البرلمان العراقي يؤجل التصويت على «الجرائم المعلوماتية»

البرلمان العراقي يؤجل التصويت على «الجرائم المعلوماتية»
TT

البرلمان العراقي يؤجل التصويت على «الجرائم المعلوماتية»

البرلمان العراقي يؤجل التصويت على «الجرائم المعلوماتية»

اضطر البرلمان العراقي إلى إرجاء التصويت على «قانون الجرائم المعلوماتية» حتى إشعار آخر، تحت ضغط الانتقادات والاعتراضات التي صدرت عن طيف واسع من الاتجاهات المدنية والحقوقية المعنية بحرية التعبير وحقوق الإنسان، ضد مجمل بنوده وصياغاته.
وأكد النائب عن تحالف «سائرون» محمود الزجراوي، أمس، تأجيل التصويت على تمرير المشروع في البرلمان. وقال في تصريحات صحافية: «بعد الانتهاء من مناقشة مشروع قانون الجرائم المعلوماتية وقراءته (داخل البرلمان)، بشكل كامل، أُجل تمريره بشكل مؤقت لمراجعة بعض فقراته، وكذلك لتسويقه إعلامياً وتعريف المجتمع العراقي عليه وعلى فقراته». وأوضح أن «مراجعة مشروع القانون وتسويقه تحتاج إلى وقت، وربما إلى شهر أو أكثر من ذلك بقليل».
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل التصويت على مشروع القانون المثير للجدل الذي يواجه عادة باعتراضات مدنية وشعبية شديدة، يذهب بعضها إلى حد القول إن القانون في نسخته الحالية التي ناقشها البرلمان مطلع الأسبوع «يمثل عودة إلى العهد الديكتاتوري».
كان البرلمان قد طرح مشروع القانون للمناقشة منذ عام 2011؛ لكنه لم يمرر نتيجة ردود الأفعال الرافضة التي جوبه بها، ويواجه المواقف الرافضة ذاتها هذه المرة أيضاً.
ويتضمن مشروع القانون 31 مادة، 20 منها تتعلق بنحو 63 عقوبة تتراوح بين السجن لسنوات والمؤبد وعقوبات مالية تصل إلى 50 مليون دينار عراقي (نحو 40 ألف دولار).
ووجَّه حقوقيون ومسؤولون سابقون بينهم رئيس «هيئة النزاهة» الأسبق القاضي رحيم العكيلي قائمة طويلة من الانتقادات إلى المشروع، منها أن «صياغاته لا تتفق مع أصول صياغة النصوص العقابية لعدم انضباطها وعدم دقتها، ما يشكل خطراً على حرية الرأي والتعبير، ويعد تهديداً خطيراً لحرية الإعلام والنشر والطباعة».
ويرون أن «ابتعاد القانون عن حماية مستعملي أجهزة الحاسوب والإنترنت ونظم المعلومات، واكتفاءه بالتركيز على الجرائم التي تحمي السلطة من جهة وتسعى إلى التضييق على حريات الأفراد من جهة أخرى، يخالف الهدف من قوانين جرائم المعلوماتية التي تستهدف حماية حقوق مستعملي تلك التقنيات وحماية الغير منهم».
كما يعتقدون أن فيه «مبالغة في قسوة العقوبات السالبة للحرية ورفعه حدها الأدنى، خلافاً للقوانين المقارنة التي جعلت حدها الأدنى غالباً غرامات فقط، إلى جانب عدم احترامه للقاعدة الدولية التي تمنع تبني العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والإعلام».
ويقول القاضي العكيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشروع هذا القانون خطر جداً، وإذا ما تم إقراره في البرلمان فسيحدث شرخاً كبيراً في حرية التعبير، ويكون أشبه بالحراب القاسية بيد السلطة لطعن أي متحدث أو معبر عن رأي».
وأضاف أن «أهمية القانون لا تعني القبول باستخدامه حجة لمصادرة الحريات وتكميم الأفواه، على أننا لا ننتقد القانون من حيث المبدأ، إنما من حيث صياغاته الفضفاضة وتعابيره غير المنضبطة التي ستجعلنا جميعاً تحت حراب الاستبداد والتعسف والقمع والتنكيل باسم القانون».
بدوره، يرى عضو مفوضية حقوق الإنسان المستقلة علي البياتي، أن «الصياغة الفضفاضة وعدم وضوح فقرات القانون من الممكن أن تكون أداة لكبح حرية التعبير وتقييد الحريات بأشكالها كافة... قوانين التقاضي يجب أن تكون مفهومة من الجميع وقابلة للتطبيق».
ويضيف البياتي لـ«الشرق الأوسط» أن «مسودة القانون الحالي طرحت عام 2011، ورفضت من قبل غالبية المنظمات الحقوقية المحلية والدولية. من الضروري التأكيد على أن المصلحة العليا لتقييد أي حرية يجب أن تستند إلى المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان، وأن تراعي المصلحة العامة ولا تمس جوهر الحريات».
ويسجل الخبير القانوني طارق حرب قائمة أخرى من الاعتراضات على قانون جرائم المعلوماتية، منها أنه «القانون الوحيد الذي لم يعارضه أي نائب بالشكل الذي تمت فيه معارضة القوانين الأخرى»، في إشارة إلى أنه «يتطابق مع مصالح الأحزاب والقوى» الممثلة في البرلمان.
ورأى أن «جميع القوانين السابقة منذ سنة 2003 تميل إلى التخفيف، إلا هذا القانون فقد مال إلى تشديد العقوبة. كما أن البرلمان في مشروع القانون لم يأخذ بنظر الاعتبار رأي الحكومة». ولاحظ أن «جميع الأفعال التي اعتبرها القانون الجديد جرائم موجودة في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1996، وتولت المحاكم إصدار عقوبات بضوئه، بما فيها الجرائم الجديدة كالابتزاز».
وكان النائب عن كتلة «التغيير» الكردية، هوشيار عبد الله، قد وجَّه انتقادات شديدة لمشروع القانون، أول من أمس، ورفض تمريره في البرلمان. وقال إنه «يشكل تهديداً جدياً لحرية التعبير، ويعد الخطوة الأولى لتأسيس الدولة البوليسية».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.