لبنان يحيي الذكرى الـ77 لاستقلاله وسط أزمات معيشية وسياسية

عون يدعو إلى «تحرير» عملية تأليف الحكومة من «التجاذبات» و{الاستقواء»

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستقبلاً رئيس الأركان العامة للجيوش الفرنسية فرانسوا لو كوينتر في مقر قيادة الجيش اللبناني باليرزة قرب بيروت أمس (أ.ف.ب)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستقبلاً رئيس الأركان العامة للجيوش الفرنسية فرانسوا لو كوينتر في مقر قيادة الجيش اللبناني باليرزة قرب بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

لبنان يحيي الذكرى الـ77 لاستقلاله وسط أزمات معيشية وسياسية

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستقبلاً رئيس الأركان العامة للجيوش الفرنسية فرانسوا لو كوينتر في مقر قيادة الجيش اللبناني باليرزة قرب بيروت أمس (أ.ف.ب)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستقبلاً رئيس الأركان العامة للجيوش الفرنسية فرانسوا لو كوينتر في مقر قيادة الجيش اللبناني باليرزة قرب بيروت أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت الدعوات للنهوض بالبلاد وإزالة العوائق أمام تشكيل الحكومة، في الذكرى الـ77 لاستقلال لبنان التي يتم إحياؤها بلا احتفالات، وسط توتر سياسي وأزمة معيشية وتصلب في المواقف حال دون تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري العتيدة.
ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون مساء أمس الى «تحرير عملية تأليف الحكومة من التجاذبات»، ومما أسماه «الاستقواء والتستر بالمبادرات الإنقاذية للخروج عن القواعد والمعايير الواحدة التي يجب احترامها وتطبيقها على الجميع كي يستقيم إنشاء السلطة الإجرائية وعملها».
وإذ رأى في رسالة وجهها الى اللبنانيين في الذكرى الـ77 لاستقلال لبنان، أن قيام الدولة بأبسط مقوماته «يحتاج الى وجود حكومة فاعلة وفعالة»، قال إن «المتغيرات الإقليمية والدولية سيكون لها انعكاسات هامة على لبنان، ولا يقع على عاتق أي مسؤول أو أي حكومة أن يقررا منفردين السياسات التي يجب اعتمادها إزاء الواقع الجديد الذي يحتاج الى الكثير من التضامن خصوصاً وإننا على مشارف استحقاقات قد تغير وجه المنطقة». وشدد على وجوب «إطلاق حوار وطني لبحث ما تفرضه التحولات في المنطقة والعالم من تغيرات في جميع القطاعات السياسية والأمنية والدفاعية، لنستطيع مواكبة هذه المرحلة، فتوضع كل الخلافات جانباً وتلتقي الإرادات للخروج معاً بموقف موحّد يحصّن لبنان ولا يسمح بأن يكون أضحية التفاهمات الكبرى وكبش محرقتها». وشدد عون على موقفه الداعي لاجراء تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان، وقال: «لن أتراجع أو أحيد عن معركتي ضد الفساد المتجذر في مؤسساتنا».
وفي ملف مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل، أكد عون أن «لبنان متسمك بحقوق الترسيم البحرية كاملة». ودعا الى «الإسراع بتحقيق انفجار المرفأ لأنّ للّبنانيين الحق بمعرفة النتائج وإجلاء الحقيقة».
في غضون ذلك، أظهرت المواقف السياسية في ذكرى الاستقلال عمق الأزمات التي يتخبط بها لبنان، من غياب حكومة فاعلة، وأزمات اقتصادية ومعيشية، وعجز عن تطبيق الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي، وفشل في التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتمهيد الطريق أمام المساعدات الدولية.
وبموازاة تبادل الاتهامات بالعرقلة، تحدث رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، عبر «تويتر»، عن «حملة تشهير مستمرة» ضد الحزب ورموزه «من قبل وسائل إعلامية وجهات سياسية داخلية وخارجية». وقال: «ليس الأمر بجديد إذ (أن) إحدى مهمات هذا الإعلام تحطيم الأحزاب وتراثها». وأكد «إننا لن نستسلم لهذه الحملة أياً كانت».
ولم تظهر أي بوادر إيجابية على صعيد المباحثات لتشكيل الحكومة، ولم يتحقق أي خرق بعد تصلب «التيار الوطني الحر» بمواقفه إثر إدراج رئيسه النائب جبران باسيل على لوائح العقوبات الأميركية. وفي هذا الإطار، لفت عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي سعد أمس، إلى أن «القيمين على الحكومة مختلفون على شكلها»، قائلاً إن «معلوماتنا أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كان لديه شبه تشكيلة حكومة، لكن رئيس الجمهورية ميشال عون رفضها».
واستدعى السياسيون كل تلك الأزمات في مواقفهم في الذكرى الـ77 لاستقلال لبنان، وقال رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية: «في عيد الاستقلال نقف جميعاً أمام مسؤولية النهوض بوطننا»، فيما قال رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي إن «التحدي اليوم أن تستفيق الضمائر وتتلاقى الإرادات الصافية لإنهاض الوطن من الأزمة الخطيرة التي يشهدها وتبديد قلق اللبنانيين على الحاضر والمستقبل. حمى الله لبنان وأعاد الاستقلال على الجميع بالخير والعافية».
وسأل عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أكرم شهيب عن أي استقلال يحتفل به لبنان، قائلاً: «في (العهد القوي) سجن العدل، ضاع الحق، وسقط المنطق. جفت الأموال. جاع الناس. غابت الكهرباء، وتبخر الغاز. تلاشت هيبة الدولة، وصادروا أمل الناس. (شعب لبنان العظيم) شبابه مهاجر أو يتحضر... أي استقلال؟».
كذلك، سأل النائب زياد الحواط: «بعد 77 عاماً، ماذا بقي لنا في ذكرى الاستقلال؟ بقي وطن معلق بين الحياة والموت. بقي انتظار مبادرات خارجية وتعطيل داخلي غير مسؤول. بقي الفساد والمحاصصة. بقي الفقر وحرمان اللبنانيين من ودائعهم. بقي سلاح غير شرعي خطف لبنان إلى محور ممانع وجلب العزلة. نعم، بقي استقلال! لكن عن الشعب والوطن».
واعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم خلال زيارته قلعة الاستقلال في راشيا الوادي «أن وجود حكومة قادرة تحاكي الواقع الوطني أصبح أكثر من ضرورة لمواكبة القضايا الوطنية لإيجاد الحلول الناجعة ولتكون عامل الدعم الأساسي للوفد اللبناني المفاوض لاستعادة الحق اللبناني وتثبيته وفق الرؤية التي حملها الوفد وتمسك بها رغم كل الضغوط والتهويلات».
في غضون ذلك، وجه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بمناسبة العيد السابع والسبعين للاستقلال كلمة للعسكريين قال فيها إن الذكرى تتزامن هذا العام مع مئوية لبنان «الذي يواجه أزمات متقدمة، ما خلف قلقاً وخوفاً عند اللبنانيين على أنفسهم وعلى مستقبلهم ووطنهم. لكن ورغم كل ذلك، تبقى العيون شاخصة على المؤسسات الأمنية، رمز الاستقلال، لضمان السلم والاستقرار بانتظار العبور من الوضع الراهن والاستثنائي بكل معنى الكلمة إلى رحاب دولة حديثة ومتطورة». وقال: «يقضي الواجب بذل المزيد من الجهد والتضحية في خدمة اللبنانيين والمقيمين، والقرار في هذا المجال واضح إذ لا عودة إلى الوراء رغم كل الأزمات التي تعصف بنا وتضرب بكل الاتجاهات، والصعوبات لا سيما اللوجيستية منها، التي قد تؤثر على مهماتنا».



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.