الصحافيون العرب في إسلام آباد.. حضور في الحياة الاجتماعية والسياسية

24 صحافيا عربيا مقيمون بالعاصمة الباكستانية يعملون لصالح منافذ إعلامية مختلفة

الصحافي الفلسطيني الأصل جمال إسماعيل في لقاء نادر مع زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري
الصحافي الفلسطيني الأصل جمال إسماعيل في لقاء نادر مع زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري
TT

الصحافيون العرب في إسلام آباد.. حضور في الحياة الاجتماعية والسياسية

الصحافي الفلسطيني الأصل جمال إسماعيل في لقاء نادر مع زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري
الصحافي الفلسطيني الأصل جمال إسماعيل في لقاء نادر مع زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري

في ساعة متأخرة بعد ظهر يوم 28 مايو (أيار) 1998، كانت إذاعة «إم بي سي إف إم» بمثابة المؤسسة الإخبارية الأولى التي أذاعت أنباء تفيد أن باكستان أجرت 6 تجارب نووية في منطقة جبال تشاغاي الواقعة جنوب إقليم بلوشستان، في رد على التجارب النووية الهندية التي استغرقت أكثر من أسبوع.
وجرى الإعلان عن إجراء تلك التجارب الباكستانية من جانب صحافي عربي فلسطيني، كان مقيما في إسلام آباد على مدى العقود الثلاثة الماضية. لم يكن جمال إسماعيل، الذي ينحدر من الضفة الغربية، غريبا عن أورقة السلطة والأوساط السياسية في باكستان.
يعتقد جمال إسماعيل أن إذاعة أنباء عن التفجيرات النووية في باكستان كان يمثل سبقا صحافيا في مهنته الصحافية. وقال جمال إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «قمت بإذاعة الخبر قبل وسائل الإعلام الرسمية في باكستان بفارق 20 دقيقة».
وبلا شك، فإن كونه أول من حصل على معلومات حول التجارب النووية الباكستانية، يشير بوضوح إلى عمق علاقاته داخل الدوائر الحكومية الباكستانية. وفي غضون تلك الأيام، كانت المؤسسة الأمنية الباكستانية تفرض قدرا كبيرا من السرية حول البرنامج النووي الباكستاني، وحتى الصحافيون الباكستانيون لم يسمح لهم بمقابلة الدكتور إيه. كيو خان.
وفي سياق متصل، قال جمال إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أتواصل بشكل منتظم مع المسؤولين الأمنيين المعنيين بحماية د. إيه. كيو خان. وفي هذا اليوم، كنت أتحدث مع أحد مسؤولي الأمن التابعين له عبر الهاتف؛ حيث جعلني أتواصل مع د. إيه. كيو خان.. وأخبرني د. إيه كيو خان بنفسه بأنهم قاموا بإجراء تجارب نووية منذ 5 دقائق فقط».
وأضاف: «تواصلت مع مدير قسم الأخبار، وأخبرته بهذا الخبر الحصري، فقال لي إنه لم يجر تداول معلومات حول هذا الأمر. فأخبرته بأنني تحدثت بنفسي مع د. إيه. كيو خان. وفي غضون ثوان، كنت على الهوا مباشرة عبر إذاعة (إم بي سي إف إم) لأطلع العالم العربي على التفجيرات النووية باكستانية.. أخبرني د. إيه. كيو خان، بأن هذا الأمر ليس من أجل باكستان فقط، ولكنه لصالح الأمة الإسلامية أجمع».
ومع ذلك، لم يكن جمال إسماعيل هو الصحافي العربي الوحيد في إسلام آباد، الذي كان مألوفا بالنسبة للدوائر السياسية والإعلامية في باكستان، وهناك أيضا الصحافي أحمد موفق زيدان مدير مكتب «الجزيرة» في العاصمة إسلام آباد.
هناك نحو 24 صحافيا عربيا مقيمون في إسلام آباد ويحظون بحضور واضح في الحياة الاجتماعية والسياسية في المدينة. إنهم موجودون في كل حدث إعلامي تشهده المدينة، سواء كان مؤتمرا صحافيا لرئيس الوزراء؛ أو مسيرة احتجاجية داخل المنطقة الحمراء في إسلام آباد؛ أو إحاطة إعلامية يقدمها المتحدث العسكري بمقر القيادة العامة في روالبندي.. إنهم يوجدون في كل مكان.
من جهته، يقول آصف فاروق، أحد كبار المنتجين بمكتب «بي بي سي» في إسلام آباد: «حسنا، الصحافيون لهم وجود واضح في الفعاليات الإعلامية في إسلام آباد، ويعود هذا الأمر بالأساس إلى الازدهار السريع والمفاجئ لوسائل الإعلام في البلدان العربية، جنبا إلى جنب إيلاء مزيد من التركيز على القضايا الباكستانية والأفغانية».
وأوضح جمال إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» أن كل منفذ رئيسي من منافذ وسائل الإعلام في منطقة الشرق الأوسط يحتفظ بمراسل له في إسلام آباد، قائلا: «تتضمن هذه المنافذ الإعلامية قنوات (الجزيرة)، و(العربية)، و(دبي تي في)، ووكالة الأنباء الكويتية». ويعمل لصالح كثير من المنافذ الإعلامية العربية صحافيون باكستانيون مراسلين لها. ويوجد بعض الصحافيين العرب في باكستان لعدة عقود؛ فعلى سبيل المثال، وصل جمال إسماعيل إلى باكستان طالبا يدرس الهندسة في عام 1981، وبدأ يخوض العمل الصحافي عام 1984. فيما قضى بكر عطيناني، الذي يعمل لصالح «إم بي سي»، أكثر من عقد من الزمان في إسلام آباد، وهو يقيم الآن في الإمارات، ولكنه عادة ما يزور باكستان لتغطية القضايا الكبيرة. وفي هذا الشأن، يقول جمال إسماعيل: «كان بكر عطيناني موجودا هنا لأكثر من أسبوع لتغطية المسيرات الاحتجاجية التي شهدتها باكستان في شهر أغسطس (آب)» الماضي. كما عمل عبد الرحمن، الذي يعمل لدى قناة «العربية»، في باكستان لعدة عقود، وشغل منصبا بارزا في إحدى وكالات الأنباء المحلية. وأحمد زيدان هو صحافي عربي آخر، ويعد اسمه مألوفا في الأوساط السياسية والإعلامية.
جاء كثير من هؤلاء الصحافيون العرب إلى باكستان أثناء حرب أفغانستان (حركة أفغانستان للحرية ضد الاحتلال السوفياتي)، والآن أصبحت باكستان بمثابة وطنهم الثاني. تأهل جمال إسماعيل من جامعة بيشاور ليصبح مهندسا مدنيا في سبتمبر (أيلول) 1981. وأثناء الحرب الأفغانية، أشرف على تحرير رسالة خبرية للطلاب المسلمين بحركة أفغانستان للحرية ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان. وكانت هذه الرسالة تحمل اسم «المجاهد»، وكانت تخضع لإشراف منظمة الطلاب المسلمين في بيشاور. ونقلت عنه «الشرق الأوسط»: «بدأت العمل مهندسا مدنيا في بيشاور مع مختلف المنظمات غير الحكومية، التي كانت تقدم الإغاثة للاجئين من الأفغان. وفي هذا الوقت، كانت هناك 3 مجلات عربية تصدر من بيشاور.. بدأت العمل مع هذه المجلات بصفتي مترجما»، وأضاف: «عُرض علي شغل منصب رئيس تحرير مجلة (المجاهد).. والتحقت في وقت لاحق بالعمل في مجلة (الجهاد) التابعة لـ(عبد الله عزام)، رئيسا للتحرير. وفي يناير (كانون الثاني) عام 1991، حصلت على عرض من قناة (الحياة - لندن) كي أكون مراسلها في لندن.. ثم انتقلت بعد ذلك إلى إسلام آباد»، وأردف: «اعتدتُ العمل على تغطية الحرب الأفغانية لصالح قناة (الحياة)، فضلا عن إجراء مقابلات مع أشخاص أمثال أحمد شاه مسعود وحكمتيار».
وبينما كان معظم الصحافيين العرب يقدمون التغطية لوسائل إعلام عربية فقط، فإن الحرب ضد الإرهاب ظلت محط تركيزهم الأساسي. وفي هذا السياق، قال ناصر أحمد، وهو صحافي عربي آخر يعمل لدى «شبكة الأخبار العربية»: «نحن نركز بالأساس على الحرب ضد الإرهاب.. نعمل أيضا على تغطية الشؤون المتعلقة بالسياسة الباكستانية، وفرص قطاع الأعمال والاستثمار في باكستان».



مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.