الجزائر: أويحيى وسلال يواجهان أحكاماً جديدة بالسجن

عودة «التمويل الخفي» لحملة بوتفليقة إلى المحاكم

الجزائر: أويحيى وسلال يواجهان أحكاماً جديدة بالسجن
TT

الجزائر: أويحيى وسلال يواجهان أحكاماً جديدة بالسجن

الجزائر: أويحيى وسلال يواجهان أحكاماً جديدة بالسجن

يواجه رئيسا وزراء الجزائر سابقا أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، أحكاما جديدة بالسجن ستضاف إلى إدانات قضائية ثقيلة طالتهما في كل القضايا التي اتهم فيها رجال الأعمال الذين كانوا مقربين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. في غضون ذلك، تنظر محكمة الاستئناف بالعاصمة غدا، في وقائع فساد تخص رجل أعمال بارزا خلال حكم بوتفليقة، مع أمين عام حزب السلطة «جبهة التحرير الوطني».
التمس ممثل النيابة، أول من أمس، أثناء المرافعة في قضية الوزير السابق موسى بن حمادي، المتوفى منذ أربعة أشهر، إنزال عقوبة السجن بعشر سنوات بحق أويحيى وسلال، بتهمة «استغلال الوظيفة بغرض منح مزايا للغير». و«الغير» هو بن حمادي، أما الوقائع فتخص صفقات عمومية فازت بها بطريقة مشبوهة، حسب اتهامات النيابة، شركة لإنتاج الأدوية وأخرى للمنتجات الإلكترونية، تملكهما عائلته وهو من كان يسيرهما، وفي نفس الوقت كان وزيرا للبريد وتكنولوجيا الاتصال.
وقال ممثل النيابة إن هناك «شبهات قوية» تفيد بأن سلال الذي ترأس الحكومة من 2012 إلى 2017 وأويحيى الذي خلفه، «تواطآ مع بن حمادي بخصوص حصوله على مشروعات بطرق مخالفة لقانون الصفقات العمومية». وتمت إدانة سلال وأويحيى في 4 قضايا فساد، بأحكام تتراوح بين 8 و15 سنة سجنا.
يشار إلى أن القضاء وجه لبن حمادي نفس التهم، وقد تم إبطال الدعوى العمومية بعد وفاته في يوليو (تموز) الماضي، لكن شركتي العائلة تقعان تحت طائلة صدور قرار بحجز أموالهما، التي ترتبت عن الاستثمارات العمومية محل المتابعة القضائية. واتهم إخوة بن حمادي إدارة السجن بـ«الإهمال»، ما كان سببا حسبها في وفاته بكورونا.
ومعروف أن عائلة بن حمادي تتكون من 5 إخوة كلهم رجال أعمال، ثلاثة منهم في السجن بتهم فساد، ورابع غادره منذ شهرين في إطار إفراج مشروط. أما الخامس فهو برلماني أفلت من المتابعة بعدما صوت زملاؤه ضد طلب رفع الحصانة، الذي تقدم به وزير العدل إلى رئاسة البرلمان.
وعرفت المحاكمة، التي انطلقت الأسبوع الماضي وتوقفت نهاية الأسبوع لتستأنف غدا، تداول مبلغ كبير صبه بن حمادي، حسب تحريات الأمن، في حساب خاص بتمويل حملة الولاية الخامسة لبوتفليقة التي أجهضها الحراك العام الماضي. وتم اتهام سلال في القضية، باعتباره مدير حملة الرئيس السابق، واتهام خليفته في هذا «المنصب» (بعد استقالته بفترة قصيرة) عبد الغني زعلان وهو وزير سابق، وطالبت النيابة بـ3 سنوات سجنا مع التنفيذ لكل منهما وبمصادرة ممتلكاتهما.
ونفى شقيق بن حمادي الذي استدعته المحكمة كشاهد، أن يكون الوزير المتوفى دفع المبلغ الذي يقدر بحوالي 400 ألف دولار أميركي بقيمة الدينار الجزائري.
ورد على تهمة «التمويل الخفي لحملة الولاية الخامسة»، في وقت سابق، العديد من رجال الأعمال، أهمهم علي حداد ومحيي الدين طحكوت وأحمد معزوز، وقد أدانتهم المحاكم بعقوبات قاسية. ولاحظ متتبعون لمحاكمات «وجهاء نظام بوتفليقة» أن اسم الرئيس السابق ذكر في العشرات من جلسات المساءلة، فسلال مثلا أكد عدة مرات أنه كان ينفذ أوامره، لكن القضاة غضوا طرف عن استدعائه لسماعه ولو كشاهد. ويعود ذلك، بحسب مراقبين، إلى عدم توفر إرادة سياسية لمحاكمته.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.