إردوغان يعتبر تفتيش السفينة المتجهة إلى ليبيا «اعتداء على تركيا»

السفينة التركية التي تم تفتيشها من طرف عملية «إيريني» ما أثار غضب تركيا (أ.ف.ب)
السفينة التركية التي تم تفتيشها من طرف عملية «إيريني» ما أثار غضب تركيا (أ.ف.ب)
TT
20

إردوغان يعتبر تفتيش السفينة المتجهة إلى ليبيا «اعتداء على تركيا»

السفينة التركية التي تم تفتيشها من طرف عملية «إيريني» ما أثار غضب تركيا (أ.ف.ب)
السفينة التركية التي تم تفتيشها من طرف عملية «إيريني» ما أثار غضب تركيا (أ.ف.ب)

وصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تفتيش سفينة الشحن التركية «إم في روزالين إيه» في البحر المتوسط بواسطة عملية «إيريني» الأوروبية، المخصصة لمراقبة حظر السلاح المفروض على ليبيا، بأنه «اعتداء» على تركيا. وفي غضون ذلك أكدت أنقرة استمرار دعمها لحكومة «الوفاق الوطني»، برئاسة فائز السراج، وتقديم التدريب لعناصر القوات التابعة لها.
وقال إردوغان في كلمة أمام اجتماع أعضاء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بالبرلمان التركي، أمس، إن «الاعتداء» الأخير على سفينة تركية مدنية تحمل مساعدات إنسانية إلى ليبيا: «هو عمل ليس له ما يبرره في القانون الدولي وقانون البحار».
وكانت الفرقاطة الألمانية «هامبورغ» قد أوقفت السفينة التركية التي خرجت من إسطنبول في طريقها إلى ليبيا ليل الأحد الماضي، وصعد جنودها على ظهر السفينة، وقاموا بتفتيش جزء منها للاشتباه في حملها أسلحة للميليشيات التابعة لحكومة السراج المدعومة من أنقرة؛ إلا أن تركيا رفضت إعطاء إذن بالتفتيش، وأصرت على عدم إتمامه، وتقدمت باحتجاج إلى الاتحاد الأوروبي وطالبت بتعويضات. ومنذ البداية، رفضت تركيا عملية «إيريني» التي انطلقت في مطلع أبريل (نيسان) الماضي، ووصفتها بأنها منحازة، وتعمل لصالح «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر الذي تدعم تركيا حكومة السراج في مواجهته.
وفي الإطار ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن تركيا سترد في الميدان على تفتيش السفينة التركية من قبل العسكريين الألمان في شرق البحر المتوسط. وقال جاويش أوغلو أمام البرلمان مساء الثلاثاء: «سنرد في الميدان على ما حدث، وسنتابع أيضاً العمليات القانونية والسياسية المتعلقة بهذا الحادث».
من ناحية أخرى، اعتبر إردوغان أن الدعم التدريبي والاستشاري الذي قدمته بلاده لحكومة «الوفاق» حال دون انجرار ليبيا إلى مزيد من الحرب الأهلية. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، مواصلة التدريبات المقدمة للقوات المسلحة الليبية، وذلك في نطاق مذكرة التفاهم للتدريب والتعاون والاستشارات العسكرية، الموقعة مع حكومة السراج في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وقالت الوزارة في تغريدة نشرتها على «تويتر»: «نواصل تقديم التدريبات للقوات المسلحة الليبية، في إطار اتفاق التدريب والتعاون والاستشارات العسكرية. ونهدف من خلال الدعم التدريبي المقدم للقوات المسلحة الليبية إلى الارتقاء بالجيش الليبي إلى المعايير الدولية».
جاء ذلك بالتزامن مع اجتماع مجلس الأمن القومي في مقر الرئاسة التركية في أنقرة أمس، برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان الذي بحث التطورات في ليبيا، بين مجموعة من القضايا الأخرى، منها العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والوضع في شرق البحر المتوسط، وملف سوريا؛ حيث أكد المجلس، بعد استعراض التطورات في ليبيا من مختلف الجوانب، والمفاوضات الجارية من أجل إحلال الاستقرار والتوجه إلى الانتخابات، أن تركيا ستواصل دعمها للحكومة الشرعية في ليبيا (حكومة السراج) من منطلق العمل للحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.