دمشق تودع الكاتب فاضل السباعي

رحل عاتباً على النظام لتهميشه وإهمال طباعة كتبه

الكاتب فاضل السباعي
الكاتب فاضل السباعي
TT

دمشق تودع الكاتب فاضل السباعي

الكاتب فاضل السباعي
الكاتب فاضل السباعي

في الستينات من القرن الماضي كتب الأديب الشاب فاضل السباعي أن المأساة القاهرة التي يعاني منها الأديب العربي تتجلى في «ضيق عدد الجمهور القارئ لما يُنشر باللغة العربية، وليس بدعاً إذا قلنا إن القارئ هو الذي يخلق الكاتب...».
الأديب السباعي ابن حلب الذي ودّعته دمشق يوم أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 91 عاماً، أمضى سنواته الأخيرة متحسراً شاكياً تهميش النظام له، معاتباً مجتمعه لعدم إسعافه في طباعة كتبه العشرين المكدسة بأضابير على الرفوف يكسوها الغبار.
فبعد ستين عاماً من الكتابة وجد فاضل السباعي نفسه لا يعاني فقط من مأساة الكاتب العربي التي وصفها بغياب القارئ، وإنما هو محاصر بمجموعة مآسٍ كأي كاتب عربي حرّ يبلغ سن الشيخوخة في بلاد تعاني من الحرب والظلم والاستبداد. والمفارقة أن  السباعي، الذي  كان يعيش في الولايات المتحدة الأميركية وسط أبنائه وأحفاده، قرر العودة إلى دمشق في أشد سنوات الحرب خطورة ليمكث في منزله الكائن بالجسر الأبيض بحي الصالحية، دون أن يثنيه عن ذلك موقفه الناقد للنظام منذ عقود، فنال الإهمال والتهميش.
في أحد منشوراته على حسابه بـ«فيسبوك» عام 2017  كتب: «لم تكن (ثورة) ما قمنا به، كان مطالبة بإصلاح. أنا عضو مؤسس في اتحاد الكتاب العرب بدمشق عام 1969. وما رضي الاتحاد أن ينشر لي كتاباً واحداً ضمن منشوراته. وكتابي (حزن حتى الموت) رفضه أيضاً، فقُيّض له أن يصدر في بيروت...  لم يُرشّحني الاتحاد يوما لأكون عضواً في مؤتمراته الأدبية (الخارجية والداخلية)، الذين كانوا يشاركون فيها لهم قامات بطول قامتي: نعم، وبعضهم أقصر، أو أقصر وأقصر... وما كان بيننا، نحن المطالبين بالإصلاح، لحى سودٌ ولا بيض. (داعش) ليست منّا، كيف تمدّدت هكذا في السهول وعلى رمال الصحراء؟ لا مسامحة لمن يؤيّد تهميشي أنا ومن هم في مثل حالي، من حملة الأقلام ومن حملة البؤس والآلام»!
في سنوات عمره الأخيرة شكل «فيسبوك» نافذة لفاضل السباعي يطل منها على قرائه، ويشاركهم من خلالها يومياته بدءاً من مواقفه حيال ما يجري في البلد، مروراً بأحواله اليومية: طبخ، استقبال الأصدقاء، التسوق، عنايته بحديقته الصغيرة وشجرة الكباد، فكان يحدثهم تارة بمنشورات مطولة وأخرى مقتضبة، عما يجول بخاطره  لحظة بلحظة: «لن أسامح مجتمعي ولن أغفر للنظام. إنهم لا يسعفونني في نشر أعمالي... أيها النظام كيف يَغمض لك جفن وأنت ترى نصف شعبك قد غادر... يصحبون معهم الذكريات الأليمة».
في الأشهر الأخيرة، وبعد أن تمكنت منه أمراض الشيخوخة، راح يخبر جمهوره عن وضعه الصحي: «من طبيب... إلى طبيب... آخرها السيروم الممزوج بالفيتامين، وتظل نوافذ الأمل مفتوحة أمامي... مع تراجع الصحة». وبالأمس، رحل فاضل السباعي، تاركاً في نفوس محبيه حسرة على مآل الكاتب العربي إذ يقضي كمداً دون أن يسعفه ماضيه الأدبي ومواقفه الشجاعة بتكريم يليق بتاريخه.
 ولد فاضل السباعي حلب عام 1929، درس الحقوق في جامعة القاهرة ومارس المحاماة في حلب كما عمل مدرسا بثانوياتها، بدأ بكتابة الشعر والقصة القصيرة منذ الخمسينيات كما كتب الرواية والمقالات، وأسس دار «إشبيلية» للنشر والتوزيع في دمشق، ثم توظف في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم المكتب المركزي للإحصاء، قبل أن يشغل موقع مدير الشؤون الثقافية في جامعة دمشق،  كما عين مدير في وزارة التعليم العالي، وبقي حتى تقاعده عام 1982. ونشط بعد ذلك مجال حقوق الإنسان. وهو عضو مؤسس في اتحاد الكتاب العرب منذ 1969. وكان مقرراً لجمعية القصة والرواية في الاتحاد في الأعوام: 1976 - 1977. ثم بين عامي 1985 و1988.
من كتبه «الشوق واللقاء» قصص ألفها في حلب عام 1957، وأربع روايات: «ثم أزهر الحزن» ورواية «ثريا»، صدرتا في بيروت عام 1963. و«رياح كانون» صدرت عام 1982 في بيروت، ورواية «الطبل» الصادرة في دمشق عام 1992، إضافة إلى عدد من كتب سير الشخصيات، وأدب الرحلات. ترجمت بعض قصصه إلى عدد من اللغات بينها الإنجليزية، والفرنسية، والروسية. 



مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)

احتفت مصر باللغة القبطية التي يجري تدريسها في المعهد العالي للدراسات القبطية التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصري، وذلك بمناسبة مرور 70 عاماً على إنشاء المعهد، بحضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ووزيري الثقافة والسياحة والآثار وشخصيات عامة، وتم إلقاء الضوء على ما قدمه من دراسات وبحوث أسهمت في حفظ الحضارة المصرية بكل مكوناتها الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية.

وخلال الاحتفالية التي شهدتها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، الخميس، أكد البابا تواضروس الثاني أن «معهد الدراسات القبطية منذ تأسيسه يؤدي دوراً رئيساً في توثيق تاريخ الحضارة القبطية ونشر تراثها العريق عبر الأجيال».

وأشاد البابا بإصدار العملات التذكارية الخاصة بالمعهد، التي وافق عليها رئيس مجلس الوزراء، مؤكداً أنها تعكس تقدير الدولة لدور المعهد، وتسهم في ترسيخ قيمته التاريخية والثقافية لدى الجميع.

مؤكداً على «الثراء الحضاري الذي تمتلكه مصر، فالحضارة بها لا تقتصر على حضارة واحدة إنما هي طبقات من الحضارات المختلفة منها الفرعونية والقبطية والإسلامية والعربية والأفريقية والمتوسطية واليونانية الرومانية».

بينما لفت وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، إلى الدور الريادي لمعهد الدراسات القبطية، وجهوده المثمرة في تقديم قيم ثقافية وإنسانية رفيعة. وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

معهد الدراسات القبطية في مصر (صفحة المعهد على فيسبوك)

وتحدث وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي عن «التنوع الكبير في التخصصات والدراسات بالمعهد، وكونه لا يقتصر على الدارسات الدينية وما يتعلق بها فقط، حيث يضم 13 قسماً مختلفاً منهم القانون والثقافة والفن والتراث والمعمار والتوثيق الموسيقي وغيرها».

ولفت إلى التعاون بين الوزارة والمعهد في مجال التوثيق والتسجيل للتراث المادي وغير المادي، كما أن هناك تعاوناً مشتركاً في ملف الترميم والتوثيق الأثري لبعض المواقع الأثرية في مصر.

وأشار فتحي إلى مشروع تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، موضحاً أن «هناك مواقع بهذا المسار جاهزة حالياً لاستقبال الزائرين والسائحين، وأعرب عن إعجابه بالعملات التذكارية التي يمكن الاستفادة منها في الترويج لمسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، خصوصاً في الأحداث والمعارض الدولية».

وعدّ الدكتور كمال فريد إسحق، أحد مدرسي معهد الدراسات القبطية في عقد الثمانينات «الاحتفال بمرور 70 سنة على معهد الدراسات القبطية يؤكد أهمية هذا المعهد في حفظ التراث القبطي عبر أقسامه المختلفة».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المعهد الذي درست فيه خلال ستينات القرن الماضي يضم فروعاً عدة من بينها فرع للغة القبطية وقسم للتاريخ وآخر للألحان والموسيقى وقسم للاهوت، وكل شخص يستطيع أن يدرس في الفرع الذي يهتم به».

وأضاف: «بعد أن درست الطب انجذبت لدراسة اللغة القبطية، وحصلت على دراسات في كلية الآداب بقسم اليوناني واللاتيني؛ لأن من يريد دراسة اللغة القبطية يجب أن يدرس اللغة اليونانية، لأن كثيراً من المخطوطات القبطية تمت ترجمتها عن اليونانية، ثم دخلت كلية الآثار قسم المصريات، لكن كانت البداية هي شغفي باللغة القبطية ومعرفة التاريخ القديم، وقمت بالتدريس في المعهد في الثمانينات»، ويرى إسحق أن «المعهد يحفظ التراث القبطي بوصفه جزءاً أصيلاً من التراث المصري والتاريخ المصري القديم، ويعد امتداداً طبيعياً للحضارة المصرية القديمة».

وأنشئ معهد الدراسات القبطية عام 1954، ويضم 3 أقسام رئيسية هي العلوم الإنسانية والتراث القبطي والعلوم الكنسية، تندرج تحت كل منها أفرع متنوعة.