الليرة التركية تعاود مسار الهبوط بعد انتعاشة مؤقتة

كشفت إحصاءات رسمية تركية عن تراجع للسياحة بنسبة تفوق 72 % منذ بداية العام (إ.ب.أ)
كشفت إحصاءات رسمية تركية عن تراجع للسياحة بنسبة تفوق 72 % منذ بداية العام (إ.ب.أ)
TT

الليرة التركية تعاود مسار الهبوط بعد انتعاشة مؤقتة

كشفت إحصاءات رسمية تركية عن تراجع للسياحة بنسبة تفوق 72 % منذ بداية العام (إ.ب.أ)
كشفت إحصاءات رسمية تركية عن تراجع للسياحة بنسبة تفوق 72 % منذ بداية العام (إ.ب.أ)

عاودت الليرة التركية مسار الهبوط أمام الدولار، في مستهل تعاملات الأسبوع أمس (الاثنين)، مسجلة هبوطاً بنسبة 1.3 في المائة مقابل الدولار، في الوقت الذي كشفت فيه إحصاءات رسمية عن تراجع للسياحة بنسبة تفوق 72 في المائة خلال الأشهر العشرة المنقضية من العام الحالي. وأرجع خبراء عودة هبوط الليرة إلى تعزيز المستثمرين المحليين مراكزهم من العملات الأجنبية والذهب، عقب ارتفاع قوي لليرة التركية، جاء بعد تغييرات في صناع السياسة الاقتصادية، شملت رئيس البنك المركزي ووزير الخزانة والمالية.
وتراجعت الليرة التركية في تعاملات أمس إلى 7.77 ليرة للدولار، من مستوى إغلاق نهاية الأسبوع يوم الجمعة، عند 7.65 ليرة للدولار. وارتفعت الليرة من مستوى هبوط قياسي بلغ 8.58 ليرة للدولار هذا الشهر، بعد أن تعهد الرئيس رجب طيب إردوغان بنهج جديد للاقتصاد أكثر اتساقاً مع السوق، بعد تعيين محافظ للبنك المركزي ووزير للمالية جديدين، وعقب زيادة أسعار الفائدة 475 نقطة أساس.
ورفع البنك المركزي التركي، الخميس، أسعار الفائدة من 10.25 إلى 15 في المائة، على عمليات إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو) تماشياً مع توقعات تصاعدت عقب تعيين إردوغان رئيساً جديداً للبنك، هو وزير المالية السابق ناجي أغبال، واستقالة «صهر الرئيس» وزير الخزانة والمالية، برات ألبيراق.
واستجابت الليرة التركية لقرار البنك المركزي رفع أسعار الفائدة، وارتفعت عقب القرار إلى 7.50 ليرة للدولار في نهاية تعاملات الخميس، مقارنة مع 7.71 في بدايتها.
واستردت الليرة التركية 12 في المائة من قيمتها عقب التعيينات الجديدة في الإدارة الاقتصادية. ويتوقع أن يكون سعر الفائدة الذي ارتفع إلى 15 في المائة بمثابة الذروة في هذه المرحلة، في حال لم تحدث زيادة مفاجئة في التضخم والمخاطر الجيوسياسية. وكانت الليرة التركية قد خسرت 30 في المائة من قيمتها منذ بداية العام.
واعتبر إردوغان الذي حارب ضد أسعار الفائدة التي أعلن نفسه «عدواً» لها، أن خطوة رفع سعر الفائدة الرئيسي في الاجتماع الأخير كانت بمثابة «الدواء المر» الذي لا بد من تناوله من أجل التعافي.
وتستخدم هذه السياسة النقدية من جانب البنوك المركزية عالمياً، لإعادة ضبط السيولة المحلية في الأسواق، وإبطاء نمو الإقراض المصرفي، وتدفع لتراجع الاستهلاك، وبالتالي هبوط التضخم في الأسواق. وارتفع التضخم في تركيا خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى 11.89 في المائة على أساس سنوي، في حين يسعى «المركزي» إلى خفض أسعار المستهلك إلى متوسط 8 في المائة.
وفي وقت سابق، توقعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني تنامي المخاطر المالية والاقتصادية في تركيا؛ خصوصاً مع بلوغ سعر صرف الليرة مستوى منخفضاً أمام الدولار. وقالت الوكالة إن تركيا لم تشدد السياسة النقدية بما يكفي لدعم الليرة، وإن احتياطيات النقد الأجنبي والتمويل الخارجي للبلاد يبقيان النقطة الأضعف في الاقتصاد.
وأظهرت البيانات الأسبوعية الصادرة عن البنك المركزي التركي، تراجع إجمالي احتياطيات البنك خلال الأسبوع الماضي بمقدار مليارين و890 مليون دولار، إلى 82 ملياراً و351 مليون دولار. كما أن إجمالي احتياطي البنك المركزي التركي من العملة الأجنبية انخفض في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) بمقدار مليار و540 مليون دولار، إلى 40 ملياراً و374 مليون دولار. أما إجمالي احتياطي الذهب، فتراجع بمقدار مليار و350 مليون دولار، إلى 41 ملياراً و977 مليون دولار.
وكشفت بيانات من وزارة السياحة التركية، أمس، أن عدد الزوار الأجانب الوافدين على البلاد انخفض بنسبة 59.4 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر، ليبلغ 1.74 مليون سائح، إذ تستمر معاناة الاقتصاد للتعافي من تبعات وباء «كورونا».
وأوضحت البيانات أن عدد الوافدين الأجانب انخفض في أول 10 أشهر من العام 72.5 في المائة إلى 11.2 مليون سائح.



«ستاندرد آند بورز» تحذر من تأثير السياسات الأميركية على اقتصادات أوروبا الوسطى

يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز» تحذر من تأثير السياسات الأميركية على اقتصادات أوروبا الوسطى

يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)

أفادت وكالة «ستاندرد آند بورز»، الخميس، بأن التصنيفات الائتمانية لأوروبا الوسطى، التي تحمل أغلبها نظرة مستقرة أو إيجابية، تتمتع بمرونة كبيرة، ولكن الطريقة التي ستتبعها الإدارة الأميركية الجديدة في الوفاء بوعودها الانتخابية قد تشكل تحدياً.

وفي تقرير بعنوان: «آفاق التصنيف السيادي لأوروبا الوسطى والشرقية لعام 2025»، قالت الوكالة إنه في ظل بعض السيناريوهات، قد تؤدي التعريفات التجارية الأميركية الأعلى على الاتحاد الأوروبي، وارتفاع حالة عدم اليقين بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى عرقلة نمو أوروبا الوسطى نتيجة تراجع الطلب الخارجي من أوروبا الغربية. وتعد كل من جمهورية التشيك والمجر وسلوفاكيا من البلدان الأكثر تأثراً بسبب الروابط العميقة مع قطاع السيارات الألماني، وقواعد تصنيع العلامات التجارية الألمانية. ومن المرجح أن تتأثر بولندا، أكبر اقتصاد في المنطقة، بشكل أقل بفضل اعتمادها المحدود على الصادرات وتنويع اقتصادها.

وقالت كارين فارتابيتوف، المحللة الرئيسة في وكالة التصنيف السيادي لأوروبا الوسطى والشرقية ورابطة الدول المستقلة، لـ«رويترز»: «التصنيفات مرنة للغاية. يمكن اختبار خطوط الأساس لدينا من خلال الطريقة التي تفي بها الإدارة الأميركية الجديدة بوعودها قبل الانتخابات». وأضافت: «قد تكون التأثيرات غير المباشرة من خلال الضعف في أوروبا المتقدمة، بما في ذلك ألمانيا، كبيرة للغاية. رغم أن خط الأساس يشير إلى مرونة التصنيفات، فإن عدم اليقين بشأنه قد زاد إلى حد ما».

وأوضحت فارتابيتوف أنه إذا كان الطلب المحلي الألماني مرناً، فمن غير المرجح أن تتأثر الصادرات البولندية بشكل كبير مقارنة بدول وسط أوروبا الأخرى، مثل المجر أو جمهورية التشيك، التي توجه صادراتها بشكل أكبر نحو قطاع السيارات.

وتتمتع بولندا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي خارج منطقة اليورو، أيضاً بأعلى نسبة من الإنفاق الدفاعي مقارنة بالناتج الاقتصادي بين دول حلف شمال الأطلسي، مما يجعلها أقل عُرضة لدعوات الرئيس المنتخب دونالد ترمب لزيادة الإنفاق الدفاعي.

وقال توني هوش، رئيس غرفة التجارة الأميركية في بولندا: «بولندا في وضع أفضل سياسياً واقتصادياً بالنسبة لأي تغييرات قد تطرأ نتيجة لإدارة ترمب الجديدة تجاه أوروبا». وأضاف: «سوف تتأثر إذا واجهنا مضاعفات تجارية، ولكن بشكل أقل من كثير من البلدان الأخرى، وربما بشكل أقل بكثير في بعض الحالات».

ومع ذلك، قد تتعطل القصة الإيجابية لبولندا في حال حدوث ركود حاد في الاقتصاد الألماني المجاور، وهذا يعتمد على تطورات الحرب في أوكرانيا. وقد حذّر بعض المستثمرين من أن هذين العاملين يشكلان مخاطر رئيسة.

نظرة بناءة

ورغم هذه التحديات، قالت فارتابيتوف إن «ستاندرد آند بورز» تحتفظ بنظرة بناءة بشكل عام بشأن توقعات النمو في أوروبا الوسطى، باستثناء أي صدمات خارجية كبيرة أو تصعيد في التوترات التجارية العالمية، والتي قد تعرقل مسارات النمو العالمية والأوروبية.

وأضافت: «في خط الأساس لدينا، ستظل أوروبا الوسطى والشرقية واحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم، وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بالتركيبة السكانية، فإننا نتوقع أداء نمو معقول على المدى المتوسط».

وتتوقع «ستاندرد آند بورز» أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا الوسطى إلى 2.8 في المائة خلال العام المقبل من 2 في المائة عام 2024، مدفوعاً بزيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات بفضل الأموال الأوروبية.

وقالت فارتابيتوف إن البنوك المركزية في بولندا والمجر من المرجح أن تستأنف خفض أسعار الفائدة العام المقبل، على الرغم من أنّ كلاً من تقلبات العملة والتضخم الثابت في جميع أنحاء المنطقة قد خلق «خلفية صعبة للغاية» لصنّاع السياسات.

كما أضافت أن المشهد السياسي المتفتت بعد الانتخابات في رومانيا من المرجح أن يعقد جهود الحكومة في كبح العجز الكبير في الموازنة، الذي يبلغ نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الهدف الذي تسعى رومانيا لتحقيقه على مدار سبع سنوات.

وقالت فارتابيتوف: «كما رأينا في بعض البلدان، يشكل خطر الائتلافات الحاكمة المتفتتة تهديداً لسياسات مالية أكثر مرونة».

وأوضحت: «في خط الأساس لدينا، نتوقع توحيداً تدريجياً في الأمد المتوسط، بدعم من توقعات نمو معقولة والجهود السياسية، لكن المخاطر التي تهدد هذا الخط الأساسي لا تزال قائمة. لدى رومانيا سجل حافل بنتائج مالية أضعف مقارنة بالأهداف المحددة».