هجوم تركي على حفتر وتعهد بدعم «الوفاق»

عناصر أمن في أحد شوارع مصراتة أمس (رويترز)
عناصر أمن في أحد شوارع مصراتة أمس (رويترز)
TT

هجوم تركي على حفتر وتعهد بدعم «الوفاق»

عناصر أمن في أحد شوارع مصراتة أمس (رويترز)
عناصر أمن في أحد شوارع مصراتة أمس (رويترز)

هاجمت تركيا «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر، داعية إلى قطع جميع المساعدات عنه، في ظل تململها من التفاهمات العسكرية بوقف إطلاق النار في ليبيا بين الجيش وقوات حكومة «الوفاق» برئاسة حليفها فائز السراج.
واعتبرت تركيا على لسان وزير دفاعها خلوصي أكار، أن المساعدات الخارجية لمن وصفها بـ«قوات حفتر» في ليبيا «تشكل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة... وتدعم اتجاه إفشال الجهود الدبلوماسية لإبرام الهدنة».
وبعدما طالب في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية تركية بقطع جميع المساعدات الخارجية لحفتر في أسرع وقت ممكن، شدد على أنه «لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية». وكانت وزارة الدفاع التركية أعلنت، مساء أول من أمس، أن عناصرها تواصل تقديم الدعم العسكري لحكومة «الوفاق» في ليبيا، مشيرة في بيان مقتضب عبر «تويتر» إلى أنها توفر «تدريب المراقبين المتقدمين» لقوات هذه الحكومة كجزء من التفاهم المبرم والمثير للجدل، العام الماضي، بشأن التدريب العسكري والتعاون والاستشارات.
وتعهد السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، بمواصلة بلاده دعم الحل السياسي. وقال في رده على أسئلة وجهت إليه عبر الصفحة الرسمية للسفارة الأميركية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أول من أمس، إن بلاده «ستظل منخرطة في دعم العملية السياسية في ليبيا وجميع المشاركين فيها»، لافتاً إلى أن «غالبية الليبيين يريدون نجاح المفاوضات ورؤية حل وسط ونهاية للعنف الذي تسبب في كثير من الفوضى». ووصف نتائج اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» بشأن إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بالإنجاز الرائع، واعتبر أن تحديد ملتقى تونس في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021 موعداً لإجراء الانتخابات «إنجاز كبير».
وبعدما أشار إلى أن الوقت قد حان لإيجاد حل للأزمة الليبية، قال نورلاند إنه مثلما ستدعم بلاده هذه العملية وأولئك الذين يشاركون فيها، فإنها مستعدة للنظر في إمكانية فرض عقوبات على من حاولوا عرقلة المسار السياسي لحل الأزمة الليبية.
وناقش أحمد معيتيق، نائب السراج، مع اللجنة المكلفة من حكومة «الوفاق» بحضور اجتماعات «5+5» مع «الجيش الوطني» برعاية بعثة الأمم المتحدة، نتائجها السابقة ورؤيتها للاجتماعات المستقبلية.
بدوره، بحث عضو المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» محمد عماري مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، استعدادها وجاهزیتها للاقتراع في المدن الليبية كافة نهاية العام المقبل.
وبحسب بيان حكومي، فقد أكد عماري حرص حكومته على «توفير الاحتياجات والمتطلبات للمفوضية، وتهيئة الظروف الموضوعية المناسبة لإجراء انتخابات باعتبارها خياراً ومطلباً عاماً لكل الليبيين»، مشيراً إلى «قرب صدور قرار بتخصيص مبلغ من ميزانية الطوارئ للمفوضية للبدء بالتحضير والتجهيز والترتيب للانتخابات القادمة».
من جهتها، أعلنت السفارة الفرنسية لدى ليبيا في بيان مقتضب عبر «تويتر» أن وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» فتحي باشاغا الذي يزور باريس حالياً، سيجري محادثات مع وزراء الخارجية جان إيف لودريان والدفاع فلورنس بارلي والداخلية جيرالد دارمانان.
وكان باشاغا الذي قال إنه سيتلقى بعدد من القيادات الأمنية والسياسية في فرنسا بهدف تعزيز التعاون المشترك في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتدريب، أبرم اتفاقاً في اليوم الأول لزيارته إلى باريس، مساء أول من أمس، مع إحدى المؤسسات الأمنية المتخصصة في تحديد الهوية البايومترية ونظم مراقبة المدن للتجهيز لمتطلبات الانتخابات وأغراض أمنية أخرى.
وقال باشاغا في بيان إنه سعى للحصول على «مساعدة المؤسسات الأمنية المتخصصة في تطوير أنظمة بايومترية للتحقق من الهوية بطريقة آمنة وذكية، عن طريق التعرف على الوجه، وبصمات العيون، والأصابع من دون تلامس، وكذلك توفير لوحات إلكترونية للمركبات الآلية، مزودة بأحدث التقنيات، وفق أعلى المواصفات الدولية»، مشيراً إلى أنه ناقش في اجتماع مع ممثلي هذه المؤسسات «تدشين أنظمة مراقبة فيديو حساسة ومتقدمة للمدن، بالإضافة إلى أنظمة التعرف على الناخبين في الانتخابات، وضمان تأمينها من التزوير».
ونفى وزير الخارجية بحكومة «الوفاق» محمد سيالة إلقاء القبض على مدير مكتبه نصر الدين الدرناوي من قبل مكتب النائب العام، رداً على إعلان وسائل إعلام محلية اعتقاله بتهم تتعلق بـ«الابتزاز والمساومة» مقابل إتمام إجراءات الموظفين العاملين في الخارج.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.