لبنان يسجل تراجعاً طفيفاً في عدّاده اليومي

وزير الصحة حسن حمد يزور مستشفى في حاصبيا (فيسبوك)
وزير الصحة حسن حمد يزور مستشفى في حاصبيا (فيسبوك)
TT

لبنان يسجل تراجعاً طفيفاً في عدّاده اليومي

وزير الصحة حسن حمد يزور مستشفى في حاصبيا (فيسبوك)
وزير الصحة حسن حمد يزور مستشفى في حاصبيا (فيسبوك)

بعد أكثر من أسبوع على الإقفال العام في لبنان، شهد عدّاد «كورونا» اليومي «تراجعاً طفيفاً»، حسبما أشارت إليه وزارة الصحة، أمس (الثلاثاء)، مشددة على «متابعة كل الأساليب الطبية والإرشادات المتاحة للخروج من الإقفال نهاية الأسبوع المقبل بنتائج مقبولة».
وأظهرت الأرقام المسجلة أول من أمس الاثنين تسجيل 1041 إصابة جديدة؛ بينها 1027 بين المقيمين، و14 بين الوافدين، ما يرفع العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 117 ألفاً و400، بينما تجاوز عدد الوفيات 900. وفي الوقت الذي يسير فيه الإقفال العام بشكل مقبول لجهة الالتزام، لا سيما مقارنة بالإقفالات الماضية، أوضح عضو «اللجنة العلمية لمكافحة فيروس (كورونا)» عبد الرحمن البزري أن تراجع عدّاد «كورونا» خلال اليومين الماضيين «لا يعني نجاح الإقفال العام، فلا بد من انتظار الأرقام التي ستصدر في الأيام الثلاثة المقبلة لتحديد النتائج».
ولفت البزري إلى أن «ما بعد الإقفال يشكل التحدي الأبرز»، مشدداً على «أهمية الخروج من هذه المرحلة بطريقة منظمة وبالتعاون مع جميع القطاعات المعنية».
وأعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، أن اللقاح «سيتوفر في لبنان في الربع الأول من العام المقبل»، وأنه «سيوزَّع تباعاً بحسب لوائح ستضعها الوزارة على أساس علمي تبعاً للأولويات الصحية». وتمنى حسن على بعض العلماء والأطباء أن يتركوا لأهل الاختصاص، لا سيما لـ«الجنة الوطنية»، الإعلان عن الاستراتيجية والتوقيت بشأن اللقاح ضد «كورونا» مع الاستفادة من آرائهم.
وبينما تُتداول أخبار عن قيام بعض المستشفيات بتسجيل وفيات تسببت فيها أمراض أخرى على أنها وفيات «كورونا»، طالب رئيس «الهيئة الوطنية الصحية» الدكتور إسماعيل سكريّة وزير الصحة بـ«دراسة ملفات موتى (كورونا)، خصوصاً في ظل كثير من التكتم حول تفصيل أسباب الوفاة في كثير من المستشفيات، مما يرفع درجات التوجس والشك في أخطاء طبية تتغطى بـ(كورونا)». وتساءل سكريّة عن الخلفيات التجارية لبعض المؤسسات الصحية التي تتلاعب بنتائج فحوصات «بي سي آر» بهدف التكرار المقبوض من المريض وقرض البنك الدولي.
من جهة أخرى، قدم النائب بلال عبد الله اقتراح «قانون الحماية من عدوى (كورونا) وسائر الأوبئة» ويتضمن «أحكاماً استثنائية للحماية من (كورونا) وسائر الأوبئة»، ويضمن «حق الموقوف في الرعاية الصحية والمصاب في تقاضي أجره كاملاً عن مجمل فترة الحجر». ولحظ اقتراح القانون نصوصاً تضمن وضع حد للاكتظاظ داخل السجون، لأن «للموقوفين حقوقاً بموجب المعاهدات الدولية، وفي مقدمها الحق في الرعاية الصحية، والحق في ألا تصيبهم أمراض في السجن؛ لأن الإصابة بأي مرض داخل السجن ليست جزءاً من عقوبة السجين».
و«تخفيفاً للضغوط الاقتصادية والنفسية التي قد تدفع الأجير إلى عدم التزام الحجر وفقاً لتعليمات السلطات الصحية» جرى تضمين اقتراح القانون نصاً صريحاً يحمي حق المصاب في تقاضي أجره كاملاً عن مجمل فترة الحجر.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».