قيادة العمليات تتوعد الجناة غداة موجة صواريخ على «الخضراء»

وزير الخارجية عد الهجوم موجهاً ضد الشعب العراقي

آثار للدمار الذي أحدثه قصف صاروخي على المنطقة الخضراء مساء أول من أمس (رويترز)
آثار للدمار الذي أحدثه قصف صاروخي على المنطقة الخضراء مساء أول من أمس (رويترز)
TT

قيادة العمليات تتوعد الجناة غداة موجة صواريخ على «الخضراء»

آثار للدمار الذي أحدثه قصف صاروخي على المنطقة الخضراء مساء أول من أمس (رويترز)
آثار للدمار الذي أحدثه قصف صاروخي على المنطقة الخضراء مساء أول من أمس (رويترز)

أثارت أحدث موجة صواريخ أطلقتها الميليشيات المسلحة المتهمة بولائها لإيران على المنطقة «الخضراء»، حيث مقر الحكومة العراقية ومعظم السفارات الأجنبية وضمنها سفارة واشنطن، موجة استياء وغضب شديد داخل الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء، وفيما توعدت قيادة العمليات المشتركة بتعقب الجناة وتقديمهم للعدالة، اعتبر وزير الخارجية فؤاد حسين أنها تمثل «هجوماً على الشعب العراقي». ويتزامن الهجوم مع حديث مسؤولين أميركيين عن عزمهم سحب 500 جندي في العراق والإبقاء على 2500 جندي فقط.
وأطلقت ميليشيات مسلحة، مساء الثلاثاء، 7 صواريخ، سقطت منها أربعة في المنطقة الخضراء، وثلاثة خارجها، أحدها سقط قرب مدينة الطب في منطقة باب المعظم وآخر عند باب حديقة الزوراء وانفجر ثالث في الجو، طبقاً لبيان صادر عن خلية الإعلام الأمني.
وأسفر الهجوم الصاروخي الذي انطلق من حي «الأمين الثانية» جنوب العاصمة، عن مقتل طفلة وإصابة 5 مدنيين. وتوعدت قيادة العمليات المشتركة، مطلقي الصواريخ، وتعهدت بجلبهم للعدالة، وقالت في بيان إنه «مع استمرار الحكومة العراقية بتحقيق المكتسبات السيادية، ورفع مستوى مهنية وكفاءة قواتنا الأمنية وجاهزيتها لمجابهة التهديدات الإرهابية، وهو ما تكلل بالإعلان عن سحب المئات من القوات الأجنبية من العراق، تصر بعض القوى الخارجة على القانون، وعلى الإجماع الوطني، وعلى رؤية المرجعية الدينية، على إعاقة مسار تحقيق المنجزات السيادية».
وأضافت أن «هذه القوى الخارجة على القانون تؤكد من جديد رهانها على خلط الأوراق ومحاربة الاستقرار، خدمة لمصالحها وأهدافها الضيقة البعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية». وأشارت إلى أن «ما شهدته العاصمة بغداد لن يمر دون ملاحقة وحساب، وأن أجهزتنا الأمنية والاستخبارية، قد شرعت بإجراءات تشخيص الجناة لينالوا جزاءهم العادل».
من جانبه، أكد الناطق باسم عملية «العزم الصلب» التابعة للتحالف الدولي واين ماروتو، أن القصف الصاروخي الذي شهدته العاصمة بغداد استهدف قاعدة عراقية. وقال ماتورو في تدوينة مقتضبة، أمس، إن «الهجوم الذي شهدته العاصمة بغداد استهدف قاعدة عراقية، ولم يسفر عن أي خسائر ضمن صفوف قوات التحالف». وفيما أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أول من أمس، استمرار المفاوضات بين الجانبين العراقي والأميركي للوصول إلى صيغة نهائية لإعادة انتشار القوات الأميركية خارج العراق تمهيداً لانسحابها النهائي، انتقد وزير الخارجية فؤاد حسين، القصف الصاروخي وعده «اعتداءً سافراً على الحكومة والشعب العراقي».
وقال حسين خلال مؤتمر صحافي عقده، أمس، إنه «عقد اجتماعاً مهماً مع السفير الأميركي والقادة العسكريين العراقيين لبحث نتائج الحوار الاستراتيجي والحوار، أشار إلى إعادة انتشار القوات الأميركية خارج العراق، وتم التأكيد على جدولة الانسحاب».
وكشف حسين عن «انسحاب 500 عنصر من القوات الأميركية في العراق، وأن الحوارات مع الجانب الأميركي تستند على قرارات الحكومة والبرلمان، ورأي المرجعية الرشيدة». وفي حادث لا يبدو بعيد الصلة عن عملية القصف التي طالت المنطقة الخضراء، اجتمع رئيس الجمهورية برهم صالح، أمس، برئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.
وذكر بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، أنه «جرى خلال اللقاء التأكيد على أهمية مواصلة الجهد الأمني لمكافحة الإرهاب وملاحقة خلايا (داعش) التي تحاول زعزعة الاستقرار في بعض المناطق». وشدد رئيس الجمهورية بحسب البيان على «أولوية تعزيز الأمن والاستقرار، وعدم التفريط بالانتصارات المتحققة على الإرهاب، وضبط السلاح المنفلت، وضرورة حماية السلم المجتمعي والأمن العام». وأعرب السفير البريطاني في بغداد ستيفن هيكي، أمس، عن تعازيه لذوي ضحايا الهجوم الصاروخي.
وقال هيكي في تغريدة، عبر «تويتر»: «أعرب عن تعازي لضحايا الهجمات الصاروخية التي وقعت يوم أمس، أدين هذه الهجمات من قبل الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، التي تؤدي فقط إلى ترويع العراقيين والإضرار باستقرار العراق».
ويبدو من خلال البيانات المتضاربة التي صدرت عن بعض الفصائل الموالية لإيران المتهمة بشن الهجمات الصاروخية، أنها غير متفقة على الهجوم الأخير، ففيما وصفت «كتائب حزب الله»، العملية بـ«الجهل والغباء» وأنها «جاءت للتغطية على خسارة ترمب للانتخابات من خلال تصدير أزماته الداخلية، ومحاولة جعله جنرال حرب للتغطية على فشله»، رأى المتحدث باسم «كتائب سيد الشهداء» كاظم الفرطوسي، أنها «رسالة مدروسة بدقة عالية».
وقال الفرطوسي، في تصريحات: «ليس هناك اتفاق ما بين الفصائل والقوات الأميركية، وإنما هناك مهلة منحتها الفصائل للإدارة الأميركية لسحب قواتها من العراق»، وذكر أن «الفصائل التي أعطت المهلة لم تتبنَّ عملية ليلة الثلاثاء».
وأضاف أن «المهلة ليست مستمرة إلى الأبد، بالنتيجة على الإدارة الأميركية أن تستجيب بسحب كامل قواتها من العراق، من أجل تجنب ضربات مماثلة». وقالت وكالة «مهر» الإيرانية إن «فصيل (أصحاب الكهف) تبنى الهجوم رسمياً رداً على اعتقال القوات الأميركية ثلاثة من عناصره في مدينة الفلوجة قبل أيام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».