المستوطنون يسعون للسيطرة الكاملة على الحرم الإبراهيمي

عناصر أمن إسرائيليون داخل مدينة الخليل بعد مواجهات بين مستوطنين وسكان المدينة في 6 نوفمبر الجاري (إ.ب.أ)
عناصر أمن إسرائيليون داخل مدينة الخليل بعد مواجهات بين مستوطنين وسكان المدينة في 6 نوفمبر الجاري (إ.ب.أ)
TT

المستوطنون يسعون للسيطرة الكاملة على الحرم الإبراهيمي

عناصر أمن إسرائيليون داخل مدينة الخليل بعد مواجهات بين مستوطنين وسكان المدينة في 6 نوفمبر الجاري (إ.ب.أ)
عناصر أمن إسرائيليون داخل مدينة الخليل بعد مواجهات بين مستوطنين وسكان المدينة في 6 نوفمبر الجاري (إ.ب.أ)

حذرت الحكومة الفلسطينية وأوساط دينية وسياسية في مدينة الخليل، من مشاريع تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمجالس الاستيطانية، وتستهدف السيطرة والاستيلاء بشكل كامل على الحرم الإبراهيمي في المدينة، علماً بأنها تسيطر اليوم على نحو 60 في المائة.
وقال ناطق بلسان الحكومة، إن مصادر إسرائيلية أفصحت لها بأن ما يبدو اليوم «مشروعاً صغيراً لبناء مصعد كهربائي لخدمة المصلين اليهود ذوي الاحتياجات الخاصة، هو جزء من مشروع كان قد وضعه وزير الأمن السابق، نفتالي بنيت، زعيم اتحاد أحزاب اليمين المتطرف (يمينا)، وكشف تفاصيله في خطاب ألقاه في الثاني من شهر مارس (آذار) الماضي، خلال حفل لوضع حجر الأساس لحي استيطاني جديد في قلب الخليل. فقد أعلن بنيت يومها أنه «منح الضوء الأخضر لتنفيذ مشروع تطوير الحرم الإبراهيمي»، مشيراً إلى أنه «يجب فرض السيادة الإسرائيلية على (مستوطنة) كريات أربع (الواقعة على مشارف الخليل) والحرم الإبراهيمي ومحيطه».
ويتضمن المشروع، حسب تقرير لحركة «سلام الآن» الإسرائيلية، مصادرة أراض فلسطينية في الخليل لإقامة طريق لمرور زوار الحرم الإبراهيمي من اليهود ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن إقامة مصعد لهم، ومصادرة صلاحيات الأوقاف الفلسطينية ووضع نظام جديد لصلاة اليهود والمسلمين في الحرم.
المعروف أن الحرم الإبراهيمي يقوم حول ضريح نبي الله إبراهيم عليه السلام، وقد كان تحت مسؤولية الأوقاف. وبعد اتفاقيات أوسلو، أصبح خاضعاً للسلطة الفلسطينية وبلدية الخليل. وفي سنة 1994، نفذ إرهابي يهودي من المستوطنين في الخليل، الطبيب باروخ غولدشتاين، باقتحام قاعة الصلاة في عز صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك، وراح يطلق الرصاص بشكل عشوائي على مئات المصلين المسلمين وهم راكعون خاشعون. فقتل 29 مصلياً منهم، وأصاب المئات بجراح. وتدخلت قوات الاحتلال لمنع المساس به فقتلت 20 فلسطينياً آخرين. وفي ذلك الوقت نصح الخبراء رئيس الوزراء، إسحاق رابين، بإخلاء المستوطنين تماماً من الخليل. لكنه رفض. بل إنه قرر تقسيم الحرم الإبراهيمي، بين المسلمين واليهود. واليوم تسعى إسرائيل للاستيلاء بشكل كامل على هذا الحرم، الأمر الذي يناقض الاتفاقيات الثنائية والقوانين الدولية. ويرى الفلسطينيون أن الادعاءات بأن بناء المصعد جاء لخدمة إنسانية هو ادعاء كاذب، وأن الحقيقة هي أن إسرائيل تريد تسهيل اقتحام الحرم بقواتها، لذلك تبني ذلك المشروع.
وقال مدير الحرم الإبراهيمي، الشيخ حفظي أبو سنينة، في تصريحات صحافية، إن «الحرم الإبراهيمي؛ قلب مدينة الخليل وعنوانها، لم يسلم من شر المحتل، الذي يطالعنا كل يوم بتعدٍّ جديد على الحرم، وكان آخرها قرار بينت جعل الحرم تحت سيادة الاحتلال، وهذا مخالف للشرائع والقوانين الدولية كافة، الخاصة بحماية المساجد. فهذا الحرم يخضع للسيادة الفلسطينية، بإدارة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، إلا أن الاحتلال يتخذ العديد من القرارات التي تقضي بمصادرة الأراضي حول الحرم، وإقامة مصعد من أجل تسهيل وصول (اقتحام) المستوطنين للحرم الإبراهيمي».
وقال أبو سنينة، إن «قرار الوزير الإسرائيلي، هو تعدٍّ خطير على حرمة المسجد، واستفزاز لمشاعر المسلمين، ومحاولة لتأجيج الصراع في تلك المنطقة. وقرار مصادرة الأراضي وإقامة المصعد، يأتي ضمن سلسلة مخططات الاحتلال للهيمنة والسيطرة التامة على باحات وساحات ومرافق الحرم الإبراهيمي بالخليل»، مضيفاً: «كل يوم يطالعنا الاحتلال بشيء جديد، وهذا القرار لن يتم، طالما أن هناك أصحاب حق».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».