مخاوف فرنسية من قرارات إدارة ترمب في الفترة المتبقية لها

ماكرون يدافع عن خطط توفير «الاستقلالية الاستراتيجية» للاتحاد الأوروبي

بومبيو يصل مطار لو بورجيه في زيارة رسمية لفرنسا (رويترز)
بومبيو يصل مطار لو بورجيه في زيارة رسمية لفرنسا (رويترز)
TT

مخاوف فرنسية من قرارات إدارة ترمب في الفترة المتبقية لها

بومبيو يصل مطار لو بورجيه في زيارة رسمية لفرنسا (رويترز)
بومبيو يصل مطار لو بورجيه في زيارة رسمية لفرنسا (رويترز)

يصف دبلوماسيون زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأنها «تأتي في غير زمانها» لا بل إنها «مزعجة»؛ كون القائم بها من غلاة الداعمين للرئيس الأميركي الرافض حتى اليوم لنتائج الانتخابات الرئاسية، فيما فرنسا الرسمية كانت من أوائل الذين هنأوا المرشح الديمقراطي جو بايدن بفوزه، وسارع ماكرون بالاتصال به لغرض استكشاف ميادين التعاون المشترك التي تريد فرنسا معها قلب صفحة دونالد ترمب.
ولعل أبلغ دليل على غياب الحماسة الفرنسية لاستقبال بومبيو هو التعتيم الإعلامي الذي رافق الزيارة بجزأيها الخاص والرسمي. وكان بومبيو قد وصل إلى باريس عبر مطار لو بورجيه الجمعة الماضي وأقام في مقر إقامة السفيرة الأميركية. والدليل الآخر أن دوائر الرئاسة الفرنسية اتصلت بمستشاري بايدن لاطلاعهم على الزيارة، ولتأكيد أنها جاءت بطلب وإصرار من جانب الوزير بومبيو. واعتبرت باريس، وفق ما نقل عن مصادر دبلوماسية أنه «من الطبيعي استقبال الوزير بومبيو، إضافة إلى التعبير عن احترام المؤسسات الأميركية».
ولا تريد باريس إعطاء انطباع بأنها تلعب لعبة مزدوجة، لذا فإن مصادرها تحدثت عن «الشفافية» في التعامل. وقد استهل بومبيو يومه الرسمي بوضع إكليل من الورد في باحة قصر الأنفاليد تكريماً لذكرى ضحايا الإرهاب الذي ضرب فرنسا في الأسابيع الأخيرة، قبل أن يتوجه إلى قصر الإليزيه للقاء الوزير جان إيف لو دريان وبعدها الرئيس ماكرون. وبسبب هذا التعتيم المطبق، لم يصدر أي تصريح أو بيان لا عن الرئاسة ولا عن وزارة الخارجية الفرنسيتين عن الزيارة حتى مساء أمس، وهو تصرف غير معهود في مناسبة كهذه.
باريس، بالاستناد إلى التصريحات التي أدلى بها لو دريان قبل ثلاثة أيام في حوار تلفزيوني مع قناة «بي إف إم» الإخبارية، تبدو «قلقة» مما قد يقدم عليه ترمب فيما تبقى له من أيام رئاسية. ومما قاله لو دريان: «ما لا يتعين على الإدارة الأميركية ألا تقوم به هو تسريع الانسحاب من أفغانستان كذلك ليس عليها أن تنسحب من العراق وسوف نقول له (بومبيو) ذلك». وأشار الوزير الفرنسي إلى أن هناك «مواضيع أخرى عويصة سنتناولها معاً كالوضع في العراق، والعلاقات مع إيران، وملف الإرهاب، والصعوبات المرتبطة بملف الشرق الأوسط (النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي) والعلاقات مع الصين...». وإزاء مجمل هذه الملفات، ثمة مخاوف فرنسية من إقدام فريق ترمب على اتخاذ قرارات أو تدابير من شأنها تصعيد النزاعات وفرض أمر واقع يصعب على بايدن التراجع عنه. ليس سراً أن باريس راهنت على فوز بايدن لأن دبلوماسيتها عاشت أربع سنوات صعبة من وجود ترمب في البيت الأبيض. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها ماكرون لإقامة علاقة شخصية وثيقة مع نظيره الأميركي، فإنه لم ينجح أبداً في أن يكون في موقع يؤثر فيه على قراراته التي بدأها بالانسحاب من اتفاقية باريس حول المناخ، وأتبعها بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، ثم فرض عقوبات، واعتباره أن حلف الأطلسي «قد عفا عنه الزمن»، وتشجيع بريطانيا على البريكست لإضعاف الاتحاد الأوروبي، والخلاف حول الدور التركي داخل الحلف، وفي سوريا، ومياه المتوسط الشرقي، وسياسته إزاء النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، وتنديده بمنظمة الصحة الدولية، وإشعاله الحرب التجارية مع الصين، وتهديد البلدان الأوروبية بفرض ضرائب عليها عقاباً لها على نيتها فرض ضرائب على كبريات الشركات الرقمية الأميركية، ونزعته للتصرف الأحادي دون اعتبار لشركاء أميركا من الأوروبيين. وتتوقع باريس أن تستغل إدارة ترمب فترة الشهرين المتبقيين لها من أجل زيادة الضغوط على طهران، ليس فقط لجهة فرض عقوبات إضافية لا تخفي واشنطن عزمها المعلن على فرضها سريعاً، بل أن تعمد إلى مبادرات أخرى. ولا تستبعد تقارير إعلامية في باريس أن تعمد واشنطن إلى شن «حرب إلكترونية» على البرنامج النووي الإيراني لإضعافه أو لاستهداف مجموعات مسلحة مرتبطة بإيران في سوريا والعراق، أو ربما ضرب منشآت مباشرة أو بالواسطة... وتجدر الإشارة إلى الفروق الشاسعة بين رؤية ترمب للملف الإيراني وبين رؤية بايدن الذي لم يستبعد، ضمن شروط محددة، العودة إلى الاتفاق النووي التي يربطها بتراجع، غير أن عن كل الانتهاكات التي ارتكبتها بحقه إضافة إلى رغبته في ربط ذلك بتوسيع إطار المحادثات مع إيران بحيث تشمل الملف الصاروخي وسياسة إيران الإقليمية، الأمر الذي يبين تقارباً كبيراً بين رؤية الرئيس المنتخب والرؤية الأوروبية.
كذلك ليس من المستبعد أن يبادر ترمب إلى إعلان خطوات إضافية بشأن فلسطين مثل الاعتراف بشرعية المستوطنات الإسرائيلية بعد أن تم تجميد الدفع بما سمي «صفقة القرن» التي أعطت لإسرائيل فرصة ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية، بما فيها غور الأردن.
وثمة من يصف قرارات كهذه لترمب بـ«الوداعية». لكن مهما تكون سياسة ساكن البيت الأبيض الجديد، فإن الرئيس ماكرون عازم على الدفع بمشروعه الهادف إلى بناء استقلالية أوروبية سياسية ودفاعية، وهو ما أكده في مقابلة مستفيضة مع مجلة «غران كونتينان» (القارة القديمة)، التي وصفها موقع الإليزيه الرسمي بأنها «مجلة مرجعية للنقاش الاستراتيجي والسياسي والثقافي» وهي تصدر، منذ العام الماضي، عن «مجموعة الدراسات الجيوسياسية». وفي الحديث المشار إليه، دافع ماكرون عن الإدارة المتعددة الأقطاب لشؤون العالم رابطاً ذلك بـ«تحديث الهيئات الدولية»، حيث إن «أطر التعاون متعدد الأطراف باتت اليوم ضعيفة، لأنها معرقلة»، وذهب إلى حد مهاجمة مجلس الأمن الدولي الذي «لم يعد ينتج حلولاً مفيدة: نحن جميعاً نتحمل مسؤولية مشتركة عندما يصبح البعض رهائن أزمات التعددية، مثل منظمة الصحة العالمية». مستنداً في ذلك إلى عجز المؤسسات الدولية عن التعاطي الفعال مع وباء كوفيد 19. وتجدر الإشارة إلى أن محاولات متكررة تبذل منذ سنوات لتعديل تعطيل مجلس الأمن وإدخال أعضاء جدد وتغيير أشكال عمله التي رسمها المنتصرون في الحرب العالمية الثانية. إلا أن الدول الخمس المتمتعة بحق النقض «الفيتو» دأبت على عرقلتها.
وإزاء «الثنائية القطبية» الأميركية - الصينية التي باتت أمراً واضحاً، فإن ماكرون يدعو إلى أن تكون «أوروبا قوية»، وهو ما يعتبره «الاحتمال الوحيد لإعادة فرض قيمنا» الأوروبية، «لتجنّب الاحتكار الثنائي الصيني - الأميركي والانهيار وعودة القوى الإقليمية المعادية». والبناء الأوروبي يعني بناءها «سياسياً» بحيث تتحول إلى قطب فاعل، لأنه «إذا أردنا أن يتمّ خلق تعاون، فيجب أن يتمكن أقطاب متوازنون من بناء هذا التعاون، حول تعددية جديدة، ما يعني (إقامة) حوار بين القوى المختلفة لاتخاذ القرارات معاً».
ودأب ماكرون على الدعوة إلى بناء أوروبا «متمتعة باستقلالية استراتيجية»، الأمر الذي يفترض اتخاذ مسافة عن الحلف الأطلسي، وهو ما لا تريده العديد من البلدان الأوروبية. واللافت أن ماكرون هاجم وزيرة الدفاع الألمانية آنيغريت كرامب - كارنباور، التي رأت أن «أوهام الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي يجب أن تنتهي: لن يتمكن الأوروبيون من لعب دور أميركا الحاسم كمزوّد للأمن». وجاء رد ماكرون تأكيده أن ما قالته الوزيرة الألمانية «تفسير خاطئ للتاريخ، ولحسن الحظّ أن المستشارة (أنجيلا ميركل) ليست مع هذا الرأي، إذا فهمت الأمور بشكل جيد». وتابع: «أعتقد إذن أن تغيير الإدارة الأميركية هو فرصة لمواصلة بطريقة سلمية تماماً وهادئة، ما يجب أن يفهمه الحلفاء فيما بينهم: نحن بحاجة إلى مواصلة بناء استقلاليتنا لأنفسنا، كما تفعل الولايات المتحدة لنفسها، وكما تفعل الصين لنفسها». وخلاصته أن «الولايات المتحدة لن تحترمنا كحلفاء لها إلا إذا كنّا جادين مع أنفسنا، وإذا كنا سياديين في دفاعنا الخاص».



البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.