توافقات «الحوار الليبي» في تونس تواجه اختبار الميدان

TT

توافقات «الحوار الليبي» في تونس تواجه اختبار الميدان

كان من المفترض أن يختتم في تونس أمس الأحد الحوار السياسي الليبي الذي جرى تحت رعاية الأمم المتحدة، وذلك بعد أسبوع من مناقشات مباشرة تم التوصل فيها إلى اتفاق حول تنظيم انتخابات في ديسمبر (كانون الأول) 2021، وفق الأمم المتحدة.
وضم ملتقى قمرت قرب العاصمة التونسية، 75 ممثلاً عن جميع الجهات، تم اختيارهم من قبل الأمم المتحدة حسب انتمائهم الجغرافي أو السياسي أو الآيديولوجي، ولكن من دون الأطراف الرئيسية. وأعلنت الأمم المتحدة مساء الجمعة، أن المندوبين في تونس وافقوا على إجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، دون تحديد ما إذا كانت انتخابات رئاسية أو برلمانية أو انتخابات عامة.
وتواجه اتفاقات الحوار الليبي، وخصوصا تنظيم العملية الانتخابية، اختبار التطبيق في الميدان، ذلك أنها ترتبط أيضاً بتنفيذ اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» التي تدعو إلى تفكيك الميليشيات المسلحة وإخراج المرتزقة من ليبيا.
وتمثل عمليات إجلاء المرتزقة وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية وتفكيك المجموعات المسلحة، من أصعب المعضلات التي ستعترض تنفيذ اتفاقات «الحوار الليبي». وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد هذه المجموعات 300 وهي مختلفة الأعداد والتسليح ويتبع البعض منها أشخاصا والبعض الآخر يرجع بالنظر إلى تيارات متطرفة، وتوجد في معظمها بمناطق طرابلس ومصراتة والزنتان والزاوية وصبراطة.
وأكد اللواء خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، أن خطوات تنفيذ اتفاق اللجنة العسكرية تتضمن ثلاثة مراحل أساسية الأولى تهم فتح الطريق من الشرق انطلاقا من مدينة سرت في اتجاه الغرب نحو مدينة مصراتة أي على طول 900 كيلومتر على أن توكل حماية هذه الطريق إلى قوى أمنية رسمية تحددها اللجان الفرعية. أما الخطوة الثانية فتتمثل في إجلاء المرتزقة والقوات الأمنية من ليبيا، في حين أن الخطوة الثالثة تهتم بتفكيك الميليشيات المسلحة المقسمة إلى مجموعات متطرفة وعصابات وتشكيلات جهوية وعرقية، ومعرفة ما يمكن دمجه في مؤسسات الدولة الليبية.
وانصب اهتمام المشاركين إثر تمديد جلسات الحوار الليبي على صلاحيات السلطة التنفيذية الموحدة، وضرورة التقيد بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية واحترام المواعيد المحددة للمرحلة التمهيدية للحل الشامل. ومن المنتظر أن تخضع هذه السلطة التنفيذية الموحدة للأحكام والإجراءات الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي على أن تحال التشريعات النافذة إلى الاتفاق السياسي الليبي إذا لم يتم التنصيص عليها أو تنظيمها.
وحددت الوثيقة الليبية اختصاصات المجلس الرئاسي واختصاصات رئيس المجلس الرئاسي، كما تضمنت اختصاصات حكومة الوحدة الوطنية واختصاصات رئيس حكومة الوحدة الوطنية وحددت مقتضيات وتراتيب منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، وهي محاور ستكون موضوع جلسات الحوار الليبي المنعقد في تونس في مرحلته الثانية.
في غضون ذلك، أكد كامل عبد الله الباحث المتخصص في الشأن الليبي، أن التوافقات التي تمت في ملتقى تونس ستصطدم بواقع ليبي معقد على الأرض، معتبرا أن الكثير من المشاركين ليس لهم وزن كبير في الداخل الليبي وتأثيرهم محدود للغاية، وأن الواقع الأمني والسياسي هو الذي سيحدد توازنات الداخل الليبي.
وفيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق الذي توصلت له اللجنة العسكرية المشتركة، فد أبدى عدد من المشاركين في ملتقى تونس خشيتهم من دخول أطراف إقليمية على غرار تركيا وقطر لعرقلة بنود هذا الاتفاق، إذ أكدت مصادر مطلعة بالعاصمة الليبية وصول فريق أمني تركي للإعداد لزيارة من المنتظر أن يؤديها الرئيس رجب طيب إردوغان إلى طرابلس خلال الأيام المقبلة، فيما تناقل البعض خبر دخول قطر على خط الأزمة في محاولة لعرقلة الحل السياسي في ليبيا. وتعد تركيا أكبر حليف لحكومة الوفاق الليبية وقدمت دعماً عسكرياً لها خلال الصراع المسلح الذي كان يدور بين هذه الحكومة المتمخضة عن اتفاق الصخيرات والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
بدوره، استنكر حسن الصغير وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة الليبية، وجود نص في مسودة الاتفاق المسربة عن ملتقى تونس، يحمي مذكرتي التفاهم المبرمتين السنة الماضية بين فائز السراج وإردوغان، وقال إنهما تبرران وجود القوات التركية والمرتزقة الأجانب في ظل مجلس رئاسي وحكومة جديدة. وأوضح أن ذلك يعطل اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة، معتبرا أنه «لا معنى ولا قيمة للمجلس الرئاسي ولا للحكومة الجديدة بوجود نص يحمي اتفاقية السراج مع إردوغان، وبالتالي يحمي وجود القوات التركية والمرتزقة الأجانب». وقال إن «هذا النص يعطل اتفاق اللجنة العسكرية بخصوص بدء مغادرة الأجانب لليبيا».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.