الحكومة التونسية تبدأ حواراً مع المحتجين «تحت الضغط»

قيادي في «النهضة» يطالب بمحاسبة قيادتها الحالية بسبب «تراجع شعبية» الحركة

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها أحياء العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها أحياء العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
TT

الحكومة التونسية تبدأ حواراً مع المحتجين «تحت الضغط»

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها أحياء العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها أحياء العاصمة التونسية (إ.ب.أ)

تحت ضغط الاحتجاجات الاجتماعية الكبيرة التي شهدتها أكثر من ولاية (محافظة)، بدأت الحكومة التونسية تعمل على إعداد جدول زمني للتحاور مع الشباب المحتج في المناطق الفقيرة، والتحضير لجلسات تخصص لمناقشة ملفات التنمية والتشغيل في مختلف ولايات الجمهورية.
وسيكلف رئيس الحكومة هشام المشيشي أعضاء حكومته بالتوجه إلى الجهات، التي تعاني تهميشا اجتماعيا واقتصاديا للتفاوض مع الوفود التي تمثل المحتجين من مختلف المناطق، بهدف صياغة حلول تنموية بالشراكة مع سكان الجهات، وحسب خصوصية كل منطقة.
وكان المشيشي قد كشف قبل أيام عن برنامج حكومي لزيارة كافة جهات البلاد، بهدف الدفع بإنجاز مشاريع التنمية المعطّلة في الجهات، ورفع التعقيدات الإدارية الكثيرة، وهو نفس التوجه الذي اعتمده في حل أزمة «الكامور» في ولاية تطاوين (جنوب شرق) بعد نحو 4 سنوات من التأزم والاحتجاجات، التي أدى إلى غلق مضخات النفط وتعطيل الإنتاج، غير أن هذا البرنامج الحكومي لم يمنع الجهات من القيام باحتجاجات وتنظيم إضرابات عامة.
وقال سليم التيساوي، مستشار رئيس الحكومة المكلف الملفات الاجتماعية، إن المثير للقلق في التحركات الاحتجاجية الأخيرة هو ظهور عدد من التنسيقيات، التي تريد أن تكون بديلة عن الهياكل والمنظمات الاجتماعية والحقوقية القائمة، وهو ما اعتبره «أمرا خطيرا وغير طبيعي»، مؤكدا أن الحكومة «ستمد أياديها إلى كل الجهات، وسيتم حل جميع الملفات العالقة، وإشكاليات التنمية، كما ستعمل على تنفيذ مختلف الاتفاقيات السابقة، وفق جدول زمني معقول يراعي ما يتوفر من إمكانيات».
وأضاف التيساوي أن ثقة التونسيين في الدولة بدأت تهتز بعد أن عطل المحتجون مصالحهم، وقطعوا عنهم بعض الإمدادات الضرورية، وفي مقدمتها قوارير الغاز المنزلي، مشددا على أن الدولة لم تعتمد أسلوب القوة مع المحتجين لأنها تؤمن بالحوار، والتوصل إلى حلول معقولة تراعي موارد الدولة وإمكانياتها المحدودة في الوقت الحالي».
وانتقد عدد من السياسيين هذه التنسيقيات، بعد أن أكدت رفضها التام للمنظومة السياسية الحالية، وإقصاء الأحزاب السياسية، في تماه كامل مع البرنامج الانتخابي للرئيس قيس سعيد، الذي دعا إلى ترسيخ فكرة التسيير من القاعدة في اتجاه المركز، ودافع خلال حملته الانتخابات عن حق كل جهة في التدبير والإدارة بعيداً عن سلطة المركز، مما يحوّل ممثلي تلك الجهات إلى ما يشبه «اللجان الشعبية»، وهي الفكرة التي تجسمت بوضوح في اعتصام «الكامور» في منطقة تطاوين، حيث رفض المحتجون أن يتبنى اتحاد الشغل (نقابة العمال)، أو الأحزاب السياسية مطالبهم، وقادوا بأنفسهم مفاوضات مباشرة مع الحكومة المركزية.
لكن الرئيس سعيّد طالب خلال لقائه رئيس الحكومة المشيشي أول من أمس بتنفيذ القانون ضد كل من يقطع الطرقات ويعطل مصالح التونسيين، وأكد ضرورة إيصال المواد الاستهلاكية الضرورية للمواطنين، لكنه لم ينتقد في المقابل الدور المتنامي لتلك التنسيقيات، وقيادتهم للمفاوضات مع الحكومة تحت ضغط الاعتصامات بمناطق إنتاج الثروات الوطنية.
في السياق ذاته، حذر عبد اللطيف المكي، قيادي حركة النهضة من تفاقم الأوضاع الاجتماعية، وسيادة الفوضى، وتغييب المصلحة العليا لتونس. واعتبر الاحتجاجات العنيفة، والسيطرة على مناطق إنتاج الثروات العامة «خطوة نحو إسقاط الدولة، وإدخالها في مزيد من الإرباك». مشيرا إلى أن الأخطاء الحكومية والأوضاع السيئة «لا يمكن إصلاحها بإضعاف الدولة، وتحدي سلطة القانون».
على صعيد آخر، دعا محمد بن سالم، القيادي في حركة النهضة إلى محاسبة القيادة الحالية للحزب، برئاسة راشد الغنوشي، بسبب تراجع شعبيتها، وارتهان قراراتها لمنافسيها السياسيين. معتبرا أن الخلاف الحالي في حركة النهضة «ليس تنظيميا كما يعتقد البعض، بل إن الأمر يحتاج إلى حوكمة حقيقية داخل الحركة، وهذا رهين إصلاحات جذرية»، على حد تعبيره.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.