توسع رقعة الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والتشغيل في تونس

المتظاهرون أغلقوا مواقع إنتاج الغاز والمحروقات للضغط على حكومة المشيشي

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية أول من أمس (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

توسع رقعة الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والتشغيل في تونس

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية أول من أمس (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية أول من أمس (إ.ب.أ)

توسعت أمس دائرة الاحتجاجات الاجتماعية في تونس، لتشمل عدة ولايات (محافظات) تونسية، من بينها باجة والقيروان والقصرين وقابس، وعمد المحتجون إلى اقتحام وإغلاق مواقع إنتاج الغاز والمحروقات في جهاتهم، للضغط على حكومة هشام المشيشي، ودفعها لتنفيذ اتفاقيات تنمية تعود لسنوات مضت.
وشهدت أمس منطقة جلمة بولاية سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، مواجهات بين الأمن والمحتجين، بعد أن خرج عشرات الشباب للاحتجاج والمطالبة بتفعيل اتفاق يتعلق بإحداث مجموعة من المشروعات التنموية يعود إلى سنة 2017؛ لكن سرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى مواجهات مع قوات الأمن.
وفي باجة (شمال غربي) نظم عشرات الشبان، أمس، إضراباً للمطالبة بالتنمية والتشغيل، في وقت يتوقع فيه أن تواجه الحكومة التونسية خلال الأيام المقبلة مزيداً من الاحتجاجات المطالبة بامتيازات مالية وتنموية، مماثلة لما أقرته الحكومة لمحافظة تطاوين (جنوب شرقي).
في سياق ذلك، قررت نقابة العمال تنفيذ إضراب عام بكامل محافظة القيروان في الثالث من الشهر المقبل، بينما عمدت تنسيقية «اعتصام الصمود» في منطقة قابس إلى غلق وحدات تعبئة الغاز، خلال اعتصامها الذي تواصل للأسبوع الثاني على التوالي. أما تنسيقية «اعتصام الدولاب» بمنطقة القصرين (وسط غربي) فقد اقتحمت مقر الشركة البترولية، وأغلقت محطة ضخ النفط، كما فعل المحتجون في تطاوين التي عادت إلى التلويح بالاحتجاج من جديد في حال عدم تنفيذ الاتفاق الموقَّع مع الحكومة.
وخوفاً من توسع دائرة الاحتجاجات، سارعت الحكومة إلى إقرار 20 إجراء ذي طابع اقتصادي واجتماعي لفائدة ولاية قفصة (جنوب غرب)، شملت قطاعات الفلاحة والصحة والنقل والبيئة والسياحة والبنية التحتية والتشغيل. وأوضح رئيس الحكومة أن الهدف من تخصيص مجالس وزارية لفائدة الجهات هو «التفاعل الإيجابي مع المقترحات البناءة التي تخدم واقع التنمية في إطار رؤية حكومية متكاملة، تعتمد على مقاربة جديدة شاملة ومتناسقة، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جهة على حدة».ودافع المشيشي عن الحكومة التي يقودها منذ بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، بالتأكيد على أنها «لا تكرس ثقافة الوظائف الوهمية، ولا تغذي الخطاب الجهوي»، ملمحاً إلى أن «أطرافاً أخرى هي التي تقوم بذلك»، على حد تعبيره.
وبخصوص ملف «اعتصام الكامور» في ولاية تطاوين، أوضح المشيشي أنه تم خلق سوق لشركات البستنة، ووعد بتعميم هذه التجربة على بقية الشركات، معتبراً أن جهات تونس تعاني من التفاوت. كما عبر عن تفهمه للتحركات الاحتجاجية المنددة بغياب العدالة والمساواة؛ مؤكداً أن الحكومة تعمل على صياغة تنموية قادرة على خلق الثروة، وتجاوز الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب.
وكان المشيشي يرد من خلال هذه التصريحات على مطالب سكان عدة جهات، دعوا إلى الاستفادة من الامتيازات نفسها التي منحتها الحكومة إلى المحتجين في منطقة تطاوين؛ حيث مكنتهم من مشروعات تنمية وتشغيل بقيمة مالية تقدر بـ300 مليون دينار تونسي (حوالي 108 ملايين دولار)، وهو ما جعل جهات القيروان والكاف وسليانة، وقبلي وباجة والقصرين، تطالب بالاهتمام أيضاً بالجهات المحرومة، والحصول على تمويلات حكومية مماثلة.
وفي هذا الشأن، دعا رمضان بن عمر، المتحدث باسم «منتدى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية» (منظمة حقوقية مستقلة)، إلى ضرورة استرجاع ثقة التونسيين، لتجاوز حالة الاحتقان الاجتماعي في أكثر من مدينة؛ مؤكداً ضرورة الاعتماد على حسن إدارة الأزمة الحالية لتأجيل ما سماه «الانفجار الاجتماعي». وقال إن «الصمت الحكومي والتعلل بالوضع الصحي لتفريق الاحتجاجات الاجتماعية ومنع التجمعات، لن تمثل حلولاً للوضع الاجتماعي الصعب، ومن الضروري البحث عن حلول مختلفة عن الحلول الأمنية لتجاوز الأزمات المتتالية».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.