الحضارة المصرية القديمة تلهم 12 فناناً بمعرض «الضوء الخالد»

ضم 62 عملاً متنوعاً

من أعمال الفنان ماجد ميخائيل (إدارة المعرض)
من أعمال الفنان ماجد ميخائيل (إدارة المعرض)
TT

الحضارة المصرية القديمة تلهم 12 فناناً بمعرض «الضوء الخالد»

من أعمال الفنان ماجد ميخائيل (إدارة المعرض)
من أعمال الفنان ماجد ميخائيل (إدارة المعرض)

إذا كان البشر مصيرهم الفناء، فهل يمكن أن يتركوا أثراً من بعدهم يطمح إلى الخلود؟ وماذا يعلق بعين الفنان التشكيلي المعاصر وهو يتطلع إلى ما فعله أجداده القدماء قبل آلاف السنين حين وضعوا بصمتهم الخالدة عبر أعمال تعتبر كنزاً إنسانياً باقياً عبر العصور؟
هذا التساؤل كان الهاجس اللافت بمعرض «الضوء الخالد 2» الذي اختتمت أعماله، أمس الجمعة، في غاليري «تاون هاوس» بمنطقة «وسط البلد» بالعاصمة المصرية القاهرة، الذي شارك فيه 12 فناناً تشكيلياً من مختلف الأجيال والمدارس الإبداعية، ومن بينهم الأميركي باري إيفرسون والفرنسي برنارد جيو.
وكان لافتاً قاعة العرض غير التقليدية، بمساحتها شديدة الاتساع، تتوسطها بعض الأعمدة، مع جدران شاهقة وأرضية عادية للغاية. فتشعر بأنك تتجول في معبد فرعوني قديم وليس مجرد قاعة عرض؛ فهل كان ذلك مقصوداً لتكريس معنى البحث عن الخلود الذي يتأكد مع اسم المعرض ذاته؟
بدأ الفنانون مغامرتهم عبر لوحات مهمومة بالتجريب والبحث عن مساقط وانبثاقات غير تقليدية للضوء، سواء في داخل اللوحة نفسها، أو في محيطها الخارجي في الواقع وفي الطبيعة والبشر والتراث.
في هذا السياق، كان لافتاً أن يشتغل الفنان ثروت البحر ببراعة على «الثيمة» (الرمز) الأشهر للخلود في الحضارات الإنسانية، وهي الهرم. إنه يعيد تجسيد تلك المعجزة الهندسية التي شيدها قدماء المصريين على ضفاف النيل، هنا الهرم مرسوم برهافة، وكأنه مصباح يضيء ظلمات العالم، أو كأنه بؤرة إشعاع يهتدى بها التائهون في صحراء الرمل والضمير.

في لوحة أخرى شديدة الدلالة، يظهر الهرم في مقابل أحد أشهر الأسماء التجارية للمشروبات الغازية، في إشارة واضحة لتغول الثقافة الاستهلاكية في حياتنا المعاصرة على مستوى العالم، وكأن الفنان يقول إنه لا خلاص سوى بالرجوع إلى ما يميزنا كبشر، وهي المعاني الأصيلة التي تلامس الروح.
إنها الفكرة نفسها التي يتكرر صداها في أعمال إبراهيم خطاب؛ فهو لا يمجد الحضارة الفرعونية من منطلق منحاز «شوفيني»، بقدر ما يمجّد معاني البراءة والإخلاص والإبداع عبر أكثر من عمل يمزج بين النهر واللون الأخضر والأهرامات، حتى الحيوانات الضارية المفترسة تبدو أليفة هنا!
وبمناسبة الحيوانات، تأخذنا الفنانة نهال وهبي إلى ما يمكن أن نطلق عليه «ثيمة الرجال والثيران»؛ فالطرفان يواجهان بعضهما في أكثر من لوحة، كما يبدو الثور أحياناً مأخوذاً بضوء القمر في اكتماله. وبصرف النظر عن أي صورة ذهنية سلبية عن الثور في المخيلة العامة، فإن الفنانة تتعامل مع الحيوان هنا باعتباره حالة جمالية بالأساس، حيث الخطوط صريحة قوية تناسب الجسد الرشيق الأسود الذي يضج بالحيوية والعنفوان.

ومن ناحيته، يبدع الفنان إبراهيم الدسوقي الحاصل على الدكتوراه في «ديناميكيات التصوير» في عالمه الأثير، وهو المرأة، عبر تلك اللوحات الزيتية ذات المقاسات الكبرى، التي تجسد حوّاء في حالات مختلفة يربط بينها جمال الشكل وتناسق القوام وسلام الروح.
ويفاجئ الفنان عادل السيوي جمهوره بتسع لوحات شديدة البراعة تشتغل على موضوع واحد، وهو طائر البجع. إنه تحدٍّ جديد ومن نوع خاص لفنان لا يستسلم للسائد، ويشق عصا الطاعة في وجه المألوف؛ ففي كل لوحة تجد اختلافاً سواء على مستوى وضعية الطائر أو نظرة عينيه، كما تحمل كل لوحة إضافة جمالية ما.

التحدي نفسه مع اختلاف التفاصيل يخوضه الفنان محمد عبلة في أعماله النحتية ذات المقاسات الصغيرة للغاية، التي تشكل تنويعات مختلفة على «ثيمة» متنوعة، ما بين الطفولة والفن الفطري الشعبي.
شهد حفل الافتتاح حضور عدد من الشخصيات العامة المعروفة باقتنائها للأعمال الفنية، مثل رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس، والفنانة يسرا.
اللافت أن مدة المعرض (رغم أهميته) لم تكن كافية للعرض. فقد تم افتتاحه في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بينما الختام جاء مفاجئاً، أمس الجمعة.

والمعرض تنظمه «آرت دي جيبت» المتخصصة في تنظيم المعارض الفنية، ضمن مبادرة للتعريف بالفن المصري محلياً ودولياً.
من جانبها، أشارت نادين عبد الغفار مؤسِّسة «آرت دبي إيجيبت» إلى أن المعرض يأتي في إطار الفعاليات والأنشطة التي تقام استعداداً للحدث الأكبر، «الأبد هو الآن»، الذي يقام في منطقة الأهرامات بالجيزة، العام المقبل.
وأضافت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا مبادرات أخرى قادمة في الطريق؛ فنحن نهتم بدعم الفن المصري وإبرازه بجميع اتجاهاته وتجلياته، حيث ينطوي على ثراء مدهش وتنوع استثنائي. ومن هنا نحرص على خلق مبادرات وأفكار مبتكرة في طريقة العرض، حيث نقدم معارضنا في الهواء الطلق بالمناطق التراثية، وعلى شاطئ البحر».



سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.