أعضاء «النواب» الليبي يبحثون في طنجة انتخاب رئيس جديد... و«تحكّم الميليشيات»

في اجتماع تشاوري بهدف إنهاء حالة انقسام تعصف بالمجلس

جانب من الموائد المستديرة غير الرسمية بين النواب الليبيين في طنجة أمس (الشرق الأوسط)
جانب من الموائد المستديرة غير الرسمية بين النواب الليبيين في طنجة أمس (الشرق الأوسط)
TT

أعضاء «النواب» الليبي يبحثون في طنجة انتخاب رئيس جديد... و«تحكّم الميليشيات»

جانب من الموائد المستديرة غير الرسمية بين النواب الليبيين في طنجة أمس (الشرق الأوسط)
جانب من الموائد المستديرة غير الرسمية بين النواب الليبيين في طنجة أمس (الشرق الأوسط)

جرى إرجاء الاجتماع التشاوري بين أعضاء مجلس النواب الليبي، الذي كان مبرمجاً أمس في منتجع «هلتون هوارة» بضواحي مدينة طنجة المغربية، إلى اليوم (الثلاثاء). وعزا مصدر في مجلس النواب الليبي هذا الإرجاء إلى مشاركة 12 نائباً في اجتماع الدائرة المغلقة، عبر تقنية «زووم»، مع بعثة الأمم المتحدة في تونس.
ويشارك في اجتماع طنجة، الذي يتواصل إلى يوم غد (الأربعاء) 105 من أعضاء مجلس النواب، ويتوقع أن يلتحق بطنجة نواب آخرون. وسيعقد الافتتاح الرسمي للاجتماع التشاوري صباح اليوم بحضور ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب. لكن عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، لن يكون حاضراً فيه، فيما يتوقع أن يحضره نائبه الأول فوزي النويري.
وعقدت أمس، موائد مستديرة غير رسمية بين النواب الليبيين الحاضرين، بهدف تذويب الخلافات حول القضايا العالقة قبل عقد الجلسة الرسمية.
ويأتي لقاء طنجة التشاوري بعد خلافات ظهرت على مستوى الحوار السياسي، الذي عقد في تونس أخيراً. كما أنه جاء بدعوة من رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) المغربي، الحبيب المالكي.
وقالت النائبة فاطمة الصويعي، المقربة من حكومة الوفاق في طرابلس، لـ«الشرق الأوسط»، إن أهم القضايا التي سيجري بحثها في لقاء طنجة «التئام مجلس النواب الليبي، ولقاء النواب في مدينة واحدة»، وعدت وصول عدد النواب الحاضرين إلى 105 نواب بأنه «أمر مفرح».
ومن مجموع 105 من النواب، الذين حضروا طنجة، هناك 75 نائباً محسوبون على حكومة الوفاق، و30 نائباً من الجهة الأخرى، إضافة إلى بعض المستقلين.
وعبرت الصويعي عن أملها في أن يلتحق بقية أعضاء مجلس النواب الموجودين في ليبيا بزملائهم، الذين شاركوا في لقاء طنجة لدى عودتهم إلى ليبيا، وتحديد مدينة ليبية مناسبة تتوفر فيها الترتيبات اللوجيستية والأمنية اللازمة لاحتضان جلسة لمجلس النواب، واختيار رئاسة جديدة للمجلس، خلفاً لعقيلة صالح ومنح الثقة في حالة نتج عن الحوار الوطني تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وبخصوص نقاط الخلاف الأساسية التي خلقت انقساماً داخل مجلس النواب الليبي، أشارت الصويعي إلى وجود بعض الميليشيات المسيطرة على مفاصل الدولة، إضافة إلى الخلاف حول رئاسة مجلس النواب، وعدم تطبيق اللائحة الداخلية للمجلس. علاوة على بعض القرارات التي تؤخذ، حسبها، بشكل خاطئ.
بدوره، قال النائب سعد محمد الجزوي، عن دائرة بنغازي، المقرب من حكومة الوفاق: «ننتظر أن يضع لقاء طنجة اللمسات الأخيرة بشأن التئام مجلس النواب للاضطلاع بمهامه، والقيام بواجباته في هذه المرحلة لأننا نعلم أن الإرادة الليبية أصبحت رهينة للخارج، وأنه لا أحد يستطيع أن يقوم بدور مثلما يستطيع أن يقوم به الأعضاء المنتخبون. نحن نريد أن نعيد للأمة الليبية أداتها الحقيقية للمحافظة على سيادتها ومقدراتها وأموالها».
كما شدد الجزوي في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة انتخاب رئاسة مجلس النواب، وتحديد مكان انعقاد الجلسة الأولى للمجلس، وتحديد أولويات المجلس في المرحلة المقبلة. وقال إن «جلوسنا اليوم في طنجة ليس بداية، بل هو إحدى الحلقات المتوجة لجهد متصل للجنة التواصل المنعقدة بين النواب الموجودين في طبرق، والنواب الموجودين في طرابلس».
من جهته، قال النائب المستقل خليفة صالح سعيد الدغاري، عن دائرة الرأس الأخضر لـ«الشرق الأوسط»، إن وجود أعضاء بمجلس النواب في طنجة «يروم بالدرجة الأولى وضع نهاية لحالة الانقسام التي تعصف بالمجلس»، مشيراً إلى أنه «بدل وجود كتلة في طرابلس، وأخرى في طبرق، وأخرى مستقلة، نحن محتاجون إلى لمّ مجلس النواب بالكامل حتى يكون قادراً على عقد جلسات للنظر في التعديلات الدستورية، التي تتطلب غالبية موصوفة، وهي غالبية لا يمكن الحصول عليها إلا بعد التئام المجلس».
ووصف الدغاري لقاء طنجة واللقاءات السابقة التي جرت في الصخيرات وبوزنيقة، وحضور خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، إلى الرباط بأنها «لقاءات إيجابية»، مشيراً إلى أن المغرب «دولة لا توجد لديها مصالح سياسية في ليبيا، ولا هي دولة جوار. بيد أن جميع النواب اعتبروا أن المغرب يقف موقف الحياد، وعلى مسافة واحدة من جميع أطراف الأزمة الليبية».
وأوضح الدغاري، رئيس كتلة السيادة الوطنية في مجلس النواب، وهي أول كتلة تأسست فيه، وتتكون من 47 عضواً: «لقد جئنا إلى طنجة من أجل المساعدة في المحافظة على المسار الديمقراطي باعتبارنا مجلس نواب منتخباً، ولا يقبل بغير المسار الديمقراطي، ولا يقبل بغير الدولة المدنية بديلاً، ويسعى للحصول على قاعدة دستورية متوافق عليها، يتم على أساسها تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية تفضي إلى دولة مدنية دائمة وتخرج ليبيا من مرحلة الصراع على السلطة، وحالة الانقسام في المؤسسات، سواء كانت مؤسسات سيادية أو تنفيذية، أو عسكرية أو أمنية».
وكان رئيس مجلس النواب المغربي قد عبر في دعوته، التي وجهها لأعضاء مجلس النواب الليبي لحضور لقاء طنجة، حرص الرباط على «مساعدة الشعب الليبي في تحقيق الاستقرار المنشود، مع السعي لتوفير جميع سبل نجاح لقاء طنجة»، الذي يسبق استئناف «حوار بوزنيقة» بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب في ليبيا خلال الأسابيع المقبلة، في إطار العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.