انفجار أنابيب النفط في شمال لبنان يعيد قضية التهريب إلى الواجهة

الحكومة تتحدث عن «خطأ تقني» من الجانب السوري

TT

انفجار أنابيب النفط في شمال لبنان يعيد قضية التهريب إلى الواجهة

بعد أيام على حريق أنبوب النفط في العبدة في عكار (شمال لبنان)، أعاد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، طرح الموضوع عبر السؤال عن السبب الذي أدى إلى هذا الحادث، رابطاً إياه بقضية التهريب إلى سوريا، بعدما كانت المعلومات الأولية أشارت إلى أنه «مفتعل» ليُعلَن بعدها أنه نتيجة «مشكلة تقنية» من الجانب السوري.
وسأل جنبلاط في تغريدة له عما إذا كان سبب الانفجار هو التهريب، قائلاً: «هل صحيح أن انفجار الأنبوب في العبدة مرده أن البعض كان يضخ النفط من مصفاة الشمال إلى سوريا. هل انتقلنا إلى هذا الحجم من التهريب؟»، سائلاً أيضاً عما إذا كان تجار النفط يأتون بسفن غير شرعية لتهريب النفط المدعوم.
ومع تضارب المعلومات حول سبب الانفجار في الأنابيب بين كركوك وطرابلس، تؤكد المديرة العامة لمنشآت النفط أورور فغالي لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن من الناحية التقنية» ضخ المواد النفطية إلى سوريا عبر الأنابيب المتوقفة منذ 40 عاماً. وأوضحت أنه عند وقوع الحادث تواصل مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم مع الجانب السوري «وأبلغنا بوقوع خطأ تقني من جهتهم بحيث إنه وخلال إجراء عملية ضخ للنفط عبر أنبوب نفطي من سوريا إلى جهة معينة، أدى الضغط إلى تسربّه إلى الجهة اللبنانية وحدث ما حدث، وقد تمت السيطرة خلال وقت قصير».
وكانت المديرية العامة للنفط قالت في بيانها الأخير عن انفجار الأنبوب، أول من أمس، إن «النتائج التي تم استخلاصها بعد النجاح في إصلاح جميع الأعطال على خط الأنبوب النفطي في منطقة العبدة، أظهرت أن ضخاً كبيراً ناتجاً عن خطأ تقني من الجانب السوري أدى إلى اختناق الخط وتبعه تسرب مباشر، وليس اعتداء بهدف التخريب أو السرقة».
في المقابل، يستبعد المسؤول عن الملف الاقتصادي في الحزب «التقدمي» عضو مجلس القيادة محمد بصبوص أن يكون هذا الخطأ ناتجاً عن ضخ النفط من سوريا باتجاه الشمال، «خصوصاً أن دمشق تعاني من أزمة في تأمين هذه المواد».
ويتفق مع القيادي في «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، على أن «التهريب من شمال لبنان إلى سوريا لا يتوقف عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية وعلى متن صهاريج في العلن أحياناً كثيرة».
ويشدد علوش على ضرورة أن يكشف جنبلاط ما لديه من معلومات في هذا الإطار. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا شيء غريباً لا على التجار ولا على النظام السوري، فالتهريب لا يتوقف بوسائل عدة. لا نعرف إذا كان قد أضيف إليها التهريب عبر الأنبوب في العبدة».
ومع تأكيده أن «هناك العديد من الشاحنات التي تنقل النفط بشكل علني إلى سوريا وكان قد تم تناقل فيديوهات وصور لها»، يعتبر أن «عدم قيام القوى الأمنية بأي خطوة في هذا الاتجاه، يعني إما تواطؤاً منها أو أنها مغلوبة على أمرها».
من جهته، يقول بصبوص لـ«الشرق الأوسط» إن الكميات الكبيرة من الفيول والمازوت وغيرها تثبت حجم التهريب من لبنان، ويعطي مثالاً على ذلك بأن كمية الوقود التي تم استيرادها إلى لبنان لتشغيل معامل الكهرباء في عامي 2018 و2019 تساوي تقريباً أضعاف تلك التي كانت تستورد في السنوات الماضية، بينما التغذية بقيت كما هي أو حتى تراجعت في أحيان كثيرة.
والأمر لا يختلف، بحسب بصبوص، بالنسبة إلى مادة المازوت المدعومة بدورها من الدولة ويسجل معدل استهلاك مرتفع لها في السوق، موضحاً أنه «في عام 2011 تم استيراد مليون و117 ألف طن من المازوت، وكان المعدل الوسطي في الأعوام بين 2012 و2014 حوالي مليون و500 ألف طن، بينما وصل بين عامي 2015 و2019 إلى حوالي مليوني و500 ألف طن كمعدل وسطي».
ومع تأكيده على أن حوالي 50 في المائة من الكمية يتم تهريبها إلى سوريا، لا سيما مع الحديث عن إمكانية رفع الدعم عنها في لبنان، يذكّر بصبوص بإقرار وزير الطاقة ريمون غجر أن هناك كميات من المازوت تهرّب أو تخزن، إضافة إلى تصريحات سابقة على ألسنة مسؤولين حاليين وسابقين «من دون تنفيذ أي إجراءات لوقف هذا التفلت، وذلك عبر معابر شرعية وغير شرعية وعبر الصهاريج في العلن».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.