الأمم المتحدة تحقق في «مزاعم رشوة» خلال «ملتقى تونس» الليبي

وسط تصاعد الأزمة، التي أحدثتها أنباء عن محاولة مزعومة لـ«شراء ذمم» بعض المشاركين بمنتدى الحوار السياسي الليبي في جولته الأولى بالعاصمة تونس، الأسبوع الماضي لترشيح شخصيات بعينها لمناصب قيادية في السلطة الجديدة، أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، أنها قد أحالت جميع التقارير المتعلقة بـ«مزاعم الرشوة» إلى فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة.
وأضافت المبعوثة الأممية مساء أول من أمس أن «هذه الأفعال، إذا ثبت حدوثها، يمكن أن تشكل عرقلة للعملية السياسية، وقد يخضع المعرقلون لعقوبات»، مشيرة إلى أن «البعثة تواصلت مع القائم بأعمال النائب العام الليبي للبحث في هذه الواقعة، لكنها طمأنت المشاركين أنه «بمجرد توفر أي معلومات بخصوص هذه المزاعم فإنكم ستكونون أول من يطلع عليها». ولقي هذا التحرك الأممي ترحيباً بين الأفرقاء والنشطاء بالبلاد، نظراً لما خلفته هذه القضية من لغط كبير في الشارع السياسي، وسط مطالبات بالكشف عن المتورطين في «محاولة إفساد مرحلة توجه البلاد إلى الاستحقاق الانتخابي».
ووصفت الزهراء لنقي، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة «منبر المرأة الليبية من أجل السلام»، تحرك البعثة حيال هذه الواقعة بـ«الخطوة الجيدة»، وهو الأمر الذي رحب به أيضاً سياسيون ليبيون وحقوقيون.
وكانت وسائل إعلام ليبية قد روجت بأن رجل الأعمال الليبي علي الدبيبة، أحد المشاركين بالمنتدى، يقف وراء هذه العملية. لكن ابن عمه عبد الحميد الدبيبة، الذي ترشحه بعض الدوائر لمنصب رئاسة الحكومة الجديدة، انتقد ما سماه بـ«الإشاعات»، وقال: «نحن نشارك في الحوار برؤوس مرفوعة لخدمة ليبيا، ولا يمكن أن نقع في خطأ، وما قيل عار عن الصحة».
في السياق ذاته، دافع علي الدبيبة، الذي ينتمي إلى مدينة مصراتة (غرب)، عن نفسه، وطالب البعثة الأممية بفتح تحقيق فوري في «مزاعم شراء أصوات الأعضاء المشاركين في الحوار الليبي بتونس»، وقال في بيان أصدره للحد من حالة الغمز واللمز، التي سادت وسائل الإعلام، إن عدم فتح الملف بشفافية «سيهز ثقة الشعب بأعضاء الحوار، كما ستهتز ثقتهم بنوايا البعثة الأممية»، حسب تعبيره. وأضاف الدبيبة موضحا: «رأيت أنه من واجبي ومن حقي أن أطالب السيدة ستيفاني ويليامز بطرح الموضوع أمامنا جميعاً بشفافية، وبكل تفاصيله، لأنه من غير المعقول أن نسمح للمتورطين بالاستمرار في الحوار، وتقرير إرادة الشعب في هذه المرحلة التاريخية».
وسبق أن وجه 56 سياسيا ليبيا، شاركوا في الجولة الأولى من الحوار السياسي بتونس خطاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عبروا فيه عن انزعاجهم مما سموه «وجود ممارسات فساد، واستخدام المال السياسي في عملية الترشيح للسلطة التنفيذية خلال أعمال المنتدى»، وطالبوا بأن يكون التحقيق بـ«أعلى درجة من الشفافية»، على أن «يتم منع جميع من يثبت تورطهم في هذه الواقعة من المشاركة في المنتدى».
كما طالبت 11 منظمة حقوقية ليبية بالاستمرار في التحقيق في «مزاعم»، تشير إلى تورط بعض المشاركين في ملتقى الحوار السياسي بتونس في محاولة «شراء» أصوات لمصلحة بعض المرشحين، الطامحين في تولي مناصب في الحكومة والمجلس الرئاسي المقبل. وشددت المنظمات في خطاب مفتوح إلى غوتيريش وويليامز، والقائم بأعمال النائب العام الليبي، المستشار إبراهيم مسعود، على ضرورة «اتخاذ كل الإجراءات التي تساعد على كشف الحقيقة، والإعلان عن أعضاء الحوار المتورطين في وقائع الفساد، واستبعادهم من الحوار، واستبدال آخرين بهم، وإبلاغ الرأي العام بنتائج التحقيق»، إضافة إلى «حرمان كل من يثبت تورطه في وقائع الفساد من الترشح للمناصب السيادية، سواء في المجلس الرئاسي أو الحكومة» الجديدة.