صمت الجمهوريين إزاء تحدي ترمب... رهان محسوب أم مخاطرة تاريخية؟

رودي جولياني لدى عقده مؤتمراً صحافياً في واشنطن الخميس (أ.ب)
رودي جولياني لدى عقده مؤتمراً صحافياً في واشنطن الخميس (أ.ب)
TT

صمت الجمهوريين إزاء تحدي ترمب... رهان محسوب أم مخاطرة تاريخية؟

رودي جولياني لدى عقده مؤتمراً صحافياً في واشنطن الخميس (أ.ب)
رودي جولياني لدى عقده مؤتمراً صحافياً في واشنطن الخميس (أ.ب)

دخل الجمهوريون في الكونغرس الأميركي في رهان محفوف بالمخاطر، لكنه محسوب، بأنه بمجرد أن يستنفد الرئيس دونالد ترمب جهوده القانونية لتحدي نتائج الانتخابات، سيتقبل خسارته أمام الرئيس المنتخب جو بايدن.
لكن ما حدث هو العكس، كما يوضح تقرير لوكالة «أسوشيتد برس». فمع تداعي القضايا واحدة تلو الأخرى، يعمل ترمب على مضاعفة جهوده لتعطيل نتيجة الانتخابات. وبدلاً من قبول الأمر الواقع، يعمد الرئيس إلى استغلال ثِقَل مكتبه في مسعى لقلب النتيجة لصالحه. واستدعى أعضاء الكونغرس عن ولاية ميشيغان إلى البيت الأبيض الجمعة، بعد أن تواصل شخصياً مع مسؤولي الحزب الجمهوري، قبل انتهاء مهلة الأسبوع المقبل المقررة للتصديق على نتائج الانتخابات، وربما يستدعي آخرين من بنسلفانيا على نحو مماثل إلى البيت الأبيض.
وتطورت استراتيجية الجمهوريين بمنح الرئيس وقتاً كافياً لإدراك وقبول هزيمته الانتخابية، إلى تحدٍ غير مسبوق من طرفه لنتائج الانتخابات لم تشهد له الولايات المتحدة مثيلاً منذ الحرب الأهلية.
وفي هذا السياق، قال المؤرخ الرئاسي دوغلاس برينكلي، الأستاذ بجامعة «رايس» في تكساس: «لقد تمادى الحزب الجمهوري في صبره على الموقف المتجهم للرئيس». وتحلى غالبية المشرعين الجمهوريين بصمت حذر تجاه رفض الرئيس ترمب نتائج الانتخابات، في استمرارية لمحاولات استرضائه التي استمرت 4 سنوات. وباستثناء بعض الأصوات المنتقدة لسيد البيت الأبيض، سمح غالبية الجمهوريين لترمب بشن هجوم غير مبرر على الانتخابات يهدد بتآكل الثقة الشعبية، وإعاقة انتقال سلس للسلطة. وقال برينكلي إن «ما يحدث يجعل نجوم المستقبل في الحزب الجمهوري تبدو خافتة صغيرة، وسيتحمل أعضاء مجلس الشيوخ تبعات تدليل ترمب بعد خسارته».
وانطلق الجمهوريون من فرضية بسيطة، هي أن يتوجه الرئيس ترمب إلى المحاكم، في حال كان متخوفاً من تزوير واسع النطاق للأصوات، كما يزعم. تتيح هذه الفرضية كسب الوقت، ومنح الرئيس فرصة لتقديم الأدلة، وربما إقناع بعض أنصاره المتحمسين بالنتائج. والآن، فاز بايدن بنحو 80 مليون صوت، مقابل 74 مليون صوت لترمب.
لكن ما حدث هو أن الفشل لاحق ترمب الذي خسر قضية تلو الأخرى في كل الولايات التي أقام فيها دعاوى قضائية، بدءاً من أريزونا انتهاء بجورجيا. وقد طالب ترمب بإعادة فرز الأصوات الجمعة الماضية في مقاطعتين بولاية ويسكونسن، ومن المتوقع اتخاذ مزيد من الإجراءات القانونية هناك، فيما لا تزال هناك قضايا معلقة في مناطق أخرى. ولم تظهر أدلة على انتشار تزوير بين الناخبين على نطاق واسع، بصورة يمكن أن تغير النتائج.
ومع اقتراب موعد مصادقة الولايات على نتائج الاقتراع الخاصة بها، سيضطر المشرعون الجمهوريون إلى اتخاذ موقف حازم. فمن المتوقع أن تصدق الولايات جميعها على نتائج الانتخابات بحلول 6 ديسمبر (كانون الأول)، ويتطلع المشرعون الجمهوريون إلى الموعد النهائي الذي حدده «المجمع الانتخابي» في 4 ديسمبر (كانون الأول)، بصفته النهاية الرسمية لفترة ولاية ترمب.
وفي هذا الموعد، سيصرح مشرعو الحزب الجمهوري علانية، على الأرجح، بما همس به كثير منهم بالفعل في جلساتهم الخاصة، وهو أن بايدن قد فاز في الانتخابات الرئاسية.
لكن ليس هناك ما يضمن نجاح رهانهم. فبدلاً من السير وراء حجة الحزب الجمهوري التي تدور حول عد الأصوات الصحيحة، وإبطال غير القانونية، فإن ترمب يحاول فيما هو أوسع نطاقاً لقلب النتائج رأساً على عقب. فقد تحدث ترمب علناً عن تعيين أنصاره كباراً للناخبين في إطار «المجمع الانتخابي» الذي يتشكل وفق نتيجة الاقتراع في كل ولاية. وقال ترمب، الجمعة، في كلمة بالبيت الأبيض: «لقد فزت بالمناسبة، وسوف ترون ذلك».
ولم يرد أي من كبار الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ بشكل مباشر الجمعة عندما سألت وكالة «أسوشيتد برس» عما إذا كانوا يعتقدون أن الولايات لديها أي سبب يمنعها من التصديق على نتائج الانتخابات. وكانت النائبة الجمهورية ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني، هي الوحيدة التي قالت إذا كان ترمب غير راض عن نتيجة الانتخابات القانونية، فإنه يستطيع أن يستأنف الحكم.
وفي تصريح للوكالة، قالت تشيني: «إذا لم يتمكن الرئيس من إثبات هذه المزاعم أو إثبات أنه قد يغير نتيجة الانتخابات، فيتعين عليه أن ينفذ القسم الذي أداه بالحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه، من خلال احترام قدسية عمليتنا الانتخابية».
ومن جهته، قال السيناتور بات توومي، من ولاية بنسلفانيا التي كانت أرض معركة انتخابية ساخنة، إنه يعتقد أن «الولايات لا بد أن تصدق على نتائجها» وفقاً لقوانين الانتخابات، وأنه بمجرد مصادقة الولايات «يجب على الأطراف المعنية كافة قبول هذه النتائج». في ولاية بنسلفانيا «القانون لا لبس فيه، فالفائز بالانتخابات الشعبية في الولاية يحصل على أصوات المجمع الانتخابي».
ومع استمرار حالة الإغلاق الجزئي للكونغرس بسبب أزمة «كوفيد-19»، يمكن للمشرعين تفادي الأسئلة بشأن مواقفهم. وفي هذا السياق، قال السيناتور جوش هاولي، العضو الجمهوري عن ولاية ميسوري، الجمعة، إنه لم يكن على دراية حقيقية بما كان يقوم به ترمب لدعوة مشرعي ميشيغان إلى البيت الأبيض. وفي الكونغرس، في أثناء افتتاحه لجلسة مجلس الشيوخ، قال هاولي: «ليس لدي في واقع الأمر ما يقلقني بشأن نتائج الانتخابات». وعندما سُئِل إذا ما كان بوسع ترمب أن يقلب نتائج الانتخابات، قال هاولي: «كل شيء ممكن».
ويفضل الجمهوريون تفادي استفزاز الرئيس، وانتظار أن تتضح الأمور مع مرور الوقت. كانت تلك هي الاستراتيجية التي استخدمها الحزب طيلة فترة رئاسة ترمب، وهي البقاء بالقرب منه حتى لا ينفر أنصاره الذين يحتاجون إلى إعادة انتخاباتهم البرلمانية الخاصة.
فمع انتخابات الإعادة المقبلة لمقعدي مجلس الشيوخ في جورجيا التي ستقرر أي الحزبين سيسيطر على المجلس في يناير (كانون الثاني)، فإن الجمهوريين مرهونون بأنصار ترمب الذين يحتاجون إلى أصواتهم.
وحاول زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل تصوير أحداث هذا الأسبوع على أنها عادية، وقال: «في كل الانتخابات الرئاسية، نخوض هذه العملية. وكل ما نقوله عن الأمر لا يهم»، مضيفاً أنه بمجرد الحصول على تصديق الولايات، فسوف تنتهي الانتخابات. وأضاف أن «أحد أوجه النظام الانتخابي الأميركي يتلخص في أن لدينا خمسين طريقة منفصلة لإدارة هذه الانتخابات. فالقرارات بشأن الكيفية التي تنتهي بها الانتخابات تحسم في خمسين مكان مختلف».
ومن جانبه، أشار مكتب النائب الجمهوري كيفن مكارثي، زعيم الأقلية في مجلس النواب، إلى تعليقاته في وقت سابق من هذا الأسبوع، حين قال: «يتعين على الولايات أن تنهي أعمالها»، وبالفعل لا تزال الأرقام والتصديقات تتوالى من الولايات.
وصادقت جورجيا على نتائجها الجمعة، بعد أن توصلت عملية إعادة فرز للأصوات إلى أن بايدن فاز بهامش 12670 صوتاً، ليصبح أول مرشح رئاسي ديمقراطي يفوز بالولاية منذ عام 1992. ومن المقرر أن تصدق ميشيغان على نتائجها الاثنين، وستتبعها بنسلفانيا قريباً. ومن المقرر أن يقدم الناخبون الكبار أصواتهم يوم 6 يناير (كانون الثاني)؛ أي قبل أسبوعين من حفل التنصيب في الـ20 من الشهر ذاته.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».