حركة النقل في معبر الكركرات تعود إلى طبيعتها

توالي ردود الفعل العربية المؤيدة للخطوات المغربية

شاحنة محملة بالبضائع تعبر معبر الكركرات السبت (ماب)
شاحنة محملة بالبضائع تعبر معبر الكركرات السبت (ماب)
TT

حركة النقل في معبر الكركرات تعود إلى طبيعتها

شاحنة محملة بالبضائع تعبر معبر الكركرات السبت (ماب)
شاحنة محملة بالبضائع تعبر معبر الكركرات السبت (ماب)

استأنفت حركة النقل الطرقي بين المغرب وموريتانيا، أول من أمس السبت، في الاتجاهين، عبر المركز الحدودي الكركرات، غداة العملية التي نفذتها القوات المسلحة الملكية بالمنطقة العازلة، حسب ما عاينته وكالة الأنباء المغربية الرسمية.
وعبرت العشرات من شاحنات نقل البضائع، التي كانت تحركات ميليشيات «البوليساريو» قد عرقلت سيرها منذ 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الحدود المغربية - الموريتانية بعدما استوفت الإجراءات الخاصة بالشرطة والجمارك.
جاء ذلك بعد أن أمنت القوات المسلحة الملكية المغربية بشكل كامل معبر الكركرات من خلال إقامة حزام أمني لتأمين تدفق السلع والأشخاص، وذلك بتعليمات من العاهل المغربي الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
وذكرت وكالة الأنباء المغربية أنه خلافاً لمزاعم الجبهة، ومحاولتها جعل الرأي العام الدولي يعتقد أن المنطقة العازلة مشتعلة، فإن الوضع بدا هادئا للغاية، السبت، بالكركرات، ولم يتم إطلاق أي رصاصة منذ صباح الجمعة، عندما اضطرت عناصر القوات المسلحة الملكية للرد على نيران ميليشيات «البوليساريو»، بعد تدخلها المشروع لطردهم وإعادة إرساء حركة التنقل المدني والتجاري بين المغرب وموريتانيا.
في غضون ذلك، توالت ردود الفعل العربية المؤيدة للخطوات التي اتخذتها الرباط لحماية مصالحها الوطنية ووحدة أراضيها في مواجهة الاستفزازات المتكررة لجبهة البوليساريو، ووضع حد لها لضمان عودة الحركة الطبيعية لتنقل البضائع والأشخاص في المنطقة.
وأعربت العديد من الدول العربية والمنظمات الإقليمية عن تضامنها وتأييدها التام والكامل للمغرب في الإجراءات التي اتخذها من أجل الدفاع عن سيادة البلاد وحقوقها وسلامة وأمن مواطنيها.
فبعد المواقف الداعمة للمغرب من طرف السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، نايف فلاح مبارك الحجرف، عن تأييد دول المجلس للإجراءات التي اتخذتها المملكة المغربية لضمان انسياب حركة البضائع والأفراد بشكل طبيعي ودون عوائق في منطقة الكركرات العازلة.وأكد الأمين العام لمجلس التعاون في بيان على موقف دول مجلس التعاون الثابت في دعم سيادة المغرب ووحدة أراضيه.
كما عبر البيان عن رفض دول الخليج لأي أعمال أو ممارسات من شأنها التأثير على حركة المرور في هذه المنطقة، داعياً في الوقت نفسه إلى ضبط النفس والالتزام بالحوار واللجوء للحلول السلمية، وفقا لما نصت عليه القرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
الموقف نفسه عبّرت عنه الجمهورية اليمنية التي أكدت تأييدها للإجراءات المتخذة من قبل المغرب في معبر الكركرات.
وأعربت وزارة الخارجية اليمنية عن «تأييد وتضامن الجمهورية اليمنية التام والكامل مع المملكة المغربية في الإجراءات التي تتخذها لضمان عودة الحركة الطبيعية للبضائع والأشخاص في منطقة معبر الكركرات المغربية». وشددت الوزارة أيضا على «حق المملكة المغربية المطلق في الدفاع عن سيادتها وحقوقها وسلامة وأمن مواطنيها». كما أكدت مجدداً على موقف الجمهورية اليمنية «الثابت في دعمها لجهود المملكة المغربية والأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي واقعي ومستدام لقضية الصحراء المغربية، على أساس من التوافق وتطبيقاً لكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبما يكفل وحدة التراب الوطني للمغرب».
على صعيد ذي صلة، قامت مجموعة من مناصري جبهة البوليساريو الانفصالية أمس الأحد في مدينة فالينسيا الإسبانية بانتهاك حرمة القنصلية المغربية في المدينة ونزع العلم المغربي ووضع علم الجبهة الانفصالية مكانه، وذلك في انتهاك سافر للقوانين المنظمة للعمل الدبلوماسي. ولقي هذا التصرف تنديداً واسعاً في صفوف الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا وبعض الفعاليات الإسبانية التي طالبت بضرورة التدخل العاجل للحكومة الإسبانية للضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه المس بمقرات التمثليات الدبلوماسية والإعلام الوطنية للدول.
في غضون ذلك، سارع القنصل المغربي في فالينسيا، عبد الإله الادريسي بالتدخل سلمياً، وصعد إلى الطابق العلوي للمبنى القنصلية ليزيل علم «البوليساريو» ويعيد العلم المغربي إلى مكانه.
وأدانت الحكومة الإسبانية بشدة الأعمال التي ارتكبها بعض المشاركين في المظاهرة التي نُظمت أمام القنصلية العامة للمغرب في فالنسيا، منتهكين بذلك حُرمة وسلامة وكرامة المقر القنصلي. كما أدانت بشكل قاطع أي عمل يتعارض مع مبادئ وقيم اتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية لعام 1961 و1963 والتي تعد طرفاً وضامناً لها.
وقالت الحكومة الإسبانية إنها تسعى للحصول على مزيد من الإيضاحات حول هذه المسألة وستواصل اتخاذ جميع التدابير المناسبة لضمان احترام سلامة وحرمة البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى إسبانيا.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».