مواد بديلة واعدة لخلايا الطاقة الشمسية

باحثون من «كاوست» يبتكرون طريقة تعمل على تعزيز البيروفسكايت

مواد البيروفسكايت المختلطة هي مواد خلايا شمسيّة فعّالة وغير مكلّفة نسبيًا لكنها أقل استقرارًا من السيليكون
مواد البيروفسكايت المختلطة هي مواد خلايا شمسيّة فعّالة وغير مكلّفة نسبيًا لكنها أقل استقرارًا من السيليكون
TT

مواد بديلة واعدة لخلايا الطاقة الشمسية

مواد البيروفسكايت المختلطة هي مواد خلايا شمسيّة فعّالة وغير مكلّفة نسبيًا لكنها أقل استقرارًا من السيليكون
مواد البيروفسكايت المختلطة هي مواد خلايا شمسيّة فعّالة وغير مكلّفة نسبيًا لكنها أقل استقرارًا من السيليكون

بحسب وكالة الطاقة الدولية، تعتبر الطاقة الشمسية المصدر الأسرع نمواً للطاقة الجديدة في العالم، ومن المنتظر أن تهيمن على النمو المستقبلي للطاقة.
حتى السنوات القليلة الماضية ظلت خلايا السليكون الشمسية الأكثر استخداماً في مجال تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية، حيث تمثل أكثر من 90 في المائة من الألواح المصنعة، إلا أن ما يعيبها كونها ثقيلة وجامدة بسبب حجمها وكيفية صنعها المعقدة. هذا الأمر قاد العلماء للبحث عن مواد بديلة تتميز بالمرونة وخفة الوزن والكفاءة ورخص ثمن الإنتاج.
خلايا البيروفسكايت هي إحدى تلك المواد. لكن هناك تحديات كبرى تواجه استخدامها على نطاق تجاري، تتمثل بشكل رئيس في استقرار الخلايا على المدى الطويل. وجدير بالذكر أن مادة البيروفسكايت كانت قد اكتشفت لأول مرة عام 1839 في جبال الأورال في روسيا من قبل عالم الفلزات الروسي ليف بيروفسكي حيث اكتشف أنها مادة تتمتع بهيكلية بلورية خاصة. وفي عام 2009 بدأ علماء المواد التعمق في الإمكانية الكهروضوئية لتلك المادة.
في هذا الاتجاه نجح أخيراً كل من البروفسور أودو شوينجنشلوجل، من مركز الطاقة الشمسية التابع لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) وأستاذة الفيزياء التطبيقية، وطالبة الدكتوراه التي يُشرف عليها، ألكسندرا أورانسكايا، في التقدم بخطوة جديدة لعلاج هذا القصور.
تتكون أكثر مواد البيروفسكايت التي خضعت للدراسة فيما يتعلق بالتطبيقات الشمسية، من سلسلة رئيسية غير عضوية سالبة الشحنة من هاليد الرصاص، مشتركة مع كاتيونات عضوية موجبة الشحنة مثل ميثيل الأمونيوم (MA) أو الفورماميدينيوم (FA). وتتحد هذه المواد في ترتيب ذري منتظم للغاية. ويعد مكون هاليد الرصاص مسؤولاً بشكل رئيسي عن التفاعل مع الضوء، في حين يلعب المكون العضوي دوراً أكثر دعماً لتوفير الاستقرار الهيكلي لتلك المواد. ومع ذلك، فإن الضعف النسبي لاستقرار هذه المواد لا يزال يقيد تطويرها التجاري. وباستخدام النمذجة الحسابية، فحصتْ أورانسكايا وشوينجنشلوجل، المكون العضوي في مواد البيروفسكايت الشمسية، بحثاً عن طرق لتحسين استقرار مواد البيروفسكايت من فورماميدينيوم وهاليد الرصاص.
تقول أورانسكايا: «كان دافعنا تطبيق أساليب حسابية جديدة على واحدة من أكثر المشكلات إلحاحاً في مجال خلايا بيروفسكايت الشمسية».
وأظهرت نتائج الدراسات التجريبية للفريق أن مواد البيروفسكايت القائمة على الفورماميدينيوم أكثر استقراراً من نظيرتها القائمة على ميثيل الأمونيوم. وبناءً عليه، قارن الفريق أولاً قوى روابط ميثيل الأمونيوم والفورماميدينيوم، مع التركيز على الأشكال غير التساهمية من الروابط، مثل الرابطة الهيدروجينية (نوع ضعيف من الروابط التي تُنشِئ نوعاً خاصاً من الجذب ثنائي القطب، وتحدث عندما توجد ذرة هيدروجين مرتبطة بذرة ذات سالبية كهربية عالية). بعد ذلك، اختبر الفريق ما إذا كانت إضافة «عوامل إشابة» عضوية أخرى إلى بنية البيروفسكايت المكونة من الفورماميدينيوم وهاليد الرصاص تفضي إلى مزيدٍ من الاستقرار.
ويقول شوينجنشلوجل: «لقد أظهرنا لأول مرة أنه يمكن استخدام قوة الروابط غير التساهمية في الكاتيونات العضوية لتحسين مواد بيروفسكايت المختلطة». ورغم أن الروابط التساهمية هي الأقوى، فإن أنواعاً أخرى، بما في ذلك روابط الهيدروجين وروابط الهالوجين بين عوامل الإشابة الكاتيونية العضوية ومكون هاليد الرصاص، تساعد على استقرار بنية البيروفسكايت.
يُذكر أن الإشابة، في مجال أشباه الموصلات، هي إدخال متعمد لشوائب إلى شبه موصِل حقيقي بهدف تغيير خصائصه الكهربائية، والبصرية، والبنيوية. وتوضح أورانسكايا ما حققوه قائلة: «لقد أظهرنا أن الإشابة بكاتيونات عضوية بالحجم والشكل الصحيحين - تلك التي ترتبط بقوة أكبر من ارتباط الفورماميدينيوم بالسلسلة الرئيسية غير العضوية عبر رابطة الهيدروجين والهالوجين - يمكن أن تُؤدي إلى استقرار المادة». ولقد أثبتت الكاتيونات العضوية التي بها ذرات أو أيونات كلور مرتبطة برابطة تساهمية وغير تساهمية أنها فعالة بشكل خاص؛ فقد ساعدت على كبت حركات الهاليد الضارة المعروفة باسم الترحيلات من النوع X.
ويتوقع الباحثون أن توسيع قائمة المكونات العضوية، التي تشمل مواد البيروفسكايت الشمسية، يمكن أن يؤدي إلى تعزيز استقرارها وأدائها على المدى الطويل.
وعن أهمية ما توصل إليه الفريق، يقول شوينجنشلوجل: «يوفر هذا استراتيجية لتعزيز أداء خلايا هاليد الرصاص الشمسية».
وعن خطواتهم المستقبلية، يضيف شوينجنشلوجل: «يُخطط الفريق بعد ذلك لدراسة آثار التفاعلات غير التساهمية على استقرار أطوار المواد الأخرى ذات الصلة بالخلايا الشمسية».
وتجدر الإشارة إلى سعي المملكة العربية السعودية، وفي إطار «رؤية المملكة 2030»، إلى الاستثمار في تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح موردين للطاقة البديلة النظيفة حيث إن البلاد تتمتع بمزايا فريدة في تلك المجالات. فمثلاً تم اتفاق بين المملكة ومجموعة «سوفت بنك» لإنشاء أكبر شركة طاقة شمسية في العالم. أضف إلى ذلك أن جهود العلماء والباحثين في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في هذا الإطار تسير بخطى حثيثة حيث ابتكر فريق بحثي جهازاً للطاقة الشمسية ينقي المياه أثناء إنتاجه الكهرباء من أشعة الشمس، وهي تقنية واعدة يمكن أن تسهم في حل أزمتين عالميتين. أيضاً طوّر فريق من مركز أبحاث الطاقة الشمسية في كاوست في العام الماضي نوافذ شمسية ذكية شفافة تحول طاقة ضوء الشمس الساقط عليها إلى طاقة كهربائية.



تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا
TT

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

أوجد التطور الهائل في السنوات العشر الأخيرة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا الكثير من الفرص التي توفر فرصة رائعة لتحويل مجال طب الأسنان بشكل كامل.

طب الأسنان عن بُعد

«طب الأسنان عن بُعد» هو مصطلح جديد نسبياً يربط بشكل كبير بين مجالي الاتصالات وطب الأسنان. وبفضل التطور الهائل في التكنولوجيا، يمتلك طب الأسنان عن بُعد القدرة على تغيير عمليات رعاية الأسنان بشكل جذري. وإذا ما تم إدخال الذكاء الاصطناعي مع هذا التطور فإنه سيكون نقلة هائلة في مجال خدمات طب الأسنان.

في عام 1997، قدم الدكتور جيمس كوك (استشاري تقويم الأسنان من مستشفى برستول في بريطانيا) مفهوم «طب الأسنان عن بُعد» الذي عرَّفه على أنه «ممارسة استخدام تقنيات الفيديو للتشخيص وتقديم النصائح بشأن العلاج عن بُعد». ويتيح هذا التخصص الجديد لأطباء الأسنان تقديم نوع جديد من الرعاية لمرضاهم من خلال وسائل الاتصال والتكنولوجيا الإلكترونية، مما يتيح الوصول التفاعلي إلى آراء المتخصصين دون أن تكون المسافات عائقاً.

وقد شهدت فترة جائحة كورونا ما بين عامي 2020 و2022 ازدهار مثل هذه التقنية بسبب التباعد الاجتماعي وإغلاق عيادات طب الأسنان، إذ كانت تقريباً 90 في المائة من خدمات طب الأسنان تقدَّم من خلال طب الأسنان عن بعد باستعمال وسائل الاتصال الفيديو التصويري.

استشارة الاختصاصيين في المستشفيات

مكَّن التطور الهائل في الاتصالات المرئية والفيديو من أن تقوم عيادات طب الأسنان المختلفة بالتعاقد مع كبرى مستشفيات طب الأسنان وكليات ومعاهد طب الأسنان لعرض بعض حالات أمراض الفم والأسنان المعقدة عبر طب الأسنان عن بُعد على كبار أساتذة طب الأسنان في العالم لأخذ المشورة والرأي السديد في صياغة خطة العلاج بحيث يضمن أفضل خدمة طب أسنان لمرضى هذه العيادات.

نجاحات في المناطق النائية

في المناطق النائية، يعاني السكان من نقص في أطباء الأسنان المتخصصين والرعاية الشاملة للأسنان، إذ أثبت تقرير وضع صحة الفم في العالم لعام 2022 الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية أن العالم العربي يعاني من نقص شديد في خدمات طب الأسنان في المناطق الريفية والقرى، لذا يلعب طب الأسنان عن بُعد دوراً مهماً في توفير إمكانية الوصول إلى المتخصصين لأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية والنائية مع توفر كل أنواع الاتصالات المرئية فيها، مما يقلل من الوقت والتكلفة للاستشارات. يمكن لتغيير طريقة تقديم الخدمة أن يؤثر بشكل إيجابي في جدوى الممارسة في المناطق الريفية، حيث يساعد على تقليل العزلة عن الأقران والمتخصصين. ويؤدي إلى رفع مستوى صحة الفم والتقليل من انتشار أمراضه خصوصاً تسوس الأسنان وأمراض اللثة التي تشهد ارتفاعات كبيرة في هذه المناطق النائية، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية.

تطبيقات في التعليم الطبي

لعب طب الأسنان عن بُعد، دوراً مهماً في التعليم الطبي من خلال وسائل التعليم الذاتي والمؤتمرات الفيديوية. ويوفر النظام التعليمي عبر الإنترنت معلومات خُزنت في الخوادم الإلكترونية حتى قبل وصول المستخدم إلى البرنامج. يتمتع المستخدم بسلطة التحكم في سرعة البرنامج ويمكنه مراجعة المادة التعليمية عدة مرات حسب رغبته. وقد ازدهرت هذه التطبيقات أكثر خلال جائحة كورونا وعندما جرى اكتشاف الفوائد الكبيرة لهذه التقنيات في تعميق التعليم الطبي عن بُعد واستفادة أضعاف الأعداد من طلبة طب الأسنان وأطباء الأسنان تم الاستمرار في تطوير هذه التطبيقات بشكل كبير. كما ازدهرت في تخصصات طب الأسنان، إذ يمكن أن يكون طب الأسنان عن بُعد أداة قوية لتعليم الطلاب الذين يواصلون دراساتهم العليا ومساعدتهم في الحصول على تحديثات مستمرة في مجال تخصصات طب الأسنان المختلفة، وهكذا جرى تطوير برامج الاتصال المرئي مثل «زووم» و«تيمس» و«مايت» لتكون قنوات مهمة للتطوير المهني لأطباء الأسنان لتخصصهم الدقيق في مختلف تخصصات طب الأسنان. ويمكن عقد جلسات الفيديو لمناقشة تفاصيل المرضى والتفاعل بين المعلم والطلاب، مما يوفر فرصاً جديدة للتعلم. هذا النوع من التعليم يتيح للطلاب الاستفادة من خبرات المتخصصين بغض النظر عن المسافات.

في المدارس ومراكز رعاية الأطفال

يجب إنشاء نماذج لاستخدام طب الأسنان عن بُعد في المدارس ومراكز رعاية الأطفال لزيادة الوصول إلى رعاية الأسنان للأطفال. وتلعب هذه المؤسسات دوراً حيوياً في ضمان صحة الفم المثلى للأطفال من خلال الكشف المبكر عن مشكلات الأسنان وإدارة الأمراض المزمنة وتوفير الرعاية العاجلة. وقد استخدم أطباء الأسنان في جامعة روتشستر صور الأطفال الصغار لتحديد حالات تسوس الأسنان المبكرة، مما يساعد على تجنب الألم والصدمة المالية والزيارات الطارئة للعيادات. ولعل مدارسنا ومعاهد الأطفال في عالمنا العربي في أمسّ الحاجة لمثل هذه التطبيقات حيث يعاني أكثر من 90 في المائة من الأطفال العرب من تسوس الأسنان، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2022.

دخول الذكاء الاصطناعي

في السنوات المقبلة، يُتوقع أن تُحدث التطورات في مجال الاتصالات تغييرات مثيرة تمكّن من الوصول إلى رعاية الأسنان للجميع. ومع ذلك، فإن نجاح طب الأسنان عن بُعد يتطلب حل كثير من القضايا مثل الترخيص بين الدول، والأخلاقيات، والأمان التكنولوجي. وقد تمكن الذكاء الاصطناعي من تطوير هذه التقنية من خلال التطورات التالية:

- التشخيص: الذكاء الاصطناعي يحلل الصور الشعاعية بسرعة وبدقة.

- الرعاية الشخصية: الذكاء الاصطناعي يخلق خطط علاج مخصصة ويتنبأ بالمشكلات المستقبلية.

- المساعدات الافتراضية: الذكاء الاصطناعي يتعامل مع الاستفسارات الروتينية وجدولة المواعيد.

- التعليم: الذكاء الاصطناعي يوفر تدريباً متقدماً للمهنيين وتعليمات شخصية للمرضى.

- إدارة البيانات: الذكاء الاصطناعي ينظم السجلات ويؤمن البيانات.

- المراقبة عن بُعد: الذكاء الاصطناعي يتابع صحة الأسنان عن بُعد عبر الأجهزة.

الوصول: الذكاء الاصطناعي يُحسن الوصول إلى الرعاية السنية، خصوصاً في المناطق النائية.

قيود وتحديات طب الأسنان عن بُعدرغم الفوائد الكثيرة، يواجه طب الأسنان عن بُعد عدة تحديات تشمل:

- الترخيص بين الدول: تحتاج الممارسات التي تستخدم طب الأسنان عن بُعد إلى ترخيص لمزاولة المهنة في أي جزء من البلد.

- الأمان والخصوصية: يتعين على الأطباء اتخاذ جميع الإجراءات لحماية بيانات المرضى باستخدام تقنيات التشفير وكلمات المرور.

- التقبل العام: يحتاج طب الأسنان عن بُعد إلى قبول واسع من المرضى ومقدمي الخدمات الطبية ليصبح جزءاً من النظام الصحي.

وعلى الرغم من استخدام الطب عن بُعد منذ سنوات كثيرة، فإن استخدامه في مجال طب الأسنان في العالم العربي ما زال محدوداً رغم الحاجة الماسة إلى ذلك.

يُتوقع أن يصبح طب الأسنان عن بُعد جزءاً أساسياً من رعاية صحة الفم في المستقبل القريب، مما يوفر حلاً مشجعاً للسكان المعزولين الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى نظام الرعاية الصحية في صحة الفم بسبب بُعد المسافة أو عدم القدرة على السفر أو نقص مقدمي الرعاية الصحية.