّل إلى سجن
إذا كانت نسبة اللبنانيين الذين شعروا بالحزن، تضاعفت حسب «غالوب» من عام 2018 إلى عام 2019، لتبلغ 43 في المائة، مترافقة مع ارتفاع القلق ليصل إلى نسبة 40 في المائة، والضغط إلى 61 في المائة، فإنّه يمكن الحديث حالياً عن «اضطراب ما بعد الصدمة على مستوى جماعي يعيشه اللبنانيون»، حسب البوبو، «فالكل في لبنان يعيش حال الخوف والقلق والفراغ واجترار للأفكار السوداوية طوال الوقت»، الأمر الذي «يجعل اللبنانيين يعيشون نوعاً من الاكتئاب الجماعي يعبرون عنه بحياتهم اليومية وبعلاقاتهم مع الآخرين، لا سيّما مع الأسرة، ومن هنا قد نشهد ارتفاعاً في حالات العنف الأسري، وبالجرائم التي قد تحصل لأسباب بسيطة مثل أحقيّة مرور، وحتى لتزايد الأفكار الانتحاريّة».
كانت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أشارت إلى الارتفاع الملحوظ في عدد الاتصالات الواردة على الخط الساخن للتبليغ عن شكاوى العنف الأسري بين فبراير (شباط) الماضي إلى أكتوبر (تشرين الأول) بنسبة 51 في المائة.
وفيما خص الجرائم، ذكرت «الدولية للمعلومات» ارتفاع عدد القتلى خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2020 بنسبة 100 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019.
على صعيد الانتحار، لم يشهد لبنان ارتفاعاً في عدد الحالات، ولكنّ كان لافتاً على سبيل المثال حصول أربع حالات انتحار خلال يومين في شهر يوليو الماضي.
تتحدّث البوبو عن فقدان إحساس المواطن اللبناني بالأمان، وبوجود منظومة تحميه يُضاف إليه الشعور بالقيد والتكبيل، «كأن المواطن سجين في وطن كبير ممنوع عليه الخروج منه بسبب إجراءات مطارات العالم المرتبطة بـ(كورونا)، وعدم استقبال معظم دول العالم للبنانيين لأسباب تتعلّق بالوباء أو أخرى سياسيّة»، مضيفة أنّ الأصعب أنّ المواطن مكبّل داخل السجن مع سلطة تتحكّم بتفاصيل حياته تهدّده بأمنه الغذائي والصحي، ما يجعله يشعر بأنه مسلوب الإرادة، فيبحث عن أي أمل، ولو كان محفوفاً بالمخاطر تماماً، كما حال اللبنانيين الذين قرّروا الهجرة بحراً بطريقة غير شرعيّة عبر قوارب الموت.
ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، فقد غادر لبنان نحو 30 مركباً في الفترة الممتدة بين يوليو (تموز) وأكتوبر الماضي، على متنها، بالإضافة للنازحين السوريين، أعداد كبيرة من اللبنانيين، خصوصاً من مدينة طرابلس (شمال لبنان وأفقر المدن على البحر المتوسط)، بعضهم اضطر لرمي أطفاله في البحر بعد وفاتهم لعدم تحملهم ظروف السفر الشاقة.
وفيما تشير البوبو إلى أن الكارثي في الوضع «اعتياد اللبناني هذه المشاهد اللا إنسانيّة والتأقلم بشكل سلبي ما يدلّ على تدهور الوضع النفسي للأشخاص» تشير إلى أنّ استمرار الوضع على حاله قد يؤدي إما إلى «ازدياد الأمراض النفسيّة، والاستسلام، أو انفجار جماعي على قاعدة لم يبق شيء يمكن الخوف على خسارته».
- خيبات وصدمات بالجملة
تراجع مؤشّر التجارب الإيجابيّة عند اللبنانيين، حسب «غالوب»، بشكل كبير، العام الماضي، وزادت التجارب السلبيّة، أما في العام الحالي، فالأمر لا يحتاج إلى تقارير، فيكفي الحديث عن تجربة انفجار المرفأ التي تركت خوفاً وتوتراً مستمرين، حسب ما يقول فراس أحد الشبّان الناجين من الانفجار. يوم الانفجار كان فراس في مكان قريب من المرفأ، وكان يصوّر سحب الدخان الناتجة عن الحريق الذي سبق الانفجار من شباك سيّارته، ليدوّي بعدها صوت لا ينساه حتى اليوم أدّى إلى تكسّر زجاج سيارته التي انزاحت لأمتار.
يروي فراس كيف يصاب وزوجته التي كانت برفقته بالسيارة يوم الانفجار بنوبات خوف عند سماع أي صوت، وكيف هرعت زوجته ركضاً منذ أيام بينما كانت تنزل الدرج خوفاً من حصول انفجار آخر، وذلك بمجرّد أنها تنبّهت أنّ الساعة السادسة، أي على بعد دقائق من التوقيت الذي وقع فيه الانفجار الأول.



سوق الدواء المغشوش في اليمن... فساد وفوضى برعاية حوثية

أدوية تُباع داخل متجر مواد غذائية وخضراوات بالعاصمة صنعاء في غياب الرقابة (فيسبوك)
أدوية تُباع داخل متجر مواد غذائية وخضراوات بالعاصمة صنعاء في غياب الرقابة (فيسبوك)
TT

سوق الدواء المغشوش في اليمن... فساد وفوضى برعاية حوثية

أدوية تُباع داخل متجر مواد غذائية وخضراوات بالعاصمة صنعاء في غياب الرقابة (فيسبوك)
أدوية تُباع داخل متجر مواد غذائية وخضراوات بالعاصمة صنعاء في غياب الرقابة (فيسبوك)

لم تعد مهنة الصيدلة في مناطق سيطرة الحوثيين مقتصرة على المؤهَّلين في هذا المجال فقط. ففي شوارع صنعاء يحدث أن تباع الأدوية في محلات البقالة مع المواد الغذائية والمنظفات، خصوصاً الأدوية الشائعة كالمهدئات والمنشطات الجنسية ومضادات القلق والاكتئاب، بينما تنتشر الأدوية المهرَّبة والمزوَّرة ومنتهية الصلاحية، ويجري تداولها بلا رقابة أو توعية من مخاطرها.

وتَسخر الأوساط الطبية في العاصمة اليمنية صنعاء من تنظيم سلطات الحوثيين، المسيطرة على قطاعي الصحة والتعليم العالي، مؤتمراً لمناقشة أبحاث طلاب الصيدلة، ومعرضاً دوائياً للتصنيع الدوائي، بينما تشنّ نفس السلطات حرباً على لقاحات الأطفال، وتتعمد التغاضي عن العبث في سوق الدواء، بل تشارك فيه.

دواء يُباع في صيدليات بالعاصمة صنعاء بتاريخ صلاحية غير مفهوم (إكس)

وتأتي هاتان الفعاليتان بعد أسابيع من اكتشاف إصابة أطفال، من مرضى السرطان في مستشفى الكويت الجامعي، بأعراض خطيرة شبيهة بالأعراض التي أُصيب بها 21 طفلاُ آخر قبل عام وتوفي منهم 11 بسبب جرعة من دواء ملوَّث، وهي القضية التي برَّأت فيها محكمة حوثية قبل أيام قليلة المسؤولين عن تلك الواقعة.

انتهاء الصلاحية

بعد بحث طويل في مختلف الصيدليات، وجدت فاطمة غيلان دواء «كومبيبريس» لعلاج والدتها من ارتفاع الضغط، وعلى علبته تاريخ صلاحية لا يزال سارياً، دفعت ثمنه وعادت إلى البيت، غير أن شقيقتها اكتشفت أن تاريخ الصلاحية الموجود على شريط الدواء منتهٍ منذ فترة.

وجدت فاطمة خلال فترة بحثها عن الدواء أكثر من علبة بتاريخ صلاحية منتهٍ أو غير مفهوم، وعرض عليها عدد من الصيادلة بدائل أرخص وأقل كفاءة من الدواء المطلوب، إلا أنها أصرّت على العمل بتوصية الطبيب بالبحث عن الدواء المحدد، بعد أن انتشرت مئات الأدوية المغشوشة ومنتهية الصلاحية، لدرجة أنها وجدت أحد أدوية والدتها يباع في سوبر ماركت.

اعتذر الصيدلي الذي باع لفاطمة الدواء منتهي الصلاحية، وأعاد لها المبلغ الذي دفعته ثمناً له، ونصحها بطلب الدواء من أقاربها أو معارفها خارج مناطق سيطرة الحوثيين أو من خارج البلاد.

غياب الرقابة

يتبرأ الصيادلة العاملون في العاصمة اليمنية صنعاء من المشاركة في ترويج الأدوية المغشوشة، وإن كان بعضهم يُقرّ بعلمه ببيع المنتهية الصلاحية منها، ويبررون ذلك بأن الدواء المنتهي الصلاحية لا يسبب ضرراً على المريض، وفي أسوأ الأحوال تقل كفاءته فقط، وبسبب انقطاع توريد عدد كبير من الأدوية؛ فإنهم يرون بيع المنتهي الصلاحية ضرورة.

إلا أن الصيدلي عاصم هزاع يفنّد هذه المزاعم، ويحذّر من أن الأدوية منتهية الصلاحية قد تكون من أخطر السموم، وتؤدي إلى كثير من الاضطرابات والأمراض، وهناك كثير من الوقائع والشهادات لمرضى تدهورت حالاتهم الصحية أو أُصيبوا بأعراض أخرى بسبب أدوية منتهية الصلاحية، ناهيك بأنه جرى تهريبها أو تخزينها في ظروف سيئة.

ويضرب مثلا بدواء «سيلسيبت» الذي اشتكى كثير من متناوليه تدهور حالاتهم وأعراضاً خطيرة، وهذا الدواء يدخل إلى اليمن عن طريق التهريب رغم أهميته البالغة للمرضى الذين أجروا عمليات زراعة أعضاء، ويتعرض خلال التهريب لظروف سيئة في التخزين والنقل، كما يجري تهريب كميات كبيرة منه شارفت على انتهاء صلاحيتها من عدة دول.

مستودع أدوية مهرَّبة ومنتهية الصلاحية ضُبط في صنعاء (إكس)

وتتهم مصادر طبية وصيدلية جماعة الحوثي بالتسبب في انتشار الأدوية المهربة والمغشوشة ومنتهية الصلاحية. وحسب الصيدلي جهاد عبد الوارث، وهو اسم مستعار؛ فإنه، وفي حال حسن الظن بالجماعة، يمكن القول إن عدم توفير قطاع الصحة الذي تسيطر عليه للأدوية المنقذة للحياة هو السبب الرئيسي لتهريب الأدوية.

وينفي أن تكون جماعة الحوثي تبذل جهوداً كافية لمكافحة التهريب، وإلا لما سمحت بانتشار الأدوية المهربة والمغشوشة والمنتهية في سوق الدواء اليمني، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الأصناف الشائعة الاستخدام، مثل المهدئات والمنومات وأدوية القلب والمعدة، تباع في مختلف المحلات، بل حتى لدى بعض الباعة المتجولين.

ويشير الصيدلي عبد الوارث إلى أن عدداً كبيراً من الأدوية التي يتم تناولها دون وصفات طبية، أو بسبب وصفات طبية وتشخيص طبي خاطئين؛ تؤدي إلى أضرار وأعراض جانبية خطيرة على الجسم البشري، وتضاعف من خطورة الأمراض أو تتسبب بأمراض أخرى، محذراً من أن الكثير منها يتسبب في الإدمان، ما يؤدي إلى صعوبة التوقف عن تناولها.

ولا تتوفر بيانات أو إحصائيات حول تجارة الأدوية المهربة والمغشوشة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، فالهيئة العليا للأدوية التي تقع تحت سيطرتها توقفت، كما تؤكد مصادر من داخلها، عن ممارسة أي أعمال رقابية أو إشرافية على سوق الدواء، وتحولت إلى كيان يديره مشرفون حوثيون لتحصيل الجبايات.

ويفيد الصيدلي ناظم الأكحلي بأن المنشطات الجنسية تباع في كل مكان ويستخدمها الكثير من الذكور دون أي رقابة، رغم المخاطر الكبيرة التي تشكّلها على صحة القلب والكلى، في حين تباع موانع الحمل في المحلات التي تعمل بها نساء، أو يجري تداولها عبر خدمات التوصيل للمنازل.

قادة حوثيون في فعالية للترويج لمنتجاتهم الدوائية المزعومة (إعلام حوثي)

وينوه إلى أن موانع الحمل يتم تداولها بسرّية خوفاً من تفسيرات واتهامات عناصر جماعة الحوثي بأن الهدف من ترويجها نشر الانحلال الأخلاقي، بينما الجماعة نفسها تحرص على زيادة عدد السكان، وتسعى لاتباع سياسات من أجل ذلك.

محاربة اللقاحات

يُبدي صيادلة في العاصمة صنعاء غضبهم من اقتصار مهام الجهات الرقابية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي على ابتزاز مَن يتخلفون أو يرفضون دفع الجبايات المفروضة عليهم، وتكتفي هذه الجهات بتحصيل مبالغ كبيرة من الصيدليات مقابل عدم فحص أو تفتيش مخازنها.

جسم غريب إلى جوار كبسولة دواء متداوَل في العاصمة اليمنية صنعاء (إكس)

ويفيد الصيادلة بأن ما يجري الإعلان عن إتلافه في المنافذ الجمركية التي استحدثتها الجماعة على أطراف مناطق سيطرتها، لا يعادل سوى نسبة بسيطة مما يجري تهريبه، فهذه المنافذ الجمركية تكتفي بالتحصيل دون التدقيق في السلع والبضائع.

الهيئة العليا للأدوية في الحكومة اليمنية قامت –من جهتها- بمسح محدود للكشف عن حجم الأدوية المهرّبة في العاصمة المؤقتة عدن، ولم تتجاوز نسبة الأدوية المهربة 3 في المائة، طبقاً لحديث مدير الهيئة عبد القادر الباكري الذي يرجح أن يكون الحديث عن الكميات الكبيرة من الأدوية المهربة معلومات مضللة لخدمة الحوثيين.

ويوضح الباكري لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يدّعون تعرضهم للحصار، وأن ترويج المعلومات حول تهريب الأدوية قد يكون فيه خدمة لهم بحكم أن غالبية البضائع التي تصل إلى مناطق سيطرتهم تأتي من المناطق المحررة، وتبلغ الأدوية التي يتم استيرادها بشكل رسمي 9750 صنفاً، وأكثر من 70 في المائة منها تذهب إلى المناطق التي تسيطر عليها الجماعة.

أصبح شائعاً في مناطق سيطرة الحوثيين تقليد الأدوية وتزوير تواريخ صلاحيتها (إكس)

ويضيف الباكري أن الهيئة تتعاون مع الجمارك والجهات الأمنية للحد من تهريب الأدوية، وقد ثبت فعلاً تورط الحوثيين في التهريب من خلال أدوية السرطان التي مُنحت لمرضى السرطان في مستشفى الكويت، وأدت إلى حدوث وفيات الأطفال، وأُجريت محاكمة للمتورطين فيها، لكنَّ الجهات الصحية الحكومية لا تستطيع التأكد من المعلومات كون الجماعة الحوثية تتحفظ عليها.

ودعا الباكري إلى التركيز على منع الحوثيين لقاحات الأطفال، لأن أعداد الحالات المصابة بالأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيم يمكن أن توفّر معلومات وبيانات وإحصائيات تهمّ اليمنيين والدول المجاورة والعالم.


الحوثيون يواصلون اعتقال المحتفلين بـ«26 سبتمبر»

تفرط الجماعة الحوثية في القمع والتنكيل لوأد أي مسعى لمناهضتها (أ.ف.ب)
تفرط الجماعة الحوثية في القمع والتنكيل لوأد أي مسعى لمناهضتها (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يواصلون اعتقال المحتفلين بـ«26 سبتمبر»

تفرط الجماعة الحوثية في القمع والتنكيل لوأد أي مسعى لمناهضتها (أ.ف.ب)
تفرط الجماعة الحوثية في القمع والتنكيل لوأد أي مسعى لمناهضتها (أ.ف.ب)

بالتزامن مع إعلان الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء إطلاق سراح العشرات من المعتقلين على ذمة رفع العلم الوطني والاحتفاء بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر»، ذكرت مصادر حقوقية وعائلات أن حملة الاعتقالات تواصلت في صنعاء تحديدا، حيث اعتقل أكثر من 12 شابا كانوا يمرون في ساحة العروض في ميدان السبعين جنوب العاصمة.

ونسب نشطاء ومحامون إلى عبد الكريم الحوثي، وهو عم زعيم الجماعة ويشغل موقع وزير الداخلية في الحكومة التي لا يعترف بها أحد، القول بأنه أمر بإطلاق سراح 40 من الشبان المعتقلين على ذمة رفع العلم الوطني والمشاركة في الاحتفالات الشعبية بذكرى سقوط نظام حكم الإمامة في 26 سبتمبر (أيلول) عام 1962.

تزداد مخاوف الحوثيين من تحول الاحتفالات إلى ثورة شعبية (إكس)

عائلات المعتقلين ومحامون في صنعاء أكدوا أن هذا الأمر كان مشروطا بدفع المفرج عنهم غرامة مالية تتجاوز 400 دولار عن كل معتقل، إلى جانب إقرار خطي بأنهم ارتكبوا خطأ عند خروجهم للاحتفال بذكرى الثورة، كما طلب من أسر المعتقلين إحضار ضمانة من زعيم قبلي موال للحوثيين أو أحد التجار، أو تعهد من أولياء الأمور مصادق عليه من مسؤولي الأحياء التي يسكنون فيها.

مطالبات بالإفراج

وفي حين تتواصل المطالبات بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين يبلغ عددهم نحو 1500 شاب في صنعاء وحدها، كشف محامون وعائلات عن استمرار حملة الاعتقالات التي تستهدف الشبان الذين يشتبه بمشاركتهم في الاحتفالات.

ونفت المصادر صحة إعلان الحوثيين أنهم أطلقوا سراح جميع المعتقلين، وذكرت أن عناصر مخابرات الحوثيين اعتقلت الأحد الماضي أكثر من 12 شابا، بينهم طفلان لم يتجاوزا سن 15عاما، وأنه تم اقتياد معظم المعتقلين من ساحة العروض في ميدان السبعين ونقلهم إلى قسم شرطة «علاية».

ووفق بلاغ تقدمت به أسر المعتقلين فإن أجهزة أمن الحوثيين وجهت إلى أبنائهم تهمة رفع العلم الوطني، والمشاركة في احتفالات ثورة «26 سبتمبر» وقالت هذه الأسر إن عددا من أفرادها تم إيداعهم السجن لمجرد ذهابهم إلى أقسام الشرطة للاستفسار عن أقاربهم الذين اختفوا بعد اعتقالهم.

من آثار الاعتداء الحوثي على الأستاذ الجامعي إبراهيم الكبسي (إكس)

وتضم قائمة المعتقلين الجدد الذين تم التعرف عليهم مباشرة؛ وفقا لهذه المصادر كلا من: إياد عميقة (14 عاما)، وعمار الماس (15 عاما) وعبد العزيز عبد المغني، ومعتصم الواع، ومحمد الأغبري، وحسين عبد المغني، وبسام عبد المغني، وأيمن عبد المغني، وجمال عبد المغني.

وبحسب ما أوردته أسر المعتقلين فإن هناك أعدادا أخرى من الشبان تم اعتقالهم وأودعوا سجون أقسام الشرطة في العاصمة صنعاء، ولم يتم التعرف على أسمائهم، بسبب منع الزيارات عنهم، ورفض أقسام الشرطة الإفصاح عن هوياتهم، واعتقال أقاربهم الذين يذهبون للسؤال عنهم.

وجددت هذه الأسر مطالباتها بالكشف عن مصير أبنائها والإفراج عنهم بصورة عاجلة لأنه لا يوجد نص قانوني يمنع المواطنين من رفع العلم الوطني أو الاحتفال بذكرى الثورة والأعياد الوطنية.

تعهد بالقمع

‏ مع استئناف حملة الاعتقالات في صنعاء، برر القيادي الحوثي محمد البخيتي المعين من قبل الجماعة محافظا في ذمار، هذه الحملة وزعم أن المشكلة ليست في رفع علم اليمن بل في التحرك لخدمة ما أسماه «العدوان» وتعهد بألا تسمح جماعته بذلك حتى ولو رفع المحتفلون المصاحف. ‏

أحد الشبان الذين اعتقلهم الحوثيون في صنعاء (إكس)

وفي اعتراف صريح باستمرار عملية الاعتقالات قال البخيتي إن أتباع الجماعة هم من يحق لهم رفع العلم الوطني لان الآخرين لا يحق لهم ذلك، لأنهم في نظره يقاتلون مع خصوم الجماعة، زاعما أن الاحتفال الشعبي بذكرى ثورة «26 سبتمبر» «مؤامرة مكشوفة»، وطلب من المحتفلين «التوبة».

وفي سياق متصل بحملة القمع ذكرت مصادر حقوقية أن الحوثيين ألزموا الأستاذ الجامعي إبراهيم الكبسي بالتوقف عن الكتابة ضدهم، وأجبروه على توقيع التزام بعدم الكتابة باعتبار ذلك شرطا لإخراجه من الحبس في قسم الشرطة الذي أخذ إليه بعد الاعتداء عليه بالضرب المبرح.

وذكر محمد المقالح القيادي السابق في اللجنة الثورية للحوثيين أنه اطلع على صور جديدة تظهر حجم ووحشية الاعتداء الذي تعرض له الكبسي وحجم التهديدات والمساومات التي تعرض لها أثناء وبعد الاعتداء عليه واحتجازه، وخاطب الحوثيين مؤكدا أنهم ‏لن يسكتوا كلمة الحق حتى لو قاموا بتصفية أصحابها جسديا وليس فقط إظهار الوحشية والهمجية على جسد وروح إنسان أعزل.


مخاطر صراع اليمن تحدق بنسائه وأطفاله

يمنيات في ضواحي صنعاء يشاركن قسراً في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
يمنيات في ضواحي صنعاء يشاركن قسراً في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
TT

مخاطر صراع اليمن تحدق بنسائه وأطفاله

يمنيات في ضواحي صنعاء يشاركن قسراً في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
يمنيات في ضواحي صنعاء يشاركن قسراً في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)

سلط أحدث تقريرين دوليين الضوء على الآثار الفادحة التي لحقت بالنساء والأطفال في اليمن، منذ بدء الصراع الدائر في هذا البلد قبل عدة سنوات، إلى جانب وجود كثير من المخاطر الأخرى المحدقة بهم، في حال استمرت الحرب، وعدم التوصل إلى اتفاق شامل لإيقافها.

وذكر تقرير حديث صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، أن النساء والفتيات اليمنيات في أماكن الأزمات ما زلن يتعرضن لخطر متزايد للاستغلال الجنسي والإيذاء والإكراه، لافتاً إلى وجود نحو 7.1 مليون امرأة وفتاة يمنية، هن في حاجة إلى خدمات لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي.

يمنية تعاني من الفشل الكلوي تخضع لجلسة غسيل بأحد المراكز الصحية في صنعاء (إ.ب.أ)

التقرير الأممي أكد أن النساء والفتيات اليمنيات ما زلن يتحملن العبء الأكبر من الأزمة التي دخلت عامها الثامن، لافتاً إلى أن 80 في المائة من النازحين في اليمن البالغ عددهم 4.5 مليون هم من النساء والأطفال، ونحو ربع الأسر النازحة ترأسها نساء.

خسائر جسدية ونفسية

أدى التأثير المستمر للصراع والحرمان –حسب التقرير الأممي- إلى خسائر جسدية ونفسية وصحية فادحة على النساء والفتيات اليمنيات، بما في ذلك دعم الصحة العقلية غير المتوفر في اليمن؛ حيث يحتاج ما يقدر بنحو 7 ملايين شخص يمني إلى العلاج والدعم.

وتعد الأزمة اليمنية -طبقاً للتقرير- واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية وأكثرها رسوخاً في العالم؛ حيث يحتاج نحو 21.6 مليون شخص إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، كما يكافح أكثر من 80 في المائة من سكان اليمن من أجل الحصول على الغذاء ومياه الشرب الآمنة والخدمات الصحية الأساسية.

وذكر التقرير أن العنف القائم على النوع الاجتماعي ارتفع منذ اندلاع الصراع في اليمن، مضيفاً أنه «مع محدودية خيارات المأوى وانهيار آليات الحماية الرسمية وغير الرسمية مع استمرار النزاع، أصبحت الفتيات اليمنيات عرضة بشكل متزايد لآليات التكيف الضارة، مثل زواج الأطفال والاتجار بالبشر والتسول وعمالة الأطفال».

وكشف عن حاجة ما يزيد على 7.1 مليون امرأة وفتاة يمنية إلى خدمات لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي؛ مشيراً إلى أن الفتيات والنساء في اليمن أصبحن بسبب الحرب يغامرن بالذهاب بعيداً، وغالباً بمفردهن، بحثاً عن العمل والرزق والضروريات اليومية، وهو ما يجعلهن عرضة للخطر.

وتطرق التقرير إلى دعم الصندوق الأممي حالياً لنحو 29 مكاناً آمناً للنساء والفتيات في جميع أنحاء اليمن، بالإضافة إلى 8 ملاجئ للنساء، و5 مراكز متخصصة للصحة العقلية لخدمة الفئات الأكثر ضعفاً.

وأصبحت تلك الأماكن -وفقاً للتقرير- توفر ملاذاً للناجيات اليمنيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، إلى جانب إمكانية حصولهن على خدمات الحماية والوسائل اللازمة لإعادة تجميع صفوفهن، وإعادة بناء شبكاتهن الاجتماعية التي تعطل كثير منها بشدة جراء استمرار النزاع.

ويعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية، على الوصول إلى النساء والفتيات الأشد استضعافاً في اليمن، عبر تقديم خدمات الرعاية الصحية لهن، وكذلك الحماية المنقذة للحياة.

ويقول الصندوق إنه قام بتقديم أدوية وخدمات الولادة والصحة النفسية، وغيرها من المساعدات، خلال العام المنصرم، لأكثر من 330 ألفاً من النساء والفتيات في اليمن.

الأطفال معرضون للخطر

على صعيد المخاطر التي خلَّفها الصراع الدائر منذ سنوات، والتي ألقت بتبعاتها السلبية ولا تزال على ملايين الأطفال في اليمن، حَذَّرت منظمة إنقاذ الطفولة الدولية من أن الانخفاضَ السنوي المتواصل في حجم الدعم الإنساني لليمن الذي وصل مستوى الانخفاض فيه إلى نحو 60 في المائة، سيعرّض حياة الملايين بمن فيهم الأطفال للخطر.

وفي تقرير حديث صادر عن المنظمة، تأكيد على أن الحالة اليمنية تعد واحدة من أكبر حالات الطوارئ في العالم، ومع ذلك انخفضت المساعدات الإنسانية بنسبة 62 في المائة على مدى 5 سنوات، مما يعرض حياة ومستقبل الأشخاص الأكثر ضعفاً في البلاد، وخصوصاً الأطفال، للخطر.

أطفال ينتظرون دورهم عند جمعية خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)

ووفقاً للأمم المتحدة، فإن ثلثي سكان اليمن، 21.6 مليون شخص، بما في ذلك 11 مليون طفل، سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية هذا العام، وعلى الرغم من ذلك، انخفض تمويل خطة الاستجابة الإنسانية (HRP)، من 3.64 مليار دولار أميركي في عام 2019 إلى 1.38 مليار دولار حتى الآن هذا العام.

وأشار تقرير المنظمة الدولية إلى أن الجفاف المالي فوري ومثير للقلق العميق؛ خصوصاً في قطاعات الأطفال التي تعد الأقل تمويلاً، وحتى الآن في عام 2023؛ حيث تم تأمين 7.5 في المائة فقط من التمويل اللازم لحماية الطفل و9.6 في المائة اللازمة للتعليم.

وحسب المنظمة المعنية بأوضاع الأطفال، فإن الالتزامات التي تعهدت بها الجهات المانحة بمؤتمر التعهدات الأخير في فبراير (شباط) الماضي لم تصل سوى إلى ثلث متطلبات التمويل، رغم الاقتراب من نهاية عام 2023. ومما يثير القلق العميق أنه لم يتم تقديم سوى عدد قليل من التعهدات والمساهمات الإضافية، وأنَّ بعض الجهات المانحة لم تقم بعد بتوزيع التمويل الذي وعدت به.


48 منظمة إنسانية تحضّ على السلام في اليمن

يعيش أغلب اليمنيين على المساعدات الإنسانية الأممية والدولية وسط تهديد المجاعة (إ.ب.أ)
يعيش أغلب اليمنيين على المساعدات الإنسانية الأممية والدولية وسط تهديد المجاعة (إ.ب.أ)
TT

48 منظمة إنسانية تحضّ على السلام في اليمن

يعيش أغلب اليمنيين على المساعدات الإنسانية الأممية والدولية وسط تهديد المجاعة (إ.ب.أ)
يعيش أغلب اليمنيين على المساعدات الإنسانية الأممية والدولية وسط تهديد المجاعة (إ.ب.أ)

طالبت 48 منظمة إنسانية غير حكومية عاملة في اليمن أطراف النزاع بمواصلة التفاوض من أجل التوصل إلى سلام شامل ومستدام لمنع مزيد من التدهور في الاقتصاد.

ونبّهت المنظمات في رسالة إلى المانحين بأن اليمن يمرّ بمرحلة حرجة. وقالت إن هناك حاجة الآن إلى بذل جهود متضافرة من جانب أطراف الصراع والمجتمع الدولي؛ لدعم الاستقرار والسلام والازدهار من المجتمع الدولي دعم خطة الإنعاش الاقتصادي الممولة بالكامل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومنع المزيد من الارتفاع في أسعار المواد الغذائية، فضلاً عن توفير الاحتياطيات الأجنبية لدعم الواردات التجارية من الغذاء والوقود.

انخفض تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بنسبة 70 % (الأمم المتحدة)

وبيّنت الرسالة، أن سعر الحد الأدنى من سلة الغذاء الذي تحتاج إليه الأسرة للبقاء على قيد الحياة ارتفع بنسبة 300 في المائة تقريباً خلال هذا العام، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة الاقتصادية المتدهورة التي تؤثر على المدنيين في جميع أنحاء اليمن، ولكن بشكل خاص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

تدهور مستمر

المنظمات الإنسانية أكدت أن الاقتصاد اليمن شهد، وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، تدهوراً مطرداً، وأنه بات على وشك الانهيار. وأضافت: في حين أن التحديات الاقتصادية منتشرة في جميع أنحاء البلاد، فإن ارتفاع التضخم وتدهور الخدمات العامة يجعل الحياة لا تطاق لمئات الآلاف من الأسر، حيث تتوقف محطات الكهرباء عن العمل بسبب نقص الوقود وارتفاع الأسعار، وتصل فترة انقطاع التيار الكهربائي في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد إلى 17 ساعة يومياً؛ مما يؤثر على تقديم الخدمات والنشاط الاقتصادي.

وفي حين أكدت المنظمات أن تأخير دفع الأجور لموظفي الخدمة العامة مشكلة رئيسية في جميع أنحاء البلاد، قالت: إن المدارس في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة كافحت لإعادة فتح أبوابها في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن إضراب المعلمين المطالبين بزيادة الأجور، أدى إلى تعطيل حصول آلاف الأطفال على التعليم.

نصف الأسر اليمنية غير قادرة على تلبية متطلباتها الغذائية (الأمم المتحدة)

وبحسب البيانات التي وردت في الرسالة، فإنه وابتداءً من أغسطس (آب) الماضي، أصبح أكثر من 50 في المائة من الأسر في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة غير قادرة على تلبية متطلباتها الغذائية الأساسية، حيث ارتفع سعر الحد الأدنى لسلة الغذاء الذي تحتاج إليه الأسرة للبقاء على قيد الحياة لمدة شهر، بنسبة 300 في المائة تقريباً في هذا العام.

ووفق ما أوردته الرسالة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل كبير، حيث ارتفعت تكلفة القمح بنسبة 400 في المائة، من 9.500 ريال يمني في عام 2018 إلى 35.400 ريال يمني لكل 50 كيلوجراماً في هذه اللحظة، وأنه في حين تكافح الأسر لتوفير الطعام لأفرادها، زاد سوء التغذية في هذا العام مقارنة بالعام السابق، كما أدى الانكماش الاقتصادي إلى ارتفاع مستويات البطالة والفقر. (الدولار نحو 1400 ريال في مناطق سيطرة الحكومة).

صراع على الموارد

في تناولها التهدئة التي بدأت في أبريل (نيسان) قبل الماضي، أكدت المنظمات في رسالتها أن القتال انخفض بشكل ملحوظ منذ بداية الهدنة، إلا أن التنافس على إيرادات المواني والتجارة والخدمات المصرفية والموارد الطبيعية والاشتباكات المسلحة المتفرقة تزيد من التوترات، حيث استمرت أطراف النزاع في اللجوء إلى الأساليب الاقتصادية التي ضاعفت من الصعوبات على المدنيين، ويشمل ذلك تباين سعر صرف العملة المحلية والرسوم المبالغة على تحويل الأموال من مناطق الحكومة إلى مناطق سيطرة الحوثيين.

تواجه آلاف الأسر المزيد من المعاناة والجوع الشديد (فيسبوك)

ورأت هذه المنظمات أن تجزئة البنك المركزي اليمني أدت إلى سياسات متضاربة، والازدواج الضريبي، ووجود عمليتين منفصلتين؛ مما أثر على التجارة بين اليمنيين في السلع والخدمات. وأكدت أن الموانئ الحيوية في عدن والمكلا، والتي تعدّ ضرورية لاستيراد وتصدير البضائع، تعاني من التأخير والتحديات الأمنية؛ مما يؤثر على تدفق الإمدادات الغذائية والطبية الحيوية.

وعلاوة على ذلك، نبّهت الرسالة إلى أن غياب نظام شامل للحماية الاجتماعية أدى إلى تقليص الحاجة وقدرة الأسر على مواجهة الصدمات الاقتصادية وتفاقم الأزمة. وأشارت إلى أنه ومع فشل الأطراف في التوصل الاتفاق على تدابير لتحقيق استقرار الوضع الاقتصادي، بما في ذلك دفع رواتب موظفي الخدمة العامة، تواجه آلاف الأسر المزيد من المعاناة وتواجه الجوع الشديد.

تضرر الفئات الضعيفة

المنظمات استعرضت أوضاع النساء والأطفال في اليمن، وقالت: إن هذه الفئة تأثرت بشكل غير متناسب؛ إذ إن غالب ما تأكله النساء أقل، حيث يعطين الأولوية للأطفال وأفراد الأسرة الآخرين، ويتعرضن كذلك للمخاطر ولأعلى مستويات جميع أشكال العنف، في حين تتعرض الفتيات بشكل متزايد لخطر الزواج المبكر لتقليل عدد أفراد الأسرة الذين يتعين عليهم إطعامهم، وكمصدر للدخل.

تتعرض الفتيات اليمنيات لخطر الزواج المبكر لتقليل عدد أفراد الأسرة (فيسبوك)

ولمعالجة الأزمة الاقتصادية المتدهورة، والتخفيف من معاناة المدنيين، دعت المنظمات الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بدعم من المجتمع الدولي، لحل أزمة الطاقة وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والصرف الصحي والمياه والتعليم، بالتنسيق مع الجهات الفاعلة المحلية.

وطالبت الرسالة جميع أطراف النزاع التعاون للاستجابة لاحتياجات جميع اليمنيين، بما في ذلك دفع رواتب موظفي القطاع العام بشكل منتظم على الصعيد الوطني، وتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة، واستئناف الصادرات، وإيجاد نظام مصرفي فعال، وتسهيل النشاط التجاري.

كما طالبت المنظمات في رسالتها، الجهات المانحة بتمويل الفجوة البالغة 70 في المائة في خطة الاستجابة الإنسانية للقطاعات الحيوية بما في ذلك الحماية والصحة والتعليم وصرف التعهدات الحالية.


وزير الإدارة المحلية اليمني لـ«الشرق الأوسط»: نعمل من أجل «اللامركزية» وفق أطر قانونية

تسعى وزارة الإدارة المحلية في اليمن إلى تعزيز اللامركزية (سبأ)
تسعى وزارة الإدارة المحلية في اليمن إلى تعزيز اللامركزية (سبأ)
TT

وزير الإدارة المحلية اليمني لـ«الشرق الأوسط»: نعمل من أجل «اللامركزية» وفق أطر قانونية

تسعى وزارة الإدارة المحلية في اليمن إلى تعزيز اللامركزية (سبأ)
تسعى وزارة الإدارة المحلية في اليمن إلى تعزيز اللامركزية (سبأ)

أكد وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية حسين عبد الرحمن الأغبري سعي وزارته نحو تحقيق اللامركزية في المحافظات اليمنية كافة دون تمييز؛ وفق الأطر القانونية، مشيراً إلى وجود تعاون وثيق مع قيادات السلطة المحلية في المحافظات المحررة.

الوزير الأغبري سرد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أهم المعوقات التي تعترض أداء وزارته، إلى جانب الإنجازات التي حققتها منذ توليه حقيبة الإدارة المحلية في حكومة معين عبد الملك الحالية، وفي مقدمتها تهيئة الوضع الإداري في العاصمة المؤقتة عدن من أجل قيام الوزارة بمهامها.

وزير الإدارة المحلية اليمني حسين عبد الرحمن الأغبري (الشرق الأوسط)

ونفى الوزير الأغبري ما تردد عن وجود مشروع فني لمنح بعض المحافظات استقلالية منفردة عن السلطة المركزية بخلاف ما هو موجود في القانون النافذ، مؤكداً السعي نحو منح صلاحيات إضافية إدارية ومالية للمحافظات كافة وفق الأطر المنظمة لذلك.

عمل ومعوقات

يتحدث وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية عن أهم المعوقات، باعتبار أن وجودها دائماً ما يتصل بالعمل والإنجاز، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «كل عمل تنتصب أمامه معوقات. العقبات لا تقف أمام النائمين أو الجالسين في مرابضهم، أما الذين يعملون فإنهم يواجهون عقبات ومصدات».

ويضيف الأغبري «ليست هناك طريق ممهدة وسالكة أمام من يتحرك ويمشي للانتقال من حيث يقف إلى حيث يتمنى ويستهدف، ونحن في الإدارة المحلية نمشي في طريق شائكة، ونواجه عقبات كبيرة كما هي الحكومة كلها، فنحن نشتغل في ظروف حرب، وهي ظروف تثبط وتقيد ولا تسهل وتيسر».

إلى جانب ذلك، يؤكد الأغبري أن وزارته تعمل بإمكانيات شحيحة، فليست لديها موارد كافية، لكنه يشدد على تنميتها، ويقول: «من أجل هذا أقر مجلس الوزراء إنشاء صندوق تنمية المجالس المحلية».

ولا يغفل الوزير الأغبري الحديث عن إشكالية الوضع العام للبلاد، حيث تتوزع المحافظات بين محررة ومختطفة، فضلاً عن أن هناك محافظات منقسمة بين الشرعية والعصابة الحوثية.

ويوضح بالقول: «هذه مشكلة شديدة التعقيد لأن الإدارة لا تعني الانفصال المطلق بين المحافظات، فثمة مشتركات وقضايا تستوجب التواصل والتنسيق، فخدمات الطرق والنقل والكهرباء على سبيل المثال لا تحتمل فصل المحافظات بعضها عن بعض، ونحن نعمل على تنمية المهارات وتطوير الأداء».

وأفصح الوزير اليمني عن وجود توجه لإنشاء الأكاديمية المحلية ومهمتها تأهيل وبناء قدرات القيادات المحلية من خلال تنظيم الدورات القصيرة والمتوسطة المتخصصة والمنهجية، وكذلك إجراء البحوث والدورات العلمية في مجال تطوير وتنمية السلطات المحلية وغيرها.

تتعاون وزارة الإدارة المحلية اليمنية مع المنظمات الدولية لدعم البرامج التنموية (سبأ)

وأكد وزير الإدارة المحلية اليمني، وجود تعاون كامل ووثيق مع السلطات المحلية في المحافظات، حيث تمارس الوزارة الإشراف والرقابة والمتابعة لأنشطة السلطات المحلية، وتتلقى منها التقارير بانتظام.

وأشار إلى إنشاء منصة الشكاوى للربط بين الوزارة والمحافظات والمديريات، حيث تتم إجراءات المعالجة الفورية للمشكلات والرد على الاستفسارات.

العمل وفق الأطر القانونية

بخصوص ما تم تداوله عن وجود مشروع فني يجري إعداده لمنح محافظات حضرموت وعدن وتعز، مزيداً من الاستقلالية عن الحكومة المركزية، نفى الوزير تلك المعلومات وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا كلام بلا أساس. ليس هناك مشروع بهذا المعنى، ولا وجود للجنة فنية شكلت لهذا الغرض».

وأضاف الأغبري «لو أن هناك توجهاً لمجلس القيادة الرئاسي لإنجاز مثل هذا المشروع لصدر التوجيه إلى الحكومة لمناقشته حتى يتبلور في مشروع قرار يصدر عن رئيس مجلس القيادة، ثم تتخذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة وتكلف وزارة الإدارة المحلية بالتنفيذ طبقاً للمادة 171 من قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000».

وأوضح الوزير أن مجلس الوزراء هو الجهة المخولة بنقل السلطات والصلاحيات للسلطة المحلية أو إرجائها طبقاً للمادة (156) من اللائحة التنفيذية من القانون المشار إليه.

ومع ذلك أكد الأغبري أن وزارته تعمل من أجل تبني نظام اللامركزية الإدارية ومنح صلاحيات واسعة إدارية ومالية في المحافظات كافة دون تمييز، وبما يمكنها من تقديم الخدمات بجودة عالية، ومن إحراز تنمية متوازنة، وتوفير فرص عمل بالشراكة والتعاون مع القطاع الخاص، وكذلك خلق بيئة جاذبة لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.

وقال إن وزارة الإدارة المحلية تعمل في هذا المضمار بكل طاقة كوادرها، وبأقصى التزام بالقوانين النافذة واللوائح المفسرة لها، وحسب الظروف الأمنية والإمكانيات المالية المتاحة.

وينتقد وزير الإدارة المحلية اليمني أن التطوير مهم والتجديد ضروري، ولكن بناءً على رؤية واضحة تحدد الإطار العام، وحدود ما سيمنح من صلاحيات إدارية ومالية إضافية للسلطات المحلية في المحافظات، ووضع المبادئ الموجهة والحاكمة لدى السلطات المركزية وعلاقة السلطات المحلية بها، على أن يتم الإعداد أو التحضير من قبل الوزارة وعبر القنوات الرسمية، وبمشاركة المنظمات الدولية والقطاع الخاص.

إنجازات وتطلعات

يشير وزير الإدارة المحلية اليمني إلى ما تم إنجازه في الفترة الماضية، وإلى التطلعات المستقبلية، مؤكداً أنه تم ترتيب وضع الوزارة في العاصمة عدن من خلال إيجاد مقر للوزارة وتأثيثه، وتوفير الأجهزة والمعدات المكتبية، إلى جانب متابعة استكمال إصدار القرار الجمهوري بالموافقة على اللائحة التنظيمية الجديدة للوزارة، والتي تمت الموافقة عليها من الخدمة المدنية ومجلس الوزراء السابق، وتم إرسالها عبر الشؤون القانونية إلى مكتب رئاسة الجمهورية.

ويؤكد الوزير الأغبري أنه تمت التهيئة والإعداد للنزول الميداني للتفتيش على أعمال السلطة المحلية، وتقييم أدائها لعام 2023 بموجب خطة الوزارة ضمن خطة مجلس الوزراء، وإعداد خطة التفتيش الميداني على أعمال السلطة المحلية، إلى جانب دراسة وضع السلطة المحلية، وتقييم الوضع الحالي في مجالات البنية التحتية والمؤسسية، وإعداد مقترحات بمتطلبات تفعيل دور السلطة المحلية في الجوانب المتعددة والرفع بها إلى مجلس الوزراء.

جانب من لقاءات وزير الإدارة المحلية اليمني مع إحدى المنظمات الدولية (سبأ)

وقال الوزير اليمني إن هناك برنامجا اقتصاديا تنمويا تم وضعه للعاصمة المؤقتة عدن لتطويرها، كما تم وضع الخطة الاستراتيجية للتعافي وإعادة الإعمار على مراحل ومستويات متعددة، مع مخاطبة المحافظات لوضع خطط استراتيجية للتعافي تشمل المستويات الاقتصادية والاجتماعية كافة، وإعداد حصر بالأضرار التي تعرضت لها المحافظات نتيجة الحرب التي شنتها ميليشيا الانقلاب الحوثية مع التكلفة التقديرية.

ولفت الأغبري إلى معالجة مشكلة الأراضي ووضع مخططات عمرانية حديثة، واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتطوير وتحسين وتأهيل المرافق العامة وشؤون البلديات والبيئة والخدمات والبنية الأساسية في مختلف المجالات بالعاصمة المؤقتة (عدن) والمحافظات والمناطق المحررة.

كما أشار إلى متابعة تحصيل الموارد العامة المشتركة وتوزيعها على الوحدات الإدارية، حيث تم توزيع ستة مليارات ونصف المليار ريال يمني على مستوى الوحدات الإدارية المحررة. (الدولار حوالي 1400 ريال).

ويؤكد الوزير إعداد الكثير من مشاريع القوانين المتعلقة بأداء السلطات المحلية لتعزيز تحصيل وتنمية الموارد الذاتية، وتعديل رسوم النظافة والتحسين بما يتناسب مع حجم الخدمة، وتعديل الرسوم المحلية والمشتركة لمجلس الوزراء، فضلاً عن متابعة تحصيل الموارد المحلية والمشتركة وتقييمها وإعداد الدراسات والأبحاث لمساعدة السلطات المحلية لرفع كفاءة التحصيل، وتقديم تقارير دورية لمجلس الوزراء بذلك.


الحوثيون يفرجون عن مجموعة من المحتفلين بثورة «26 سبتمبر»

تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)
تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يفرجون عن مجموعة من المحتفلين بثورة «26 سبتمبر»

تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)
تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

‏أفرج الحوثيون عن مجموعات صغيرة من المعتقلين على ذمة المشاركة في الاحتفالات الشعبية بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلافهم، وأغلبهم دون السن القانونية، فيما حدد جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء شروطه للقبول بتغيير الحكومة غير المعترف بها، والدخول مع الحوثيين في حكومة جديدة.

يأتي هذا فيما تعصف الخلافات بأجنحة الحوثيين حول من سيتمكن من الاستحواذ على أغلب المناصب وأهمها، حيث تتم المناقشات لإعادة تشكيل حكومة الانقلاب، والإطاحة بعدد من المسؤولين الكبار في المجلس الذي يحكم المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وجد الحوثيون أنفسهم في مواجهة شعبية غير مسبوقة (إكس)

مصادر محلية في صنعاء ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن أجهزة استخبارات الحوثيين أطلقت سراح العشرات من المعتقلين منهم دون خمسة عشر عاما بعد أن أخضعوا للاستجواب، وأخذت التزامات من أولياء أمورهم بعدم السماح لهم بالمشاركة لاحقا في أي مظاهرة أو فعاليات لا تتفق ونهج الجماعة، فيما لا يزال العشرات رهن الاعتقال والتحقيق، ويواجهون تهمة العمل ضمن مخطط للإطاحة بسلطة الجماعة.

استنفار غير مسبوق

وفق ما أفادت به المصادر فإن مخابرات الحوثيين وبعد الاستنفار الأمني غير المسبوق في صنعاء وإب والحديدة على خلفية الاحتفالات الضخمة بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة، وبغرض امتصاص النقمة الشعبية بدأت بالإفراج عن مجموعات صغيرة من المعتقلين الذين قدرت مصادر حقوقية أعدادهم بأكثر من ألف وخمسمائة معتقل أغلبهم في صنعاء.

وقالت المصادر إن الجماعة أطلقت سراح دفعة ثانية من المعتقلين وهم ما دون ثمانية عشر عاما مساء الأحد، وقطعت وعدا بإطلاق دفعات جديدة بعد التأكد من أنهم لم يكونوا على صلة بأطراف في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

اتهم الحوثيون رافعي العلم الوطني بالعمل ضمن مخطط لإسقاطهم (فيسبوك)

وذكر أحد المفرج عنهم أن عناصر مخابرات الحوثيين كانت قد اندست في أوساط المحتفلين بذكرى الثورة، وقامت بوضع علامات صغيرة باللون الأخضر على السيارات التي كان يستقلها المشاركون، كما قامت بتسجيل مقاطع مصورة للمحتفلين، وعادت في اليوم التالي واستحدثت نقاط تفتيش تولت مهمة إلقاء القبض على السيارات التي سبق أن وُضِع عليها نقاط باللون الأخضر، كما قامت أقسام الشرطة بتحليل الفيديوهات وتعقبت كل من ظهر فيها من سكان الأحياء الواقعة في نطاق تلك الأقسام.

تنديد بالانتهاكات

في سياق متصل بالحملة القمعية الحوثية، تواصل التنديد بحملة الاعتقالات التي طالت المحتفلين، وأكد العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي أن اعتداء مسلحي الحوثي على من يرفع علم الجمهورية اليمنية في مناطق سيطرتهم سابقة لا مثيل لها في التاريخ. ‏وتساءل كيف يتحول رفع مواطنين لعلم دولتهم لجريمة.

تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

بدوره طالب القيادي في «اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين» أحمد النبهاني بالحرية لكل المعتقلين على ذمة رفع العلم الوطني والاحتفال بالذكرى 61 لثورة «26 سبتمبر»، وقال إن الحوثيين ‏يجتهدون في «تبصيم» المعتقلين على ذمة رفع العلم الوطني باعترافات لا أساس لها من الصحة، وذلك للتغطية على مظلمة اعتقال الشباب دون وجه حق.

أما القيادي السابق فيما تسمى اللجنة الثورية للحوثيين، محمد المقالح، فقد انتقد استمرار اعتقال المحتفلين، وقال إنهم لم يقطعوا شجرة، ولم يكسروا زجاجاً، ولم يحرقوا دراجة، ولم يمزقوا علماً أو ينزعوا شعاراً، ولم يطالبوا بإسقاط أحد ولا بتأييد أحد، كل ما في الأمر أنهم رفعوا علم الجمهورية في ذكرى ثورتها وهتفوا بـ«الروح بالدم نفديك يا يمن»، وأكد أن «المدسوس هو من نزع العلم لا من رفعه».

شروط «مؤتمر صنعاء»

فيما قرر زعيم الحوثيين إقالة حكومته الانقلابية غير المعترف بها، وضعت اللجنة العامة لجناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» في صنعاء شروطها للموافقة على تشكيل حكومة جديدة مع الحوثيين بدل الحكومة التي أقيلت منذ أيام، وقالت إنها ترحب بتشكيل حكومة كفاءات وطنية قائمة على الشراكة الوطنية.

وشدد قادة جناح الحزب في صنعاء، على أهمية أن تعطى للحكومات القادمة الصلاحيات كافة لأداء مهامها، وضرورة إزالة وإنهاء كل المعوقات والكوابح التي تقف أمام نجاحها في تأدية وتنفيذ المهام والمسؤوليات المنوطة بها؛ وفقا للدستور والقوانين النافذة، في إشارة واضحة إلى تفرد القيادي الحوثي أحمد حامد مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي بالسلطة.

‏فشلت كل محاولات الحوثيين لتجاوز جناح حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام المؤتمر الشعبي)

وأعاد جناح الحزب اليمني التمسك بما وصفه بـ«الثوابت الوطنية، وفي مقدمة ذلك النظام الجمهوري والشراكة الوطنية»، وطالب بوضعها في إطارها الوطني.

ووفق مصادر سياسية وثيقة الاطلاع في صنعاء، فإن الصراع داخل الأجنحة المكونة لجماعة الحوثيين تحول إلى أكبر عائق أمام إحراز تقدم في عملية السلام، وفي إحداث أي تغييرات في سلطة الانقلاب لامتصاص النقمة الشعبية على تفشي الفساد والعبث وزيادة الجبايات على السكان هناك، والتي ظهرت خلال الاحتفالات بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة والخروج الشعبي غير المسبوق.

وذكرت المصادر أن الخلاف بين أبرز جناحين في الجماعة ويقودهما أحمد حامد ومحمد الحوثي وصل أعلى مستوياته باعتراض الأخير على بقاء مهدي المشاط على رأس مجلس الحكم ومعه حامد مدير مكتبه الذي يعد الحاكم الفعلي لتلك المناطق.

كما يشتد الصراع بين الأجنحة الحوثية على من سيتولى المواقع المرتبطة بالأموال في حكومتهم الانقلابية المرتقبة، في حين ظل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» حتى الآن خارج تلك المنافسة والنقاشات.


يمنيون يطالبون بحماية الأطفال من التجنيد

من فعالية إطلاق تقرير «الأطفال المحاربون» (منظمة ميون لحقوق الإنسان)
من فعالية إطلاق تقرير «الأطفال المحاربون» (منظمة ميون لحقوق الإنسان)
TT

يمنيون يطالبون بحماية الأطفال من التجنيد

من فعالية إطلاق تقرير «الأطفال المحاربون» (منظمة ميون لحقوق الإنسان)
من فعالية إطلاق تقرير «الأطفال المحاربون» (منظمة ميون لحقوق الإنسان)

بينما تخشى العائلات اليمنية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من تجنيد أطفالها بعد توقف الدراسة بسبب إضراب المعلمين المطالبين برواتبهم المتوقفة منذ 7 أعوام، حذرت تقارير حقوقية من استمرار جرائم استقطاب صغار السن للقتال، وطالبت بآليات دولية لحمايتهم.

وتؤكد مصادر يمنية في العاصمة صنعاء أن جماعة الحوثي استقطبت مئات الأطفال خلال الأسابيع الماضية للمشاركة في العرض العسكري الذي نظمته بمناسبة الذكرى التاسعة للانقلاب، وأغرت الكثير منهم بالحصول على مستحقات مالية، والحصول على رواتب دائمة في حال القبول بالتجنيد لصالح الجماعة.

تستمر جماعة الحوثي بتجنيد الأطفال رغم الهدنة وتوقف العمليات العسكرية (أ.ب)

وتقول المصادر إن حملة تجنيد واسعة بدأها الحوثيون خلال الأسابيع الماضية في أوساط الشباب والأطفال، حيث تشهد محافظة حجة نشاطاً واسعاً في عمليات التجنيد التي شارك في إدارتها زعماء القبائل في الأرياف ومسؤولو الأحياء في المدن، في حملة أطلقت عليها الجماعة اسم التجنيد المؤقت.

وذكرت المصادر في المحافظة أن الأطفال والشباب الذين يجري تجنيدهم ينقلون إلى معسكرات خاصة في محافظتي صنعاء وعمران، حيث ينقطع التواصل بينهم وأهاليهم، مشيرة إلى أن من جرى استدعاؤهم كانوا قد تلقوا دورات تدريبية سابقة، وشاركوا في بعض المهام وبينها عروض عسكرية.

الأطفال المحاربون

مع استمرار الجماعة الحوثية في تجنيد الأطفال، أطلقت منظمة «ميون» لحقوق الإنسان في اليمن تقريراً حول من أطلقت عليهم «الأطفال المحاربون»، وهو التقرير الثاني من نوعه الذي تطلقه المنظمة في هذا الشأن.

ويشمل التقرير المدة من يوليو (تموز) 2021 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2022، حيث تحققت المنظمة من تجنيد 2233 طفلاً لاستخدامهم بشكل مباشر في النزاع المسلح.

وأوضحت المنظمة أن الحوثيين مسؤولون عن 98.9 في المائة من عمليات تجنيد الأطفال واستخدامهم في جبهات القتال، بينما تتحمل الحكومة اليمنية والمكونات الموالية لها المسؤولية عن تجنيد 24 طفلاً، بنسبة 1.1 في المائة.

تعرض مئات الأطفال المجندين من قبل الحوثيين للقتل أو الإعاقة خلال المعارك (إ.ب.أ)

وتلقت المنظمة خلال فترة إعداد التقرير بلاغات عن تجنيد 25 طفلاً من عائلات المهاجرين الأفارقة، وتحققت من 4 وقائع في محافظتي صنعاء وحجة، مشيرة إلى أن 556 طفلاً قُتلوا في صفوف جماعة الحوثي وهم يحملون رتباً عسكرية، بينما يحمل 753 آخرون صفة جندي، وذلك من إجمالي 1309 أطفال رصدت مقتلهم، بينهم طفل صومالي الجنسية.

وحصلت المنظمة على معلومات عن إصابة وتشويه 351 طفلاً من إجمالي المجندين لصالح جماعة الحوثي، لافتة إلى أنها لمست انخفاضاً في عدد الضحايا الأطفال الذين جندتهم جماعة الحوثي في صفوفها خلال فترة الهدنة الأممية التي بدأت في أبريل (نيسان) 2022، وجرى تمديدها إلى مرحلتين، رغم أن الجماعة لم تتوقف عن الحشد والتعبئة والاستقطاب خلال تلك الفترة.

دعوة للحماية

تستغل الجماعة الحوثية الظروف المعيشية والاقتصادية للأطفال وأسرهم، وفق منظمة «ميون»، إضافة إلى انتهاج التلقين العقائدي وخطاب الكراهية عبر الإعلام الرسمي والأهلي ومواقع التواصل الاجتماعي، والسيطرة التامة على المؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية، وتنظيم المراكز الصيفية، واستخدام الحيلة والاختطاف وممارسة الضغوط على زعماء القبائل والمشايخ والأعيان.

تعد المراكز الصيفية التي تنظمها جماعة الحوثي أحد أهم المواسم لتجنيد الأطفال (إعلام حوثي)

ودعت المنظمة إلى الالتزام الكامل بالاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية اليمنية، والتوقف الفوري عن تجنيد الأطفال والتسريح الفوري لكل الأطفال الذين جرى إشراكهم في النزاع المسلح، ومحاسبة كل الكيانات والأفراد والقيادات المدنية والعسكرية المسؤولة عن تجنيد الأطفال قضائياً.

وطالبت بإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال المجندين قبل إعادتهم إلى مجتمعاتهم، لما لمشاركتهم في القتال من تأثير في نفسياتهم، وما قد تؤدي إليه من أعمال عنف في مجتمعاتهم وعائلاتهم، وحثت على تشكيل فرق عمل مشتركة مع الأمم المتحدة والمجتمع المدني لحصر وتوثيق وتسريح جماعي للأطفال المجندين في صفوف جماعة الحوثي.

وشددت على ضرورة توقف الحوثيين عن حملات التعبئة والحشد والتجنيد المستمرة حتى الآن، والانتقال إلى برنامج تسريح وإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال المجندين، ودمجهم في المجتمع بخطوات تستند إلى المعايير الدولية، والإعلان عن ذلك على مختلف وسائل الإعلام.

تفعيل الآليات الوطنية

ضمن الحراك اليمني الحقوقي أقامت منظمة «رصد» لحقوق الإنسان، ومعها «التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان» ندوة حول الانتهاكات الستة الجسيمة للأطفال في اليمن، وآليات المساءلة والحماية الدولية، وقراءة مدى التزام أطراف الصراع بتعهداتها وبالمواثيق التي صادق عليها اليمن، والعرف الدولي الإنساني الذي يحتم على الجميع بذل أقصى درجات الحماية للمدنيين بمن فيهم الأطفال، إلى جانب عرض مقتضيات الحماية القانونية الدولية للأطفال.

ووفقاً للناشط الحقوقي مطهر البذيجي المدير التنفيذي لـ«تحالف رصد» فإن الندوة هدفت إلى تقديم رؤى وتصورات حول إنهاء عمليات تجنيد الأطفال ومختلف الانتهاكات التي لحقت بالأطفال خلال النزاع، وماهية الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتأثرين بالنزاع في اليمن، سواء من المجندين للقتال أو من طالتهم الأعمال العدائية على المدنيين والأطفال النازحين.

تطالب المنظمات المحلية بحماية الأطفال من آثار الحرب وتفعيل آليات وطنية ودولية لحمايتهم (رويترز)

وتحدث البذيجي لـ«الشرق الأوسط» عن خطورة بقاء الأطفال المتأثرين بالنزاع دون تأهيل نفسي واجتماعي، حيث يفتقر هؤلاء لأي دعم خلال فترة الحرب المستمرة منذ 9 أعوام، وذلك بسبب ضعف التمويل الخاص بإعادة التأهيل، وعدم مقدرة المجتمع المدني في اليمن على توفير الإمكانات اللازمة لذلك.

وتعرضت الندوة إلى الآليات الوطنية لحماية الأطفال في اليمن من الانتهاكات التي طالتهم بسبب النزاع، ومنها المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة ووزارة حقوق الإنسان واللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وهي الجهات التي لم تتمكن بسبب الحرب من ممارسة دورها الفاعل في هذا الشأن.

وتوصلت الندوة إلى حاجة اليمن الماسّة إلى آلية تحقيق دولية في انتهاكات حقوق الأطفال خصوصاً تلك المتعلقة بالأطفال، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، واستمرارية الرصد والتوثيق لانتهاكات حقوق الإنسان.


مظاهرات في ساحة التحرير ببغداد إحياءً لذكرى احتجاجات أكتوبر الرابعة

متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (رويترز)
متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (رويترز)
TT

مظاهرات في ساحة التحرير ببغداد إحياءً لذكرى احتجاجات أكتوبر الرابعة

متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (رويترز)
متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (رويترز)

وسط حضور متواضع نظّمه مئات من الناشطين، وبيانات «خجولة» مندّدة بمنظومة الحكم القائم، مرت، اليوم الأحد، الذكرى الرابعة لحراك أكتوبر (تشرين الأول) 2019، الاحتجاجي الذي يحلو لكثيرين إطلاق تسمية «الثورة» عليه، والذي امتد إلى معظم محافظات وسط وجنوب البلاد.

متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (رويترز)

واستمرت الاحتجاجات لنحو عام ونصف العام، ورُفعت فيه شعارات تُدين نظام «الفساد والمحاصصة وغياب القانون والتبعية للأجنبي»، وتمكنت من إسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الذي اضطر لتقديم استقالته تحت ضغط الاحتجاجات.

وسقط في تلك الفترة ما لا يقل عن 700 قتيل، وأكثر من 20 ألف جريح، نتيجة الاستعمال المفرط للقوة الذي انتهجته القوات الأمنية ضد المتظاهرين وقتذاك.

المتظاهرون الذي خرجوا لإحياء الذكرى أعادوا التذكير بشعارات سابقة للاحتجاج كانت تُناهض النظام القائم والولايات المتحدة الأميركية وإيران، بوصف الدولتين الأكثر تأثيراً في البلاد منذ نحو عقدين من الزمن، وهو تأثير سلبي، بنظر جماعات الاحتجاج، ولم تخلُ التظاهرة من احتكاكات طفيفة مع القوات الأمنية التي كانت ترغب بتفريقهم.

التراجع في أعداد المتظاهرين، قياساً بالسنوات السابقة، وعدم خروجها في معظم محافظات الوسط والجنوب، يعود، في جزء أساسي منه، إلى الشعور المرير بالخيبة والإحباط، جراء عدم تحقيق أهداف الحِراك المعلَنة، وفق ناشطين، إلى جانب تشظّي المواقف والانقسامات الحادّة التي وقعت بين صفوف جماعات الحراك، بالنسبة لكثير من القضايا، وفي مقدمتها مسألة المشاركة في الانتخابات المبكرة العامة التي فرضتها الاحتجاجات وجَرَت في أكتوبر 2021.

متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (د.ب. أ)

حيث انقسمت جماعات الحراك بين مؤيد للمشاركة، ومعارض لها بوصفها شكلاً من أشكال إضفاء الشرعية على نظام آيل للسقوط، في نظرهم. وحتى مع مشاركة المؤيدين، وحصولهم على نحو 15 مقعداً في البرلمان، ما زال الخلاف في وجهات النظر قائماً، بل إن معظم الأعضاء الحاليين في البرلمان المحسوبين على جماعات الحراك، يتعرضون بشكل دائم إلى انتقادات شديدة، ويُتهمون بأنهم انخرطوا مع أحزاب وقوى السلطة في إدامة وتكريس «مساوئ» النظام السياسي.

الفقر، الذي رافق إحياء الذكرى بالنسبة لأعداد مَن خرجوا، لم يحُل دون سيل كبير من التعليقات والآراء التي حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي، كما لم يمنع بعض الجماعات والجهات الناشطة من إصدار بيانات استذكار بالمناسبة.

الكاتب ورئيس التحرير السابق لصحيفة «الصباح» الرسمية، فلاح المشعل، رأى أن «انتفاضة أكتوبر 2019 لحظة تاريخية عظيمة تجلّت فيها إرادة المعارضة السلمية ضد فساد العملية السياسية، لكنها تعرضت للقتل والإبادة والتشويه والتدنيس والقسوة المفرطة من أحزاب وميليشيات وجماعات العملية السياسية».

متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (رويترز)

وأضاف، في تدوينة عبر «فيسبوك»، أن ما حدث «كان اختباراً إضافياً يؤكد زيف الديمقراطية وعداء أحزاب السلطة للشعب الذي رفع شعار (نريد وطناً) ولم يطالب بسلطة! لكن العقلية الفاشية للأحزاب الحاكمة لم تستثمر هذا التطور الفكري النوعي للمجتمع في تبنّي خطاب المعارضة».

وقال الصحافي رياض محمد، في تدوينة مماثلة: «لا حاجة لي بتكرار القول إن انتفاضة أكتوبر كانت أعظم لحظة في تاريخ العراق المعاصر، لكننا بشر وعلينا أن نتعلم من تجاربنا، كانت أهدافها عظيمة، وحمل ثقلها شباب رائع أدهشنا وأدهش العالم».

وأضاف: «لكن انتفاضة أكتوبر احتوت أيضاً على تيارات وجهات انكشفت، فيما بعد، هويتها الحقيقية، ما يحتاج إليه العراقيون هو تغيير العقول، ولا فائدة تُرتجي من تغيير حكومة، والبديل حفنة من الأفكار الخرافية!».

ويخلص محمد إلى أنه «لا فائدة من تغيير الحكومات والشعب، والعقول لا تتغير ولا تزال تبحث عن منقذين خرافيين. ولا فائدة من المظاهرات إذا كانت المقاطعة وتشرذم المتظاهرين لـ100 جهة ورأس مستمرين».

بدورها أصدرت منظمة «تشرين لحقوق الإنسان»، بياناً بمناسبة الذكرى، طالبت فيه بالكشف عن مصير الأشخاص والناشطين الذين اختفوا قسرياً في العراق. وذكرت أن مِن بين الذين اختفوا، وما زال مصيرهم مجهولاً «عبد المسيح روميو جان سركيس، وهو عامل يومي من بغداد، وكذلك أسامة التميمي، المصور المستقلّ الذي اختفى قرب ساحة التحرير في بغداد».

متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بالذكرى الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد (د.ب.أ)

وذكرت أن «أسامة التميمي قام بتوثيق الاحتجاجات بكاميرته، واختفى عند عودته إلى منزله، وكذلك محمود علي خزعل علك الشويلي، الذي اختفى في ساحة التحرير ببغداد في ديسمبر 2019 أثناء مشاهدته مباراة كرة قدم».

وشدَّد بيان المنظمة على «أهمية توثيق ومشاركة قصص الأشخاص المختفين قسرياً في العراق؛ لأن هذه القصص تشكل دليلاً حياً على الظلم والاضطهاد اللذين يمكن أن يكونوا قد تعرضوا لهما».

ودعت المنظمة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لمراقبة الوضع في العراق عن كثب، وتقديم الدعم والمساعدة في معالجة قضية الاختفاء القسري.


فاجعة العراق تنتهي بتحميل «الألعاب النارية» مسؤولية الحريق

TT

فاجعة العراق تنتهي بتحميل «الألعاب النارية» مسؤولية الحريق

فاجعة العراق تنتهي بتحميل «الألعاب النارية» مسؤولية الحريق

أسدلت اللجنة التحقيقية التي شكلها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عقب حريق قاعة أعراس الحمدانية الذي أودى بحياة وإصابة أكثر من 200 شخص، الستار على تحميل «الألعاب النارية» مسؤولية الحريق. وخلصت اللجنة التحقيقية خلال مؤتمر صحافي عقده وزير الداخلية عبد الأمير الشمري ومسؤولون آخرون (الأحد) إلى أن «الألعاب النارية كانت السبب الرئيسي لنشوب الحريق».

أهالٍ يبحثون عن بقايا الجثث المفقودة بعد حريق الحمدانية بمحافظة نينوى (رويترز)

وقال رئيس اللجنة اللواء سعد فالح كسار الدليمي، خلال المؤتمر، إن قاعة الأعراس هي موضوع البحث، وتبين أنها تتسع لـ500 شخص فقط، ومشيّدة على هيكل حديدي، وجدرانها من الإسمنت والبلوك، ومسقّفة بمادة الـ«سندويج بنل» مع مواد قابلة للاشتعال، ومزينة بالقش البلاستيكي المصنع، وهي أيضاً مواد سريعة الاشتعال، وكذلك واجهة القاعة مغطاة بمادة سريعة الاشتعال.

وأضاف أن «اللجنة لاحظت غرفة تحتوي على كميات كبيرة من القماش تُستخدم لتزيين القاعة سريعة الاشتعال، إضافة إلى كميات كبيرة من المواد الكحولية على الطاولات، وعدم وجود أبواب للطوارئ، بل توجد أبواب صغيرة تُستخدم للخدمة فحسب». وتابع الدليمي قائلاً إنه «تبين وجود أربعة أجهزة شعلات نارية، وبحسب ما توصلت إليه اللجنة، وشهود العيان، هي السبب الرئيسي لوقوع الحادث، وارتفعت النيران منها إلى أربعة أمتار نحو سقف القاعة لتتسبب باندلاع الحريق». وأوضح أن «سبب الحريق حصول مصدر ناري لامس المواد السريعة الاشتعال»، لافتاً إلى أن «صاحب القاعة يتحمل جميع المسؤولية».

أهالٍ متجمعون حول قاعة الأفراح في منطقة الحمدانية (أ.ب)

وبشأن العدد الكلي للضحايا، أكد رئيس اللجنة التحقيقية «وفاة 107 أشخاص، وإصابة 82 آخرين بجروح»، محملاً صاحب القاعة، وقائممقام الحمدانية، ومدير بلديتها، ومدير سياحتها، ومدير كهربائها، المسؤولية والتقصير، إضافة إلى ثبوت تقصير الدفاع المدني في متابعة الإجراءات الخاصة في عملية غلق القاعة لعدم اتباعها شروط السلامة.

بدوره، قال الفريق كاظم بوهان العكيلي مستشار وزير الداخلية في المؤتمر إن «اللجنة التحقيقية خلصت إلى مجموعة من الاستنتاجات تثبت بشكل قاطع أن الحادث كان عرضياً، وغير متعمد، وحصل بسبب الإهمال الجسيم، وهو ناجم عن مادة الـ(سندويج بنل)، ومواد ديكور عبارة عن قش صناعي، واستخدام أربعة أجهزة لتشغيل الألعاب النارية التي كانت السبب الرئيسي للحريق، إضافة إلى وجود مخزن بكميات كبيرة من المواد الكحولية».

كما أكد أن «أرضية القاعة مغطاة بمادة (الكاربات) التي أدت إلى سرعة نشوب الحريق وانتشاره»، مشيراً إلى أن إطفاء التيار الكهربائي أثناء وقوع الحادث من قبل مالك القاعة لظنه حصول تماس كهربائي أدى إلى حدوث ذعر وفوضى بين الناس. ونوّه الفريق بوهان إلى الانهيار السريع لقاعة الأعراس بسبب الـ«سندويج بنل» والذي ساهم إلى حد كبير في عرقلة عمليات الإنقاذ.

من جانبه، أوضح وزير الداخلية عبد الأمير الشمري خلال المؤتمر، أن وجود أجهزة التبريد والمواد المشتعلة وعدم وجود مخارج طوارئ، عجّل سرعة انتشار النيران. وأضاف أن الطاقة الاستيعابية للقاعة تصل إلى نحو 400 شخص، وصاحبها زاد من عدد الطاولات والكراسي المغلفة بمادة سريعة الاشتعال لزيادة طاقتها الاستيعابية، منوّها إلى أن صاحب القاعة كان قد أعدّ في ليلة وقوع الحادث 900 وجبة عشاء، وكل هذه الأمور سرّعت من اشتعال النيران.

أهالٍ يحملون نعش أحد ضحايا حريق قاعة الحمدانية (رويترز)

وقال إن «صاحب قاعة الهيثم قام بسحب جهاز التسجيل وهرب إلى أربيل»، وأضاف: «بعد القبض عليه تم استرجاع (الديفي آر)».

وكشف الوزير عن توصيات اللجنة التي تضمنت شمول الضحايا بقانون الشهداء؛ لكونهم أقلية دينية، ودعم ذويهم، وكذلك تقديم الدعم المادي إلى الجرحى، ومعالجتهم على نفقة الدولة خارج وداخل البلاد. وكذلك تضمنت التوصيات تشكيل لجان متخصصة تتابع عملية توقيف المتهمين بالقضية، ونتائج التحقيق، وإحالة المتهمين إلى القضاء.

وأوصت اللجنة أيضاً بإعفاء قائممقام الحمدانية، ومدير بلديتها، ومدير التصنيف السياحي في محافظة نينوى، ومدير كهرباء الحمدانية، ومدير مديرية الإطفاء والسلامة في مديرية الدفاع المدني في نينوى، وإحالة مدير الدفاع المدني في المحافظة إلى اللجنة المتخصصة، وتشكيل مجلس تحقيق بحقه.


هجوم حوثي بمسيرات وصواريخ على معسكر للجيش اليمني في صعدة

قائد محور علب اللواء ياسر مجلي خلال حضوره العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة ذكرى 26 سبتمبر في صعدة (الشرق الأوسط)
قائد محور علب اللواء ياسر مجلي خلال حضوره العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة ذكرى 26 سبتمبر في صعدة (الشرق الأوسط)
TT

هجوم حوثي بمسيرات وصواريخ على معسكر للجيش اليمني في صعدة

قائد محور علب اللواء ياسر مجلي خلال حضوره العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة ذكرى 26 سبتمبر في صعدة (الشرق الأوسط)
قائد محور علب اللواء ياسر مجلي خلال حضوره العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة ذكرى 26 سبتمبر في صعدة (الشرق الأوسط)

بعد أيام قليلة على استهدافها كتيبة بحرينية ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن على الحدود الجنوبية السعودية، شنت جماعة الحوثي الانقلابية، هجوماً جديداً على حفل عسكري لقيادة محور علب - باقم بمحافظة صعدة شمال اليمن بمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر.

الهجوم الحوثي الذي نُفذ بطائرات مسيرة مفخخة وعبر المدفعية وصواريخ «الكاتيوشا» على موقع الاحتفال أسفر عن مقتل عسكري وجرح آخرين، بينما عدّت قيادة المحور الاستهداف الحوثي تحدياً للمساعي الإقليمية والدولية الرامية لإحلال السلام.

وبينما وصف عبد الرحمن المحرمي (أبو زرعة) عضو مجلس القيادة الرئاسي ميليشيا الحوثية بأنها في أضعف حالاتها، وتبحث عن نصر معنوي لرفع معنويات ميليشياتها المنهارة، أكد أن استخدام الجماعة للطيران المسير والمدفعية وصواريخ «الكاتيوشا» ضد العرض العسكري لقوات محور علب دليل راسخ على أنها بلغت حد اليأس.

ولفت المحرمي خلال اتصال هاتفي أجراه الأحد بقائد محور علب، قائد اللواء 63 مشاة، اللواء ياسر مجلي، إلى أن سلوكيات الحوثي العدائية تتكسر دوماً أمام صلابة وبأس الأبطال في كل مواقع البطولة والشرف، في الوقت الذي تعودت فيه الميليشيات الحوثية على الهزيمة والغدر والدفع بالعناصر المخدوعة إلى محرقة الموت، وفقاً لما نقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ».

وكانت قوة دفاع البحرين أعلنت قبل أيام مقتل 4 ضباط وجرح آخرين من قوة «الواجب» التابعة لقوة دفاع البحرين في هجوم حوثي غادر خلال مشاركتهم ضمن قوات التحالف العربي المشاركة في عمليات «عاصفة الحزم» و(إعادة الأمل).

من جهتها، أفادت قيادة محور علب – باقم العسكرية التابعة للجيش اليمني أنها تعرضت لعدوان سافر وهجوم إرهابي غادر استهدفت من خلاله ميليشيا الحوثي الإرهابية الحفل العسكري الذي أقيم احتفاءً بذكرى 26 سبتمبر.

وأوضحت قيادة المحور في بيان (السبت) أن الهجوم الحوثي نُفذ على عدد من المواقع على طول الجبهة الممتدة، وبالتزامن عبر ضربات بالمدفعية والطيران المسير وصواريخ «الكاتيوشا» على موقع الاحتفال.

وأكدت قيادة محور علب – باقم تمكُن ضباط وأفراد الجيش من صد العدوان الحوثي، وإحباطه من خلال إسقاط عدد من الطائرات المسيرة في مسرح عمليات الجيش بمديرية باقم، بينما سقط شهيد وعدد من الجرحى وفق البيان.

ووصفت قيادة المحور الهجوم الحوثي بأنه تحدٍّ لكل المساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى إحلال السلام، واستمرار لسلسلة من الخروقات التي لم تتوقف منذ بدء سريان الهدنة المعلنة، مؤكدة احتفاظها بحق الرد، وأنها لن تتوانى في القيام بواجباتها الوطنية ضمن مؤسسة الدفاع اليمنية وفي إطار قوات التحالف العربي.

بدوره، قال فخري العرشي مدير مكتب عضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي، إن الهجوم الحوثي مؤشر واضح على حالة الضحالة والهزيمة الداخلية التي تعيشها هذه العصابة، مشيراً في تعليق له على حسابه بمنصة «إكس» أن هجوم جماعة الحوثي «تعبير صريح عن رفضها الهدنة ونسفها كل الجهود، وهو ما يعطي الحق لقواتنا بالدفاع عن النفس والرد في الوقت المناسب» على حد تعبيره.

جانب من الحفل الذي أقيم في محور علب بمحافظة صعدة وتعرض لهجوم حوثي (الشرق الأوسط)

إضافة إلى ذلك، حذر العميد عبده مجلي المتحدث باسم الجيش اليمني من أن استمرار هجمات الميليشيات الحوثية على قوات الشرعية اليمنية أو قوات التحالف من شأنه أن يؤثر في جهود السلام الحالية.

وأشار مجلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن جماعة الحوثي ترفض كل جهود السلام الإقليمية والدولية، وما هذه الاعتداءات سواء على محور علب – باقم بصعدة، أو الكتيبة البحرينية قبل أيام إلا أكبر دليل على ذلك.

وشدد مجلي على أن الجيش الوطني اليمني أصبح أكثر تدريباً وإعداداً وقدرة على الرد، لكنه يحرص على إنجاح جهود السلام، ورفع المعاناة عن الشعب اليمني، معبراً عن إدانته كل العمليات الحوثية الإرهابية واستهداف وسجن المدنيين لا سيما في أثناء احتفالات ثورة 26 سبتمبر الأسبوع الماضي.