القضاء الفرنسي ماض في تشدده إزاء «التطرف الإسلاموي»

اتهام 4 تلاميذ إضافيين في قضية مقتل مدرّس التاريخ... وإمام باكستاني مهدد بالطرد

استنفار أمني في نيس عقب جريمة قتل مدرس التاريخ صامويل باتي منتصف شهر أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
استنفار أمني في نيس عقب جريمة قتل مدرس التاريخ صامويل باتي منتصف شهر أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

القضاء الفرنسي ماض في تشدده إزاء «التطرف الإسلاموي»

استنفار أمني في نيس عقب جريمة قتل مدرس التاريخ صامويل باتي منتصف شهر أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
استنفار أمني في نيس عقب جريمة قتل مدرس التاريخ صامويل باتي منتصف شهر أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

يوماً بعد يوم، تكبر دائرة الاتهامات المتصلة بقتل صامويل باتي، مدرس التاريخ في تكميلية مدينة كونفلان سانت هونورين في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وآخر التطورات في هذه العملية الإرهابية التي نفذها عبد الله أنزوروف، وهو شاب شيشاني الأصل؛ بذبحه باتي وفصل رأسه عن جسده، انتقاماً لإظهاره رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للنبي داخل حصة مدرسية، توجيه القضاء تهماً رسمية لأربعة تلاميذ إضافيين، بسبب ما عده «تواطؤاً في عملية اغتيال إرهابية». وبذلك يبلغ عدد التلاميذ المتهمين ستة؛ إذ سبق لقاضي التحقيق أن وجه الاتهامات نفسها لتلميذين من الذين حضروا الحصة المدرسية التي كانت في أساس قيام حملة تنديد بالمدرّس، ما أفضى، بحسب التحقيق، إلى قتله. وتتراوح أعمار التلامذة الأربعة ما بين 13 و14 عاماً. ومن بين الأربعة القاصرين الذين أوقفوا ثم أطلق سراحهم، شرط أن يبقوا تحت الرقابة القضائية، خصصت تلميذة بتهمة مختلفة، وهي «الوشاية المغرضة». وللتذكير، فإن هذه الفتاة شكت لوالدها إبراهيم شوشة، تصرف صامويل باتي، ما حفزه للقيام بحملة «كراهية»، ضده، لا بل إلى تقديم شكوى إلى إدارة المدرسة والشرطة. كما طلب من أهالي التلاميذ الانضمام إلى حملته عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ومضمون التهم للتلاميذ الثلاثة أنهم ساعدوا القاتل على التعرف إلى أستاذ التاريخ، وبذلك يلتحقون بالتلميذين الأولين اللذين يُظن أنهما قبضا ما بين 300 و350 يورو من عبد الله أنزوروف، مقابل أن يدلّوه على صامويل باتي، لدى خروجه من المدرسة متوجهاً إلى منزله. وقد قتل على بعد 200 متر من المدرسة. وبذلك، يكون عدد الملاحَقين في هذه القضية التي كانت بمثابة صدمة كبيرة للرأي العام الفرنسي، وحافزاً للحكومة لتشديد إجراءاتها لمحاربة ما تسميه «الإرهاب الإسلاموي» 14 شخصاً.
ومن بين الموقوفين إبراهيم شوشة، وعبد الكريم سيفريوي، وهو ناشط إسلامي معروف، وهما ملاحقان بتهمة «الضلوع» في عملية القتل الإرهابية. وقد رافق الأخير والد الفتاة عند ذهابه للشرطة للشكوى من باتي. وللتذكير، فإن أنزوروف البلغ من العمر 18 عاماً، وكان يتمتع بإجازة إقامة على الأراضي الفرنسية لعشر سنوات، قد مال للتطرّف منذ عدة أشهر، بحسب ما أعلنت عائلته. ولم يبين التحقيق أنه كان على تواصل مع جهات خارجية. وجل ما عرف عنه أنه كان على تواصل مع آخرين على وسائل التواصل الاجتماعي ومن بينهم إبراهيم شوشه الذي حادثه بالهاتف.
منذ عملية كونفلان سانت هونورين، قررت باريس الضرب بيد من حديد، والتشدد في ملاحقة ما تعده تطرفاً وراديكالية إسلامية بانتظار أن يصل مشروع القانون حول «الانفصالية الإسلاموية» إلى البرلمان مع بدء العام المقبل.
وفي هذا السياق، فإن مجلس الدولة (أي أعلى هيئة للقضاء الإداري) رفض، أول من أمس، الطلب الذي تقدمت به جمعية «بركة سيتي» غير الحكومية للاحتجاج على قرار الحكومة حلّها بتهمة التحريض على الكراهية، وبأن لها «علاقات داخل التيار المتطرف»، كما أنها «تبرر الأعمال الإرهابية» و«تحرض على الكراهية».
وجاء في بيان لمجلس الدولة أن «قاضي الأمور المستعجلة بمجلس الدولة يعتبر أن تصريحات رئيس الجمعية (واسمه إدريس سي حمدي)، يمكن أن تنسب إلى الجمعية نفسها، وتعتبر خطاباً يحرض على الكراهية أو الحقد أو العنف وقد يبرر حلها». وجاء في مرسوم الحل أن المنظمة غير الحكومية تنشر وتشجع على نشر «أفكار تمييزية وعنيفة تحرض على الكراهية»، تتماشى مع التطرف خصوصاً عبر حساباتها على «فيسبوك» و«تويتر»، وعبر الحساب الخاص لرئيسها ومؤسسها على «تويتر». ولم يأخذ قاضي الأمور المستعجلة بالحجج التي قدمها الدفاع من أن الجمعية التي تأسست في 2010 تساعد أكثر من مليوني محروم في العالم.
وبحسب الدفاع، فإن قرار حل الجمعية التي اتخذه مجلس الوزراء الفرنسي بناء على طلب من وزير الداخلية جيرالد درامانان جاء «مفاجئاً وتعسفياً» بخصوص جمعية تعمل في «إطار إنساني بحت»، ولا تشارك في أي نشاط «قد يخل بالنظام العام، خصوصاً إذا كان إرهابياً».
وفي السياق عينه، أكد مجلس الدولة في اليوم نفسه إغلاق مسجد بانتان قرب باريس لستة أشهر بأمر من وزارة الداخلية رغم التعهدات التي قدمها محمد حنيش، مسؤول المسجد ورئيس اتحاد المسلمين الذي رفع القضية إلى مجلس الدولة. بيد أن قاضي الأمور المستعجلة المشار إليه لم يأخذ بها إذ رأى أن «التصريحات التي أدلى بها المسؤولون عن المسجد الكبير في بانتان والأفكار والنظريات التي يروج لها بداخله تشكل استفزازاً قد يؤدي إلى ارتكاب أعمال عنف، وتبرر إغلاقه إدارياً»، وفقاً لبيان المحكمة.
وأمس، مثل أمام محكمة بونتواز (قريباً من باريس) الباكستاني لقمان ه. البالغ من العمر 35 عاماً، والموقوف منذ الأول من أكتوبر الماضي بتهمة «تمجيد الإرهاب عبر وسائل التواصل». وهذا الشخص الذي صدر بحقه قراران بإبعاده عن الأراضي الفرنسية، كان إلى جانب عمله في مطعم، يؤدي الصلاة في مسجد بلدة اسمها فيليه لو بيل التابعة لمقاطعة لواز، شمال باريس. وينتظر أن يصدر بحقه حكم بالسجن مع الإبعاد لاحقاً.



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.