«ريفا»... متعة البيتزا في أفران الحطب

طعم إيطاليا على نيل القاهرة

TT

«ريفا»... متعة البيتزا في أفران الحطب

يُعدّ طهي البيتزا الإيطالية، ذات الشهرة العالمية، بدءاً من مرحلة إعداد العجين ورميها بمهارة في الهواء واستقبالها بخفة، مروراً بتنسيق سطحها كلوحة فنية بتشكيلة من المكوّنات المختلفة، انتهاء إلى خبزها في أفران خاصة على لهب الحطب المشتعل، من ثقافة وفنون الطعام في إيطاليا، وهو ما جعل هذا الفن في الصناعة يُدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) قبل سنوات قليلة.
هذه المشاهد الطهوية يمكن رؤيتها حالياً على نيل القاهرة، دون الحاجة إلى السفر إلى المدن الإيطالية، فمع زيارة مطعم «ريفا» (riva)، الكائن بمدخل مركب «فيرست نايل» التابع لفندق «فور سيزونز ريزيدانس». فالمطعم الذي يعد الأحدث في مصر الذي يحمل الملمح الإيطالي، يمكن لزائره أن يشعر برائحة البيتزا الإيطالية، ونكهاتها المميزة ورائحة الحطب المنبعثة من الأفران التقليدية، التي تُشبعها طعماً مميزاً، تجعل المتذوق أمام البيتزا الإيطالية بنمطها الأصلي.
وتتسم البيتزا الإيطالية، لا سيما النابولية التقليدية، بطبقتها الرقيقة نسبياً، باستثناء الحواف التي تنتفخ مكتسبة قرمشتها المحببة لدى المتذوق، ولها نوعان تقليديان، هما «المارغريتا»، وهي الأكثر شهرة، وتوضع عليها الطماطم وجبن الموتزاريلا والزيت والريحان الأخضر، و«المارينارا» التي يتم حشوها بصلصة الطماطم مع الثوم والزعتر وزيت أوريغانو.
وتضم قائمة الطعام في «ريفا»، عدة أصناف من البيتزا، التي يتخصص المطعم في تقديمها دوناً عن أصناف المطبخ الإيطالي الشهيرة مثل الباستا واللازانيا والريزوتو، ويهدف هذا التخصص إلى تقديم البيتزا الإيطالية الصِرفة لعشاقها، سواء من زوار ونزلاء فندق «فيرمونت نايل سيتي» أو لجمهور القاهرة بشكل عام، حيث لا يوجد مكان يتخصص في صنع البيتزا الإيطالية فقط في القاهرة، إلى جانب تقديمها بالمذاق الذي يجب أن تكون عليه، وكأنها صنعت في أحد شوارع نابولي.
بالنظر إلى قائمة «ريفا»، فإننا بداية أمام نوعين من البيتزا التقليدية وهما المارغريتا والمارينارا، هذا بجانب بيتزا «فورتو دي ماري» (FRUTTI DI MARE) وهي من أشهر أنواع البيتزا بمكونات المأكولات البحرية، التي تلقى شهرة في الجنوب الإيطالي حيث مطبخ البحر المتوسط الذي يميل إلى الأسماك وفواكه البحر (سي فوود)، وتتكون هذه البيتزا من صلصة الطماطم والثوم والزعتر وزيت زيتون.
يدعوك المطعم عبر قائمته إلى اكتشاف الطعم المميز لبيتزا «فور ماجيو» (FORMAGGI)، التي تعتمد في طريقة إعدادها على 4 أنواع من الجبن، هي أجبان البارميزان (أو كما تعرف البارميجانو ريجيانو) وأجبان غرانا بادانا والجبن المدخن والموتزاريلا، فيما تخلو تماماً من صلصة الطماطم. أما بيتزا السجق أو (SALSICCIA)؛ فهي ذات مذاق محبب مع سجق البتلو ومكونات صلصة الطماطم وجبن سكأمورزا المدخنة والزعتر وزيت الزيتون والجرجير. ومن ضمن القائمة أيضا بيتزا (L›ORTO)، التي تعتمد على الخضراوات الموسمية.
بخلاف البيتزا يمكن تجربة قائمة المقبلات الإيطالية، التي تأتي تحت مسمى (ANTIPASTI)، وأبرزها «أرنشيني» (Arancini)، أو كرات الأرز الريزوتو المقلية بطبقة من البقسماط المقرمش المطحون، المحشوة باللحم المفروم، مع صلصة الطماطم وجبن البارميزان، والتي تكتسب شهرة كبيرة في المطبخ الإيطالي. أما (VITELLO TONNATO) فهو شرائح اللحم البتلو الرفيعة المطهو ببطء، مع صلصة التونة والكابري، وجبن بارميزان مبشورة.
وتعتمد جميع أنواع البيتزا في «ريفا» على المكونات المستوردة، وفي مقدمتها الطحين (الدقيق) الفرنسي، الذي يُعدّ أفخر الأنواع عالميا، كما يتم جلب المكونات الأخرى من إيطاليا، علاوة على ذلك يضم المطعم في زاوية منه حديقة الشيف، أو كما يطلق عليه «الكشك الأبيض»، الذي يُشرف عليه بشكل مباشر الشيف الرئيسي لفندق فور سيزونز ريزيدانس، إيرون لورانس، ويتم فيه يتم زراعة بعض الخضراوات التي تعتمد عليها البيتزا، مثل طماطم الخرز الصغيرة، وهو ما يضمن أن تكون المكونات طازجة دائماً.
وفي زاوية أخرى، يمكن لزائر المطعم أن يشاهد مراحل خبز البيتزا ونضجها وتسويتها في فرن مصنوع من حجر الطابوق، وبداخله الخشب أو الحطب، وهو ما يجعل زيارة المطعم تضاهي التجربة الإيطالية بشكل كامل لكن في مصر.
ويفتح المطعم أبوابه من 12 ظهراً حتى منتصف الليل، لكن ننصح بزيارته لقضاء فترة ما بعد الظهيرة الهادئة، والاستمتاع بوقت الغروب في أجواء مفتوحة على نهر النيل مباشرة، وهو ما يتلاءم مع اسمه «ريفا» الذي يعني بالعربية «الضفة»، وهو الاسم الذي ينعكس على ديكورات المكان العصرية، التي تمتاز بالخُضرة والأشجار مثل ضفة أي نهر في العالم.
يتسع المطعم لـ100 فرد، وهو يلائم المجموعات بشكل أكبر للاستمتاع بتجربة تناول الطعام في الهواء الطلق، الذي تنقل نسماته نكهات ورائحة البيتزا الإيطالية الشهية.


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».