تونس: ضحايا «أحداث الرش» يطالبون «النهضة» بالاعتراف بخطئها

وزير الداخلية في حكومة الحركة اتهم بقمع المحتجين بمادة محرّمة

TT

تونس: ضحايا «أحداث الرش» يطالبون «النهضة» بالاعتراف بخطئها

يواصل عدد من ضحايا «أحداث الرش» في مدينة سليانة التونسية اعتصامهم المفتوح أمام مقر الولاية (المحافظة)، تزامنا مع إحياء الذكرى الثامنة للأحداث، التي وقعت في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 عندما كانت حركة النهضة الإسلامية تقود الحكومة، وعندما كان علي العريض يقود وزارة الداخلية، والذي وجهت له تهمة إعطاء تعليمات بمواجهة المحتجين باستعمال مادة «الرش» المحرمة دوليا، مما خلف نحو 180 إصابة متفاوتة الخطورة.
وقال فلاح المنصوري، المتحدث باسم المحتجين، إن هذا الاعتصام يأتي بعد مماطلة الحكومات المتتالية لمطالب جرحى «الرش» طوال ثماني سنوات، وأكد أن المصابين ما يزالون يعانون من مضاعفات بدنية وصحية ونفسية أيضا، وأن منهم من فقد بصره كليا، دون أن يحصل على تعويض يتماشى مع مقدار الضرر الذي تعرض له.
وأضاف المنصوري أن التهمة وجهت لأربعة عناصر أمنية، فيما تمت تبرئة علي العريض في تلك الفترة، ولم يتم الكشف عن الطرف الرئيسي في جلب «الرش» إلى المنطقة لاستخدامها في مواجهة المحتجين المطالبين بالتنمية والشغيل.
ويطالب جرحى «أحداث» الرش بجبر الضرر المادي والمعنوي، وتشغيل بقية المصابين المسجلين بالقائمة النهائية للشركة الجهوية للنقل بسليانة، عن طريق التعاقد، واتهموا الحكومة بعدم تفعيل مجموعة من القرارات التي تم اتخاذها لفائدتهم.
وبدأت أحداث «الرش» صباح 27 من نوفمبر سنة 2012، وتواصلت إلى 29 من الشهر نفسه، وشهدت محاولة المحتجين اقتحام مقر ولاية سليانة. غير أن قوات الأمن لجأت إلى مادة «الرش» لتفريقهم بعد نفاد الغاز المسيل للدموع، مما خلف إصابات كبيرة على مستوى البصر خاصة. وعلى إثر ذلك، قد قرر البرلمان تكوين لجنة تحقيق للوقوف على حقيقة الأحداث، غير أن تقريرها لم يعرف طريقه للتنفيذ. كما استمعت المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف (160 كلم شمال غربي العاصمة) إلى علي العريض بصفته وزيرا للداخلية وقتها. لكنه نفى التهم المنسوبة إليه، وقال إن رجال الأمن تصرفوا من تلقاء أنفسهم، دون الرجوع إلى الوزارة، مؤكدا أنه لم يعط أي تعليمات باستعمال مادة الرش ضد المتظاهرين.
ومن ناحيتها، عقدت هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية مكلفة مسار العدالة الانتقالية) عدة جلسات للاستماع للضحايا. غير أن الأطراف السياسية المعارضة لحركة النهضة اتهمت رئيستها سهام بن سدرين بالانتقائية في تلك الجلسات، على اعتبار أن جل الذين تم الاستماع إلى شهاداتهم هاجموا الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة (نقابة العمال)، واعتبروه الطرف المسؤول عن الفوضى التي سادت في المنطقة قبل نحو ثماني سنوات.
على صعيد آخر، ذكرت مصادر مقربة من حركة النهضة أن راشد الغنوشي، رئيس الحزب، أدار حوارا بين عدد من القيادات التاريخية بهدف الخروج من الأزمة التي قسمت الحزب إلى مؤيدين لتوجهات الغنوشي، ورافضين لمواصلته رئاسة الحركة. وقد استقر الخيار على تكليف علي العريض، نائب رئيس الحركة، بإعداد مبادرة سياسية يتم خلالها وضع تصور يرضي أغلب الأطراف، ويحافظ على وحدة الحركة. وكان الغنوشي قد التجأ قبل ذلك إلى حمادي الجبالي، القيادي السابق في حركة النهضة، وطلب منه العودة إلى صفوف الحزب، وعرض مبادرة على الأطراف المتنافسة وتمريرها عبر مجلس شورى النهضة، غير أن ميله إلى طرف على حساب الآخرين أبطل هذه المبادرة في المهد.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.