استعادة الثقة في أميركا وتحالفاتها مهمة «فريق الخارجية» في إدارة بايدن

استعادة الثقة في أميركا وتحالفاتها مهمة «فريق الخارجية» في إدارة بايدن
TT

استعادة الثقة في أميركا وتحالفاتها مهمة «فريق الخارجية» في إدارة بايدن

استعادة الثقة في أميركا وتحالفاتها مهمة «فريق الخارجية» في إدارة بايدن

فيما يشبه التعميم المنسق على وسائل الإعلام، كشف فريق عمل الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أسماء أولى التعيينات التي يرغب في إعلانها، (اليوم) الثلاثاء، لتولي مناصب مترابطة في إدارة سياسته الخارجية. وبحسب تسريبات منسوبة إلى مسؤولين في فريقه، تم تأكيد تسمية أنتوني بلينكن وزيراً للخارجية، وجيك سوليفان مستشاراً للأمن القومي، وليندا توماس غرينفيلد سفيرة لدى الأمم المتحدة، وهؤلاء خدموا جميعاً في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وفضلاً عن محاولته تقديم شخصيات تجمع بين تمثيل المرأة والأعراق، وتعكس الخطوط العريضة لسياسته الخارجية، كشفت التعيينات عن رغبة بايدن في علاقات إيجابية مع الكونغرس، سواء كان تحت سيطرة الجمهوريين أو الديمقراطيين. فقد استبعد تسمية سوزان رايس، بحسب تكهنات سابقة، بعدما أعلن الجمهوريون، وحتى بعض الديمقراطيين، عن معارضتهم لتعيينها في أي منصب يحتاج موافقة مجلس الشيوخ.
وبلينكن هو أحد أقرب مستشاري بايدن في السياسة الخارجية وأقدمهم خدمة، وتعيينه مع سوليفان وغرينفيلد سيؤكد خبرة عميقة في السياسة الخارجية ومؤسسة الأمن القومي، لكنه في المقابل يعكس مؤشرات عن تغييرات قد تعيد ترتيب أولويات السياسة الخارجية، في الوقت الذي تعيد فيه الاعتبار لموقع وزارة الخارجية ودورها.
ويقول بول سالم، مدير معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن تلك التسميات لا تحمل مفاجآت، وكانت متوقعة، واستبعاد سوزان رايس قد يكون رسالة طمأنة. ومن جهة أخرى، يضيف سالم لـ«الشرق الأوسط» أن الإعلان المبكر مؤشر جيد، وإشارة لدول العالم بأن هذا هو فريقه الذي ينبغي الاتصال به، وبأن الحديث مع بلينكن يعني الحديث مع الرئيس، خلافاً لما كان عليه الحال مع الرئيس السابق دونالد ترمب.
ويرى سالم أن تعيين هذا الثلاثي يعيد الاعتبار إلى دور وزارة الخارجية وموقعها، وكذلك السفراء والموظفين الكبار الذين تم تهميشهم خلال عهد ترمب. ويؤكد أن ملفات المنطقة سيكون لها أولوية، لكن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران لن تكون تلقائية، بل تحتاج مفاوضات جديدة، وانتظار انتخابات إيران، وآلية لرفع العقوبات تأخذ في الاعتبار تغير المهل واقتراب غالبيتها من الانتهاء منذ توقيع الاتفاق الأصلي. وتابع: «العودة إلى الاتفاق صعبة من دون تحقيق تلك التغييرات، وهو ما يفسر الحالة الرمادية في تصريحات بايدن وفريق عمله بالنسبة إلى العودة للاتفاق النووي. فالرسائل التي تمزج بين تشجيع طهران وممارسة الضغط عليها مقصودة، خاصة أن ترمب أعطى أميركا أدوات ضغط لا يمكن التخلي عنها ببساطة».
وتعيد ترشيحات بايدن للشخصيات الثلاث تعهده بإعادة تجميع التحالفات العالمية، وإدخال الولايات المتحدة في موقع أكثر بروزاً في المسرح العالمي، خصوصاً أنه يخطط للانضمام سريعاً إلى اتفاقية باريس للمناخ، ووقف خروج الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، وإنعاش الاتفاق النووي الإيراني. ووُصِف بلينكن بأنه «متفق ذهنياً» مع بايدن في تلك القضايا. وأعلن بلينكن أن من بين أولوياته الجديدة إعادة بناء موقع الولايات المتحدة، بصفتها حليفاً موثوقاً به مستعداً للانضمام إلى الاتفاقيات والمؤسسات العالمية. وقال في منتدى في معهد هدسون، في يوليو (تموز) الماضي: «ببساطة، المشكلات الكبيرة التي نواجهها -دولة وكوكباً- سواء كان تغير المناخ أو وباء أو انتشار الأسلحة السيئة، أقولها بشكل واضح: لا يمكن إيجاد أي من هذه الحلول بشكل أحادي. وحتى دولة قوية مثل الولايات المتحدة، لا تستطيع التعامل معها بمفردها».
وأضاف بلينكن أن العمل مع الدول الأخرى يمكن أن يكون له فائدة إضافية، تتمثل في مواجهة تحدٍ دبلوماسي كبير آخر: التنافس مع الصين، من خلال اختيار الجهود المتعددة الأطراف لتعزيز التجارة والاستثمارات التكنولوجية وحقوق الإنسان، بدلاً من إجبار الدول على الاختيار بين اقتصادات القوتين العظميين. وهذا قد يشير إلى أن بلينكن سيبذل جهوداً لتعزيز العلاقة مع الهند ودول منطقة المحيطين الهادي والهندي، بعد توقيع 14 دولة مؤخراً واحدة من أكبر اتفاقيات التجارة الحرة في العالم مع الصين. ويتوقع أن يبذل جهداً لتعميق المشاركة مع الدول الأفريقية، حيث حققت الصين نجاحات في استثماراتها في البنية التحتية، وتجديد التعامل مع الأوروبيين، بصفتهم شركاء «والملاذ الأول، وليس الأخير، عندما يتعلق الأمر بالتصدي للتحديات التي نواجهها»، بحسب بلينكن.
وفي ملف روسيا، أكد بلينكن، في مقابلة، أنه يجب تمديد آخر اتفاقية رئيسية للحد من الأسلحة النووية مع روسيا لمدة 5 سنوات، وهي الخطوة التي حاول ترمب ربطها بانضمام الصين إليها. وقال بلينكن: «بالتأكيد سوف نرغب في إشراك الصين في قضايا الحد من التسلح، ولكن يمكننا السعي لتحقيق الاستقرار الاستراتيجي من خلال تمديد اتفاقية (ستارت) الجديدة للحد من الأسلحة، والسعي للبناء عليها» لاحقاً. ورغم اعتماده موقفاً أكثر تشدداً من روسيا، اقترح بلينكن استخدام عدم ارتياح بوتين للاعتماد المتزايد على الصين، خصوصاً في التكنولوجيا، لتعزيز العلاقة معها.
يذكر أن بلينكن نشأ في نيويورك وباريس، ووالد زوجته أحد الناجين من الهولوكوست، وقد بدأ عمله في الحكومة خلال إدارة بيل كلينتون، ليصبح كاتب خطاباته في السياسة الخارجية. وشغل لاحقاً منصب مدير الموظفين، عندما كان بايدن رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وانضم إلى فريق عمل بايدن عندما كان نائباً للرئيس، حيث قاد مجموعة واسعة تضمنت الإشراف على العراق، وصياغة اقتراح لثلاث مناطق تتمتع بالحكم الذاتي في البلاد. وشغل في إدارة أوباما نائب مستشار الأمن القومي ونائب وزير الخارجية.
أما جيك سوليفان (44 عاماً) فعمل مستشاراً للأمن القومي لبايدن عندما كان نائباً للرئيس، ولعب دوراً كبيراً في حملته الانتخابية، وشغل مع هيلاري كلينتون منصب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية، ولعب دوراً رئيسياً في التفاوض مع الإيرانيين الذي أدى إلى توقيع الاتفاق النووي. ويذكر أن اختيار سوليفان مستشاراً للأمن القومي لا يحتاج تثبيتاً من مجلس الشيوخ، ولا يثير تعيينه حساسية لدى الجمهوريين أيضاً.
وبدورها، تنحدر ليندا غرينفيلد من أصول أفريقية، وقد عملت مساعدة لوزير الخارجية لشؤون أفريقيا في عهد أوباما. وبعد مغادرتها الوزارة عام 2017، انضمت إلى شركة «أولبرايت ستون بريدج» الاستشارية مستشارة أولى، حيث عملت مع معلمتها، وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت. وهي أيضاً رئيسة فريق المراجعة الذي شكله بايدن لوزارة الخارجية، وهو مجموعة من المستشارين الموثوق بهم الذين يستعدون لإعادة تنظيم الوزارة.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.