أعضاء «النواب» الليبي يتوافقون على عقد اجتماعهم المقبل في غدامس

وجّهوا من طنجة رسالة بأن أي مخرج لحل الأزمة لا يمكن أن يتم بمنأى عنهم

وزير خارجية المغرب خلال الجلسة الافتتاحية الرسمية للقاء طنجة التشاوري بين أعضاء مجلس النواب الليبي مساء أمس (الشرق الأوسط)
وزير خارجية المغرب خلال الجلسة الافتتاحية الرسمية للقاء طنجة التشاوري بين أعضاء مجلس النواب الليبي مساء أمس (الشرق الأوسط)
TT

أعضاء «النواب» الليبي يتوافقون على عقد اجتماعهم المقبل في غدامس

وزير خارجية المغرب خلال الجلسة الافتتاحية الرسمية للقاء طنجة التشاوري بين أعضاء مجلس النواب الليبي مساء أمس (الشرق الأوسط)
وزير خارجية المغرب خلال الجلسة الافتتاحية الرسمية للقاء طنجة التشاوري بين أعضاء مجلس النواب الليبي مساء أمس (الشرق الأوسط)

عقد أعضاء مجلس النواب الليبي الملتئمون منذ الاثنين في منتجع «هيلتون هوارة» بضواحي مدينة طنجة المغربية، أمس، جلستين تشاوريتين ترومان وضع حد للانقسام الذي يعصف بمجلس النواب، وتذويب الجليد بين مختلف المكونات السياسية الليبية بعد مدة طويلة من التباعد.
وحقق النواب الليبيون أمس اختراقاً تمثل في اتفاق مبدئي على عقد مجلس النواب الليبي اجتماعه قريباً في مدينة غدامس، الواقعة في الجنوب الغربي للعاصمة طرابلس، والتي تعد واحدة من أقدم مدن العالم الصحراوية.
ووصف النائب صالح فحيمة عن دائرة سرت أجواء الجلسة الصباحية للقاء التشاوري بأنها «كانت قمة في التفاهم»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الكل تفهم الخلافات القائمة، وجرى في النهاية الاتفاق على كثير من النقاط التي لم يجرِ التصويت عليها، وتوقع أن يتم ذلك خلال الجلسة المسائية ليوم أمس، أو اليوم (الأربعاء). وأضاف فحيمة موضحاً: «جرى الاتفاق على أن تكون الجلسة المقبلة لمجلس النواب بالنصاب الكامل في مدينة غدامس، نظراً لكونها تتوفر على المتطلبات اللوجيستية والأمنية الضرورية لانعقاد المجلس، زيادة على كونها تقع خارج التجاذبات القائمة بين منطقتي الشرق والغرب، مع التأكيد على أن المقر القانوني والدستوري للمجلس هو مدينة بنغازي (شرق)».
وعدّ النائب فحيمة لقاء طنجة «محاولة لتوحيد مجلس النواب الليبي حتى يتمكن مجتمعاً من الوفاء بالاستحقاقات الدستورية، وأهمها على الإطلاق إصلاح قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية»، وأكد أن الجميع رحّب بما جرى التوصل إليه في طنجة، مشيراً إلى أن نتيجة لقاء تونس الوحيدة التي جرى التوصل إليها هي تحديد موعد الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021. وإن لم يكن ذلك إنجازاً مميزاً، في نظره، لأنه جرى التوصل إلى هذه النتيجة عام 2018، لكن تعثر إنجاز هذا المخرج بسبب عدم وجود قاعدة قانونية ودستورية تقوم عليها الانتخابات.
وجدّد النائب فحيمة التأكيد على أن أجواء لقاء طنجة «كانت إيجابية» بصفة عامة، وزاد قائلاً: «نحن متفائلون جداً، وسوف يصدر بيان ختامي إن لم يكن مساء اليوم الثلاثاء (أمس) فغداً الأربعاء، وذلك بتوافق كبير جداً، وربما لن تكون هناك أي معارضة. وهذا يحدث لأول مرة في مجلس النواب».
في غضون ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أنه من المفترض أن ينهي أعضاء مجلس النواب اليوم (الأربعاء) اجتماعهم في طنجة، لكن من المحتمل أن يظل النواب في المغرب حتى السبت المقبل.
بدورها، قالت النائبة ربيعة عبد الرحمن أبو راس (عن دائرة طرابلس) إن الجلسة الصباحية ليوم أمس «كانت بداية موفقة بعض الشيء، رغم الاختلاف والخلاف بيننا بشأن أسلوب الحل، لكن في الأخير حدث بيننا نوع من الإيجابية».
وتمنت أبو راس أن تحقق هذه الإيجابية «نتائج على الأرض، ونرجع لليبيا، ونجتمع في مدينة غدامس، ونحقق نتائج أفضل». مضيفة: «سنتفق على غدامس، وسنلتقي فيها للاتفاق على خريطة طريق نحقق من خلالها توحيد المؤسسات، والاستقرار والانتخابات والدستور، باعتبارها أشياء يحلم بها الليبيون وأعضاء المجلس». وبشأن حالة الشد والجذب التي عرفتها الجلسة الصباحية أمس، قالت أبو راس: «الصوت العالي لا يعني أن هناك شداً. الصوت العالي هو بداية للتوافق والحل، والأمر يتعلق بخلاف بسيط حقق حوله توافقاً، ونوعاً من الهدوء، والتزاماً أكبر وأوسع».
وبدا من خلال اجتماع طنجة التشاوري أن أعضاء مجلس النواب، بمختلف مشاربهم، يرغبون في توجيه رسالة إلى ستيفاني ويليامز، رئيسة البعثة الأممية للدعم في ليبيا بالنيابة، مفادها أن أي مخرجات لحل الأزمة الليبية لا يمكن أن تتم بمنأى عن مجلس النواب، المنتخب الشرعي. كما أن هذه الرسالة تبين رفضهم للطرح الجديد، الذي تقدم به عدد من أعضاء المجلس في حوار تونس، والذي حظي بقبول دولي.
وهو طرح يتلخص في إنهاء وإلغاء الأجسام المؤسساتية الحالية كافة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لولاية مدتها عام واحد، تكون مهمتها الأساسية الإعداد للانتخابات العامة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.