محامو لبنان يطلقون مبادرة وطنية لـ«استرداد الدولة»

ملحم خلف (تويتر)
ملحم خلف (تويتر)
TT

محامو لبنان يطلقون مبادرة وطنية لـ«استرداد الدولة»

ملحم خلف (تويتر)
ملحم خلف (تويتر)

أطلق نقيب المحامين في لبنان، ملحم خلف، مبادرة وطنية بعنوان: «معاً نسترد الدولة... استقلال 2020» تقوم على تشكيل حكومة مستقلين اختصاصيين بصلاحيات تشريعية محددة، فضلاً عن إقرار قانون مجلس شيوخ وقانون انتخاب خارج القيد الطائفي، طالباً من المعنيين في السلطة «الاطلاع عليها بالسرعة القصوى». وعدّ خلف خلال إطلاق المبادرة أنّه لن «يكون هناك وطن طالما لم تُسترد الدولة بمؤسساتها»، واصفاً إياها بـ«الإنقاذية والوطنية البعيدة كلّ البعد عن أي تجاذبات ومصالح» وبـ«خريطة طريق للخروج من الأزمة الأخلاقية التي أطبقت على الحياة العامة».
وقال خلف: «إننا لسنا بساعين إلى سلطة ولا بانقلابيين؛ بل نريد التغلب على الواقع المرير بمسار دستوري وسلمي وحقوقي وديمقراطي»، مضيفاً أن الهدف من المبادرة «استرداد الدولة بإعادة تكوين السلطة لإعادة بناء الوطن».
وشدّد خلف على أن المبادرة هي «صناعة لبنانية مائة في المائة» وأنها تقدّم «نهجاً جديداً يربط المواطن بالدولة على أساس الحقوق والواجبات».
وفي حين أوضح خلف أن «المبادرة مقرونة بخطوات عمليّة واضحة المعالم وهي سهلة التنفيذ وعلى حجم أوجاع الناس وآمالهم» لفت إلى أن «مبادئ هذه المبادرة تبقى مفتوحة للنقاش البنّاء بما يُطمئن كلّ الهواجس، فلا مسلّمات إلا إنقاذ لبنان والعيش الواحد فيه، أمّا المطلوب فواحد؛ وهو أصحاب الإدارات الصلبة لتنفيذها». وعدّ خلف أن «اللبنانيين قادرون على تحديد ملامح الدولة الكفوءة والنظيفة التي يريدونها، وهي دولة القانون وحقوق الإنسان والحريات، وهي دولة تحميهم وتدافع عنهم وتمارس سيادتها الفاعلة وسلطتها الحازمة بعدالة على كامل أراضيها، وتصون حدودها بكلّ المعايير الوطنيّة»، وأنّ «مواجهة الانهيارات لا تكون بالمحاصصات ولا بالزبائنيات؛ بل بصحوة ضمير عند الجميع، وتحديداً عند السلطة، فهناك بيت القصيد التعطيلي والقفز فوق الدستور والدوس على أوجاع الشعب».
وفي ما خصّ تفاصيل المبادرة، أوضح نقيب المحامين في طرابلس والشمال، محمد المراد، أنها تقوم على «إلحاحية تشكيل حكومة فاعلة وهادفة وعادلة وموثوقة من مستقلّين اختصاصيين بصلاحيات تشريعيّة محددة ومحدودة ضمن مهلة زمنية محددة»، داعياً إلى «أن يكون في سلّم أولويات الحكومة العتيدة إقرار بدء تنفيذ خطة إنقاذية مالية اقتصادية اجتماعية، وتحقيق العدالة الكاملة في قضية تفجير مرفأ بيروت، وتنفيذ خطة وطنية لمكافحة جائحة (كورونا) ومفاعيلها والحد من انتشارها».
وأشار المراد إلى أن المبادرة تدعو أيضاً إلى «إطلاق مسار الإصلاحات الفورية البنيوية والقطاعية، واتخاذ التدابير الآيلة إلى إقامة نهج جدي لمناهضة كل أشكال الفساد في الحياة العامة، إضافة إلى تفعيل التدقيق الجنائي على كل المصالح المستقلة وإدارات الدولة».
وشدد على أن «إعادة تكوين السلطة تنطلق وفق المبادرة بإقرار قانون مجلس شيوخ بحسب ما ورد في الدستور، وإقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، على أن يتم تعميق النقاش في هذا التحوّل بما يطمئن اللبنانيين إلى أن خصوصياتهم الطائفية والمذهبية مصونة، لكن ضمن سقف المواطنة الفاعلة، إضافة إلى إجراء انتخابات نيابية وانتخابات مجلس الشيوخ في اليوم نفسه».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.