اللعب خارج الملعب

قدر كرة القدم أن تكون لعبة عاطفية لا تنتهي فصولها داخل الملعب مثل عشرات الألعاب الأخرى... لعبة تبدأ قبل أن يطلق الحَكَم صافرة بدايتها، وحتى الحَكَم نفسه يكون عُرضة للتشكيك والاتهامات لو كان تاريخ أحد الطرفين معه مليئاً بالهزائم والكروت حتى لو في زمن الـ«فار».
المشكلة أن هناك من يحاول تحويل الأنظار من الهزائم داخل الملعب إلى تظلمات خارج الملعب بحيث تبقى الإدارات بعيدة عن الخطأ، واللاعبون خارج النقد (ما دامت الخسارة بفعل فاعل) أو بكل بساطة يحمّلونها للمدربين...
صحيح أن المنطق ليس أحد العوامل المؤثرة في كرة القدم، ولكن هناك عوامل أخرى يجب أن نعيَها، وأولها الظروف والإصابات، والآن تبعات «كورونا»، والأهم جاهزية الفريق وتجانسه وقوة عناصره، فليس معقولاً أن تلعب المالديف مع ألمانيا وتفوز، رغم أنه في منطق البعض 11 لاعباً ضد 11، وإذا حدث وفازت فهي مفاجأة لا تتكرر.
المشكلة الكبرى تكمن في عدم تقبل الخسارة ومحاولة إيجاد شماعات دائمة رغم أن الخسارة هي أحد ثلاثة احتمالات لا رابع لها في كرة القدم، والإصرار على الخاصرة التحكيمية الضعيفة سيخلق جيلاً ومتابعين لن يتقبلوا المنطق الذي يقول إن فريقهم خسر إما لعدم التوفيق وإما لأنه بكل بساطة لم يكن الأفضل والأجدر وإما لأن منافسه كان أقوى منه، ولهذا نجد في الغرب ثقافة كروية تختلف إلى حد كبير عنّا، ثقافة التصفيق بشدة للفريق الخاسر لأن عناصره بذلوا جهدهم ولم يتمكنوا من الفوز فاستحقوا التصفيق والإشادة.
عدم الإصرار على المنطق بعد الخسائر سيخلق جيلاً من المتعصبين الرافضين للخسارة، وأنا لا أقول أن نخلق جيلاً من الانهزاميين، بل من المشجعين العقلانيين إذا اتفقنا جميعاً على أن التشجيع ثقافة واتفقنا على أن كرة القدم في البداية والنهاية لعبة لا تستحق كل هذا الكم من حرق الأعصاب والانفعال والتهجم على المنافسين وتهديد الحكام وصولاً للقتل، كما حدث في كولومبيا وغيرها من الدول.
البعض قد يرى الكلام تنظيراً في تنظير وأن كرة القدم حلاوتها في تعصبها ومماحكات المشجعين، وأنا أتفق ما دامت بقيت مماحكات لا مضاربات وصراعات واتهامات تعود بنا للوراء ولا تقدم لنا سوى وجع الرأس والقلب.