استنكار دولي لهجوم طرابلس وتأكيد لبناني على الوحدة في مواجهة الفتنة

واشنطن تعد بتقديم الدعم.. وطهران واثقة من قدرة الحوار الوطني على إفشال خطط الأعداء

استنكار دولي لهجوم طرابلس وتأكيد لبناني على الوحدة في مواجهة الفتنة
TT

استنكار دولي لهجوم طرابلس وتأكيد لبناني على الوحدة في مواجهة الفتنة

استنكار دولي لهجوم طرابلس وتأكيد لبناني على الوحدة في مواجهة الفتنة

استمرت، يوم أمس، المواقف المحلية والخارجية المستنكرة للتفجير الذي استهدف، أول من أمس، مقهى في منطقة «جبل محسن» بطرابلس، شمال لبنان، داعية إلى الوحدة الوطنية.
وأدانت الولايات المتحدة التفجير الذي أدّى إلى سقوط 9 قتلى و37 جريحا، على لسان نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف، ووعدت بتقديم الدعم للقوات الأمنية اللبنانية. وأضافت أن «الولايات المتحدة ستواصل دعمها القوي لقوات الأمن اللبنانية التي تحمي الشعب اللبناني وتقاتل المتطرفين وتحافظ على استقرار وسيادة وأمن لبنان».
ومن جهتها، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، من يقف وراء الهجوم يستهدف وحدة واستقرار لبنان.
وأعربت أفخم، وفق ما نقلته وكالة «فارس» الإيرانية، عن تضامنها مع حكومة وشعب لبنان، ومع عائلات ضحايا التفجير. وعبرت عن ثقتها في أن «المسؤولين والقادة السياسيين في لبنان، وعبر تدعيم أسس الوحدة والحوار الوطني، سيفشلون مخططات الأعداء الرامية إلى بث روح الفتنة بين فئات الشعب اللبناني.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن الحكومة السورية قدمت التعازي لذوي الضحايا، واعتبرت أن «الوحدة الوطنية هي الكفيلة دائما بمواجهة الإرهاب»، في حين أسف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، على لسان الناطق باسمه سالم المسلط، للأنباء المقبلة من جبل محسن في لبنان واصفا إياها بـ«المقلقة»، وقال: «نحن في الائتلاف الوطني ملتزمون بإدانة والتنديد بجريمة التفجير الذي وقع هناك، واستنكار كل عمل يستهدف المدنيين، في أي مكان ودون أي استثناء».
وفي لبنان، أدان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان «التفجير الفتنوي الذي حصل في منطقة جبل محسن»، بينما أجرى اتصالا برئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ أسد عاصي، متضامنا معه في استنكار هذا الحادث الأليم، مؤكدا «ضرورة التنبه للمخاطر والمؤامرات التي يحيكها أعداء لبنان لضرب الوحدة بين اللبنانيين».
وفي بيان، حذر دريان من مغبة استغلال هذا التفجير لإشعال نار الفتنة بين اللبنانيين، مؤكدا أن التصدي للفتنة هو واجب ديني ووطني، داعيا إلى «تحصين الساحة اللبنانية والوحدة بين اللبنانيين بالقول والفعل، لكي نجنب الوطن الأخطار المحدقة به».
كما ناشد الطرابلسيين واللبنانيين جميعا الالتفاف حول مؤسسة الجيش والقوى الأمنية.
كذلك، أكد نواب طرابلس بعد اجتماعهم في منزل عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر، رفضهم لكل عمل إرهابي في كل بقعة من لبنان أو العالم.
وشددوا على أن أبناء المدينة لا يقبلون بأي ذريعة تقدم، لافتين إلى أن طرابلس كانت وستبقى لجميع أبنائها ومضرب مثل في العيش المشترك وراعية لكل الحرمات.
وأوضحوا أن طرابلس ملتزمة بمشروع الدولة، ومتمسكة بالخطة الأمنية ولا تقبل المساس بها، مشددين على أنها لا تقبل بأي أمن إلا الأمن الذي تؤمنه الدولة.
وأعلنوا أن «أهل السنة يرفضون منطق الثأر لأنه من مورثات الجاهلية»، متوجهين بالتعازي إلى أهالي جبل محسن، وداعين إلى التحلي بالصبر الذي عُرف عنهم.
ودعوا الأهالي والقيادات السياسية والمجتمع المدني إلى التضامن مع الجيش اللبناني، مطالبين الحكومة بالإيعاز إلى المعنيين بالعمل بعدم السماح بالتفلت الأمني، والإسراع في مسح الأضرار والتعويض على المتضررين.
وبدوره، جدد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي إدانته واستنكاره التفجير، مشيرا إلى أنه رغم المأساة التي نتجت عنه، لكن «التضامن والاستنكار الذي أظهره أبناء طرابلس بكل مكوناتهم السياسية والطائفية، يعيد إلينا صورة طرابلس الحقيقية الجامعة والمتنوعة، التي سعى البعض إلى تشويهها»، مؤكدا «ضرورة إنجاح الحوار بين (حزب الله) و(تيار المستقبل) لتنفيس كل مظاهر هذا الاحتقان وحماية أبنائنا وحفظ حقهم في الاختلاف، بعيدا عن العنف والتقاتل».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».