يوميات اللاجئين الإثيوبيين في السودان: حصص الذرة والعدس تحت ظلال الأشجار

فروا من الحرب الدائرة في إقليم تيغراي

لاجئون إثيوبيون عقب وصولهم إلى السودان بعد فرارهم من ضراوة الحرب في بلادهم (أ.ف.ب)
لاجئون إثيوبيون عقب وصولهم إلى السودان بعد فرارهم من ضراوة الحرب في بلادهم (أ.ف.ب)
TT

يوميات اللاجئين الإثيوبيين في السودان: حصص الذرة والعدس تحت ظلال الأشجار

لاجئون إثيوبيون عقب وصولهم إلى السودان بعد فرارهم من ضراوة الحرب في بلادهم (أ.ف.ب)
لاجئون إثيوبيون عقب وصولهم إلى السودان بعد فرارهم من ضراوة الحرب في بلادهم (أ.ف.ب)

في أرض قاحلة تغطيها أشعة الشمس الحارقة في شرق السودان النائي، يحاول عمال الإغاثة إعادة بناء مخيم لاجئين من أجل استضافة 25 ألف إثيوبي فروا من الحرب الدائرة في إقليم تيغراي الإثيوبي المجاور.
وقد دفعت الضربات الجوية والقصف الصاروخي والمدفعي بالرجال والنساء والأطفال المنهكين والمذعورين لمواجهة الحر والجوع هرباً من ضراوة القتال في شمال إثيوبيا، حسبما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وأعاد السودان، إحدى أفقر دول العالم والذي يواجه الآن تدفقاً هائلاً من اللاجئين الإثيوبيين، فتح مخيّم «أم راكوبة» الذي يبعد 80 كيلومتراً من الحدود مع إثيوبيا.
والمفارقة أن هذا المخيم كان يؤوي قديماً اللاجئين الإثيوبيين الذين تمكنوا من الفرار من بلادهم أثناء المجاعة التي سادت بين عامي 1983 و1985 والتي أودت بحياة أكثر من مليون شخص. اليوم، لم يتبق سوى مبنيين دائمين في المخيم الذي أغلق قبل سنوات: بناء قديم من دون سقف كان يستخدم مدرسة وعيادة سابقة متهدمة، مما جعل العائلات اللاجئة اليائسة تتكدس تحت ظلال الأشجار في موقع المخيم.
ويقوم آخرون بنصب خيامهم أو الاستلقاء على أغطية بلاستيكية توفرها لهم جمعيات الإغاثة. ويقول غابرييل هايلي (37 عاماً) أحد الوافدين الجدد: «أترون؟ أنا جالس على الأرض مع بناتي الثلاث الصغيرات». وأضاف: «اعتقدنا أن السلطات سوف تنقلنا إلى هنا لأن هناك ملاجئ؛ لكن لم نجد شيئاً، فقيل لنا أن ننتظر».
وحتى الآن، جرى توفير الإغاثة الأساسية فقط في المخيم النائي الواقع وسط حقول مهجورة على مسافة نحو 10 كيلومترات من أقرب قرية سودانية.
وشملت عناصر الإغاثة الأساسية، توفير مياه الشرب من جانب منظمة «اليونيسف»، كما يقوم «برنامج الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة بتوزيع حصص الذرة والعدس بمساعدة مفوضية اللاجئين السودانية، ويدير «الهلال الأحمر» عيادة ميدانية في خيمة. وبدأ عشرات العمال السودانيين حفر الخنادق في الأرض الصخرية لمد أنابيب المياه وبناء أساسات لملاجئ خشبية ومكاتب إدارية.
وقال آدم محمد؛ أحد العمال: «جرى إيصال الكهرباء اليوم، لكن قد يستغرق الأمر ما لا يقل عمّا بين 7 و10 أيام من العمل الشاق ليكون كل شيء جاهزاً».
من جهته، أكد مدير المخيم عبد الباسط عبد الغني، أن «الشيء الأكثر إلحاحاً اليوم هو بناء ملاجئ». وأوضح: «خطتنا هي إنشاء 3 قطاعات يمكن أن يستوعب كل منها 8000 شخص»، مشيراً إلى استخدام «أرض المخيم القديم، وإذا استطعنا فسنقوم بتوسيعها لتشمل الأرض المجاورة». وقال عبد الغني: «هذه هي المرة الثانية التي أشارك فيها في إنشاء هذا المخيم».
وحسب عبد الغني، فقد بدأ العمل في مفوضية اللاجئين السودانية عام 1985 إلى أن أصبح رئيسها اليوم. ويعلّق: «في ذلك الوقت (الثمانينات) استقبلت إثيوبيين فارين من المجاعة، والآن أستقبلهم لأنهم فروا من الحرب».
كانت مجاعة الثمانينات بإثيوبيا، في شمالها الجبلي القاسي، بسبب الجفاف الذي تفاقم بسبب الصراع بين الديكتاتور الحاكم آنذاك منغستو هيلا مريام والمتمردين من إريتريا وإقليم تيغراي. بدأت الاضطرابات الأخيرة في تيغراي عندما أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الحائز جائزة «نوبل للسلام» العام الماضي، أنه أمر بعمليات عسكرية في المنطقة رداً على هجوم مزعوم على قاعدة فيدرالية.
وفي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أرسل أبي الذي أصبح في 2018 أول رئيس وزراء في البلاد ينتمي إلى عرقية الأورومو (الإثنية الكبرى في إثيوبيا) الجيش الفيدرالي لمهاجمة تيغراي.
وجاء تحركه بعد أشهر من التوترات المتزايدة مع «جبهة تحرير شعب تيغراي» التي مثلت الحزب الحاكم في البلاد في عهد رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي، لكنها الآن تحكم فقط إقليمها. والسبت، أطلقت قوات تيغراي صواريخ على العاصمة الإريترية أسمرة بحجة اتهامها بمساعدة الجيش الفيدرالي الإثيوبي، في خطوة تثير مخاوف انتشار الصراع وزعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.
في الوقت الحالي، يحتمي نحو 2500 لاجئ إثيوبي في المخيم السوداني، وتتوقع السلطات في الخرطوم ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تضاعف عدد الوافدين. ويشعر كثيرون بصدمة نفسية بعد أن شهدوا ما حذرت الأمم المتحدة مما قد يرقى إلى جرائم حرب و«هجمات تستهدف المدنيين على أساس عرقهم أو دينهم».
وصرح داهلي بورهان، أحد اللاجئين (32 عاماً) أنه يشعر بالامتنان والخوف معاً. وقال: «السودانيون يفعلون الكثير من أجلنا، وأشكرهم، لكننا قريبون جداً من الحدود والمكان منعزل جداً... إنه أمر خطير للغاية إذا انتشرت الحرب».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».