نتنياهو وغانتس سيتفاوضان للإبقاء على حكومتهما

TT

نتنياهو وغانتس سيتفاوضان للإبقاء على حكومتهما

مع تجند مجموعة أخرى من كبار الجنرالات للمطالبة بلجنة تحقيق حول تصرفات مشبوهة بالفساد فيما تعرف بـ«قضية الغواصات»، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إدارة معركته مع خصومه السياسيين بحنكة تحرجهم وتُبقي عليه أقوى المرشحين للقيادة. وقد كشف النقاب، أمس (الجمعة)، أنه في الوقت الذي يتبادل فيه نتنياهو التهجمات والانتقادات والتهديدات مع رئيس حزب «كحول لفان»، رئيس الوزراء البديل ووزير الأمن بيني غانتس، يدير معه محادثات سرية لضمان بقاء حكومتهما معاً والتخلي عن فكرة تبكير موعد الانتخابات.
وقد أكدت مصادر سياسية عليمة في تل أبيب أن الاتصالات بين الطرفين تتم على نار هادئة بعيداً عن الأضواء. وهي تستند إلى الواقع الذي يدركه كلاهما بأن الانتخابات ستُلحق ضرراً بحزب كل منهما. وقد أشار استطلاع الرأي الأسبوعي، الذي نشرته صحيفة «معريب»، أمس (الجمعة)، مثل استطلاعات أخرى سبقته، إلى أن «الليكود» سيهبط من 36 مقعداً الآن إلى 29 مقعداً، ويهبط «كحول لفان» من 19 إلى 9 مقاعد. والوحيدان اللذان سيستفيدان من تبكير الانتخابات هما، حليف نتنياهو الذي أصبح خصمه اللدود، اتحاد أحزاب اليمين المتطرف «يمينا» برئاسة نفتالي بنيت، وحليفه غانتس الذي أصبح خصمه اللدود، تكتل حزبي «يش عتيد» و«تيلم»، بقيادة يائير لبيد وموشيه يعلون. وحسب الاستطلاع، سيرتفع بنيت من 5 مقاعد اليوم إلى 23 مقعداً، وسيرتفع لبيد من 17 إلى 19 مقعداً.
والمعروف أن نتنياهو كان يخطط لتبكير موعد الانتخابات على أمل أن يعود منها أقوى، ويخوض محاكمته في قضايا الفساد وهو يحظى بثقة مجددة من الجمهور. فيتمكن من تشكيل حكومة يمين تضمن له تغيير القانون، بحيث يتمكن من تجميد محاكمته، ما دام يشغل منصب رئيس حكومة. وكان يأمل أن يستطيع خوض الانتخابات وقد حقق إنجازاً ما في مكافحة «كورونا»، مثل جلب اللقاح. بيد أن مستشاريه ينصحونه بالتروي ويؤكدون أن الجمهور ما زال يحمِّله مسؤولية الفشل في مكافحة الأضرار الصحية والتبعات الاقتصادية للفيروس. فهناك مليون عاطل عن العمل ومعهم نحو 90 ألف مصلحة تجارية متوسطة تعاني أزمة نصفها أعلن الإفلاس. وقد يؤدي ذلك إلى مقاطعة التصويت أو التصويت لخصومه.
ومع أن نتنياهو لم يحسم أمره بعد، لأي اتجاه يسير، وافق على إجراء محادثات مع غانتس لعلهما يتوصلان إلى حل وسط فيتم الاستمرار في عمل الحكومة ستة أشهر إضافية وفحص التطورات لاحقاً. وقد عرض رجاله على غانتس أن يتنازل عن البند الذي يجعله رئيس حكومة بديل في حال التوجه لانتخابات والتنازل عن فكرة تبادل رئاسة الحكومة بينهما في نهاية السنة القادمة، مقابل منحه مكاسب سياسية وقضائية أخرى.
ويؤكد المراقبون أن هناك معارضة لتسوية كهذه داخل «كحول لفان» في الوقت الحاضر. وحتى المقربون من رئيس الحزب المتحمسون للتسوية، يقولون إنهم لا يمانعون في التوصل إلى مسار يفضي لمنح نتنياهو مخرجاً يضمن بقاءه رئيساً للحكومة ولكن من دون أن يدوس على كرامة غانتس أو يفكك حزبه.
ولكن من الجهة الأخرى، تسعى قوى سياسية وشخصيات أمنية كبيرة في إسرائيل لإضافة محكمة جديدة لنتنياهو تخلط أوراقه. فهم يتهمونه بتلقي رشى عن صفقة بيع غواصات وسفن حربية لسلاح البحرية الإسرائيلي من دون علم ومن دون موافقة قادة الجيش أو وزير الأمن. وقد كُشف النقاب، أمس، عن تجند أربعة جنرالات سابقين في الجيش خدموا كلهم في منصب المدير العام لوزارة الأمن في العقدين الأخيرين ومعهم تمير باردو، رئيس سابق للموساد (جهاز المخابرات الخارجية) وشاؤول حوريف، رئيس الطاقة الذرية، فوقّع كل منهم على تصريح مشفوع بالقسم مقدمة إلى المحكمة العليا في القدس الغربية، التي تنظر دعوى لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في هذه القضية. ويؤكدون جميعاً أن نتنياهو سعى إلى هذه الصفقة مع شركة «تيسنكروب» الألمانية لبناء السفن والغواصات من دون مناقصة ومن دون مشاورات الحد الأدنى ومن خلال ألاعيب وتجاوزات مشبوهة. ولفت مدير عام وزارة الأمن الأسبق، أودي آدم، إلى أن نتنياهو عمل بواسطة المحامي ديفيد شمرون، «الذي تبين لي لاحقاً أنه قريب نتنياهو ومحاميه الشخصي وشريكه في شركة سمسرة عملت مع الشركة الألمانية».
وقال مدير عام وزارة الأمن السابق، دان هرئيل، في تصريحه للمحكمة، إن جهاز الأمن قرر أن تكون بحوزة الجيش خمس غواصات، وأنه عندما تم شراء غواصة سادسة، كان موقف رئيس أركان الجيش السابق، غادي آيزنكوت، أن تحل مكان غواصة قديمة وألا يزيد عدد الغواصات على ذلك.
والضجة حول قرار نتنياهو بشراء ثلاث غواصات أخرى، تبين أن مقربين منه، بينهم شمرون، دفعوا هذا القرار، وهم مشتبهون بتحقيق أرباح مالية من هذه الصفقة، وقُدمت ضدهم لوائح اتهام تنسب إليهم مخالفات فساد خطيرة، بينها الرشوة. وبين المتهمين نائب رئيس مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة، وقائد سلاح البحرية الأسبق، إليعزر ماروم، ومدير مكتب نتنياهو السابق ديفيد شيران. والانطباع السائد هو أن نتنياهو لم يكن بريئاً ولا بعيداً عن ابن عمه في الموضوع. وعبّر هرئيل عن «تخوف من المساس بالأمن بسبب ضلوع جهات لديها اعتبارات غريبة»، وقال إن هذا «تدخل فظ من جانب عدة جهات في مكتب رئيس الحكومة».
وقال رئيس الموساد السابق، تَمير باردو، إنه يجب تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الانفراد في قراراته في هذه القضية بحجة وجود سر أمني جعله يُقصي كبار المسؤولين في جهاز الأمن عن قراره. وكتب باردو: «ادعاء السيد نتنياهو أن إخفاء الصفقة تم لأسباب أمنية سرية فقط، لا يقبلها العقل ولا المنطق بصورة متطرفة. فلا توجد أسرار لا تعلم بها وزارة الأمن أو رئيس أركان الجيش».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».