عودة التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية

بموجب الأجواء الجديدة إثر انتخاب بايدن رئيساً لأميركا

TT

عودة التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية

أعلن رئيس هيئة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، الوزير حسين الشيخ، مساء أمس (الثلاثاء)، عن عودة العلاقات مع إسرائيل والتنسيق الأمني بين أجهزتهما الأمنية.
وكتب حسين الشيخ في منشور على «تويتر»، «إنه على ضوء الاتصالات الدولية التي قام بها الرئيس محمود عباس بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معها، واستناداً إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبة وشفوية بما يؤكد التزام إسرائيل بذلك، فإنه سوف تتم إعادة مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان عليه الحال قبل التاسع عشر من مايو (أيار) 2020».
ونقلت حركة «فتح» تصريح الشيخ الذي أدلى به عبر «تويتر»، مؤكدة أن «عودة العلاقات جاءت بعد إعلان إسرائيل استعدادها الالتزام بالاتفاقيات الموقّعة سابقاً بين الطرفين، وتلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسائل رسمية ومكتوبة تؤكد هذا الالتزام».
وأكد مسؤول سياسي في تل أبيب على عودة التنسيق، وقال إن هذا الإعلان جاء بموجب الأجواء الجديدة التي نشأت في المنطقة على أثر انتخاب المرشح الديمقراطي، جو بايدن، رئيساً للولايات المتحدة وكذلك على أثر اتفاقات السلام والعلاقات الدبلوماسية مع الإمارات والبحرين والسودان.
وصرح مسؤول في قيادة الجيش الإسرائيلي، بأن لقاءً تم بين رئيس الإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي، العميد كميل أبو ركن وبين وفد فلسطيني برئاسة حسين الشيخ، أمس. وقال إن هذا اللقاء كان تتويجاً للقاءات أخرى جرت بين الطرفين، في الأسابيع الأخيرة، وبينها لقاء شارك فيه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بنفسه، أفيف كوخافي.
وأكد المسؤول الإسرائيلي، أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، كان قد أمر بوقف التنسيق الأمني رداً على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن مخطط لضم غور الأردن وشمالي البحر الميت لإسرائيل بدعم من الإدارة الأميركية والرئيس دونالد ترمب. لكن الاتفاق بين إسرائيل والإمارات احتوى شرطاً بتجميد مخطط الضم. مع أن عباس عارض هذا الاتفاق وانتقده بشدة، فإنه وافق على استئناف المحادثات مع إسرائيل مستفيداً منه.
وكان الرئيس عباس، قد أعلن في 19 مايو الماضي، أن منظمة التحرير الفلسطينية التي وقّعت على اتفاق سلام مؤقت مع إسرائيل عام 1993، باتت في حلٍّ من هذا الاتفاق؛ وذلك بسبب إعلانها خطتها أحادية الجانب لضم نحو 30 في المائة من أراضي الضفة الغربية. وأوضح عباس في خطاب متلفز وقتها، أن منظمة التحرير الفلسطينية أصبحت في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة على تلك التفاهمات والاتفاقات، بما فيها الأمنية. واشترط عباس خلال خطابه لعودة العلاقة مع حكومة إسرائيل، عقد المفاوضات تحت رعاية دولية متعددة، وعبر مؤتمر دولي للسلام، وفق «الشرعية الدولية»، وعلى «أساس حل الدولتين».
ومنذ انتخاب جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، تبث السلطة الفلسطينية إشارات على أنها مستعدة للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل بشروط. وحسب مصادر في تل أبيب، فإن هذه المباحثات تناولت أيضاً تغيير الموقف الفلسطيني والاستعداد لقبول أموال الجمارك المحتجزة لدى إسرائيل. لكنها لم تكتمل بعد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».