فلسطيني قصد «داعش» واعتقلته مخابرات الأسد وتحاكمه إسرائيل

والده قال إنه عانى ظروفا مأساوية وتعرض لتعذيب قاس

فلسطيني قصد «داعش» واعتقلته مخابرات الأسد وتحاكمه إسرائيل
TT

فلسطيني قصد «داعش» واعتقلته مخابرات الأسد وتحاكمه إسرائيل

فلسطيني قصد «داعش» واعتقلته مخابرات الأسد وتحاكمه إسرائيل

سمح جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، أمس، بنشر أخبار اعتقال شاب عربي (من فلسطينيي 48)، كان قد غادر إلى سوريا بهدف الانضمام إلى تنظيم داعش، فوقع في قبضة جيش النظام السوري ومخابراته. وبعد تعرضه لتعذيب قاس، أعيد إلى إسرائيل، حيث جرى حبسه بسرية مطلقة 3 أسابيع، ولم يكشف عن قضيته حتى أمس.
وجاء في بيان صادر عن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يعمل جهاز «الشاباك» تحت كنفه، أنه «في إطار تحقيقات أجراها جهاز الأمن العام (الشاباك)، بالتعاون مع وحدة التحقيقات المركزية التابعة للشرطة، جرى في يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، اعتقال المدعو يوسف يعقوب محمد نصر الله، البالغ من العمر نحو 21 عاما، من سكان مدينة قلنسوة، في معبر نهر الأردن خلال عودته من سوريا. واعترف نصر الله خلال التحقيق معه، بأنه سافر في 18 أبريل (نيسان) 2014، إلى الأردن متوجها إلى سوريا، للانضمام إلى صفوف أحد التنظيمات المتطرفة العاملة هناك. وقد تم اعتقال نصر الله على يد المخابرات السورية بعد ساعات قليلة من تجاوزه الحدود الأردنية إلى الأراضي السورية. ومنذ اعتقاله وحتى الإفراج عنه، جرى التحقيق معه على يد المخابرات السورية بشكل موسع ومطول، حيث طلب منه تقديم المعلومات حول مواقع إسرائيلية أمنية. كما تم تعذيبه بشكل بالغ القسوة طوال فترة التحقيق. وبعد أيام قليلة من إطلاق سراحه، وصل يوسف إلى معبر نهر الأردن الحدودي، وهو يعاني من وضع صحي مترد جدا».
وحرص بيان الحكومة الإسرائيلية على التأكيد على أن التحقيق مع نصر الله في إسرائيل، «بدأ بعد أن أنهى الفحوصات الطبية كافة ومستلزماتها الواسعة النطاق».
وقال البيان إن «ظاهرة خروج عرب إسرائيليين إلى سوريا ظاهرة بالغة الخطورة، مع التنبيه على أن الأراضي السورية مرتوية بأنشطة لجهات معادية لإسرائيل وعلى رأسها التنظيمات المتطرفة. إن المواطنين العرب الإسرائيليين الذين يسافرون إلى هناك، يتلقون تدريبات عسكرية من قبل تنظيمات متطرفة. وهنالك خشية من تعرضهم للاستغلال من قبل تلك التنظيمات الإرهابية العاملة في سوريا، لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل، ولاستخدامهم بوصفهم مصادر للمعلومات عن أهداف حساسة في إسرائيل. كما يوجد خطر حقيقي لوقوعهم في أسر القوات المؤيدة لنظام الأسد، والزج بهم خلف القضبان في ظروف بالغة الصعوبة، مع تعذيبهم واتهامهم بالتجسس لصالح إسرائيل».
واتضح أن التحقيق مع الشاب الصغير نصر الله قد انتهى، وقدمت أمس لائحة اتهام ضده في محكمة الصلح في كفار سابا، حيث وجهت إليه تهم «التفريط بأمن إسرائيل، وإعطاء معلومات أمنية للعدو».
وعلق والده يعقوب على ذلك قائلا: «ابني دخل بالخطأ إلى سوريا، ولم يعرف بالضبط الجهة التي تعتقله هناك. وقد مر بمرحلة تعذيب قاسية، وجرى وضعه مع 120 سجينا آخرين، في ظروف مأساوية. وتعرض للضرب المبرح والتعذيب والتنكيل، وانخفض وزنه في هذه الفترة 20 كيلوغراما. وعندما وجدوا أنه بريء سلموه إلى السفارة الفلسطينية في دمشق، وقامت هذه بنقله إلى الأردن»، فيما قال محاميه موشيه الوني إنه «في حالة نفسية غير مستقرة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.