{الشرق الأوسط} في موسم الجوائز‬«5»: مفاجآت ليلة «غولدن غلوبس»

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.. والأسلوب يغلب الحبكة التقليدية

«نظرية كل شيء»
«نظرية كل شيء»
TT

{الشرق الأوسط} في موسم الجوائز‬«5»: مفاجآت ليلة «غولدن غلوبس»

«نظرية كل شيء»
«نظرية كل شيء»

ها هي اللحظات المنتظرة تقع هذا المساء عندما تنطلق حفلة تسليم جوائز «غولدن غلوبس» مبثوثة من الساعة الثامنة على شاشة «NBC» كما جرت العادة منذ سنوات كثيرة. بعد أسابيع من التوقعات وارتفاع بورصات الأفلام ونجومها وانخفاض بعضها، ها هي الحفلة تنطلق بزيها الرسمي الكامل: كاميرات المحطة المذكورة ستسبح فوق الجالسين في القاعة الكبيرة مستعرضة العدد الكبير من الحضور. النجوم سيصعدون المنصة للتحدث إلى الجمهور مازحين وجادين والجوائز ستعطى تبعا لتصويت صارم اعتادته «جمعية هوليوود للمراسلين الأجانب» منذ أن خرجت من أزمتها مع بيا زادورا في الثمانينات.

* بيا زادورا؟ من هي؟

* في عام 1982 وجدت ممثلة مغمورة اسمها بيا زادورا نفسها في مواجهة ممثلات جديرات في سباق غولدن غلوبس لأفضل وجه واعد (وهي مسابقة تم التخلي عنها لاحقا) أمثال كاثلين تيرنر عن فيلم «سخونة جسد» وإليزابث ماكوفرن عن «راغتايم». أيامها كانت متزوجة من الملياردير الإسرائيلي موشالم ريكليس وحسب روايات غير مؤكدة، فإن هذا لم يرضَ أن تخرج محبوبته من دون جائزة ما دفعه إلى شراء ذمم عدد كاف من صحافيي الجمعية، فإذا بالجائزة تذهب إلى بيا زادورا، التي كانت بالتأكيد تفتقر الموهبة ولم تكن أفضل أداء من أي ممثلة منافسة.
هذا أصاب، آنذاك، سمعة الجمعية وجائزتها بالصميم ونشر سحابة من اليورانيوم الملوث فوقها إلى سنوات كثيرة. وبل هناك من يرغب، وإلى اليوم، العودة إلى مثال زادورا كلما أراد التشكيك بأهمية الجمعية وما تقوم به. لكن للواقع، فإن الجمعية أفاقت من تلك الصدمة وانتبهت إلى دورها الجدي الذي تقوم به وإلى أنها لا تستطيع أن تسمح بتكرار ذلك المنوال. ومن مطلع التسعينات على الخصوص وإلى اليوم وهي تسير على خط مستقيم ونتائجها محاطة بالدرجة القصوى من السرية ذاتها التي تحاط بها جوائز الأوسكار. ومع قيامها كل عام بتوزيع هبات مالية على مؤسسات سينمائية (الأكاديمية، الأرشيفات القومية) أو اجتماعية (الجامعات، مؤسسات الرعاية الاجتماعية المختلفة) وتحولها إلى حدث أساسي في موسم الجوائز وصناعة التسويق لم يعد بالإمكان غض النظر عنها أو قيامها هي بغض النظر عن إنجازاتها.

* أفلام ومخرجون

* مثل كل مرة، فإن آخر المسابقات التي ستعلن نتائجها هذه الليلة في حفل لوس أنجليس هي مسابقة الأفلام الدرامية. هنا، كما في «البافتا» و«الأوسكار» وسواها، يبقى الفيلم هو مسك الختام بالمعنى الكامل للكلمة. مغلفات المسابقات الأخرى تفتح والفائزون بها يعلنون، لكن مسابقة الفيلم هو مثل تتويج كل شيء.
وهناك في الواقع جمع كبير من الأفلام المتنافسة: هناك 5 أفلام في الدراما وهي «صبا» و«فوكسكاتشر» و«لعبة المحاكاة» و«سلما» و«نظرية كل شيء».
5 أفلام في الكوميديا والاستعراضي وهي «بيردمان» و«ذا غراند بودابست هوتيل» و«داخل الغابة» و«فخر» و«سانت فنسنت».
5 في مسابقة الأنيماشن وهي «بيغ هيرو 6» و«كتاب الحياة» و«بوكسترولز» و«كيف تدرب تنينك 2» ثم «The Lego Movie».
هناك 5 أخرى في مجال الفيلم الناطق بلغة غير إنجليزية وتتكون من «فورس مأجوري» (سويد)، «إيدا» (بولاند)، «ليفيثيان» (روسيا) و«تنجارينز» (استونيا) و«محاكمة فيفيان أمسالم» (إسرائيل).
حين يأتي الأمر إلى المخرجين، فإن 5 من المخرجين هم الذين يتسابقون حسب لوائح «غولدن غلوبس». وغالبا، كما هو حال هذا العام، فإن المرشحين لـ«غولدون غلوبس» أفضل مخرج هم من العاملين في السينما الأميركية وليسوا من خارجها وإلا لتم ضم مخرجين آخرين جديرين بالفوز مثل بافل بافليكوفسكي عن «إيدا» وأندريه زيفغنتسف عن «ليفياثان».
في هذه القائمة نجد وس أندرسون عن «ذا غراند بودابست هوتيل» (المندرج في قسم الكوميديا) وأفا دوفرناي عن «سلما» (في قسم الدراما) ورتشارد لنكلتر عن «صبا» (قسم الدراما أيضا) وأليخاندرو غوانزاليس إناريتو عن «بيردمان» (قسم الكوميديا) ثم ديفيد فينشر، المخرج الوحيد الذي لم يصل فيلمه «فتاة مختفية» إلى عداد التنافس بين الأفلام.
إذا ما استثنينا الأفلام الكرتونية المتحركة، فإن الأفلام المتنافسة الأخرى منقسمة، أسلوبيا، إلى فئتين: فئة ذات أسلوب سرد تقليدي، وأخرى ذات أسلوب سرد مختلف. الفريق الثاني أقل، لكن حظوظه تبدو الأقوى وهو يشمل «صبا» و«بيردمان» و«ذا غراند بودابست هوتيل» و«إيدا».
إلى جانب أن أسلوب العمل في كل واحد من هذه الأفلام يحمل بصمة ذاتية استثنائية، فإن كل واحد من هذه الأفلام لديه، ضمن هذا الأسلوب العام، قضية، وربما مشكلة، مع مبدأ الحكاية ذاتها؛ حيث العقدة لا تستولي على السرد بل تتبعه.

* عبر الأزمنة

* لفهم ذلك، تكفي المقارنة بين «صبا» و«فوكسكاتشر» المتنافسين في السباق ذاته (أفضل فيلم درامي). كلاهما جيد بامتياز، لكن الأول يتبع حكاية تقع على امتداد سنوات من دون أن يضطر لتغيير ممثليه، بينما الثاني، يسرد الحكاية في وضعها التاريخي (التسعينات) من دون تفاوت زمني أو مكاني.
ما قام به رتشارد لينكلتر، صاحب «صبا» هو أنه صور بطله عندما كان ولدا صغيرا سنة 2002، ثم صوره في مرحلة متوسطة كان الصبي إيلار كولتران قد أصبح ولدا، ثم سنة 2013 وقد أصبح فتى مراهقا.
مخرج آخر كان أتى بـ3 ممثلين وأنجز الفيلم في 3 أشهر، لكن لينكلتر مارس التصوير على امتداد 12 سنة بمجموع 45 يوما، بذلك أتاح لنفسه ولفيلمه التنفس طبيعيا. ولينكلتر لم يكن بذلك خرج عن معالجاته، فسلسلته المعروفة بـ«قبل»؛ وهي «قبل الشروق» (1995)، و«قبل الغروب» (2005)، ثم «قبل منتصف الليل» (2013)، على حكاية واحدة حول علاقة عاطفية انطلقت من سنة 1995 واستكملت في عام 2013، وقد تستمر لما بعد.. ودائما مع الممثل نفسه إيثان هوك (الذي شارك في أفلام أخرى للمخرج من بينها «صبا») بذلك لم تعد الغلبة لعقدة أو حبكة، بل لمعايشة زمنية على نحو ما حققه المخرج ذاته في فيلم «صبا».
إلى أي حد سيتدخل كل ذلك في توجيه الأصوات إلى «صبا»، فالأفلام المتنافسة في قسم الدراما تكاد تكون متساوية في حسناتها ومزاياها. «سلما» رائع في رصده القضية العنصرية التي يتناولها، و«فوكسكاتشر» ممتاز في تحليله لشخصياته الثلاث، و«نظرية كل شيء» يجاوره في رصد العلاقة بين رجل ذي متطلبات خاصة وزوجته، في حين أن «لعبة المحاكاة» قوي في تعامله مع شخص واحد. وهو ما يدلف بنا إلى ملاحظتين رئيسيتين نضيفهما إلى الملاحظة السابقة حول الأسلوب وتغليب الموقف على الحبكة.
كل هذه الأفلام، ما عدا «صبا»، قائم على استيحاء شخصيات حقيقية وكل هذه الأفلام (بما فيها «صبا») تدور في رحى الأمس أساسا.
«لعبة المحاكاة» عن عالم الحسابات الذي أسهم بهزيمة هتلر عندما استعانت به الاستخبارات البريطانية لفك الرموز المعقدة التي تستخدمها قيادة الجيش النازي في الأربعينات. و«سلما» يأتي بعده زمنيا إذ تقع أحداثه في الستينات أيام مارتن لوثر كينغ، كما يؤديه ديفيد أويلاو بجدارة. و«نظرية كل شيء» عن العالم سيتفن هوكينغ، و«فوكسكاتشر»، يتجاوران إذ يدوران في الثمانينات. أما «صبا» فهو يشمل سنوات متنقلة من التسعينات إلى اليوم.

* رسالة من مخرج

* بعض ذلك التقسيم وارد في مسابقة أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي ولو على نحو متأرجح، فـ«كبرياء»، مثلا، هو عن حركة مثلية شاركت في المظاهرات التي أيدت عمال المناجم في الثمانينات. و«بيردمان» في الزمن الحاضر، لكنه يتميز بالأسلوب غير التقليدي الذي يسرد المخرج إيناريتو حكاية الأسرة من خلاله. وفي حين أن «سانت فنسنت» أقل خيالا وأكثر التصاقا بالزمن الحالي، إلا أن المد الخيالي يزداد في الفيلمين الآخرين «داخل الغابة»، وهو فانتازيا شاملة لأساطير وحكايات معروفة من نمط «سندريلا» و«ليلى والذئب» و«ذا غراند بودابست هوتيل» الذي هو أكثر الأعمال جميعا تميزا من حيث تصميمه الفني والإنتاجي، وهو أيضا خيالي صرف تقع أحداثه في بلد غير واقعي وفي زمن يتوسط الحربين العالميتين، لكنه زمن منضو تحت راية الفانتازيا لحد يبدو كما لو أنه لم يكن موجودا بالفعل أيضا.
أما الأفلام المتبارية في سباق «أفضل فيلم أجنبي» فالاختلافات بينها شاسعة: من دراما المحاكم في «محاكمة فيفيان أمسالم» إلى دراما الموقف المتأزم في «فورس ماجوري» ومن حكاية إيدا، المرأة التي اكتشفت أنها ليست كاثوليكية كما اعتقدت، بل يهودية وضعها والداها عند باب بيت الرهبان لتجنيبها الموت خلال الحرب، إلى حكاية إيفو، ذلك المزارع الذي تعصف به رياح عاتية مصدرها ما كان يحدث في استونيا خلال مطلع التسعينات. هذا وصولا إلى الحاضر الأكثر دكانة في «ليفياثان».
3 من هذه الأفلام هي من 3 دول كانت تؤلف معسكرا واحدا وهي «ليفياثان» الروسي، و«تانجرين» الاستوني، و«إيدا» البولندي. وهي أكثر المتوفر نقدا سياسيا رغم أن «محاكمة فيفيان أمسالم» يتعرض لنقد الوضع الاجتماعي بين المتشددين اليهود من خلال سعي زوجة للطلاق من زوجها المتدين الذي يرفض منحها الطلاق.
ولعل «ليفياثان» أكثر هذه الأفلام الأجنبية نقدا؛ إذ لا يحاول تمويه الحقائق على الأرض: «هناك فساد في الدوائر الحكومية الرسمية ينسف اللبنة العائلية ويقضي على مستقبل من لا يملك سوى القانون (المستولى عليه) للتوجه إليه». صحيح أن السينما الروسية شهدت أخيرا أعدادا متزايدة من هذه الأفلام، لكن «ليفياثان» أكثرها جرأة، وها هو المخرج أندريه زيفغنتسف يكتب لي في رسالة إلكترونية بتاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) 2014: «هذا العام كان الأكثر اضطرابا منذ عقود في تاريخ بلادي المضطرب أصلا. كل يوم، ينحدر المجتمع الروسي نظرا لالتزام متزايد للمؤسسات العامة (لتنفيذ) آيديولوجية جامدة من الاضطهاد وعدم التحمل».
موقفه المعبر عنه سينمائيا ليس جديدا على السينما في تلك البلاد. خلال الفترة الشيوعية انبرى كثيرون: لاريشا شوبتكو، سيرغي بارادجانوف، إراكلي كفيركادادزه، أندريه تاركوفسكي، وهناك سواهم. لنقد الوضع القائم وتبعاته على المجتمع الروسي. ليس أن الدولة آنذاك استجابت لذلك النقد وأصلحت شؤونها الإدارية على الأقل، لكن ذلك الصوت النقدي لم يتوقف إلا عندما انهار الاتحاد السوفياتي ولفترة زمنية محدودة، بعدها عادت هذه الأفلام تنتقد الأوضاع الحاضرة على النحو ذاته. زيفغنتسف: «أحد أهم مزايا الفن الروسي هو الإخلاص. حتى في أقسى الأزمنة، نطق المؤلفون والسينمائيون بالحقيقة حيال بلادهم الحبيبة. اعتبروا أنه من أهم مسؤولياتهم كفنانين وفي (ليفياثان) سعيت لأن أستحق هذا التقليد».

* الوضع المحسوس

* من سيخرج فائزا من بين ما ذكرنا من أفلام؟ هذا ليس سهلا رصده على الإطلاق، لكن، وكما تتنبأ أكثر التوقعات، فإن «بيردمان» و«ذا غراند بودابست هوتيل» يأتيان في مقدمة الأفلام الكوميدية، بينما يقفز إلى الواجهة «صبا» يجاوره «نظرية كل شيء» إذا ما تغلبت اللغة العاطفة على تلك الفنية الذي مارسها المخرج بنت ميلر في «فوكسكاتشر». كمخرجين، فإن أسهم أليخاندرو غونزاليز إناريتو عالية تتبعها سريعا تلك التي لدى ديفيد فينتشر عن «فتاة مختفية».
لكن هناك أكثر من مجرد المنافسة بين الممثلين والممثلات (كما ورد معنا في الأيام القليلة السابقة) والمخرجين (كما يرد هنا). تصور مثلا أن تخلو مسابقة أفضل سيناريو (والجمعية لا تفرق بين سيناريو مكتوب خصيصا للسينما وآخر مقتبس) من «ذا غراند بودابست هوتيل» الذي كتبه وس أندرسون. المتوقع هنا أنه إذا لم يفز المخرج بجائزة أفضل فيلم أو أفضل إخراج، فإنه سيفوز بهذه الجائزة. لكن بما أن 4 من الأفلام المتسابقة في هذا القسم هي ذاتها المتسابقة في مباراة أفضل فيلم: «صبا»، و«بيردمان»، و«لعبة المحاكاة»، و«ذا غراند بودابست هوتيل» (الخامس هو سيناريو جيليان فلين عن «فتاة مختفية») فإن حرارة تلك المنافسة تنتقل تلقائيا إلى هذا المجال.
الحفلة، كما جرت العادة ستحفل بالنجوم: من جسيكا شستين، وجنيفر أنيستون، وإميلي بلنت، وريز وذرسبون، وجورج كلوني، ومايكل كيتون، وجايكل جيلنهال، وباتريشا أركيت، وإدوارد نورتون، ومارك روفالو، وبندكت كمبرباتش، و(غالبا) روبرت داوني جونيور، وبراد بت، وأنجلينا جولي، وماثيو ماكونوفي، من بين كثيرين آخرين.
الحراسة الأمنية هي أيضا حافلة. تستلمك تعليمات رجال الأمن والبوليس من على نحو مئتي متر وأنت في طريقك على ولشير بوليفارد أو إذا كنت قادما من ناحية سانتا مونيكا بوليفارد. تتوقع الزحام وتنال ما تتوقعه بكل تأكيد. كلما اقترب فحص البوليس أوراق الدعوة، ودلك على أي جانب من الطريق عليك أن تستمر فيه. وعلى خلفية ما حدث في باريس من هجوم إرهابي أخيرا، فإن المتوقع كذلك أن يعلن بعض الممثلين الذين سيصعدون المنصة إما لتقديم فقرات الحفل أو لاستلام الجوائز عن شغبهم لما وقع.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».