شركات طيران تسكّن آلامها بـ«فقاعات السفر»

تبدأ بتجربة بين هونغ كونغ وسنغافورة

تبدأ هونغ كونغ وسنغافورة تجربة «فقاعات السفر» كحلّ مؤقت لأزمة قطاع الطيران (رويترز)
تبدأ هونغ كونغ وسنغافورة تجربة «فقاعات السفر» كحلّ مؤقت لأزمة قطاع الطيران (رويترز)
TT
20

شركات طيران تسكّن آلامها بـ«فقاعات السفر»

تبدأ هونغ كونغ وسنغافورة تجربة «فقاعات السفر» كحلّ مؤقت لأزمة قطاع الطيران (رويترز)
تبدأ هونغ كونغ وسنغافورة تجربة «فقاعات السفر» كحلّ مؤقت لأزمة قطاع الطيران (رويترز)

في ظل القيود المصاحبة لجائحة «كوفيد - 19»، التي كان لها أثر شديد الوطأة على شركات الطيران بشكل خاص، بدأت بعض الدول في التفكير في حلول مؤقتة لتعويض جزء من خسائر تلك الشركات، وكان من بين تلك الحلول هو الاتفاق على السفر بين وجهتين في ظل شروط معينة فيما اصطلح على تسميته دولياً بـ«فقاعات السفر».
وذكرت وكالة «بلومبرغ» في تقرير لها ضمن هذا السياق أنه اعتباراً من يوم الأحد المقبل، ستنطلق الرحلات الجوية مجدداً بعد «كوفيد - 19» في مطارات هونغ كونغ وسنغافورة. وأوضحت أن مائتي راكب، يجري فحصهم مسبقاً فيما يتعلق بالإصابة بالفيروس، سيستقلون رحلات في كل مدينة متجهة إلى الأخرى. وسيخضع هؤلاء الركاب للاختبار مرة أخرى عند وصولهم. وفي حالة كانت نتائج اختباراتهم سلبية، بإمكانهم التجول بحرية دون الاضطرار للخضوع إلى حجر صحي لمدة أسبوعين، وهو إجراء مطلوب من المسافرين الآخرين.
وأوضحت الوكالة أن ذلك يُعد أول «فقاعة سفر» معروفة في العالم في ظل الجائحة، وقد علقت صناعة السياحة العالمية المدمرة آمالها على طرح ناجح لتلك التجربة. وتضيف أنه «لسوء الحظ، حتى لو نجحت التجربة، فلن تبشر بعودة أي شيء مثل ثقافة السفر الجوي الحر لحياة ما قبل الجائحة»... وأشارت إلى أنه بدلاً من ذلك، من المحتمل أن يشير ذلك إلى عصر جديد من السفر المخلخل وباهظ التكلفة، وهو عصر من غير المرجح أن يدعم صناعة تعتمد على الرحلات الجوية الرخيصة.
وليس من قبيل المصادفة أن تحدث هذه التجربة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. فقد توسعت حركة السفر الجوي في المنطقة على مدار عقدين بشكل أسرع من أي مكان آخر.
وفي 2010، زار 15.9 مليون شخص تايلاند، وفي 2019 زارها 39.8 مليون شخص، أكثر من ثلثيهم من آسيا. وهناك قلة من هؤلاء المسافرين وصلوا إلى البلاد في مقصورة الدرجة الأولى. وبدلاً من ذلك، تحققت عطلاتهم الشاطئية التايلاندية في الغالب عن طريق النمو الهائل لشركات الطيران منخفض التكلفة.
وتقول بلومبرغ إنه كان لذلك تأثير هائل على تدفقات السياحة، فقد ارتفعت الرحلات الجوية الأسبوعية بين الصين وتايلاند ما بين 2011 إلى 2018، من 200 إلى 1300 رحلة، بينما ارتفعت نسبة الرحلات التي تنظمها شركات طيران منخفض التكلفة من 4 إلى 44 في المائة.
وتوقفت تلك الصفقات جميعها هذا العام بسبب الجائحة. ويتوقع أن ينخفض الزائرون الأجانب لتايلاند في 2020 بنسبة هائلة تصل إلى 83 في المائة. مع وصول معظم الوافدين قبل الإغلاق.
وتواجه دول أخرى صفعات مماثلة لصناعات السفر والسياحة. وتُعد شركات الطيران منخفض التكلفة، التي تعتمد على حجم الرحلات لتحقيق هوامش ربح ضئيلة، من بين الشركات الأكثر تضرراً.
ومنذ الأيام الأولى للجائحة، جرى اقتراح «فقاعات السفر» كأحد الحلول لهذا الدمار، لكن تبين أن إعداد ذلك كان أكثر صعوبة من المتوقع. ففي آسيا، حيث كانت الدول أكثر نجاحاً للغاية في السيطرة على الجائحة، كان هناك إحجام مفهوم عن الانفتاح. لكن في أماكن كان الاهتمام فيها قوياً، فإن الصعوبات العملية ذات الصلة بالموافقة على أمور تبدو بسيطة، مثل معايير الاختبارات، قد عرقلت الأمور.
ورغم تلك العوائق، تمكنت هونغ كونغ وسنغافورة من الوصول إلى ما يشبه اتفاقاً قابلاً للتطبيق. وساعدتهما في ذلك الروابط الاقتصادية العميقة بين البلدين، حيث تم تسيير 13 ألفاً و654 رحلة جوية بينهما في 2019. ويبدو أن الطلب قوي كذلك. وخلال الأسبوع الافتتاحي، الذي سيتم فيه تخصيص رحلة «فقاعية» واحدة في اليوم، نفذت جميع المقاعد بالفعل.
ولن تكون هذه الرحلات رخيصة رغم ذلك، فحتى مقاعد الدرجة الاقتصادية تتجه لأكثر من 800 دولار، وهي تكلفة تزيد كثيراً على تذكرة تعادل ذلك قبل الجائحة. إلى جانب ذلك، فإن عمليات الفحص المرتبطة بمرض «كوفيد - 19» وحدها قد تكلف نحو 600 دولار للرحلة ذهاباً وإياباً. كما أن المسافرين الذين ستكون نتائج اختباراتهم إيجابية يتوقع أن تكون فاتورة علاجهم وإجراءات الحجر الصحي الخاص بهم على المدينة التي يقصدونها.
وتشير بلومبرغ إلى أنه رغم ذلك، فإن فقاعة السفر لا تضمن عدم الإصابة. ففي الأسبوع الماضي، أبحرت سفينة سياحية كاريبية لأول مرة منذ إغلاق ذلك النشاط في مارس (آذار). ورغم الاحتياطات المكثفة، بما في ذلك إجراء اختبارات متعددة لكل شخص على متنها، ثبتت إصابة سبعة ركاب واثنين من أفراد الطاقم بعد أيام فقط من مغادرة السفينة للميناء. وتم إلغاء الرحلة سريعاً، وألغت الشركة بقية رحلاتها البحرية لعام 2020.
وقد تنجو فقاعة سنغافورة وهونغ كونغ من مثل هذا التفشي، لكن ليس هناك مجال كبير للخطأ. وبحسب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المدينتين، إذا سجلت أي من الوجهتين (وكلاهما يضم ملايين الأشخاص) متوسط خمس حالات إصابة أو أكثر بـ«كوفيد - 19»، بصورة غير مرتبطة ببعضها، لسبعة أيام، فسيتم تعليق الفقاعة.
ورغم المخاطر، من الواضح أن هناك الكثير من الأشخاص المستعدين لأخذ فرصهم للعودة إلى الجو. لكن التكاليف الإضافية، سواء مالية وغيرها، تشير إلى أن الفقاعات ببساطة ليست الحل لمشاكل صناعة السفر في آسيا أو في أي مكان آخر، حيث إن اللقاح فقط هو الذي سيعيد الأمور إلى طبيعتها، كما هو الحال مع العديد من جوانب الحياة التي تأثرت بجائحة «كوفيد - 19».


مقالات ذات صلة

تخصيص «مطار ملهم» في الرياض للطيران العام

الاقتصاد يستوعب مطار ملهم أكثر من 25 ألف رحلة سنوياً (هيئة الطيران المدني)

تخصيص «مطار ملهم» في الرياض للطيران العام

خصَّصت هيئة الطيران المدني السعودي «مطار ملهم» شمال العاصمة الرياض كأحد مطارات الطيران العام لتحقيق «رؤية 2030» بجعل المملكة وجهة عالمية لرجال الأعمال والسياحة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق طائرة تابعة للخطوط الجوية الأميركية (رويترز)

حاول اقتحام قمرة القيادة... «راكب مشاغب» يتسبب بعودة طائرة أميركية أدراجها

أُصيب المسافرون بالذعر عندما اضطرت رحلة الخطوط الجوية الأميركية المتجهة من مطار جون كيندي إلى ميلانو للعودة أدراجها في أثناء تحليقها فوق المحيط الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق لقطة من فيديو يُظهر طائرة صغيرة تهبط على طريق سريعة في البرازيل (إكس)

طائرة تهبط اضطرارياً على طريق سريعة في البرازيل (فيديو)

تمكن طيار من الهبوط بطائرته اضطرارياً على طريق رئيسية سريعة في البرازيل بعد تعطل محركها.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
الولايات المتحدة​ طائرة «مارين وان» التي تحمل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تصل إلى نادي ترمب الوطني للغولف في دورال (أ.ف.ب)

ترمب يضطر إلى تبديل طائرته المروحية بسبب ثقب في أحد إطاراتها

اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تبديل طائرة الهليكوبتر في مطار ميامي الدولي بعد أن تعرَّضت طائرته من طراز «مارين وان» لثقب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق طائرة تابعة للخطوط الجوية الأميركية تُقلع من فلوريدا (رويترز)

إخلاء ركاب طائرة أميركية بعد الإبلاغ عن رائحة حريق ودخان في المقصورة

أُخليت طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الأميركية (أميركان إيرلاينز) على المدرج يوم الثلاثاء في أوغوستا، بولاية جورجيا الأميركية، بعد شم رائحة احتراق ورؤية دخان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كابل تندّد بـ«عنف» تمارسه سلطات باكستان ضد أفغان تريد عودتهم إلى بلادهم

لاجئون أفغان مع أمتعتهم يصلون إلى مركز الاحتجاز استعداداً لمغادرتهم إلى أفغانستان قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان في 10 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
لاجئون أفغان مع أمتعتهم يصلون إلى مركز الاحتجاز استعداداً لمغادرتهم إلى أفغانستان قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان في 10 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

كابل تندّد بـ«عنف» تمارسه سلطات باكستان ضد أفغان تريد عودتهم إلى بلادهم

لاجئون أفغان مع أمتعتهم يصلون إلى مركز الاحتجاز استعداداً لمغادرتهم إلى أفغانستان قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان في 10 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
لاجئون أفغان مع أمتعتهم يصلون إلى مركز الاحتجاز استعداداً لمغادرتهم إلى أفغانستان قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان في 10 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

اتّهمت حكومة «طالبان» في أفغانستان السلطات الباكستانية باتّباع نهج عنفي في طرد آلاف من الرعايا الأفغان بعدما ألغت إسلام آباد تصاريح الإقامة الممنوحة لهم.

لاجئون أفغان مع أمتعتهم ينتظرون رحيلهم إلى أفغانستان في مركز احتجاز قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان 10 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
لاجئون أفغان مع أمتعتهم ينتظرون رحيلهم إلى أفغانستان في مركز احتجاز قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان 10 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

وكانت إسلام آباد قد أعلنت مطلع مارس (آذار) أنها ستلغي تصاريح إقامة 800 ألف أفغاني في إطار المرحلة الثانية من خطة إعادة طردت في مرحلتها الأولى نحو 800 ألف من المهاجرين الأفغان غير النظاميين.

وجاء في منشور على منصة «إكس» لوزارة اللاجئين والعودة في حكومة «طالبان» أن «إساءة بلدان مجاورة معاملة هؤلاء (الأفغان) أمر غير مقبول»، مطالبة باتفاق مشترك من شأنه تسهيل عمليات العودة.

لاجئون أفغان مع أمتعتهم ينتظرون رحيلهم إلى أفغانستان في مركز احتجاز قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان 10 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
لاجئون أفغان مع أمتعتهم ينتظرون رحيلهم إلى أفغانستان في مركز احتجاز قرب الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان 10 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

وقالت المنظمة الدولية للهجرة لوكالة الفرنسية إن ما معدّله 4 آلاف أفغاني عبروا الحدود من باكستان الأحد والاثنين، مشيرة إلى أن الرقم «أعلى بكثير مقارنة بالمعدل اليومي المسجل في مارس والبالغ 77».

وفق المنظمة، فإن المرحلة الجديدة من حملة باكستان لإعادة أفغان موجودين على أراضيها إلى بلادهم «يمكن أن تطول في عام 2025 ما يصل إلى 1.6 مليون شخص من المهاجرين الأفغان غير النظاميين ومن الأفغان الذين يحملون تصاريح إقامة».

3 ملايين أفغاني يعيشون في باكستان

وتقول الأمم المتحدة إن نحو ثلاثة ملايين أفغاني يعيشون في باكستان أُلغيت تصاريح إقامة 800 ألف منهم في أبريل (نيسان) وهناك 1.3 مليون يحملون تصاريح إقامة صالحة حتى 30 يونيو (حزيران)، لأنهم مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وهناك آخرون لا يحملون أي تصاريح.

وقالت وزارة اللاجئين في حكومة «طالبان»: «للأسف الشديد يتعرّض لاجئون أفغان لعنف».

وتابعت: «يجب أن يسمح لكل اللاجئين بأن يأخذوا معهم إلى بلادهم أموالهم وممتلكاتهم ومستلزماتهم المنزلية».

وشدّدت على وجوب «عدم استخدام اللاجئين أدوات لتحقيق غايات سياسية».

وقال أفغان عبروا الحدود مؤخراً لوكالة الصحافة الفرنسية إنهم غادروا من دون أن يتمكنوا من أخذ كل ممتلكاتهم أو أموالهم، في حين تم اعتقال آخرين واقتيادهم مباشرة إلى الحدود.

وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، الاثنين، بعد عبوره نقطة تورخم الحدودية، قال شاه محمود، المولود في شمال أفغانستان: «جريمتي الوحيدة أنني أفغاني»، وأضاف: «كان بحوزتي وثائق لكنهم مزّقوها».

منذ أشهر، يتحدّث نشطاء حقوقيون عن تعرّض أفغان لمضايقات وعمليات ابتزاز على يد قوات أمنية باكستانية.

وأشارت مونيزا كاكار، المحامية في مدينة كراتشي الباكستانية، إلى أن السلطات «تنتقي الناس وتعتقلهم عشوائياً في أماكن مختلفة».

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا توجد آلية مناسبة لنقل أسر بأكملها». العلاقات بين كابل وإسلام آباد متوترة منذ استيلاء «طالبان» على السلطة، وقد فاقمها تصاعد العنف في باكستان عند الحدود مع أفغانستان.

أطفال لاجئون أفغان يلعبون بجوار شاحنات محملة بممتلكات عائلاتهم أثناء انتظارهم العودة إلى أفغانستان على طول الطريق السريع في لندي كوتال بباكستان الأربعاء 9 أبريل 2025 (أ.ب)
أطفال لاجئون أفغان يلعبون بجوار شاحنات محملة بممتلكات عائلاتهم أثناء انتظارهم العودة إلى أفغانستان على طول الطريق السريع في لندي كوتال بباكستان الأربعاء 9 أبريل 2025 (أ.ب)

وقالت وزارة الداخلية الباكستانية إنها أصدرت «تعليمات صارمة» بتسهيل خروج الأفغان تشدد على وجوب «عدم مضايقة أي شخص في هذه العملية».

في سبتمبر (أيلول) 2023، سارع مئات آلاف اللاجئين الأفغان غير النظاميين للعودة إلى أفغانستان قبل أيام من موعد نهائي حُدّد لهم لمغادرة باكستان بعد عمليات دهم نفّذتها الشرطة استمرّت أسابيع.